الصفحات

الأربعاء، 11 فبراير 2015

أسس التفكير الإيجابي وتطبيقاته تجاه الذات والمجتمع في ضوء السنة النبوية.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين .
فقد أحدث الإسلام تغييراً نوعياً وكمياً في حياة البشرية بما أسسه من فكر تغيرت به نفوس معتنقيه
أولاً فأحدث ذلك تغييراً في مجتمعاتهم فتغير به وجه الدنيا ، وأضاء سماء الإنسانية بنجوم آيات الكتاب والسنة تدلها على ما يسعدها في الدارين.
وفي هذا الوقت الذي تبحث فيه الأمة الإسلامية وجماعات وأفراداً على جميع المستويات عن تغيير جذري أو تحسين من واقعها ظهرت كثير من العلوم والمعارف الوافدة من حضارات وثقافات أخرى قد ثبت بالتجربة فاعليتها وجدواها في إحداث مستويات من التغيير المنشود ، ومن تلك المعارف ما اصطلح على تسميته بالتفكير الإيجابي.
وبعد أن يسر الله لي حضور عددٍ من الدورات التدريبية في هذا المجال ، وبعد جولة في عدد من أدبيات التفكير الإيجابي الأجنبية المترجمة وجدت أن أسس هذه المعرفة وتطبيقاتها موجودة في سنة نبينا محمد r فأحببت أن أكتب بحثاً في هذا الموضوع بعنوان:" أسس التفكير الإيجابي وتطبيقاته تجاه الذات والمجتمع في ضوء السنة النبوية ".
وذلك لأسباب منها :
· الرغبة في تأصيل هذه المعرفة من خلال نصوص السنة النبوية.




· الحث على العودة بالفكر الإسلامي إلى مجال الإنتاج العلمي في مجال العلوم الإنسانية.
  • توضيح شيء من منهج النبي rفي بناء النفوس المسلمة والمجتمع المسلم.
  • إيجاد منهج علمي وعملي للتفكير الإيجابي مبني على أسس شرعية يطمئن إليها قلب المسلم.
  • عدم وجود دراسات ، أو أبحاث علمية تعنى بهذا الموضوع المهم في حياة كل فرد.
وقد جاءت خطة البحث كما يلي :


المقدمة.
تمهيد: مقدمات عن التفكير الإيجابي:
المبحث الأول : المقصود بالتفكير الإيجابي.
المبحث الثاني : أهمية التفكير الإيجابي.
المبحث الثالث : ثمرات التفكير الإيجابي.
الفصل الأول:
أسس التفكير الإيجابي ، وتطبيقاته تجاه الذات.
المبحث الأول: بناء الهوية الإيجابية للذات.
المبحث الثاني : أثر الأسماء والصفات الإيجابية على الذات.
المبحث الثالث : التوقع الإيجابي للأمور.
المبحث الرابع : التفاؤل ، والأمل.
المبحث الخامس: الحديث الإيجابي مع الذات.
المبحث السادس : التطوير الإيجابي المتواصل .
الفصل الثاني :

أسس التفكير الإيجابي ، وتطبيقاته تجاه المجتمع.

المبحث الأول : النظرة الإيجابية للمجتمع.
المبحث الثاني: محبة الآخرين ،ومحبة الخير لهم.
المبحث الثالث: الموقف الإيجابي من أخطاء الآخرين.
المبحث الرابع : احترام الناس ، وتقدير منازلهم.
المبحث الخامس :التواصل الإيجابي مع المجتمع.
الخاتمة.
المراجع والمصادر.
الفهرس.
وسيكون العمل في هذا البحث على المنهج التالي :
· بيان المقصود من كل فقرة في البحث.
· إيراد الأحاديث الشريفة التي توضح الفقرة وتؤصلها.
· تخريج الأحاديث باختصار ، فإذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما ، فإنني أكتفي بالعزو إليهما في حال الاجتماع أو الافتراق ، وإذا كان الحديث من خارج الصحيحين فإنني أخرجه من ثلاثة مصادر ، واذكر حكم الحديث بالنقل عن أحد أهل العلم المعتبرين.




· شرح الحديث ، وبيان دلالته على المقصود، وشرح الألفاظ الغريبة.
  • توثيق النصوص من المراجع العلمية.
  • نقل أقوال أهل المعرفة بالتفكير الإيجابي ، ووضعها داخل البحث وتمييزها عن بقية الكلام بوضعها بين هلالين " ".
واسأل الله أن يوفقني لما أملته في هذا البحث ، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.



M :


مقدمات عن التفكير الإيجابي.

المبحث الأول : المقصود بالتفكير الإيجابي.
التفكير الإيجابي مصطلح مركب من كلمتين :
التفكير :
من حيث اللغة :" فَكَرَ في الأمر ، يفكر ، فكراً : أعمل عقله فيه ، ورتب بعض ما يعلم ليصل به إلى المجهول ، وفكّر مبالغة في فَكَرَ ، والتفكير : إعمال العقل في مشكلة للتوصل إلى حلها"، وهذا قصرٌ للتفكير على نوعٍ من أنواعه، وهو حل المشكلات.
وفي الاصطلاح يقول إدوارد ديبونو أحد أشهر الخبراء في علم التفكير :" لا يوجد هناك تعريف واحد مرضٍ للتفكير ، لأن معظم التعريفات مُرضية عند أحد مستويات التفكير ، أو عند مستوى آخر ، وتعريف التفكير الذي اعتمده في كتابه : هو التقصي المدروس للخبرة من أجل غرض ما" ، ويعرف التفكير بوصفه مهارة بأنه :" المهارة الفعالة التي تدفع بالذكاء الفطري إلى العمل"
الإيجابي :
نسبة إلى الإيجابية وهي : المحافظة على التوازن السليم في إدراك مختلف المشكلات ، وهي : أسلوب متكامل في الحياة ، ويعني التركيز على الإيجابيات في أي موقف بدلاً من التركيز على السلبيات ، إنه يعني أن تحسن ظنك بذاتك ، وأن تظن خيراً في الآخرين ، وأن تتبنى الأسلوب الأمثل في الحياة .
وأما باعتبار التركيب فتقول فيرا بيفر :" التفكير الإيجابي هو: الانتفاع بقابلية العقل اللاواعي للاقتناع بشكل إيجابي "(
وتقول وفاء محمد مصطفى : "هو أن تستخدم قدرة عقلك الباطن ( عقلك اللاواعي ) للتأثير على حياتك العامة بطريقة تساعدك على بلوغ آمالك ، وتحقيق أحلامك "
ويقول سكوت دبليو :" هو قدرتنا الفطرية للوصول إلى نتائج أفضل عبر أفكار إيجابية "

المبحث الثاني : أهمية التفكير الإيجابي.
يسعى الإنسان مهما كان عمره ، ومهما كان الزمان أو المكان الذي يعيش فيه إلى أن تكون حياته وحياة من حوله مليئة بالسعادة ، والرفاهية ، والنجاح المتواصل في شتى مجالات الحياة ، ولذلك يحاول جاهداً أن يجلب لنفسه ولغيره الخير والمصالح المادية والمعنوية ، وأن يدفع عن نفسه الضر والمفاسد ، وإن مما يمكن الإنسان من الوصول إلى مراده أن يقوم بادئ ذي بدء بتحسين مستوياته الفكرية وذلك بتبني منهج فكري سليم عن نفسه وعن مجتمعه وعن الحياة بصفة عامة ، وأن يدرب نفسه على التخلي عن الأفكار السلبية التي تحد من قدراته ، والتي تضيع جهوده في سبيل تحقيق ما يصبو إليه من أهداف في حياته.
" ومن هنا ندرك أهمية التفكير الإيجابي فالإنسان يستطيع أن يقرر طريقة تفكيره فإذا اخترت أن تفكر بإيجابية تستطيع أن تزيل الكثير من المشاعر الغير مرغوب بها والتي ربما تعيقك من تحقيق الأفضل لنفسك "
"ويرتبط الاتجاه العقلي الإيجابي ارتباطاً وثيقاً بالنجاح في كل مجال من مجالات الحياة".
" وإن معرفتنا لتفاعل العقل الواعي والعقل الباطن سوف تجعل الإنسان قادراً على تحويل حياته كلها ، فعندما يفكر العقل بطريقة صحيحة ، وعندما يفهم الحقيقة ، وتكون الأفكار المودعة في بنك العقل الباطن أفكاراً بناءةً وبينها انسجام وخالية من الاضطراب فإن القوى الفاعلة العجيبة سوف تستجيب وتجلب أوضاعاً وظروفاً ملائمة والأفضل في كل شيء ، ولكي يغير الإنسان الظروف الخارجية فإنه يتعين عليه أن يغير السبب ، والسبب هو الطريقة التي يستخدم بها الإنسان عقله وهو الوسيلة التي يفكر بها الإنسان ويتصورها في عقله"
وصدق الله العظيم حيث يقول :" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "( ، قال سيد قطب رحمه الله " فإنه لا يغير نعمة أو بؤسى , ولا يغير عزاً أو ذلة ,ولايغير مكانة أو مهانة . . . إلا أن يغير الناس من مشاعرهم وأعمالهم وواقع حياتهم , فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم . وإن كان الله يعلم ماسيكونمنهم قبل أن يكون . ولكن ما يقع عليهم يترتب على ما يكون منهم , ويجيء لاحقاًلهفي الزمان بالقياس إليهم ، وإنهالحقيقة تلقي على البشر تبعة ثقيلة ; فقد قضت مشيئة الله وجرت بها سنته ,أنتترتب مشيئة الله بالبشر على تصرف هؤلاء البشر ; وأن تنفذ فيهم سنته بناء علىتعرضهملهذه السنة بسلوكهم ، والنص صريح في هذا لا يحتمل التأويل ، وهو يحمل كذلك -إلىجانب التبعة - دليل التكريم لهذا المخلوق الذي اقتضت مشيئة اللهأن يكون هو بعمله أداة التنفيذ لمشيئة الله فيه
" ولكي تحقق النجاح وتعيش سعيداً وتحيا حياة متوازنة يجب أن يشمل التغيير طريقة تفكيرك ، وأسلوب حياتك ، ونظرتك تجاه نفسك ، والناس ، والأشياء ، والموقف التي تحدث لك ، والسعي الدائم إلى تطوير جميع جوانب حياتك"
"ويجب عليك أن تعلم أن أي تغيير في حياتك يحدث أولاً في داخلك ، في الطريقة التي تفكر بها ، والتي ستسبب لك ثورة ذهنية كبيرة قد تجعل حياتك سعادة أو تعاسة"


المبحث الثالث : ثمرات التفكير الإيجابي.
يمكن أن تحدد ثمرات التفكير الإيجابي من خلال الفلسفة التي يتبنها الإنسان لتحقيق أهدافه في هذه الحياة ، فالمسلم لديه هدف سامي يتمثل في تحقيق دوره في هذه الحياة بالعبودية لله عز وجل وذلك بالتزام التفكير السليم بما تتضمنه معاني الإيمان وأركانه ، وبما ينتج عن ذلك الإيمان بحيث يكون من لوازمه العمل الإيجابي العمل الصالح حينها يتحقق للإنسان الحياة الطيبة في الدارين قال الله تعالى :" من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " قال سيد قطب رحمه الله :" وأن العمل الصالح لا بد له من القاعدة الأصيلة يرتكز عليها قاعدة الإيمان بالله { وهو مؤمن } فبغير هذه القاعدة لا يقوم بناء ، وبغير هذه الرابطة لا يتجمع شتاته إنما هو هباء كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، والعقيدة هي المحور الذي تشد إليه الخيوط جميعاً ، وإلا فهي أنكاث ، فالعقيدة هي التي تجعل للعمل الصالح باعثاً وغاية فتجعل الخير أصيلاً ثابتاً يستند إلى أصل كبير لا عارضاً مزعزعاً يميل مع الشهوات والأهواء حيث تميل ، وأن العمل الصالح مع الإيمان جزاؤه حياة طيبة في هذه الأرض "
ومما يذكره المؤلفون في التفكير الإيجابي من فوائد استخدامه ما يلي :
" هو الباعث على استنباط الأفضل ، وهو سر الأداء العالي ، ويعزز بيئة العمل بالانفتاح والصدق والثقة"
" يدعك التفكير الإيجابي تختار من قائمة أهداف الحياة المستقبل الأفضل الذي يحقق أهدافك" .

