الصفحات

الاثنين، 9 مارس 2015

موبايلي.. أين كان إعلامنا قبل انهيار السهم؟ -

   مقالتي اليوم تتحدث عن دور الإعلام والصحف  وابتزازهم من قبل موبايلي وغيرها من الشركات في
رشوة صريحة للإعلام والاعلاميين.. وأن الإعلام  شريك في انهيار موبايلي. . وحواري مع الأستاذ قينان الغامدي حول هذا الأمر. .
----------------------
نحن اليوم بحاجة ماسة لإعطاء وسائل الإعلام حرية أكبر ومساحة أوسع في النقد، فالإعلام عند جيراننا في الخليج تجاوزنا بأشواط كبيرة، ونحن الأحق بممارسة هذه المهنة على أصولها الصحيحة
الانهيار لسهم شركة موبايلي والتحقيقات التي تلاحق قضيتها اليوم، فتحت الباب واسعا لجدل عريض بين الاقتصاديين، حيال الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تلك الهزة، وهل ثمة شركات ستعقبها، أو شركات سبقتها، وكيف ستنعكس المشكلة على اقتصادنا؟
الهزة العنيفة لتلك الشركة العملاقة التي كانت تحقق أرباحا تتجاوز الخمسة مليارات ريال في العام الماضي، لتنتكس في سنة واحدة فقط إلى خسائر يتوقعها المراقبون تصل للمليار ريال، كانت زلزالا في سوق المال. فلا غرو أن يعتبرها المراقبون والمحللون الاقتصاديون حدثا يؤرخ به، وزميلنا راشد الفوزان كتب: "أبرز أحداث سوق الأسهم السعودية بعد انهيار 2006، هو ما يحدث الآن بشركة موبايلي".
لست متخصصا في الأسهم وسوق المال، بل أنا أحد الملايين من "الأغبياء" الذين فقدوا جزءا لا بأس به من تحويشة العمر في ذلك السوق الهزلي المدعو سوق الأسهم، والتهم الهوامير نقودنا –لا بارك الله لهم فيها- في يوم أغبر أمام أعيننا، ونحن نصفق كفا بكف محوقلين مسترجعين؛ لذلك كنت أبحث عن دور الإعلام في ما حدث لكارثة شركة الاتصالات الكبيرة تلك، وأين كمن دورنا في هذا الفساد الذي بدأ عطنه يفوح عبر ذلك الانهيار.
أعترف -ملء فمي- أن الصحف والأقنية الفضائية السعودية، شريكة في ما حدث من كارثة لموبايلي، وغيرها من الكوارث التي مضت، والكوارث الآتية التي تنتظر سوقنا المالية، وأخبرنا الدكتور طارق كوشك المحلل والخبير في سوق الأسهم في حوار فضائي أخير له، بأن شركة اتصالات أخرى ستكون التالية وسينهار سهمها بعد موبايلي لأن الأسباب واحدة. بالطبع سبب اعترافي بشراكة الإعلام أن بعض الصحف الورقية تخضع للابتزاز المكشوف من لدن شركات الاتصالات والبنوك والمصارف وشركات المقاولات الكبرى، بل ومن رجال أعمال معروفين في وسطنا الإعلامي، عبر عدم نشرها لأي نقد أو مساءلة أو خبر يتحدث عن قصور أو مشكلة ما تجاه تلكم الشركات، وإلا فإن عقوبتها الشهيرة حرمانها من الحصة الإعلانية التي هي عمود تلك الصحف.
كتبت لمرات أننا كمحررين صحافيين عندما نقوم بدورنا ووظيفتنا الأصل كسلطة رابعة في المراقبة وكشف الخلل لمساعدة المسؤولين والمجتمع، نجابه من قيادات تحريرية بإلغاء الخبر أو المقالة أو المادة الصحافية أيا كانت، وترفع في وجوهنا اللافتة الشهيرة: "ألا تعلم أن رواتبنا من هذه الإعلانات"، في خضوع تام لهذا الابتزاز الممارس من حقب وعقود طويلة على الصحف السعودية، بل وشركات طيران تقوم بحجب الصحف –عيانا بيانا وجهارا نهارا- التي تتناول تقصيرا ما أو فسادا داخل دهاليزها.
