الصفحات

الأحد، 22 فبراير 2015

حقوق الأخت بين الشرع والقانون

أهتم الإسلام بالمرأة وصان حقوقها، أماً، وأختا، وزوجة، وابنة وأوصى برعايتها، وأعلى من قدرها، تكليفاً وفرضاً، وليس منة وشفقة، وهذه الحقوق الشرعية من فرط فيها وضيعها، وقع تحت طائلة العقاب الدنيوي
والأخروي .
قال تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(التحريم: 6)
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:(ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)
ومن العجيب في العلاقات الأسرية، أن الإنسان قد يبدي اهتماما ورعاية بأمه، أو زوجته، أو ابنته، وهذا لاشك خلق قويم، ولكن في المقابل قد لا يبدي اهتماما، أو رعاية بأخته؛ جهلاً منه، أو جحوداً.  
ومن عظيم رحمة الإسلام بالمرأة أن قدم العلاج الشافي لمثل هذه الأمراض الإنسانية؛ بأن جعل للأخت مكانة مميزة، وأقام لها حقوقا، تؤدى إليها من قبل إخوانها الرجال، وتؤكد على هذه المكانة.
حق التربية:
من حق الأخت على أخيها، أن يربيها ويحسن تربيتها وتهذيبها، وهذه المهمة يقوم بها الأخ تجاه أخته في حياة الأب من خلال النصح والإرشاد، والأخذ بيدها إلى ما يصلح به أمر دينها ودنياها، وبعد وفاة الأب يكون الأخ هو من يكفلها شرعاً فتكون تربيتها حقا للأخت على أخيها.
وقد وجهنا إلى ذلك صراحة النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث عدة منها:
ما روه أبو داود والترمذي عن أبى سعيد الخُدري رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات, أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن، واتقى الله فله الجنة".
وفي رواية أبى داود قال: "من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، أو أختين أو بنتين, فأدبهن وأحسن إليهن وزوجهن فله الجنة".
وفي رواية: "من كان له ثلاث بنات أو أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن وصبر عليهن واتقى الله فيهن دخل الجنة".
حق النفقة:
أوجب الإسلام على الأخ أن يتكفل بالنفقة على أخته، والسعي عليها؛ من أجل إشباع حاجاتها، والوفاء بمتطلباتها، وخاصة إذا ما كان ميسور الحال وتزداد أهمية هذه الحق في حالة فقر الأب، أو في حالة وفاته حيث يكون هو العائل الشرعي لأخته في ذلك الوقت.
 وفي هذا الحق يقول النبي في حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول صلى الله عليه وسلم: " من أنفق على ابنتين أو أختين أو ذواتي قرابة يحتسب النفقة عليهما حتى يغنيهما الله من فضله عز وجل، أو يكفيهما كانتا له سترا من النار"
وقال أيضاً:
" من عال ابنتين أو ثلاث بنات، أو أختين، أو ثلاث أخوات، حتى يمتن أو يموت عنهن كنت أنا وهو كهاتين، وأشار بأصبعيه السبابة، والوسطى"
حق الملاطفة والموادعة :
الحقوق التي كفلها الإسلام للأخت لا تقف عند حد الحقوق المادية فقط، وإنما كفل لها حقوقا نفسية معنوية، مثل حسن العشرة، والإحسان إليها وملاطفتها وموادعتها والسؤال عن حالها، وهذا الحق يمنحها الراحة والطمأنينة وأنها ليست هملاً، أو أنها تعامل من قبيل الشفقة والمنة.
هذه الحقوق الثلاثة تعتبر الأهم في حياة الأخت، حال حياة أبيها، أو بعد موته  ولكن هناك حقوق تدور في مدارات خاصة، تتعلق بمواقف بعينها وتكون مؤثرة في حياتها الشخصية، مثل موقف الأخت المتزوجة، فبعض الناس يعتقد أن حقوق أخته عليه تنقضي بزواجها، وانتقالها إلى بيت الزوجية، ولكن هذا مفهوم خاطئ
فبزواج الأخت تنتقل الحقوق إلى طور جديد شرعه لنا الإسلام، ومن هذه الحقوق حق الصلة والبر، حق التصدق عليها، وإعطائها من الصدقات، والزكوات حال فقرها وعوزها.
صيانتها وحفظ كرامتها:
كما أن من حقها أيضاً على أخيها، أن يدافع عنها ويحفظ لها كرامتها، ويصون لها حقوقها، عندما يكتشف سوء معاشرة الزوج لها، أو ظلمه وجوره على حقوقها، بالتدخل الشرعي حال نشوب خلاف بين الأخت وزوجها كحكم شرعي من أهلها، ليعيد الحياة بينهما إلى سابق عهدها، فإن استحالت الحياة بينهما وكان الطلاق هو الحل، فعلى الأخ أن يقف إلى جانبها حتى تحصل على حقوقها كاملة، وإذا ما انتقلت إلى بيته تعهد لها بالحياة الكريمة كسابق عهده معها قبل زواجها.
تزويجها
  عن معقل بن يسار قال: زوجت أختا لي من رجل، فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وفرشتك وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها؟ لا والله، لا تعود إليك أبدا، وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية:فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن(البقرة:232)
 فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: فزوجها إياه"     ( رواه البخاري )
حقها في أن ترث أخيها:
وتأكيداً على حقوق الأخت على أخيها شرع الإسلام نصيبا لها في ميراث أخيها المتوفى، ولم يكن له ولد يرثه .
قال تعالى:وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم(النساء  :12)
وقال تعالى:يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم(النساء:176)
وآية الكلالة الأولى فيها إبهام والثانية فيها تفصيل لحالات ميراث الأخت من أخيها كما قال الخطابي ، ومن هذه الحالات أن الأخت قد ترث نصف  تركة أخيها والحالات الأخرى للعلماء تفصيل فيها، لا مجال لذكره هنا، وإنما أوردنا مثالاً للدلالة على عظم حق الأخت في الإسلام.
ومن الناحية القانونية ، فقد كفلت القوانين الوضعية حقوقاً للأخت مُستلهمة في المواد المتعلقة بهذه الحقوق روح ومبادئ الشريعة الإسلامية التي ذكرنا جانبا منها فقد جعلت قوانين الدول العربية ولايتها في أكبر إخوانها الذكور وكفلت لها الحق في الحياة الكريمة، والتعليم،كما جعلت نفقتها حقا لها على أخيها بنص القانون، كما حفظ لها القانون ميراثها وألزم، وليها بالحفاظ عليه وتنميته وعدم تبديده.
إننا في حاجة إلى أن ننفذ وصايا ربنا ونبينا صلى الله عليه وسلم في رعاية الأخت ومعرفة حقوقها علينا، ولا سيما في مثل عصرنا وظروفنا التي نعيش فيها وتتسم في كثير من مظاهرها بالمادية والنفعية المتطرفة، التي جعلتنا نغفل أونتغافل عن حقوق ذوي رحمنا علينا، كحقوق الأخت التي فرضها علينا الإسلام .  

تاريخ النشر  :  4/27/2013
صـلاح فـضل


مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

حقوق الأخت في الإسلام


حق الأخت على أخيها

من حقوق الأخوات على إخوانهن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..