الصفحات

الاثنين، 15 يونيو 2015

قصة حقيقية: حصلت في الباحة.

القصة لأب كبير في السن كانت وظيفته معلم(جيل الطيبين) اسمه سعيد بن جمعان.. وبعد أن تقدم فيه العمر وتوفيت زوجته الله يرحمها صار يسكن مع أولاده ليخدموه، وقد رزقه الله منها أربعة أولاد كلهم وبفضل الله من البارين، ولكن لابد من
القصور ولو حرص الإنسان..
وأبوهم كان يعرف بقوته وهيبته ونفاذ كلمته وكان إذا قيل: سعيد بن جمعان جا المدرسة حتى المدير والمدرسين يخافون فما بالك بالطلاب، وكان يضرب أبناءه  ضرباً شديد دائماً، ومعلق لهم خيزرانه عند الباب يسميها " وسمة " لأنها تعلم على الجلد مثل وسم الكي. وعندما شاخ أدركه الضعف والهوان وشعر بأن أولاده يدركون هذا الشي ويتعاملون معه على أساس هذا المنطق..
يقص لي القصة أحد أولاده فيقول بأن والدهم أرسل لهم رسالة يقول فيها: العادات غالباً تسوقنا للخطأ..
عذراً أولادي على ما كان مني في صغركم..
كنت شديد القسوة عليكم ليس لأني لا أحبكم، لا والله، بل أنتم أغلى من أنفاسي التي تشق صدري، ولكن العرف والعادات كانت تقول الأب القاسي هو الوحيد الذي يربي أولاده، أما الحنون فهو أب فاشل يسوق أبناءه إلى الفشل..
فنهجت نهج القوة متوقعاً أن ذلك أنفع لكم وأفضل. ولم يكن العلم يؤثر في العادات كثيراً، وكنا نرضي ونراقب المجتمع أكثر من أي شئ آخر وكأن رضاهم سيدخلنا الجنة.
محمد
وإبراهيم
و خميس
وياسر
لا تستلون جنابيكم الحادة لتغرسوها في صدري كل يوم..
عندما أراكم تقبلون أبناءكم وتترفقون بهم فوالله إن قلبي يتقطع من الوجع وودي أصيح وأقول لكم وأنا أيضاً كنت أحبكم ولا أزال، فلماذا عندما يقبل أحدكم ولده ينظر إلي نظرة كالخنجر المسلول ليطعن بها قلبي وكأنكم تقولون تعلم الحب والحنان!! وافهم كيف ينبغي أن يتعامل الآباء مع الأبناء..
أولادي هذا ليس زمننا وما يرجع شئ فات أوانه فلا تعلموا شيخاً ما لم يعد ينفعه، وأنا دخيلكم وأطلبكم العذر والسموحة، وإلا أنا قدامكم ذا الحين! وتيه عصاتي! وتيه جنبيتي! فاقتصوا مني الآن! ولا تعذبوني بنظراتكم تيك.
يخبرني بالقصة أصغر أولاده الذي هو ياسر وهو أب لثلاثة ولدين وبنت.
فيقول ياسر: كلنا تأثرنا برسالته وذهبنا نقبل رأسه ويديه وقدميه وأجمعنا كلنا بأنه لولا الله ثم تربيته لنا لما كنا رجالاً ناجحين..
ثم يقول ياسر: عندما ذهبت إلى السرير لأنام ظلت كلمات والدي ترن في أذني وتؤلمني في قلبي وكأني أتقلب فوق ملة! وحينها أجهشت باكياً وبكيت بكاءً مراً فكتبت لأبي قائلاً: أبي الحبيب.. قد تكون أدركت جزءً من نظراتنا لك حين نحتضن أولادنا وهذا دليل فطنتك، ولكن لا يعلم الغيب إلا الله، فوالله إني أنظر إليك وأقول ماذا لو قبلني أبي الآن؟!
فأنا وإن كنت كبرت وأصبحت أباً وخالط الشيب سواد شعري فهذا لا يعني أني لا أحتاج لحضنك الدافئ وقبلاتك الحارة، فهل لي بحضن واحد وقبلة ؟!
وأرسلها إلى جوال أبيه ونام، وعند الفجر خرج ياسر من غرفته لأجل أن يصلي فوجد أباه واقفاً على عكازه عند الباب ويقول:
تعال يا بوي أضمك إلى صدري..
 ما حسبت الضرب بيشب جمري..
إن  كان إني أصبت فلله دري..
وإن كان إني غلطت فلك عذري..
ما تدري عن غلاك لكن أنا أدري..
أنت الروح والكبد وحزام ظهري.. 
تعال ياسر أضمك وخذني لقبري..
وضمه إلى صدره وقبّله وبكى الإثنان،  وخرجت زوجة ياسر، وبكت بكاءً شديداً من هول المنظر المؤثر..
وما هي إلا لحظات وشهق الأب شهقة طويلة وطاح وتوفي، وحاولوا يسعفونه لكن جاه أجله.
رحم الله هذا الوالد العظيم..

فترفقوا يا أولاد بوالديكم وقد يكون لديهم ما يقولون ولكن لا يستطيعون البوح كما فعل هذا الأب
فانسوا أي ماضٍ مؤلم وتذكروا أن لهم فضل ولو لم يربوكم، فكيف وهم من وقف على مصالحكم حتى أصبحتم رجالاً ونساءً راشدين وأمهات أو عضوات فعاﻻت في المجتمع..

اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وارحمهم كما ربونا صغاراً..
اللهم إن قصرنا بحق أبنائنا فسامحنا يا الله واغفر لنا فليس من أب أو أم يقسو على أولاده إلا حباً بهم على الأقل من وجهة نظره .. 
اللهم اغفر لوالدي وارحمهما كما ربياني صغيراً.. آمين يارب العالمين،
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..