" تأكد أن التغيير الإيجابي البناء الذي تجريه داخل نفسك سوف يكون له الأثر النافع في شخصيتك وفي كافة نشاطاتك"
" أن تكون مفكراً إيجابياً يعني ان تقلق بشكل أقل ، وتستمتع أكثر ، وأن تنظر
للجانب المضيء بدلاً من أن تملأ راسك بالأفكار السوداء ، وتختار أن تكون سعيداً بدلاً من الحزن ، وواجبك الأول أن يكون شعورك الداخلي طيباً
" إن العقل يمتلك فكرة واحدة في أي وقت فإذا أدخلنا في عقولنا فكرة إيجابية أخرجت الفكرة السلبية التي تقابلها ، إن العقل لا يقبل الفراغ فإذالم نملأه بالأفكار الإيجابية فسوف تملأه الأفكار السلبية "
" إن هذه الإيجابيات في عقولنا ومشاعرنا تصنع في حياتنا : الإيجابية ، والتفاؤل والطاقة ، والقدرة على الدفاع عن النفس ، وصد الهجوم الذي يصدر إلينا من شياطين الأنس والجن ، وأكبر منهما حديث النفس"
" عندما نفكر بطريقة إيجابية تنجذب إلينا المواقف الإيجابية ، والعكس يحدث عندما نفكر بطريقة سلبية فإننا نجذب إلينا الموقف السلبية"
" إن الشخص الذي يفكر إيجابياً ويعتمد على نفسه ، وينظر نظرة متفائلة يستطيع أن يستهوي ما حوله فعلاً ، ويطلق القدرات التي تحقق الهدف"
" يبحث التفكير الإيجابي عن القيمة والفائدة ، وهو تفكير بناء توالدي ، وتصدر منه المقترحات الملموسة والعملية حيث يجعل الأشياء تعمل ، وهدفه هو الفعالية والبناء"
" وينبغي عدم الإفراط في أن التفكير الإيجابي بمفرده يكفي لتغيير الحياة إلى الأفضل فإنه من الضروري أن يكون لدى الإنسان بعض الاستراتيجيات ، وبعض الخطط التدريجية لتغيير الطريقة التي يفكر بها ،والتي يشعر بها ، وأيضاً لتغيير ما يفعله في كل يوم يمر عليه" " فالتفكير الإيجابي هو عملية وإجراء وليس غاية في حد ذاته "
الفصل الأول:

أسس التفكير الإيجابي ، وتطبيقاته تجاه الذات.


المبحث الأول: بناء الهوية الإيجابية للذات.

