الصفحات

الخميس، 7 يناير 2016

الدلع الفاخر

    لاا أدري إلى أين سيقودنا هذا البطر والخيلاء من بعض أفراد المجتمع؟ فما نكاد نستفيق من هول صدمة أحدهم إلا ويسبقه آخر بصدمة أخرى!! هؤلاء من سكان "الأبراج العاجية"، يمتلكون قدراً عالياً من الجهالة والعنجهية، وربما الكبرياء،
يُنسيهم ما تعيشه شريحة واسعة في مجتمعنا.

أتفهم أن يظهر شخص ما؛ ليدعو الناس لترشيد الاستهلاك، والاقتصاد في المصروفات، وتجنب بعض الكماليات التي لا طائل منها؛ فهذا حق مكتسب للجميع.لكن ما لا أتفهمه أن يظهر بعض من شريحة "الأبراج العاجية"؛ ليتحدث من علٍ، وبصوت يعلو ارتفاع أبراجهم، وهم على أرائكهم الفاخرة؛ ليدعو الناس كافة إلىالحد من الترف والغنج!!

وحقيقة، لا أعلم أين "الدلع" الذي يشاهده البعض لدى شريحة واسعة من ذوي الدخل المحدود، ممن لا يستطيعون شراء "تولة" صغيرة من العود الفاخر، أو ربع كيلو من السمن البلدي المدخن، عوضاً عن أن يلمسوا نعومة الجلد الفاخر في السيارات الفارهة!!

أتفهم أن يظهر شخص ما؛ ليدعو الشباب ويحفزهم للعمل بمزيد من الجدية والمهنية لمواجهة مرحلة التقشف، التي تتطلبها المرحلة الحالية، بل يقسو عليهم في ذلك.. لكن لا أتفهم أن يتم ذلك بطريقة استفزازية، لا تنم عن احترام لمشاعرهم وما يكابدونه في الحصول على لقمة العيش!!

بالنسبة لي، ولشريحة واسعة من المجتمع، فنحن لا نرى "الدلع" إلا فيما تقدمه الحكومة للتجار والقطاع الخاص من تسهيلات ومميزات، لا يوجد نظير لها في معظم الدول، في مقابل جشع وعبث وتغرير بالمجتمع من قِبل بعضهم.

ونحن نرى "الدلع" في شريحة من التجار تتمتع كما يحلو لها برفع أسعار السلع والخدمات بدون وجه حق؛ ليتمتعوا في أبراجهم العاجية تاركين ذوي الدخل المحدود وراء ظهورهم؛ ليغصوا في حلوقهم نهاية كل شهر.

وهناك نوع من الدلع "الفاخر"، يستسيغه ويتلذذ به بعض المترفين، عندما يرمي ببضعة ألوف معدودة في برامج مهلهلة، تسمى عبثاً ببرامج المسؤولية الاجتماعية؛ ليتغنى صباحاً ومساء في الإعلام بأنه يخدم المجتمع ببرامج تنموية بل مستدامةأيضاً!!

على مهلكم أيها المترفون؛ فالمواطن السعودي يثبت أنه مثقف وواعٍ بالتحديات التي تواجه وطنه.. فها هو يتفهم ارتفاعأسعار الوقود والكهرباء والماء في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها السعوديةودول المنطقة بأسرها، ويطالب بتكاتفأبناء المجتمع مع قيادته وحكومته.

وهو في الوقت ذاته يطالب بإصلاحات جذرية لتحقيق مزيد من العدالة والرخاء لبلده، ويتطلع إلى أن يكون برنامج التحول الوطني واقعاً ملموساً، يعيشه في حياته اليومية، لا يُسمح فيه بدخول الأيادي الفاسدة، وذلك تحت قيادة رشيدة، يملؤها العزم والحزم. 

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..