الصفحات

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2015

من ملف الحج : أحكام التكبير ومواطنه‏

  أحكام التكبير ومواطنه 
الحمد لله العلي الكبير العظيم القدير والصلاة والسلام على البشير النذير وبعد :
 إنّ تعظيمَ الله عزّ وجل مِن أجلّ العبادات القلبية ومن أهمّ أعمال القلوب التي يتعيّن ترسيخها
وتزكيةُ النفوس بها، كما أن الايمان مبنيّ على التعظيم والإجلال له عزّ وجلّ، قال تعالى:
(تَكَادُ السَّمَـاواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) [مريم:90]، قال المفسرون: "يتشقّقن مِن عظمةِ الله عزّ وجلّ".
منزلةُ التعظيم تابعة للمعرفة, فعلى قدرِ المعرفة يكون تعظيمُ الربّ تعالى في القلب، وأعرف النّاس به أشدُّهم له تعظيمًا وإجلالاً, وقد ذمّ الله تعالى مَن لم يعظِّمه حقَّ عظمتِه, ولا عرَفه حقَّ معرفته، ولا وصفَه حقَّ صفته، فقال:(مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا)[نوح:13]، قال المفسرون: "ما لكم لا تعظِّمون الله حقَّ عظمته".
 تعظيمُ الله وإجلاله ـ عبادَ الله ـ لا يتحقَّق إلا بإثباتِ الصفاتِ له كما يليق به سبحانه، وروحُ العبادة هو الإجلال والمحبّة، فإذا تخلّى أحدهما عن الآخر فسدَت.
وإن من أسماء الله تعالى ( الكبير ) قال تعالى {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ }الرعد 9، وقال سبحانه  {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }الحج62 ، وقال عز وجل :{ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ }غافر12، والكبير الَّذِي هُوَ أَكْبَر مِنْ كُلّ شَيْء ، ومن هذا الاسم استمد ذلك الذكر العظيم ( الله أكبر )، إن لفظ التكبير (الله أكبر) يلامس شغاف الأذان بين الفينة و الأخرى في اليوم و الليلة و الناظر إلى أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، الناظر إلى الصلاة يجد التكبير في النداء إليها وفي أولها وبين أركانها وواجباتها .
قال الإمام النيسبوري رحمه الله :- التكبير أنواع منها تكبيره في صفاته بأن يعتقدها كله من صفات الجلال و الإكرام وفي غاية العظمة ... تكبير الله في أحكامه بأن يعتقد أن أحكامه كلها جارية على سنن الصواب وقانون العدالة. اهـ
 قال الله تعالى (( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا )).
قال الامام القرطبي رحمه الله :- عظمة عظمة تامة يقال : أبلغ لفظ للعرب في معنى التعظيم و الإجلال ( الله أكبر)  أي أكبر من كل شيء.
إن التكبير من أعظم الأذكار لله تعالى فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لأن أقول : سبحان الله و الحمد لله ولا إله إلا الله و الله أكبر أحب إلى مما طلعت عليه الشمس ) رواه مسلم .
وللتكبير مواطن معينة و أوقات معلومة ومناسبات يطلب فيها إضافة إلى ما ذكرنا من أنه أعظم الأذكار و يمكننا في ضوء ما جاءت به السنة المطهرة أن نذكر أهم هذه المواطن:-
فالتكبير أولا ًمن ألفاظ الأذان و الإقامة كما قدمنا ومن سمع لفظ التكبير فالسنة أن يردد اللفظ خلف المؤذن .
والتكبير هو اللفظ الذي يعني الدخول في الصلاة بتكبيرة الإحرام وهو عند الركوع والسجود وفي صلاة العيدين وصلاة الاستسقاء و صلاة الجنازة .
وهو سنة أيضا بعد الصلوات المفروضة وقد كان يعلم انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير أي عندما يرفع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصواتهم بالتكبير بعد الصلاة (الله أكبر الله أكبر ) وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر ثلاثاً وثلاثين وكبر خمساُ وعشرين وكبر عشراً بعد الصلوات المفروضة.
والتكبير أحد معالم الحج فالتكبير عن رمي الجمرات وعند الصعود من منى إلى عرفات وعند الطواف وغيرها من مواطن التكبير في المناسك .
والتكبير يكون في ليلة عيد الفطر حتى صلاة العيد ، وفي العشر من ذي الحجة
وجاء في الحديث الصحيح
( كان ابن عمر و أبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران
ويكبر الناس  بتكبيرهما)
وصيغ التكبير الواردة عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم، فمن ذلك:
ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أنه كان يقول:
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
[ مصنف ابن أبي شيبة، كتاب صلاة العيدين. قال الألباني في إرواء الغليل ( 3/125 ):
وإسناده صحيح ].
و ثبت تثليث التكبير عنه في مكان آخر بالسند نفسه، يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا. [ السنن الكبرى للبيهقي، كتاب صلاة العيدين. قال الألباني في إرواء الغليل ( 3/125 ): وسنده صحيح ]. وبأي صيغة كبّر المسلم، فقد أدى السنة وأقام الشعيرة.
ومن مواطن التكبير أيضاً التكبير عند الخروج إلى السفر ففي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارج للسفر كبر ثلاثاً ...)) الحديث
وكان صلى الله عليه وسلم إذا على شرفاً أي المكان المرتفع كبر وكان يوصي بذلك أصحابه كما ثبت ذلك عند الترمذي وأبي داود بسند حسن .
ومن مواطن التكبير:-  التكبير عند الذبح :
عن أنس رضي الله عنه قال( ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ورأيته يذبحهما بيده  ورأيته واضعاً يده على صفاحهما ، قال ثم سمى وكبر ) رواه البخاري ومسلم ,
وفي رواية يقول ( بسم الله والله أكبر)
قال الإمام ابن حجر رحمه الله (وفي هذا الحديث ما يدل على استحباب التكبير في  الذبح -أي في الأضحية- وغيرها.
ومن مواطن التكبير: عند سماع خبر مفرح .
ففي الحديث الطويل الذي في الصحيحين من حديث بعث النار وأن فيها من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم" والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة "
قال : أي أبو سعيد الخدري راوي الحديث فحمدنا الله وكبرنا )
ومن المواضع أيضاُ التكبير عند التضرع في الاستسقاء وفي ذلك حديث حسن عند الترمذي .




1436/12/2

مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..