" هوية الذات هي : الصورة الذهنية التي يحملها الإنسان عن نفسه ، وإحساسه بذاته" .
" وللهوية الأثر الكبير في تحديد فكر الإنسان وقيمه وسلوكه ، ونظراً لقوة تصورك الشخصي لذاتك فإنك دائماً ما تؤدي سلوكاً خارجياً يتفق مع صورتك لذاتك داخلياً "
(لذلك جاءت الأحاديث الشريفة لترسيخ الهوية الإيجابية وربطت كثيراً من أعمال الإنسان بها فمن ذلك قوله r:" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
،
ويرسخ النبي rالهوية الإيجابية عند النفس المؤمنة من خلال ما يصدر عنها من أفعال ينبغي أن تطابق ما دلت عليه الهوية التي يحملها المؤمن فعن أبي شريح الخزاعيt أن النبي rقال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه "
، فانظر كيف ربط النبي r بين الأفعال إيجابية والهوية الإيجابية .
وعندما طلب منه أحد الصحابة أن يختصر له الأمر أرشده إلى تحديد هوية إيجابية يتبعها فعل مستمر على المنهج الذي تحدده تلك الهوية فعن سفيان بن عبد الله الثقفي t قال قلت يا رسول الله : قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك ، قال : قل : آمنت بالله فاستقم " ، قال المناوي في شرح الحديث :" قل آمنت بالله أي جدد إيمانك بالله ذكراً بقلبك ونطقاً بلسانك بأن تستحضر جميع معاني الإيمان الشرعي ثم استقم أي
إلزم عمل الطاعات والانتهاء عن المخالفات إذ لا تتأتى مع شيء من الاعوجاج فإنها ضده
ويذهب النبي r إلى ترسيخ الهوية الإيجابية في أدنى درجاتها وذلك بحثه لأتباعه من المسلمين بأن يكف الواحد منهم شره عن الناس ( السلوك السلبي ) إذا لم يكن قادراً على عمل الخير لنفسه أو لغيره ( السلوك الإيجابي ) فعن أبي ذر t قال : قلت يا رسول الله: أي الأعمال أفضل؟.
قال :" الإيمان بالله ، والجهاد في سبيله ، قال : قلت : أي الرقاب أفضل ؟ ، قال: أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً ، قال : قلت : فإن لم أفعل ؟ ، قال : تعين صانعاً أو تصنع لأخرق ، قال : قلت : يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل ؟ ، قال : تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك " (
فجعل النبي r الكف عن السلوك السلبي في حال عدم القدرة على السلوك الإيجابي من أفض الأعمال.
وفي سبيل ترسيخ أدنى هذه المراتب يقول r :" ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت "
قال النووي في شرح الحديث :" أنه إذا أراد أن يتكلم فإن كان ما يتكلم به خيراً محققاً يثاب عليه واجباً أو مندوباً فليتكلم وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه فليمسك عن الكلام سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين فعلى هذا يكون الكلام المباح مأموراً بتركه مندوباً إلى الإمساك عنه مخافة من انجراره إلى المحرم أو المكروه وهذا يقع في العادة كثيراً أو غالباً"(
ونجد النبي r ينبه أتباعه إلى أن السلوكيات السلبية التي قد يقعون فيها هي في حقيقتها مما ينافي كمال استحقاقهم للهوية الإيجابية التي ينسبون أنفسهم إليها كقوله r :" والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قيل : ومن يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه
فجعل السلوك السلبي مناقضاً للهوية الإيجابية للمؤمن الصادق في إيمانه .
المبحث الثاني : أثر الأسماء والصفات الإيجابية على الذات.
فلاسم الإنسان أو ما قد يطلق عليه من الصفات دلالات تؤثر على ذاته سلبياً أو إيجابياً ، فقد يسهم الاسم أو الصفة في تشكيل هوية الفرد أو الجماعة ثم ما يترتب على تلك الهوية من قيم وسلوكيات يقول ابن القيم في ذلك :" لما كانت الأسماء قوالب للمعاني ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها ارتباط وتناسب وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه بل للأسماء تأثير في المسميات وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثافة .
وتوضح السنة النبوية أن أثر الاسم الإيجابي أو السلبي على الذات ينتقل من جيل إلى جيل فعن سعيد بن المسيب عن أبيه أن أباه جاء إلى النبي فقال : ما اسمك ؟.
قال حزن قال أنت سهل قال لا أغير اسماً سمانيه أبي ، قال بن المسيب : فما زالت الحزونة فينا بعد"(
جاء في معنى كلام سعيد بن المسيب :" يشير إلى الشدة التي بقيت في أخلاقهم فقد ذكر أهل النسب أن في ولده سوء خلق معروف فيهم لا يكاد يعدم منهم "(
وتوضح السنة أيضاً أن دائرة تأثير الاسم إيجابياً أو سلبياً تتوسع حتى تشمل القبيلة بأسرها فعن ابن عمرtأن رسول الله r قال على المنبر :" غفار غفر الله لها ، وأسلم سالمها الله ، وعصية عصت الله ورسوله " ، قال المناوي في شرح الحديث :" ومن تأمل معاني السنة وجد معاني الأسماء مرتبطة بمسمياتها حتى كأن معانيها مأخوذة منها وكأن الأسماء مشتقة منها "(
وجاءت عدة أحاديث قام النبي r فيها بتغيير الأسماء ذات الدلالات السلبية إلى أسماء ذات دلالات إيجابية ومن ذلك ما جاء عن عبد الله بن عمر:" أن رسول الله r غير اسم عاصية وقال : أنت جميلة".
وكذلك حثّ النبي rإلى التسمي بأسماء ذات دلالات إيجابية يعزز التسمي بها ويرسخ الهوية الإيجابية لمن يتسمى بها فقال r :" أحب الأسماء إلى الله : عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدقها : حارث وهمام
قال ابن القيم:" وهذا لأن التعلق الذي بين العبد وبين الله إنما هو العبودية المحضة والتعلق الذي بين الله وبين العبد بالرحمة المحضة فبرحمته كان وجوده وكمال وجوده والغاية التي أوجده لأجلها أن يتأله له وحده محبةً وخوفاً ورجاءً وإجلالاً وتعظيماً فيكون عبدا لله وقد عبده لما في اسم الله من معنى الإلهية التي يستحيل أن تكون لغيره ولما غلبت رحمته غضبه وكانت الرحمة أحب إليه من الغضب كان عبد الرحمن أحب إليه ..... ولما كان كل عبد متحركاً بالإرادة ، والهم مبدأ الإرادة ويترتب على إرادته حركته وكسبه كان أصدق الأسماء اسم همام واسم حارث إذ لا ينفك مسماهما عن حقيقة معناهما
المبحث الثالث : التوقع الإيجابي للأمور.
يذهب أهل المعرفة بالتفكير الإيجابي إلا أن التفكير في أمر ما والتركيز عليه هو أحد القوانين الرئيسة في توجيه حياة الإنسان سلبياً أو إيجابياً .
" إن ما نفكر فيه تفكيراً مركزاً في عقلنا الواعي ينغرس ويندمج في خبرتنا "
" و أياً كان ما تعتقده فسيتحول إلى حقيقة عندما تمنحه مشاعرك ، وكلما اشتدت قوة اعتقادك ، وارتفعت العاطفة التي تضيفها إليه تعاظم بذلك تأثير اعتقادك على سلوكك وعلى كل شيء يحدث لك ..... يظل الأشخاص الناجحون والسعداء محتفظين على الدوام باتجاه نفسي من التوقع الذاتي الإيجابي "
ولكن عندنا نحن المسلمين أعظم من هذه التجارب فعن أبي هريرة t قال : قال النبي r :" يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي"، وفي رواية أخرى للحديث :" إن الله عز وجل قال : أنا عند ظن عبدي بي أن ظن بي خيراً فله ، وإن ظن شراً فله "، قال ابن حجر :" أي قادر على أن أعمل به ما ظن أني عامل به " .
فمن هنا ينبغي على المسلم أن يطور في ذاته قانون التوقع الإيجابي للأمور وأن يحسن ظنه بربه حتى ولو كانت الظروف المحيطة به في غاية الصعوبة والسوء ولا تحمل في طياتها من النظرة الأولى أية بشائر خير أو انفراج في أزمة يمر بها الإنسان ولنا في نبي الرحمة أسوة حسنة فعندما ضاقت به الأرض من تكذيب الناس له وردهم لدعوته لم تؤثر عليه تلك الظروف الصعبة أو تلجئه لأن يسلك سبيل الظن السيئ بهم أو السير في متاهات التوقع السلبي للأمور في مستقبل الأيام بل كان حسن الظن بربه ، واستخدم التوقع الإيجابي لمستقبل من كذبه وطرده وآذاه ، وقد تحقق توقعه الإيجابي بعد مدة من الزمان فعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي rحدثته أنها قالت للنبي r : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟.
قال : لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على بن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك ، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ، ثم قال : يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ، فقال النبي r : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً"(
فانظر إلى قمة حسن الظن بالله و التوقع الإيجابي لما سيحصل في المستقبل في قوله :" بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم " رغم شدة الهم والوحدة ، والغربة الإيمانية ، ومطارداً من أهل الشر ، ومن شدة هذا الهم فقد مشى النبي r أكثر من ستين كيلو متر ولم يشعر بنفسه فلم يكن همه وكربته من أجل ما وقع له شخصياً ، ولكن لما رفضه الجهال من خير وفلاح لهم في الدارين ، ومع كل تلك المعاناة استخدم النبي r التوقع الإيجابي ليعلم أمته كيف يفكرون وكيف يفعلون إذا حدث لهم شيء مما قد يكدر صفو حياتهم في أمور دينهم أو دنياهم.
" فحينما تتوقع الأفضل فإن هذا يبرز أحسن ما فيك ، وأنه لأمر يدعو للعجب أن توقع الأفضل يثير القوات الكامنة في الجسم لتحقيق هذا الذي نتوقعه "
المبحث الرابع : التفاؤل ، والأمل.
"يقصد بالتفاؤل : الإيمان بالنتائج الإيجابية ، وتوقعها حتى في أصعب المواقف والأزمات والتحديات"
ومن ثمراته أن يشعر المتفائل بسلطته وقوته وأنه متحكم في حياته بحكمة وذكاء حتى في مواجهة المشكلات المختلفة
إنني أستطيع التأثير بإيجابية في سلوك الآخرين ، وحتى في نتيجة العمل المتوقعة لمهمة أو هدف ما وذلك عندما أكون متفائلاً ، فإن التفاؤل يجعل تأثير قوتك يتضاعف عدة مرات أكثر من تأثيرها الطبيعي
وقد كان هذا ديدن النبي rمحباً للتفاؤل وكارهاً ومجانباً لما يضاده من التشاؤم والتطير ، فعن أنس t عن النبي r :" قال : لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسنة
قال النووي في شرح الحديث : "وإنما أحب الفأل لأن الإنسان إذا أمل فائدة الله تعالى وفضله عند سبب قوى أو ضعيف فهو على خير فى الحال "(
وكان rيتفائل في كل المواقف في حياته ويطبقه واقعاً عملياً ، فعن يعيش الغفاري قال : دعا رسول الله بناقة يوماً ، فقال : من يحلبها ؟ فقال رجل : أنا ، قال ما اسمك ؟ قال : مرّة ، قال : اقعد ، ثم قام آخر فقال : ما اسمك ؟ ، قال : حرب قال: اقعد ، ثم قام آخر فقال : ما اسمك ؟ ، قال : جمرة ، قال : اقعد ، ثم قام يعيش فقال : ما اسمك ؟ قال : يعيش ، قال : احلبها
قال ابن عبد البر القرطبي :" هذا عندي - والله أعلم - من باب الفأل الحسن فإنه r كان يطلبه ويعجبه وليس من باب الطيرة في شيء لأنه محال أن ينهى عن الطيرة ويأتها بل هو من باب الفأل فإنه كان r يتفاءل بالاسم الحسن" (
وفي حال الحرب التي تكون النفوس فيها مشدودة نرى الرسول الكريم rيتفاءل باسم المفاوض له في الحرب ، فعندما جاءه وفد قريش وفيهم سهيل بن عمرو tقال r :" لقد سهل لكم من أمركم " ، وفي رواية بلفظ :" سهل الله أمركم
قال ابن القيم :" وكان rيأخذ المعاني من أسمائها في المنام " فعن أنس بن مالك tقال : قال رسول الله r :" رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم كأنا في دار عقبة بن رافع فأتينا برطب من رطب بن طاب فأولت الرفعة لنا في الدنيا والعاقبة في الآخرة وأن ديننا قد طاب"(
فأخذ r الرفعة في الدين من اسم رافع ، والعاقبة لأمته من اسم عقبة ، وطيب الدين من اسم الرطب.
وكان هذا منهجه r في فتح أبواب الأمل والتفاؤل لأمته من بعده فعن ثوبان tقال : قال رسول الله r :" إن الله زوىلي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها "(
" إننا نعيش في عصر يزداد سلبية ومشحون بانفصام الصلات الاجتماعية وتفسخ الإيمان ، وشيئ من التفاؤل يساعد على مكافحة الحزن الذي يخيم على حياتنا ، ويمنحنا الشجاعة والطاقة اللازمة للتغلب على الأزمات "
" وكون المرء إيجابياً يعتبر أمراً اختيارياً ، فنختار النظر إلى الأشياء بطريقة إيجابية ، وكذلك نختار التركيز على العناصر الإيجابية في موقف ما ، وعلاوة على ذلك نستطيع البحث عن الفوائد والمزايا "
" إن التفاؤل يجعلنا نشعر بدنياً بحال أفضل ، فالمتفائلون يعيشون بصحة أفضل من سواهم ، لأن أجهزة المناعة لديهم تعمل بشكل أفضل لحمايتهم"
المبحث الخامس: الحديث الإيجابي مع الذات.
الحديث الذاتي :" هو ما يقوله الإنسان أو يؤكده لنفسه عندما ينفعل مع نفسه ، أو يتفاعل مع تقييمه الذاتي لأدائه
إن ما يصدر عن الإنسان من أقوال وأفعال هو في الحقيقة ترجمة لما في ذهنه من قناعات وأفكار عن ذاته وعمن حوله وعن الحياة عموماً ، وتتشكل تلك القناعات والأفكار جراء ما يتعرض له عقل الإنسان من مصادر التشكيل الداخلي والخارجي ، فالتشكيل الخارجي مصادره متعددة الأهل والأصدقاء والمدرسة ووسائل الإعلام ، ولكن أشد تلك المصادر أهمية هو المصدر الداخلي لأنه يحدث ذاتياً وربما من غير أن يشعر به الإنسان ، وتكمن خطورته في كونه ملازماً للإنسان طوال الوقت ، ولا يستطيع الإنسان الهروب منه كما قد يفعل مع المصادر الخارجية ، ولأنه قد يصل بالإنسان إلى مرحلة التعود فيقوم بترديد تلك الأفكار حتى تصبح جزءً من أفكاره وقناعاته ، وتكرار الإنسان للفكرة وتقبلها دون تمحيص دقيق ينتج لديه تصديق مطلق وغير قابل للشك فيما رآه واقتنع به سواء عن نفسه أو عن غيره أو عن الحياة.
ولذلك أرشد النبي أتباعه إلى تعويد أنفسهم للحديث الإيجابي عن الذات ، وتنفيرهم من الحديث السلبي الذي يبرمج حياة الإنسان دون أن يشعر فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي r :" قال لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لقست نفسي "(
قال ابن أبي جمرة :" ويؤخذ من الحديث استحباب مجانبة الألفاظ القبيحة والأسماء والعدول إلى ما لا قبح فيه ..... وفيه أن المرء يطلب الخير حتى بالفأل الحسن ويضيف الخير إلى نفسه ولو بنسبة ما ويدفع الشر عن نفسه مهما أمكن ويقطع الوصلة بينه وبين أهل الشر حتى في الألفاظ المشتركة"(
وأما نتيجة الحديث السلبي مع الذات فيمكن النظر إليها من خلال حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي r دخل على أعرابي يعوده قال وكان النبي r إذا دخل على مريض يعوده قال لا بأس طهور إن شاء الله فقال له لا بأس طهور إن شاء الله قال قلت طهور كلا بل هي حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تزيره القبور فقال النبي r فنعم إذاً"
فيتبن من الحديث كيف كانت الرسائل الإيجابية من النبي لعموم الناس فقد قال لهذا المريض :" طهور " وهي رسالة إيجابية بمعنى أن الحمى طهر لك) ، لكن الأعرابي أبى أن يتقبل هذه الرسالة الإيجابية فألف لذاته رسالة سلبية تتمثل في الهلاك والموت من هذا المرض ،قال العيني في معنى كلام الأعرايي - فنعم إذاً - ، " وهذه اللفظة كناية عن الموت " ماذا كانت نتيجة رفض الأعرابي للرسالة الإيجابية وتبنيه للرسالة السلبية جاء في رواية أخرى للحديث من حديث شرحبيل الجعفي t:" قال النبي r:" أما إذا أبيت فهي كما تقول ، وما قضى الله فهو كائن ، قال : فما أمسى من الغد إلا ميتاً "
ومن أقوى الأساليب التي يرشدنا إليها النبي الكريم r هي تخلية النفس وتعويدها النفور من الألفاظ والمعاني القبيحة .
" فقد دلت الدراسات أن (80% ) مما نقوله لأنفسنا يكون سلبياً ويعمل ضد مصلحتنا ، فمن الممكن للبرمجة الذاتية ، والتحدث مع النفس أن تجعل منك إنساناً سعيداً ناجحاً يحقق أحلامه ، أو تعيساً وحيداً يائساً من الحياة "
وانظر معي إلى هذا الحديث النبوي الذي يعود المسلم على التنفير من ثمانية ألفاظ سلبية اللفظ والمعنى ، وكل واحد منها مهلك للإنسان لوحده فكيف لو اجتمعت عليه كلها
قال أنس بن مالك t :" فكنت أخدم رسول الله r إذا نزل فكنت أسمعه كثيرا يقول : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال"
قال الكرماني :" هذا الدعاء من جوامع الكلم لان أنواع الرذائل ثلاثة نفسانية وبدنية وخارجية فالأولى بحسب القوى التي للإنسان وهي ثلاثة العقلية والغضبية والشهوانية فالهم والحزن يتعلق بالعقلية والجبن بالغضبية والبخل بالشهوانية والعجز والكسل بالبدنية "(
" إن اللغة التي تتحدث بها لا تعكس سلوكك فقط ، ولكنها أيضاً تؤثر عليه ؛ لذا عليك اختيار كلمات وعبارات مفعمة بالحيوية والإيجابية ، لكي تنجح في حياتك الإيجابية ، وعليك بفحص الكلمات التي تستخدمها وتغيرها إن لزم الأمر بحيث تعكس الإيجابية والتوجه البناء الذي تنشده"
ففي حديث أن رجلاً رفض الأمر النبوي الإيجابي وافترض بلغته واقعاً سلبياً فحارت تلك الكلمة عليه فعن سلمة بن الأكوع tأن رجلا أكل عند رسول الله r بشماله فقال :كل بيمينك ، قال : لا أستطيع ، قال : لا استطعت ما منعه إلا الكبر ، قال : فما رفعها إلى فيه"
فالحديث الذات السلبي يقودك إلى الفشل ، ويبدد احترامك لذاتك ، وثقتك بنفسك ، فيستنزف طاقاتك الجسدية والذهنية

