الصفحات

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

تدافع "منى".. التاريخ شاهد يا إيران

"إن من السخرية المريرة أن يصطنع النواحة من له تاريخ إجرامي في الحرم بقتل وتفجير فيه".
صالح آل طالب خطيب المسجد الحرام.
بمجرد أن وقع حادث التدافع في "منى"، هبّ الإعلام الإيراني وبعض قادته بطرح الأسطوانة المكررة
بتدويل الحرمين، والمطالبة بأن يشرف على الحج جهات أممية تمثل العالم الإسلامي. هذه الدعوات كان يرددها مع إيران الهالك معمر القذافي، وكل رئيس دولة يختلف مع السعودية، وما تلبث أن تكون زوبعة في فنجان، ثم تهمد.
ما يضحك في الموضوع، وبعض الضحك كالبكاء، أن من يطالب بالإشراف على الحج، هي ذات الدولة التي تلطخت يدها بالتفجير في الحج، دون أن ترعى في حجاج بيت الله حرمة ولا ذمة، ونتذكر كيف أنهم في عام 1407 هـ حرضوا حجاجهم بالقيام بمظاهرات في مكة المكرمة، وصاحب تلك المظاهرات إضرام النار وإحداث فوضى عارمة،
وقتلَ وقتها رجالُ مخابراتهم المندسين وسط الحجاج الإيرانيين مئات من الحجاج المسالمين بالأسلحة البيضاء، وقام الإيرانيون بحمل شعارات تحمل التكفير والتنديد بالدولة السعودية، مع رفع صور الهالك الخميني، ولوحات "الموت لأمريكا"، ويا للسخرية على ذلك الشعار الذي بلعوه اليوم، وهم يصافحون -مبتسمين- الشيطان الأكبر في جنيف، ويوقعون المعاهدات معه، ويقول روحاني عنه بأنه مجرد احتجاج لفظي لا عقيدة لدى الإيرانيين، ولا ننس رفعهم وقتها لشعار "الموت لإسرائيل" وهم يخططون اليوم معهم في موضوع سوريا.
التاريخ لا ينسى، وإذ أسرد هنا بعض أفعال الصفويين في الحج وأشهره، فهو لتبيان صفاقتهم في هذه القضية، ولسان حالنا مع جدنا الأعرابي القديم:
ولو أني بليت بهاشمي
خؤولته بنو عبدالمدان
لهان عليّ ما ألقى ولكن
تعالوا وانظروا بمن ابتلاني
قبل تلك الأحداث بعام حمى الله حج موسم 1406 هـ، عندما اكتشف مسؤولو أمن المطار في جدة كميات من المواد المتفجرة الخطيرة في حقائب حجاج إيران، تكفي لنسف مدينة مكة المكرمة بكاملها، ولكن الله سلم بيته وضيوفه.
في عام 1409 هـ قامت إيران بتفجير داخل حرم الله وعلى مقربة من المسجد الحرام عبر خلية إرهابية تابعة لها، وقتل في ذلك التفجير عدد كبير من الحجاج، ومكن الله تعالى الحكومة السعودية من القبض على أفراد الخلية في وقت قياسي، وأصدرت عليهم أحكام الإعدام بعدما اعترفوا بجريمتهم المروعة، وأقيم فيهم حكم الله، ودعتهم حينها إيران بالشهداء، وأطلقت عليهم أسم أولياء الله.
لم يكتف هؤلاء الصفويون بما فعلوه، بل كرروا فعلتهم بعدها بعام، ففي حج 1410 هـ، قاموا هذه المرة بإطلاق غازات سامة على الحجاج في منطقة المعيصم، ومات آلاف الحجاج، ما جعل الملك فهد يرحمه الله تعالى بإصدار قرار بمنع حجاج إيران من الحج، حتى سمح لهم بعد سبع سنوات، وقد تعهدوا بعدم إخلالهم الأمن، والالتزام بكل اشتراطات الحكومة السعودية.
التاريخ لا ينسى ما فعله أجداد هؤلاء الصفويين، فالقرامطة الذين تلبسوا الغدر للدخول لمكة في عام 317 هـ، وأطلقوا سيوفهم -بعد أن تمكنوا- في حجاج بيت الله الحرام وقتذاك، فقتلوا نحراً 30 ألف حاج، وردموا بئر زمزم بالجثث، وسرقوا الحجر اﻷسود ولم يعيدوه إلا بعد 22 عاما، ليأتي أحفادهم اليوم ويطالبون بالإشراف على الحج.
تفاصيل ما وقع في تدافع "منى" لم تعلن رسميا، وفي انتظار التحقيقات كي لا نرمي بالبهتان ونقع في ذات ما ننكر، ولكن أطالب بالنظر في إعادة عضوية إيران في منظمة المؤتمر الإسلامي، وكافة عضوياتها في الجهات والمنظمات الإسلامية، وأطالب بطردها منها، فأي دولة إسلامية هذه التي تروع جاراتها، وتبث الفتنة والفوضى في المنطقة، وتبعث ميلشياتها الإرهابية في العراق وسوريا ولبنان واليمن. أدرك أن مثل هذه المطالبة لها تبعاتها، ولكن لا يردع إيران سوى الحزم معها.
ونحن إذ نرد على هؤلاء الناعقين، ونسلم بقضاء الله تعالى في ما وقع، لا يعني أن الخطأ لا يعالج، وأن المقصر لا يحاسب، ورأينا غضبة الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز في حادثة "الرافعة"، وحسابه العسير للمقصرين، وحسبنا أنه في خلال الـ36 عاما الذي استضافت المملكة حوالي 70 مليون حاج، لم تتجاوز حوادث الوفيات حاجز الـ5000، توفاهم الله ملبين، بنسبة0.00007 %، ومعظمهم قضى بسبب عدم اتباعهم الإرشادات الصحيحة،
ما يجعلني أطالب هنا بالتوعية المسبقة لهم، وانخراطهم في دورات إرشادية مكثفة في كيفية أداء المناسك، واشتراط هذا لأخذهم تأشيرة الحج، إذ يكفي في تلك الأعداد الهائلة أن يخطئ جمع قليل، لتقع الكوارث بما يقول به المتخصصون في إدارة الحشود.
على مدى تاريخنا الإسلامي، لم تقم دولة كالسعودية بمثل هذا الإنفاق على الحرمين مطلقا، عشر ميزانيتها تخصص لبيت الله الحرام ومسجد رسوله الكريم، وعلى إيران أن تهتم وتنفق على داخلها المتخلف أولا قبل أن تتبجح بطلب الإشراف على الحرمين.
  بقلم:عبدالعزيز قاسم
  صحيفة الشرق القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..