الصفحات

الاثنين، 20 يوليو 2015

لماذا أدار أوباما ظهره لنا؟

  عبّرت عن غضبي من الاتفاقية النووية الأخيرة بين إيران والغرب بتغريدات في "تويتر"، ووصفتها بطعنة غادرة من حليف استراتيجي، قدمنا له الغالي والنفيس في سبيل المحافظة على علاقة متينة وقوية، بيد أنه أدار ظهره لنا، ووصفت ما تمّ بأنها صفعة مدوية من أوباما لدول الخليج، بل اتصل بعدها بقادتنا؛ ليشرح لهم هذا الموقف منه، ويطمئننا بزعمه.
انهالت عليّ الردود من بعض الأصدقاء المعنين الذين وافقوني جملة، بيد أن البعض القليل اعترض، فهناك من يرى أن ذلك الاتفاق لصالح السلام في المنطقة، وهناك من يرى ضرورة إعادة العلاقات مع إيران بدل المواجهة والحرب، وهناك من رأى الحل في التركيز على التعليم والتنمية، وكنت أرد: "يا قوم، نحن بتنا متأخرين في القوة أمام عدوين جارين لنا، الصهاينة من جهة، والصفويين من جهة أخرى، ولن يتركانا نتقدم أو نتطور أو نبني علاقات، إلا بما يمليه القوي المتجبّر على الجار الضعيف، فدعوكم من الدروشة والأماني الحالمة، فليس من حل أو علاقة إلا من ندّ لندّ".
ردّ عليّ أحد المفكرين الذين لهم مكانة كبيرة في نفسي، وله اشتغال سابق في العمل الرسمي؛ يشرح لي سبب هرولة الولايات المتحدة إلى إيران، وإعطائهم ظهورهم للحليف التاريخي لهم، وقال: "أبا أسامة، بعد أطيب التحية تعليقا على تغريداتكم الوطنية، أقول: كتبت أميركا دستورها بالمنطق البراغماتي الذرائعي  المصلحي، عكس منطق الأخلاق والقيم والمثل "الطوباوي"، وفقهاء القانون الدستوري الأميركي شرحوا لنا هذا الأمر "مشافهة"، فضلا عن تدوينهم له في كتبهم، وقال لنا أحدهم بالنص: أيّ منطق يخالف المصالح العليا لأميركا هو غير أخلاقي في نظر المشرع الدستوري الأميركي ولو كان عند غيرنا أخلاقيا؛ فالأخلاق والقيم هي التي تحرص على تحقيق المصالح العليا للدولة ولا تهدمها لصالح الآخرين؛ ولذلك قالوا لنا في جدل طويل: نندهش من عدم فهمكم لهذا واتهامكم للسياسة الأميركية بازدواجية المعايير والتحول والتقلب. قالوا: نعم تزدوج في قيمكم الخاصة التي لا تنظر إلى مصلحة غيركم، ولو لم نزدوج ونتحول ونتقلب لتحقيق مصلحة الأمة الأميركية؛ لكنا غير أخلاقيين أمام شعوبنا، وقد تركنا مصلحتهم لصالح غيرهم. لكن متى اتفقت المصالح بيننا وبين غيرنا تحدثنا عن القيم والأخلاق؛ لأنها بمعاييرنا عندئذ أخلاقية؛ لأنها تخدم مصالحنا والذي يخدمها أخلاقي.

 لذلك بعض البرلمانيين الأوربيين وبّخ وزيرة خارجية السويد عندما تحدثت بقوة عن قضية "رائف بدوي"، وقالوا: تتحدث عنها إذا امتلكت الحقائق الداعمة المنظمات الحقوقية لا الحكومات البراغماتية التي يهمها البعد المادي مع الدول لا الأخلاقي، وحاولت السويد مع البرلمان الأوربي لتأييدها لكن دون جدوى؛ ولذلك تستخدم الدول الكبرى العنصر الأخلاقي إذا كان في إطار قاموسها أو محققا لمصالحها، ومن ذلك النكاية بمنافسيها أو في أقل أحوالها لا يضرها، وتسجل من خلاله موقفا إنسانيا، وهذا الأخير يعمد إليه غالبا الاتحاد الأوربي. وترتيبا على ما سبق نشأ مصطلح "المجتمعات المادية"، والأمم المتحدة ألعوبة بامتياز بأيدي القوى العظمى، تستخدم بموجب قانونها حق النقض الخارق لأبجديات الديموقراطية الخاضعة لمنطق الأغلبية؛ لتحقيق مصالح ذاتية مادية بحتة لكل من الدول دائمة العضوية التي فرضت نفسها، وشرعت قانون النقض بمنطق الفرض والقوة لا غيره، ولا يُحرّك أي دولة منها وازع الأخلاق مطلقا متى تقاطع مع مصالحها، وهذا كله مقرر لدى فقهاء وشرّاح القانون الدولي".
بعد شرح صديقي المخضرم هذا، أتفهم سياسة هؤلاء بألا مجال لوازع الأخلاق، بل هي البراغماتية النفعية التي يتجهون إليها أنى كانت، ولو مع الشيطان الأكبر، ويحق لنا هنا المناداة بالتعامل بالمثل، ومثال بسيط يمكن طرحه في تلك الودائع والفوائض النقدية الضخمة لنا في البنوك الأميركية، من حق أجيالنا أن نخرجها من ذلك القمّ المظلم، والتي تتآكل سنويا 4% للأسف الشديد.
بعض المحللين الصهاينة ابتهجوا بأن الاتفاق سيدفع السعودية لحضن إسرائيل، من باب: "عدو عدوي صديقي"، فالباحث الصهيوني "أماتسيا برعام"، الخبير في شؤون الشرق الأوسط ورئيس مركز أبحاث العراق في جامعة حيفا، يقول: "إذا تصرفنا جيدا فسيكون بالإمكان تعزيز العلاقات الفعلية بيننا وبين السعودية سرّا، لأن السعوديين قلقون مثلنا من هذا الأمر".
سياستنا منذ الملك المؤسس -يرحمه الله- تقوم على الأخلاق والشيم، فلا أتصور أننا سنرتمي في حضن إسرائيل بما يحلم به الصهاينة العرب، فعليها أولا إعطاء حقوق إخوتنا الفلسطينين، والحل برأيي طالما أننا بتنا أمام واقع جديد، وشاويش –نصّبه أوباما- ذو بسطار مهترئ وقبعة صفوية، وبيده عصا نووية يلوح بها، فلا مناص من امتلاك السعودية للطاقة والقنبلة النووية كحتم لا خيار، ولا طريق بعدها لردع هذا الشاويش إلا بالتحالف الاستراتيجي المتين مع تركيا وقطر وباكستان، لتطويقه وإركاعه بعصا أغلظ من عصاه.
"الحزم أبو العزم أبو الظفرات.. والترك أبو الفرك أبو الحسرات". الملك عبدالعزيز آل سعود.
عبدالعزيز قاسم        2015-07-20 12:28 AM

  بقلم:عبدالعزيز قاسم
     صحيفة الوطن
مقالتي اليوم في الوطن. . تفسر سبب الطعنة الغادرة  والحقيرة من أوباما للسعودية وتوجهه لإيران لتنصيبه شرطيا ع الخليج. .
ورأيت لا مناص في امتلاك الطاقة والقنبلة النووية والتحالف مع قطر وتركيا وباكستان. .
---------------

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..