المبحث السادس : التطوير الإيجابي المتواصل .
إن من مقومات شخصية المفكر الإيجابي مواصلة التطوير لذاته في جميع المجالات التي تعود بالنفع عليه في الدارين ، وأن يطبق الأفكار الإيجابية على تصرفاته وردود أفعاله.
" ولكي تصبح فعالاً بحق عليك بتطبيق استراتيجيات التفكير الإيجابي ، ليس فقط فيما يخص الأفكار والأفعال والانفعالات اليومية ، ولكن بمستوى أعمق من ذلك بكثير بحيث ترسخ خصال شخصيتك بثبات وقوة "
" وإذا كان الجانب الأول للشجاعة هو الاستعداد لأن تبدأ فإن الجانب الثاني هو الاستعداد لأن تستمر وتتحمل فالانضباط الذاتي هو صفة تمنحك القوة التي تحتاجها لتقدم على المخاطر "
ومما ينبغي التركيز عليه في هذا الباب أمور من أهمها:


الالتزام والموظبة .

" الالتزام هو القوة التي تدفعنا لنستمر حتى بالرغم من الظروف الصعبة ، وهو القوة الدافعة التي تقودنا لإنجاز أعمال عظيمة ، وهو الذي يخرج من داخلك جميع القدرات الكامنة ، ويجعلها تحت تصرفك ، وبقوة الالتزام فإنك لن تتارجع وكلما خضت تجربة ستتفتح لديك الفرص الأكثر والأكبر للنجاح
ويرشد النبي أمته إلى الالتزام بالعمل الإيجابي ومواصلة تنمية الكون حتى ولو كانت القيامة تلوح في الأفق قال رسول الله r :" إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة )فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل "
قال المناوي في شرح الحديث :" إنه مبالغة في الحثّ على غرس الأشجار وحفر الأنهار لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعدود المعلوم عند خالقها فكما غرس لك
غيرك فانتفعت به فاغرس لمن يجيء بعدك لينتفع وإن لم يبق من الدنيا إلا صبابة"
قال محمد قطب :" إنها دفعة عجيبة للعمل والاستمرار فيه والإصرار عليه! لا شيء على الإطلاق يمكن أن يمنع من العمل! كل المعوقات.. كل الميئسات.. كل " المستحيلات ".. كلها لا وزن لها ولا حساب.. ولا تمنع عن العمل.
وبمثل هذه الروح الجبارة تعمر الأرض حقاً وتشيد فيها المدنيات والحضارات.
كل ما في الأمر أن الإسلام وهو يدعو لتعمير الأرض، والعمل في سبيلها، لا ينحرف بالأفكار والمشاعر عن طريق الله وطريق الآخرة، لأنه لا يفصل بين الدنيا والآخرة، ولا بين الحياة العملية و الأخلاق ".


التوريث الإيجابي.

حين يموت الإنسان وتنقطع صلته بالحياة لا يبقى إلا ما خلفه من إرث فعن أبي هريرة tأن رسول الله r قال :" إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له "
قال العلماء :" معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه كان سببها فإن الولد من كسبه وكذلك العلم الذي خلفه منتعليم أو تصنيف وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف
ويحث النبي أتباعه للتوريث الإيجابي ويفتح لذلك باباً واسعاً ، كما ينفر أشد التنفير من أبواب التوريث السلبي بقوله r:" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء
" والسنة الحسنة مقيدة بأن يأتي بالحسنة بطريقة مرضية يشهد لها أصل من أصول الدين "
" ووزر من عمل بها : محمول على من لم يتب من ذلك الذنب ".

حماية النفس من العدو الداخلي:

ومن أهم الأمور التي ينبغي على من يسلك طريق التفكير الإيجابي أن يخلي نفسه دائماً مما قد يعكر صفو تفكيره ومن ثم أفعاله التابعة لذلك التعكير .
إن العدو الكبير للتفكير الإيجابي هو داخلك ، وليس خارجك ، ويتأتى من تغيير المزاج ، فلا تدع حماسك يخفت ويذبل بسبب أن مشاعرك اليوم تختلف عما كانت عليه في المرة الأخيرة ، لا تربط مزاجك المتأرجح بأهداف حياتك الإيجابية ، وإلا فقد تشعر وكأنك أخفقت في حين لم تبدأ بعد
وفي هذا المعنى يرشدنا النبي r إلى المحافظة على القوة ، والحرص على النافع ، والاستعانة بالله وعدم العجز والتواني في طريق العمل الإيجابي ، وتطوير الذات فعن أبي هريرة قال قال رسول الله r :" المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان "
إن أحد الأسباب التي تجعل الكثيرين منا يواجهون متاعب في ترك الماضي وراءهم هو ميلنا جميعاً إلى التفكير في أنه لم يكن ينبغي أن يحدث ذلك لأي منا ، فهذا ظلم ، عندما نسمح لأنفسنا بالتفكير بهذه الطريقة ونجعل الفكرة تستحوذ علينا نبدأ في الوقوع في شباك الغضب والاستياء

الاستفادة من تجارب الأمم وخبراتها.

إن صاحب التفكير الإيجابي يبحث عن كل ما يصلح حياته وحياة الآخرين بما يتفق مع مبادئ دينه وقيمه الاجتماعية ، ولا ينغلق على نفسه فيبقى أسيراً لخبراته وتجاربه المحدودة بحدود زمانه ومكانه.
فعندما أراد النبي rالبحث فيما يصلح للجنين في بطن أمه المرضع نظر فيما هو من فعل الأمم والشعوب المجاورة له ، والتي تشترك معه في هذا البعد الإنساني فعن جدامة الأسدية رضي الله عنها قالت حضرت رسول الله rفي أناس وهو يقول :" لقد هممت أن أنهى عن الغيلة(فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم ذلك شيئاً"
وكذلك فيما هو من سلوكيات حضارية وبروتوكولات رسمية نجد النبي r قد راعى الأعراف الدبلوماسية في عصره ، فعن أنس بن مالك tقال : " لما أراد النبي أن يكتب إلى الروم قيل له إنهم لن يقرأوا كتابك إذا لم يكن مختوماً فاتخذ خاتماً من فضة ونقشه محمد رسول الله فكأنما أنظر إلى بياضه في يده.
والاستفادة من تجارب الأمم الآخر مشروط بالمحافظة على هوية المسلم من الذوبان في هوية الآخر ، وبالمحافظة على التميز الحضاري الذي يمنعه من الانسلاخ الثقافي أمام بهرج وزخرف الحياة المادية للآخرين ، فعن بن عمر tقال : قال رسول الله r:" من تشبه بقوم فهو منهم "
قال المناوي في شرح الحديث :" من تشبه بقوم أي تزيا في ظاهره بزيهم وفي فعله بفعلهم وفي تخلقه بخلقهم وسار بسيرتهم وهديهم في ملبسهم وبعض أفعالهم أي وكان التشبه بحق قد طابق فيه الظاهر الباطن فهو منهم "


الفصل الثاني :


أسس التفكير الإيجابي ، وتطبيقاته تجاه المجتمع.

فلأن الإنسان لا ينفك عن علاقة مستمرة مع من حوله ، ولما قد يترتب على تلك العلاقة من تجاذب أو تنافر بين أصحابها فقد جاء في السنة النبوية أحاديث كثيرة تؤصل لأسس التفكير الإيجابي تجاه المجتمع ، وترسخ تطبيقاته في الحياة اليومية لينعم المسلم بحياة متوافقة مع مجتمعه يسودها الحب والوئام ، وحب الخير للناس وجلبه لهم ، ومن أبرز أسس التفكير الإيجابي وتطبيقاته تجاه المجتمع ما يلي :

المبحث الأول : النظرة الإيجابية للمجتمع.

مبدأ الكلام في هذا الموضوع من خير الكلام فعن أبي هريرة tأن رسول r قال :" إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم "
قال الخطابي في شرح الحديث :" معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساؤهم ويقول فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأ حالاً منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم"
" ثمة طريقتان أساسيتان للنظر إلى العالم ، بوسعك التحلي بنظرة للعالم تتميز بالإيجابية فتصير شخصاً إيجابياً ، وترى العالم في إطار الخير والإحسان ، وتصير أكثر تفاؤلاً حيال ذاتك ، وتصير شخصاً أكثر سعادة ، وأكثر فاعلية ، أو التحلي بنظرة تتسم بالسلبية والخبث تجاه العالم فلن ترى سوى المشكلات والظلم في كل مكان ، وترى القيود وعدم الإنصاف بدلاً من رؤية الفرص والأمل
فحين تترسخ هذه النظرة لدى المفكر الإيجابي فإنه بلا شك سيقبل على مجتمعه يخالطه ، ويناصحه ، و يصبر على ما قد يترتب على ذلك من أذى.
ويرسخ النبي rهذا المعنى الإيجابي بذكره لقصة نبي من الأنبياء ليعلم أمته كيف تكون علاقتهم الإيجابية مع المجتمع حتى ولو حصلت لهم الأذية في سبيل الخير والفلاح الذي يحملونه لمجتمعهم.
فعن عبدالله بن مسعود قال :" كأني أنظر إلى النبي r يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول : رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
قال النووي في شرح الحديث :" فيه ما كانوا عليه صلوات الله وسلامه عليهم من الحلم والتصبر والعفو والشفقة على قومهم ودعائهم لهم بالهداية والغفران وعذرهم في جنايتهم على أنفسهم بأنهم لا يعلمون ".
" لذا يجب علينا أن نسأل أنفسنا عن حقيقة مشاعرنا تجاه الآخرين ، هل هي مشاعر إيجابية ؟ أم مشاعر سلبية ؟ حتى ننجح في إدارتها ، وتصويب سهامنا للوصول إلى قلوب الناس بأقل مجهود وأقصر الطرق نجاحاً لفتح مغاليق القلوب "


المبحث الثاني: محبة الآخرين ،ومحبة الخير لهم.
" يعتمد النجاح في المهنة على عاملين هما : مهارات العمل ، والعلاقات الإنسانية ، إن بناء علاقات إنسانية ناجحة يبدأ بالموقف الإنساني الإيجابي
" وأولى المواقف الإيجابية في إنشاء علاقة إيجابية هي محبة الناس ابتداءً ، فمحبة الناس لك هي أصلاً انعكاس محبتك لهم ، فيفتح الناس لك قلوبهم كما تفتح الزهور لأشعة الشمس"
ولذلك ربط النبي هذا الحب بالإيمان لأنه أوثق العرى ، وأقوى رابطة بين الناس ،
فجعل مما ينجي العبد بعد الإيمان بالله ، والبراءة من الكفار ، هو محبة الآخرين لله عز وجل
" وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله " ، وجعل من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله :" ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه
" فحين نحب الآخرين بصدق فإننا نساعدهم على الإحساس بالأمن والطمأنينة ، ونؤكد قيمتهم الأساسية ، ونسهل لهم أن يعيشوا قوانين الحياة من التعاون والمشاركة ، والانضباط ، والاستقامة"
ويتجلى الحب الحقيقي للآخرين في صور عملية شتى ومنها :


محبة الخير لهم.