لا يمكن أن تنفرد مؤسسة إعلامية وحدها لتمارس هذا الدور، لذلك كررت كثيرا الدعوة إلى ميثاق شرف بين الصحف حيال هذا الموضوع، وبالأمس في مناسبة خاصة لأخي الخلوق الدكتور عثمان الصيني طرحت الموضوع أمام ثلة من النخب، فانبرى "بلدوزر الصحافة السعودية" قينان الغامدي محتدا وحانقا عليّ، وهو يقول: "يا أبا أسامة، ميثاق الشرف وهم، ومفردة لتضييع وتمييع الموضوع، كم أتحسس من هذه المفردة، نحن نحتاج إلى أنظمة صريحة حيال هذا الموضوع الذي أشاركك الرأي فيه، وتقضي فيه لجان قضائية متخصصة لا اللجنة التابعة لوزارة الإعلام".
ذكر زميلنا الكبير أنه جابه هذا المحظور إبان رئاسته صحيفة "الشرق"، وفوجئ بإيقاف توزيع الصحيفة في إحدى شركات الطيران، وحُجب الإعلان عن صحيفته من قبل شركة اتصالات كبرى، وعانى الأمرّين كي ينسلك ضمن قطيع الصحف التي تلتزم بالثقافة السائدة في ساحتنا الإعلامية، وترضخ لمجالس إدارات المؤسسات الصحافية التي لا همّ رساليا عندها سوى جني الأرباح ولو على حساب قيم ورسالة الصحيفة.
استعدت زمام الحديث في تلك الأمسية الرائعة، وبعد أن قلّ الحضور، وقلت: "لتباشر هيئة الصحافيين تبني هذا المطلب الملحّ في راهن اليوم، كي نكون عونا للدولة ضد الفساد". انبرى أخرى قينان الغامدي محتدا أكثر من الأول، وقال: "هيئة الصحافيين ميتة، لا دور لها إلا حضور المناسبات الخارجية فقط، وإن أردت أن تميت هذه القضية فأوكل لها الموضوع". أدركتني حرفتي وطبعي، ورددت على أبي عبدالله: "أنت أحد أعضاء مجلس إدارة الهيئة، وأنت معني بهذا النقد، وعلى الأقل إن كان هذا رأيك، فاحترم من انتخبوك، واستقل من الهيئة، كأقل حق تمارسه؛ احتراما لتاريخك، والتزاما لمن وثق فيك من زملائنا وأعطاك صوته". صمت الأستاذ قينان برهة وأطرق، وقال: "ستسمع قريبا موقفي فعليا لا كلاما".
كم أتمنى على وزير الإعلام الجديد معالي الدكتور عادل الطريفي أن يجعل تنظيف الساحة الإعلامية من بعض الرواسب المعيبة فيها من أولى اهتماماته، وأعترف أن الفساد يطال حتى ساحتنا الإعلامية، فثمة كتاب وإعلاميون لا يلتزمون برسالة الإعلام السامية ويسيئون لها، عبر الابتزاز المضاد للأسف، وأتصور لو وضع نظام يخضع له الجميع، حيال مسألة النقد والعمل الإعلامي النزيه، وألا حق للشركات أو رجال الأعمال في حجب إعلاناتهم في الصحف التي تنقدهم وتتناول أداءهم، فلربما كان هذا مساعدا لنا في أداء مهنتنا في المراقبة، وفي المقابل تُحمي تلك الشركات من النقد الجارح الذي لا يقوم على أساس موضوعي أو أدلة صحيحة، وتُحمى أيضا من ابتزاز الصحافيين عديمي الضمائر، ونحن اليوم بحاجة ماسة لإعطاء وسائل الإعلام حرية أكبر في النقد، ومساحة أوسع في النقد، فالإعلام عند جيراننا في الخليج تجاوزنا بأشواط كبيرة، ونحن الأحق بممارسة هذه المهنة على أصولها الصحيحة، لنمنع كوارث سببها صمت المجتمع والمسؤولين عنها، كما حدث لموبايلي وغيرها.
دعوة لكبار ورموز الصحافة والإعلام في بلادي إلى دور خليق بهم بالدعوة لنظام يحمى حرية النشر والتعبير.

عبدالعزيز قاسم
       2015-03-09 1:13 AM

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..