" ليست الأفكار والكلمات سوى مطايا للمشاعر في علاقتك مع نفسك ، وفي علاقتك مع الآخرين ، وإذا لم ترافق الأفكار والكلمات مشاعر مناسبة ، فإن تأثيرها يكون غير مباشر وفي أدنى حد ، ويقيني أنه حين توجد مشاعر الحب ، فإن الأفكار الإيجابية تتبعها بشكل آلي "
فعن أنس عن النبي قال :" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
قال النووي في شرح الحديث : معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام مثل ما يحب لنفسه والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئا من النعمة عليه وذلك سهل على القلب السليم وإنما يعسر على القلب الدغل
" السلوك الإيجابي الواثق : هو تصرف فاعل ومباشر وصادق ، وهو يترك انطباعاً من احترام الذات واحترام الآخرين ، فباتباعنا السلوك الإيجابي الواثق نضع رغباتنا ومتطلباتنا وحقوقنا بالتساوي مع رغبات ومتطلبات وحقوق الآخرين وبهذا يؤدي سلوكنا إلى التساوي والتكافؤ في النتائج بيننا وبين الآخرين ، مما يجعلهم يتقبلون التفاعل والتعاون معنا بدون التعرض لردود الفعل أو الانتقام، بل يشجع على إقامة علاقات نزيهة وصريحة وواضحة "


تقديم العون والمساعدة لهم.

" على من يريد الانسجام أن يقدم الغير على نفسه ، حتى ولو كان هذا التقديم يسبب حرمانه من كثير من ملاذ الحياة ، فإن الشعور الذي يحصلون عليه من كونهم مصدر سعادة للآخرين يغمرهم بلذة قد لا تعادلها اللذائذ الأخرى في الحياة".
ويرشدنا النبي إلى ما هو أعمق وأقوى من المردود النفسي الذي نجنيه من مساعدة الآخرين ألا وهو الجزاء بالمثل من الله تعالى للإنسان على كل معروف يسهم به الإنسان في إسعاد الآخرين فجزاؤه ليس من عند البشر بل هو من عند رب البشر ، الذي بيده ملكوت السموات والأرض ، وأي تحفيز أعظم من كون الله في عون من يعين غيره من الناس ، وأي اطمئنان نفسي يحصل للإنسان حين تحل به كربة بأن الله هو الذي سينفس عنه كربته ، وأي يسر بعد عسر سيجده من يسر على معسر إذا كان الله هو الذي سيتولى تيسير كل عسير قد يواجهه في مستقبل حياته.
فعن أبي هريرة t قال : قال رسول الله :" من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ..... والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه "
" إن الحب ينمو بالمشاركة ، ويمكنك أن تمتلك الأكثر لنفسك عندما تعطيه للآخرين

تقديم النصيحة لهم .

وهذا مبدأ إسلامي أصيل جاء من تفكير إيجابي في المبادرة لتقديم الرأي والمشورة الصادقة لمن يحتاجها ، فالنصيحة معناها :" محبة الخير للمنصوح "وجعل النبي الدين محصوراً في النصيحة فقال :" الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم "
ونجد أن الصحابة رضي الله عنهم قد فهموا المراد من حديث النبي فطبقوه واقعاً عملياً ، فعن جريرt قال :" بايعت رسول الله على السمع والطاعة والنصح لكل مسلم" ، فكان – جرير - إذا اشترى شيئاً أو باعه يقول لصاحبه اعلم أن ما أخذنا منك أحب إلينا مما أعطيناكه فاختر
قال ابن حجر في بيان النصيحة للمسلمين :" والنصيحة لعامة المسلمين الشفقة عليهم والسعي فيما يعود نفعه عليهم وتعليمهم ما ينفعهم وكف وجوه الأذى عنهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه

أبواب النفع للآخرين لا حدود لها.

يفتح النبي أبواب متعددة لمن أراد فعلاً إيجابياً تعود فائدته على الغير ، فعن أبو هريرةt قال رسول الله :" كل سلامى من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع فيه الشمس قال تعدل بين الإثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة ، قال : والكلمة الطيبة صدقة ، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة وتميط الأذى عن الطريق صدقة"
قال ابن حجر في شرح الحديث :" كأنهم فهموا من لفظ الصدقة العطية فسألوا عمن ليس عنده شيء فبين لهم أن المراد بالصدقة ما هو أعم من ذلك
" فكلما منحت دون توقع عائد أو مردود ، أصبت المزيد من أبعد المصادر عن توقعك ، وطالما واصلت غرس بذور الطيبة والخير سيعود عليك عملك من جهة غير متوقعة على الإطلاق ، وفي وقت بعيد عن الاحتمال ، كل ما عليك القيام به هو التأكد أنك تقدم ما لديك على الدوام ، وأما الثمار فسوف تنضج نفسها بنفسها
المبحث الثالث: الموقف الإيجابي من أخطاء الآخرين.
لما كان الوقوع في الخطأ من الصفات اللازمة للإنسان ولما قد يترتب على الخطأ حين وقوعه من تنافر القلوب وحدوث القطيعة بين الناس وهذا كله مما يضاد مقصداً من مقاصد الشريعة وهو التآلف بين البشر عموماً ، وبين أبناء ملة الإسلام خصوصاً فقد ورد في سنة النبي عدداً من القواعد التي تضبط النفس البشرية وترتقي بها إلى مستوى اتخاذ مواقف إيجابية عند وقوع اختلاف مع الآخرين بسبب وقوعهم في خطأ غير مقبول عند الطرف الآخر.
ومن المواقف الإيجابية في التعامل مع أخطاء الآخرين :


التثبت من المخطئ قبل الحكم على فعله.

فإن طبيعة النفس البشرية ترغب في الاستعلاء وإظهار النصر عند وقوع الخطأ من طرف آخر لما جبلت عليه النفوس من حب الاستعلاء ، ولما تبحث عنه النفس من تحقيق للذات فإننا نجد النبي يعلم أمته الارتقاء بتفكيرهم ومواقفهم الإيجابية من أخطأ الآخرين وأول خطوات النظر في أخطاء الآخرين هي التثبت فعن جابر tقال : دخل رجل يوم الجمعة والنبي يخطب فقال أصليت قال لا قال قم فصل ركعتين
فبادر النبي الرجل بالاستفسار قبل الإنكار ، وتثبت منه قبل أن يأمره بتأدية الركعتين.

الحرص على المصلحة العظمى في مقابل المصلحة الصغرى.

فقد تأخذ الإنسان الغيرة على دينه لما قد يراه من أخطأ الآخرين ، ويجعله ذلك يعمى عن رؤية جانب آخر أكثر أهمية مما يحدث فيتعجل في الإنكار في أمر صغير مما قد يسبب في وقوع منكر أكبر ، ويرشد النبي أمته إلى التفكير الإيجابي المتزن وذلك بالتروي عند إنكار المنكر فعن أنس بن مالك t قال : بينما نحن في المسجد مع رسول الله إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد ، فقال أصحاب رسول الله : مه مه! ، قال : قال رسول الله لا تزرموه دعوه فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله دعاه فقال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن ، قال فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه"(.
قال النووي :" وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف ولا إيذاء إذا لم يأت بالمخالفة استخفافا أو عنادا وفيه دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما لقوله ( دعوه ) و كان قوله ( دعوه ) لمصلحتين إحداهما : أنه لو قطع عليه بوله تضرر وأصل التنجيس قد حصل فكان احتمال زيادته أولى من ايقاع الضرر به ، والثانية : أن التنجيس قد حصل في جزء يسير من المسجد فلو أقاموه في أثناء بوله لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المسجد"

البراءة من الفعل لا من الفاعل.

" إن أسلوب التركيز على سلوك الفرد عن الخطأ بعيداً عن مس كرامته لهو أسلوب يدفع الشخص الآخر إلى الثقة في نفسه ويدفعه إلى تعديل مساره ، ويترك له الباب مفتوحاً حتى يتصرف بشكل أفضل "
" إن توجيه النقد إلى هوية الفاعل كمن يقصف عاصمة بلد ما ، ومن يوجه النقد إلى السلوك فكأنما هي مناوشة على الحدود
فحين وقع من خالد بن الوليد tما وقع في شأن الأسرى ، وكان في ذلك مجانباً للصواب نجد النبي يتبرأ من سلوك خالد ولم يتبرأ من شخصه أيوجه اللوم إلى ذاته ، قال عبد الله بن عمر t:" حتى قدمنا على النبي فذكرناه – أي ما وقع من خالد - فرفع النبي r يديه فقال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين "
قال ابن حجر :" والذي يظهر أن التبرؤ من الفعل لا يستلزم إثم فاعله ولا إلزامه الغرامة فان إثم المخطئ مرفوع وإن كان فعله ليس بمحمود "
" إن النقد الذي يحط من قدر الشخص ويزدري قيمته ينظر إليه باعتباره أمراً مثبطاً ، وتقل احتمالية الاستفادة من القوة الإيجابية لهذا النقد"


الموازنة بين حسنات المخطئ وسيئته.

" فعندما تكون على معرفة بمزايا الشخص – الذي تنتقده- فإن هذا يعطيك الفرصة للنظر إلى الشخص بصورة أكثر إيجابية ، وهذا بدوره يساعدك على التحكم في الغضب والإحباط ، وعندما تذكر الإيجابيات بوضوح فإن هذا يبعث للشخص الآخر برسالة مفادها أنك تستشعر مجهودته وتقدرها ، وبهذا تحافظ على احترام الشخص الآخر دون مساس به ، فضلاً عن أنه قد يؤدي إلى تعزيز هذا الاحترام
ونجد هذا المستوى من النقد الذي ينبع من تفكير إيجابي أصيل واقعاً عملياً في حياة النبي r واقعاً فعندما قام حاطب بن أبي بلتعة tبإخبار قريش بأمر تحرك جيش المسلمين تعامل معه النبي rبأرقى أسلوب قال حاطب مبينناً لسبب ما قام به من عمل :" فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يداً يحمون قرابتي ، ولم أفعله ارتداداً عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام".
فقال رسول الله r : أما إنه قد صدقكم ، فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق ، فقال : إنه قد شهد بدراً وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدراً فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم
ومرة أخرى في قصة المرأة التي زنت يتجلى هذا التفكير الإيجابي واقعاً عملياً فعن عمران بن حصين tقال :" أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر : تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟ فقال : لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى"
الله أكبر ما أعظمك يا رسول الله حين تأمر بها فترجم لارتكابها كبيرة من الكبائر ثم تحفظ لها الفضل بتوبتها ورغبتها في أن تطهر نفسها من تبعات ذلك الذنب الفظيع بأن تتحمل كل تلك الآلام في سبيل أن تخلص نفسها من غضب الله عليها ، ثم تدافع عنها يا رسول الله وتعلم أمتك كيف ينظرون إلى أخطاء الآخرين بأن لا ينسوا أن ينظروا إلى حسنات من قد وقع في الإثم.

إشراك المخطئ في عملية التصحيح.

فبالاستقراء نجد نصوص السنة النبوية زاخرة بما يوجه ببناء الرقابة الذاتية لدى أتباع الدين الإسلامي لأن هذه الرقابة هي الأقوى من الرقابة الخارجية في تحفيز الإنسان للعمل الصالح ، وأكثر صلابة في حجزه و منعه من الوقوع في الآثام ، فباستطاعة الإنسان أن يتخلص من الرقابة الخارجية فيفعل ما يحلو له ، ونجد النبي rيعزز الرقابة الداخلية من خلال إشراك الشخص الذي وقع منه الخطأ أو كاد أن يقع فيه حتى أصبح هذا الأسلوب
أجدى نفعاً ، وأقوى تأثيراً ، فعن أبي أمامة t قال : إن فتى شاباً أتى النبي فقال : يا رسول الله ائذن لي بالزنا ، فأقبل القوم عليه فزجروه ، وقالوا : مه مه ! ، فقال : أدنه فدنا منه قريباً ، قال : فجلس ، قال : أتحبه لأمك ؟ ، قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ، قال : أفتحبه لابنتك ؟ قال : لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم ، قال : أفتحبه لأختك ؟ ، قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم ، قال : أفتحبه لعمتك ؟ قال : لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم ، قال : أفتحبه لخالتك ؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك ، قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم ، قال : فوضع يده عليه ، وقال : اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه ، وحصن فرجه ، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء"(، فانظر إلى الخاتمة التي وصل إليها النبي r مع هذا الشاب حتى أصبح بعد ذلك لا يلتفت إلى شيء مما كان يريد فعله ، كل هذا جاء من خلال مشاركته في الحوار.
" إن دفعك للشخص الذي تنتقده لمشاركتك في عملية النقد أمر مهم لأسباب عديدة منها:
- أن دفع هذا الشخص للتفاعل الإيجابي يعزز كثيراً من فرص إيجاد حل مثمر.
-يمكنك أن تستشعر من خلال هذا مدى اتفاق هذا الشخص معك فيما تقول.
-هذا الأسلوب يقلل إلى أقصى قدر ممكن من احتمال تبني هذا الشخص لموقف دفاعي "


المبحث الرابع : احترام الناس ، وتقدير منازلهم.
عندما يستخدم الإنسان التفكير الإيجابي في أقواله وأفعاله وعلاقته مع الناس فإن ذلك يوجد عنده موازين إيجابية معتدلة تجعله يحترم الجميع ، ويعرف منازلهم فيعطي كل واحدٍ منهم ما له من حقوق الاحترام والتبجيل مهما كان صغيراً أو كبيراً في السن شريفاً أو وضيعاً في النسب ، ويتجلى المنهج النبوي الكريم في احترام الناس من خلال عدة أمور:


قبول الناس كما خلقهم الله.

فيؤسس النبي أساساً متيناً لضبط العلاقات بين الناس بإرساء مفهوم إيجابي ببيان أصل الناس وأنه لا تفاضل بينهم في أصل خلقتهم وإنما يكون التفاضل بينهم فيما يتفاضلون فيه باختيارهم و من كسب أنفسهم بسلوكهم لمنهج التقوى التي هي أساس التفكير الإيجابي والسلوك المثالي في علاقة الإنسان مع خالقه ، ومع من خلق الله فقال :" يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد إلا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى
ويعزز النبي هذا الميزان بذمه لما يضاد هذا الميزان من موازين خاطئة جاءت من أعراف وتقاليد قسمت البشر إلى طبقات باعتبارات تنم عن جهل بأصل خلقة البشرية الواحد واعتبر انتقاص الآخرين وعيبهم بما ليس بعيب إلى كون هذا الفعل من الجاهلية ذلك لأن صاحب هذا النمط من التفكير قد نظر نظرة سلبية من منظور تفكير سلبي إلى هذا المخلوق الذي كرمه الله قال أبو ذر الغفاري t:" كان بيني وبين رجل كلام وكانت أمه أعجمية فنلت منها فذكرني إلى النبي فقال : لي أساببت فلاناً ، قلت: نعم ، قال : أفنلت من أمه ؟ قلت : نعم ، قال : إنك امرؤ فيك جاهلية


احترام إنسانيتهم .

الإنسان ذلك الكائن الذي كرمه ربه ، ,اسجد له ملائكته ، وفضله على غيره من المخلوقات لهو جدير بكل احترام لإنسانيته .
ويضرب النبي rأروع الأمثلة في احترام إنسانية الإنسان فحتى صغار السن كان ينالهم من احترام النبي الشيء الكثير فعن أنس بن مالك t: أن رسول الله مرّ على غلمان فسلم عليهم"
قال ابن بطال :" في السلام على الصبيان تدريبهم على آداب الشريعة وفيه طرح الأكابر رداء الكبر وسلوك التواضع ولين الجانب "(
وحتى لو كان الإنسان مخالفاً لنا في الدين فإن ذلك لا يسمح لنا بأن نحتقر إنسانيته ونهين كرامته الآدمية فنجد رسولنا الكريم r يحفظ حق أحد المخالفين له من الاحترام الإنساني حتى بعد موته فعن سهل بن حنيف وقيس بن سعد رضي الله عنهما قالا :" إن النبي مرت به جنازة فقام فقيل له إنها جنازة يهودي فقال : " أليست نفساً
وحتى في حال الحرب r كان يأمر بالمحافظة على إنسانية من مات من العدو في ساحة المعركة فنهى عن التمثيل بجثث القتلى فعن عبد الله بن يزيد tعن النبي أنه نهى عن النهبة و المثلة(

احترامهم ولو كانت مهنهم متدنية .

ينحرف عند أصحاب التفكير السلبي ميزان النظر إلى مراتب الناس فيصنفهم من خلال ما يقومون به من عمل فينزلق في وحل الازدراء والاحتقار لهم لا لشيء وإنما لأنهم يقومون بعمل لا يراه هو عملاً شريفاً ، ولكن هذا لم يكن عند معلم البشرية r ، فعن أبي هريرة : أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ففقدها رسول الله فسأل عنها ، فقالوا : ماتت ، قال : أفلا كنتم آذنتموني ، قال : فكأنهم صغروا أمرها فقال : دلوني على قبرها فدلوه فصلى عليها"(
قال النووي :" وفيه بيان ما كان عليه النبي r من التواضع والرفق بأمته وتفقد أحوالهم والقيام بحقوقهم والاهتمام بمصالحهم في آخرتهم ودنياهم

احترام من كانت له سابقة في الخير.

معرفة منازل الناس من خلال أفعالهم وما قدموه من سابقة في الخير ، فعندما وقع بين أحد أصحابه المتقدمين في الإسلام والعمل له والتضحية من أجله مع آخر ممن أسلم
بعد فتح مكة قام النبي rمناصراً ومدافعاً عمن كانت له سابقة خير ، وفاءً منه rلما قدموه وحفظاً لحقهم المعنوي من واجب التبجيل والتقدير الذي يستحقونه أكثر من غيرهم فعن أبي سعيد الخدري t قال : قال النبي r:" لا تسبوا أصحابي فلوا أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ".
المبحث الخامس :التواصل الإيجابي مع المجتمع.
فإن من الحاجات الضرورية للإنسان حاجته للانتماء ، وهذه الحاجة تفرض عليه أن تكون له علاقة مع الآخرين ، وهذه العلاقة إن لم تكن إيجابية تحقق للإنسان مصالح دينية أو دنيوية ، أو تدفع عنه ضرراً مادياً أو معنوياً ، ولا سبيل لعلاقة إيجابية ما لم تكن مؤسسة على فكر إيجابي يحفز الإنسان ليتواصل مع غيره بإيجابية.
" إن علاقتنا مع غيرنا هي تعبير عن تركيبتنا النفسية والعقلية ،فهي جزء من صفاتنا وجزء من حياتنا وتبين مقدار تقديرنا لذاتنا وصورتنا الذاتية"
إن مهمة التواصل مع الغير ليست بالسهلة اليسيرة ، وليست بالصعبة المستحيلة فإن الحجة ماسة لأن يعيد الإنسان النظر في الخلل في طرق اتصاله مع الغير.
" فإذا كنت تجد نفسك لا تتفق جيداً مع الآخرين ، ربما يكون ذلك بسبب موقفك تجاههم أو موقفهم تجاهك هو أقل من إيجابي "
من صور التواصل الإيجابي التي تزخر بها السنة النبوية ما يلي :


إرسال الرسائل الإيجابية.

الكلمة هي أكثر الرسائل استخداماً في التواصل بين الناس ، وعلى حسب ما يختزنه المرسل في ذهنه من تفكير إيجابي أو سلبي تصدر عن نوعية الرسالة ، والإنسان مخير لأن يختار الرسالة ذات الدلالات الإيجابية أو السلبية ، فنجد الرسول الكريم r يحث على اختيار الرسائل الإيجابية فعن عدي بن حاتم tقال : قال رسول الله r:" اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجد فبكلمة طيبة "
قال ابن بطال :" جعل الله في فطر الناس محبة الكلمة الطيبة والأنس بها كما جعل فيهم الارتياح بالمنظر الأنيق والماء الصافي وأن كان لا يملكه ولا يشربه

"من القواعد التي يجب معرفتها في العلاقات مع الآخرين أن أثر الكلام الإيجابي الذي نتكلمه يعود علينا إيجابياً ، والكلام السلبي يعود علينا سلبياً "
والعاقل يسلك طريق الرسائل الإيجابية ويجتنب الرسائل السلبية في تعامله مع الآخرين ، فعن أبي هريرة t قال : قال رجل :" يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها؟ ، قال : هي في النار.
قال : يا رسول الله فان فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها؟ قال : هي في الجنة "
" إذا كان ما يخرج من أفواهنا هو تدفق لما هو مخزن في قلوبنا ، فمن الحكمة أن نتأمل جيداً المنبع ، نحن بحاجة إلى أن نفحص الكلمات التي تنساب على ألسنتنا أو على وشك أن ننطق بها ، لكن الأهم هو أننا نحتاج إلى أن نسأل أنفسنا كيف وصلت إلى هناك في المقام الأول"

التبسم في وجوه الآخرين.

إذا عجز الإنسان عن التواصل اللفظي مع الآخرين من خلال الكلمات الإيجابية إما لعدم القدرة عن التعبير ، أو لعدم اتساع الوقت لديه للحديث معهم فباستطاعته التواصل معهم بإيجابية بأمر لا يكلف كثيراً من الجهد و الوقت بالابتسامة.
ويرشد النبي rأمته إلى هذا المعنى بقوله لأبي ذر t :" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق "
" ابتسم ، فإنه شخص نادر الذي لا يتجاوب مع الابتسامة ، فليس فقط تقوى مشاعرك بالتصرفات الودية ولكن عندما تبتسم يفرز دماغك هرمون الأندروفين ، المزيل الطبيعي للألم من نظام الجسم ، وهكذا تنتهي بأن تشعر بشكل أفضل تجاه نفسك "
فعن أبي ذر t قال : قال رسول الله r :" تبسمك في وجه أخيك لك صدقة
قال المناوي :" يعني إظهارك له البشاشة والبشر إذا لقيته تؤجر عليه كما تؤجر على الصدقة قال بعض العارفين : التبسم والبشر من آثار أنوار القلب
قال محمد قطب :" والرسول المربي لا يريد أن يعرفنا بمنابع الخير فحسب، ولا أن يعودنا على الخير فحسب. ولكني ألمح من وراء تعديد الصدقات، وتبسيطها حتى تصبح في متناول الجميع، معنى آخر..
الإعطاء حركة إيجابية. ولذلك قيمة كبرى في تربية النفوس.
فالنفس التي تتعود الشعور بالإيجابية نفس حية متحركة فاعلة. بعكس النفس التي تتعود السلبية فهي نفس منكمشة منحسرة ضئيلة.
والرسول r يريد للمسلم أن يكون قوة إيجابية فاعلة، ويكره له أن يكون قوة سلبية حسيرة.
والشعور والسلوك صنوان في عالم النفس، كلاهما يكمل الآخر ويزيد في قوته.
ومن هنا حرص الرسول r على أن يصف حتى الأعمال الصغيرة والهينة بأنها صدقة بأنها إعطاء"
" فالابتسامة هي أقوى علامة من علامات الشخص الواثق من نفسه ، والشخص المبتسم يبث الثقة ، ويبث الراحة النفسية في نفوس الآخرين
فانظر كيف كان النبي يربي في أصحابه المعاني العظيمة من خلال هذا السلوك الإيجابي فعن جرير رضي الله عنه قال :" ما حجبني النبي منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم "
التواصل بإيجابية حتى مع أصحاب القطيعة.

إن الذي يحمل بين جنبيه تفكيراً إيجابياً لا يسمح للتفكير السلبي أن يطغى على علاقاته حتى مع من يقاطعه.
فعن أبي هريرة t أن رجلاً قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي ، فقال : لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك
قال النووي في شرح الحديث :" كأنما تطعمهم الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم ولا شيء على هذا المحسن بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه
وصاحب التفكير الإيجابي يبادر إلى الفعل الإيجابي في ظل أجواء الشقاق والخلاف مع غيره فعن أبي أيوب الأنصاري tأن رسول الله قال :" لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام

الاستماع لهم ولمشكلاتهم.

إن المشاركة الوجدانية والفعلية لمن يعاني أمراً مما يخفف عن صاحبه ويحس بأن هناك من يقف معه في محنته فيدعو ذلك إلى اطمئنان قلبه ،وراحة فكره من تحمل المآسي والآلام لوحده فيقتله اليأس بمعاناته لوحده.
فعن أنس بن مالك tقال :" كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله فتنطلق به حيث شاءت "
قال العيني في شرح الحديث :" والمراد من الأخذ بيده لازمه وهو الرفق والانقياد يعني كان خلق رسول الله على هذه المرتبة هو أنه لو كان لأمة حاجة إلى بعض مواضع المدينة وتلتمس منه مساعدتها في تلك الحاجة واحتاجت بأن يمشي معها لقضائها لما تخلف عن ذلك حتى يقضي حاجتها
" فحين تستمع بتقمص إلى شخص آخر فإنك تعطيه متنفساً نفسياً ، وحين تشبع لديه تلك الحاجة الحيوية تستطيع أن تركز على التأثير عليه أو حل المشكلة ، والحاجة إلى متنفس نفسي لها وقعها على الاتصال في جميع مجالات الحياة "


المشاركة لهم في أفراحهم وأتراحهم.

فقد كان النبي rيشارك الصحابة أفراحهم العامة وذلك حينما حضر rاحتفال العيد ، وأين أقيم الاحتفال ؟ في مسجده ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت :" وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب فإما سألت رسول وإما قال تشتهين تنظرين فقالت نعم فأقامني وراءه خدي على خده
ويندب أتباعه لمشاركة الآخرين أفراحهم الخاصة حين توجه لهم الدعوة ، ويعتبر التخلف عن الحضور معصية فعن بن عمر tأن النبي قال :" إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب
و قال أبو هريرة t:" ومن ترك الدعوة فقد عصى الله تعالى ورسوله
وأما مشاركتهم فيما قد يصيب الواحد من المجتمع فإنه في تلك الحالة أشد ما يكون حاجة إلى من يقف بجواره يواسيه أو يسلي عنه عندها يحس بمجتمعه واقفاً معه يشد أزره ويعينه على نوائب الدهر فعن أبي هريرة tقال : قال رسول الله r :" من أصبح منكم اليوم صائماً ؟ ، قال أبو بكر : أنا ، قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال فمن عاد منكم اليوم مريضاً ، قال : أبو بكر : أنا ، فقال رسول الله: ما اجتمعن في أمرىء إلا دخل الجنة"
وفي هذا الحديث أربعة أفعال فعلها أبو بكر الصديق يومه ذاك فاستحق بهذه الأفعال الجنة ، ثلاثة من تلك الأفعال هي من المشاركة الإيجابية للآخرين فيما أصابهم ، الأول : مشاركة إيجابية في لتخفيف حزن مفجوع بفقد قريب ، والثاني : مشاركة إيجابية لتخفيف ألم مريض ، والثالثة : مشاركة إيجابية لتخفيف جوع محتاج.
وبهذه الفعال الإنسانية يتآلف المجتمع وتقوى أواصر المودة ، وتشيع الألفة بدل القطيعة.
" فالألفة هي الأداة الوحيدة لتحقيق النتائج مع الأشخاص الآخرين ، والقدرة على توطيد الألفة تعتبر إحدى أهم المهارات التي يمكن أن يتمتع بها الإنسان" (
وهذا تعويد للمسلم أن يعطي من وقته وجهده اليومي للتواصل بإيجابية مع الآخرين ويزداد عطاءه اتساعاً حين يعطي شيئاً من عواطف الرحمة ، والشفقة ، والبر بالآخرين .
" فكلما زاد عطاؤك كلما شعرت براحة أكبر ، وكلما أصبح العطاء أسهل ، فلا توجد هناك ميزة بشرية أهم من مشاركة الغير ، ولا يوجد هناك مصدر سعادة حقيقية أفضل من عمل الخير"


الحفاظ على التواصل الإيجابي تحت ضغط المواقف السلبية.

" يصبح الموقف الإيجابي مسيطراً ومعززاً ذاتياً وقادراً على الاستمرار عندما تسير الأمور على خير ما يرام ، ولكن الإنسان بطبيعته يعلم أن هناك أحداثاً تلوح في الأفق لاختبار قدرته على الحفاظ على هذا الموقف"
فعندما يتعرض الإنسان للضغط النفسي من مواقف سلبية تصدر من الآخرين يظهر عند ذلك الإنسان على حقيقته ، فإن كانت مواقفه إيجابية من الآخرين صادقة ونابعة من فكر إيجابي ومؤسسة على بنيان فكري سليم فإن الإنسان يحافظ على تلك الإيجابية مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة ، وإن كانت مبنية على جرف هارٍ ومؤسسة على مواقف مصطنعة فسرعان ما يظهر المرء على حقيقته ، ويبان للعيان تفكيره الذي أحدث ردة فعله السلبية ، وقد ضرب لنا رسول أروع الأمثلة بإظهار المواقف الإيجابية في كل المواقف السلبية التي تعرض لها ومن ذلك ما جاء عن أنس بن مالك tقال : "كنت أمشي مع رسول الله وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة نظرت إلى صفحة عنق رسول الله وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ، ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله فضحك ، ثم أمر له بعطاء "
انظر إلى قول الراوي : فضحك ، ردة فعل إيجابية على تصرف سلبي من جاهل ، ولم يمنعه ذلك الاعتداء و الفظاظة من الأعرابي من إكمال الرد الإيجابي فأمر له بعطاء ، قال النووي :" فيه احتمال الجاهلين والإعراض عن مقابلتهم ودفع السيئة بالحسنة وإعطاء من يتألف قلبه والعفو عن مرتكب كبيرة لا حد فيها بجهله وإباحة الضحك عند الأمور التي يتعجب منها في العادة وفيه كمال خلق رسول الله وحلمه وصفحه الجميل


التفهم الإيجابي لمشاعر الآخرين.


فإن تصرفات الإنسان منبعها ما يختلج في نفسه من فكر ، وصاحب التفكير الإيجابي ينظر إلى تصرفات الآخرين نظرة إيجابية تبعده عن أوهام سؤ الظن بهم ، ويبادر إلى إظهار ما لديه من تفسيرات لأفعال الآخرين حتى يبقى مرتاح الضمير وحتى لا تتراكم التفسيرات السلبية فتصل به اتخاذ مواقف سلبية من الآخرين إما بالهجوم عليهم أو بالانسحاب السلبي من حياة من يحب أو يعاشر.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله :" إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى قالت فقلت من أين تعرف ذلك ؟ فقال : أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين : لا ورب محمد وإذا كنت غضبى ، قلت : لا ورب إبراهيم قالت : قلت أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك "
قال ابن حجر :" يؤخذ منه استقراء الرجل حال المرأة من فعلها وقولها فيما يتعلق بالميل إليه وعدمه والحكم بما تقتضيه القرائن في ذلك "
" بنيت العلاقات الناجحة دائماً على الاحترام المتبادل ، لذا عليك أن تنفتح على الآخرين ، وان تخبرهم بمدى تأثيرهم عليك ، ومن ثم فإنهم يقدّرون أن تخبرهم بتفاصيل ما يروقك ، وأن تعبر لهم عن مشاعرك وأفكارك تجاههم


الخاتمة.
فالحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ،والصلاة على خير خلقه محمد بن عبد الله .
فبعد جولة ماتعة مع حديث المصطفى e ، ومع جملة من الأفكار التي أرى أنها ذات أهمية كبيرة للمسلم في هذا العصر الذي كثرت في السلبيات ، والتي يحتاج معها المسلم إلى أن يجدد نمط تفكيره ونظرته لنفسه ومجتمعه ، وقد خرجت بعد كتابة هذا البحث بفوائد عدة منها :
- ترسخ لدي اليقين بأن الخير كل الخير في ما جاء به المصطفى e .
- أن كل جهد بشري للارتقاء بالإنسان في فكره أو سلوكه له أصل في سنة النبي
- أن التفكير الإيجابي رافد مهم من روافد تطوير شخصية الفرد المسلم.
- أرى أن تتبنى مؤسسات علمية العمل على تأصيل هذه العلوم الوافدة ، حتى يمكن للدعاة والمصلحين أن يخاطبوا الناس بلغة عصرهم.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


المصادر.
مصادر العلوم الشرعية والعربية
- الأدب المفرد، لمحمد بن إسماعيل البخاري،ت ( 256هـ) ،خرج أحاديثه محمد فؤاد عبد الباقي، الطبعة الثالثة (1409هـ). دار البشائر الإسلامية بيروت.
- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان: تأليف علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط. الطبعة الأولى (1408- 1412هـ). مؤسسة الرسالة بيروت.
- بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ، لأبي بكر : علي بن سليمان الهيثمي ت (807هـ ) ، تحقيق : د. حسين أحمد الباكري ، الطبعة الأولى ( 1413هـ) ، مطبوعات مركز خدمة السنة والسيرة النبوية ، بالجامعة الإسلامية.
- بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها شرح مختصر صحيح البخاري ، أبو محمد، عبد الله بن سعد بن أحمد بن أبي جمرة الأزدي الأندلسي, الأنصارىت (726هـ) ، طبعة دار الكتب العلمية ، بيروت.
- السنن لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ( 275هـ) تحقيق : كمال يوسف الحوت ، الطبعة الأولى ( 1409هـ) ، مؤسسة الكتب الثقافية ، بيروت
- شرح صحيح مسلم ، ليحيى بن شرف النووي ت ( 676هـ )، الطبعة الأولى ( 1407هـ) ، دار الكتاب العربي ، بيروت.
- شعب الإيمان ، لأبي بكر :أحمد بن الحسين البيهقي ت ( 458هـ) ، تحقيق : أبو هاجر السعيد بسيوني زغلول ، الطبعة الأولى ( 1410هـ ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت.
- صحيح البخاري: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ( 256هـ) ،تحقيق : محب الدين الخطيب ، الطبعة الأولى ، ( 1414هـ) ، المكتبة السلفية ، القاهرة.
- صحيح مسلم : لأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري ( 261هـ) ، تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.
- غريب الحديث ، لأبي عبيد : القاسم ين سلام الهروي ت (224هـ) ، تحقيق حسين محمد شرف ، مطبوعات ( 1414هـ) ، مجمع اللغة العربي ، القاهرة.
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت ( 852هـ) ، تحقيق: محب الدين الخطيب،( 1380هـ) الطبعة السلفية، القاهرة.
- في ظلال القرآن ، سيد قطب ، الطبعة الثامنة ، دار الشروق ، بيروت.
- قبسات من الرسول ، محمد قطب ، الطبعة الخامسة ، دار الشروق ، بيروت.
- المعجم الوسيط ، مجمع اللغة العربية ، الطبعة الثالثة ، القاهرة.
- المسند للإمام أحمد بن محمد بن حنبل ت ( 241هـ) ، طبعة المكتب الإسلامي .
- المستدرك على الصحيحين: لأبي عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري. الطبعة الأولى (1334هـ) دائرة المعارف العثمانية ـ الهند. تصوير دار المعرفة.
- مشارق الأنوار على صحاح الآثار ، للقاضي عياض بن موسى اليحصبي ، ت ( 544هـ) ، الطبعة الأولى ( 1418هـ) دار الفكر ، بيروت .
- المعجم الكبير: لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، ت ( 360هـ) تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي ، الطبعة الثانية ( هـ) دار إحياء التراث العربي .
- معرفة الصحابة ، لأبي نعيم : أحمد بن عبد الله الأصبهاني ت (430هـ) ، تحقيق : عادل العزازي ، الطبعة الأولى ( 1419هـ) ، دار الوطن ، الرياض.
- المنتخب من مسند عبد بن حميد ت ( 294 هـ ) ، تحقيق : صبحي السامرائي ، ومحمود الصعيدي ، الطبعة الأولى ( 1408هـ ) ، مكتبة السنة، القاهرة.
- النهاية في غريب الحديث والأثر: لمجد الدين المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير. تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ومحمود الطناحي. الطبعة الثانية (1399هـ) دار الفكر.

مصادر علم التفكير.

- الإنسان والتفكير الإيجابي ، د.عيسى الملا ، الطبعة الثانية 1418هـ.
- اكتشف نفسك ، سام لويد ، الطبعة الثانية 1423هـ، دار المعرفة للتنمية البشرية ، الرياض.
- البرمجة اللغوية العصبية ، سلمان الشمراني ، طبعة 1424هـ ، دار محمد عبدالله رضا.
- التطوير الذاتي ، د.أسامة حريري ، الطبعة الأولى 1424هـ ، دار المجتمع ، جدة.
- تعليم التفكير ، إدوارد ديبونو، الطبعة الأولى 2001م ، دار الرضا ، دمشق.
- التفكير الإيجابي ، فيرا بيفر ، الطبعة الأولى 2003م ، مكتبة جرير ، الرياض.
- التفكير الإيجابي ، ضمن سلسلة مهارات الحياة المثلى ، الطبعة الأولى 2005م ، مكتبة لبنان ، بيروت.
- تنظيم وتفعيل الذات ، كيت كينان ، الطبعة الأولى1426 هـ ، الدار العربية للعلوم ، بيروت.
- حقق أحلامك بقوة تفكيرك الإيجابي ، وفاء محمد مصطفى ، ، الطبعة الأولى1424هـ ، دار ابن حزم ، بيروت.
- حكمة الجنرالات ، وليام كوهين ، الطبعة الأولى 2003م ، مكتبة جرير ، الرياض.
- خطوات بسيطة ، د.آرثر كاليندور ، الطبعة الأولى 2003م ، مكتبة جرير ، الرياض.
- الرابحون لا يغشون أبداص ، جون هانتسمان ، الطبعة الأولى 1426هـ ، الدار العربية للعلوم ، بيروت.
- الشخصية بين النجاح والفشل ، د.عباس مهدي ، دار الحرف العربي ، بيروت.
- العادات السبع ، د.ستيفن كوفي ، طبعة 1998م ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت.
- عجائب الثقة بالنفس ، د.موسى المزيدي ، الطبعة الأولى 1426هـ، دار ابن حزم ، بيروت.
- علم نفس النجاح ، برايان تريسي ، الطبعة الأولى1412هـ .
- غير تفكيرك غير حياتك ، برايان تريسي ، الطبعة الأولى 2007م ، مكتبة جرير ، الرياض.
- قبعات التفكير الست ، إدوارد ديبونو ، طبعة 1421هـ ، المجمع الثقافي ، أبو ظبي.
- قدرات غير محدودة ، أنتوني روبينز ، الطبعة الأولى 2003م ، مكتبة جرير ، الرياض.
- قدرة التفكير السلبي ، توني همفرييز ، الطبعة العربية الأولى 1423هـ، مكتبة العبيكان ، الرياض.
- قوة التحكم في الذات ، د.إبراهيم الفقي ، الطبعة الثانية 1425هـ، مؤسسة الخطوة الذكية ،جدة.
- قوة التفكير الإيجابي ، نورمان فينسينت بيل ، دار الثقافة المسيحية ، القاهرة .
- قوة التفكير الإيجابي في الأعمال ، سكوت دبليو ، الطبعة العربية الأولى 1424هـ ، مكتبة العبيكان ، الرياض.
- قوة عقلك الباطن ،د.جوزيف ميرفي ، الطبعة الأولى 2000م ، مكتبة جرير ، الرياض.
- قوة النقد الذاتي ، هندري ويسنجر ، الطبعة الأولى 2001م ، مكتبة جرير ، الرياض.
- كلمات إيجابية نتائج فعالة ، هال إيربان ، الطبعة الأولى 2006م ، مكتبة جرير ، الرياض.
- كيف تكون إيجابياً ، د.ريتشارد بريلي ، الطبعة الأولى 2003م ، دار الكتاب العربي ، دمشق.
- لا تطعن نفسك في ظهرك ، د.جوديث برايلز ، الطبعة الأولى 2006م ، شركة الحوار الثقافي ، بيروت.
- ليس المهم مقدار ذكائك ، د.جين آن كريغ ، الطبعة العربية الأولى 1426هـ ، مكتبة العبيكان ، الرياض.
- المفاتيح العشرة للنجاح ، د.إبراهيم الفقي ، الطبعة الثانية 1425هـ، مؤسسة الخطوة الذكية ،جدة.
- موقفك الإيجابي ، إلوود تشمبان ، الطبعة الثانية 1423هـ، دار المعرفة للتنمية البشرية ، الرياض.
- نصائح من صديق ،، أنتوني روبينز ، الطبعة الأولى 2006م ، مكتبة جرير ، الرياض.
- نعم تستطيع ، سام ديب ، الطبعة الأولى 2007م ، مكتبة جرير ، الرياض.
- 17 قاعدة نفسية في سورة يوسف ، أكرم عثمان ، الطبعة الأولى1426هـ ، دار ابن حزم ، بيروت.


فــــهــرس,,,


البيان و الصفحة


المقدمة 2
تمهيد. 5
المبحث الأول : المقصود بالتفكير الإيجابي .5
المبحث الثاني : أهمية التفكير الإيجابي. 7
المبحث الثالث : ثمرات التفكير الإيجابي. 9
الفصل الأول:أسس التفكير الإيجابي ، وتطبيقاته تجاه الذات. 12
المبحث الأول: بناء الهوية الإيجابية للذات 12
المبحث الثاني : أثر الأسماء والصفات الإيجابية على الذات. 15
المبحث الثالث : التوقع الإيجابي للأمور. 17
المبحث الرابع : التفاؤل ، والأمل. 19
المبحث الخامس: الحديث الإيجابي مع الذات. 22
المبحث السادس : التطوير الإيجابي المتواصل . 25
الفصل الثاني :أسس التفكير الإيجابي ، وتطبيقاته تجاه المجتمع 30
المبحث الأول : النظرة الإيجابية للمجتمع 30
المبحث الثاني: محبة الآخرين ،ومحبة الخير لهم. 32
المبحث الثالث: الموقف الإيجابي من أخطاء الآخرين. 36
المبحث الرابع : احترام الناس ، وتقدير منازلهم. 41
المبحث الخامس :التواصل الإيجابي مع المجتمع 44
الخاتمة. 52
المراجع 53
الفهرس. 56


كتبه
د.سعيد بن صالح الرقيب


 



مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..