الصفحات

الأحد، 28 فبراير 2016

جواب سؤال حول الدعاء للمبتدعين والكافرين

ورد إلى الموقع السؤال التالي
نريد توضيح موقفكم حفظكم الله من مقتدى الصدر حيث انتشر مقطع فيديو فيه ثناؤكم على المرجع الشيعي مقتدى الصدر

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله. وبعد :
أشكرك أخي الكريم على طرحك ما استشكلته هنا ، وما فعلتَه هو التَّبيُّن الذي أمر الله به حين قال : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) .
ولعلك أخي الكريم تُشير في سؤالك إلى مقطع مجتزأ اختزله الخوارج أو المتعاطفون معهم من حلقة كاملة مدتها ساعتان من حلقات برنامج الحوار الصريح على قناة المستقلة في عام 1429 للهجرة وقد نزعوا هذا المقطع من سياقه فبان للسامع وكأنه تمجيد مجرد بمقتدى الصدر .
وأنا أدعوك أخي الكريم لمشاهدة تلك السلسلة من الحلقات ، وخاصة الحلقة الثانية التي اختزل المتعاطفون مع الخوارج منها هذا المقطع ، وهذا رابطها كاملة :

 
وقد حظيت هذه الحلقات بثناء جم غفير من العلماء والدعاة والعامة والخاصة ، حتى من أبناء الطائفة الشيعية ، ومنذ ذلك التاريخ الذي بُثَّت فيه وحتى قريبٍ من هذا التاريخ لم يعترض عليها أحد ، لأن الجميع فهم الكلام في سياقه ومناسبته ، ولم يكن هَمُّ أحدٍ تصيدُ الأخطاء وتتبع الزلات ، سوى هؤلاء المتعاطفين مع الخوارج حين أعيتهم الحجة في علاقة تنظيماتهم الحميمة مع إيران والتي لا تخطئها العين ، ولا تخفى على متابع ، فبدلاً من الرجوع للحق ومراجعة أخطاء هذا التنظيم لجأوا إلى الزور والبهتان ، ولا يذكرني ذلك إلا بما قاله الخميني عليه من الله ما يستحق :غيرنا ليسوا إخواننا وإن كانوا مسلمين فلا حرج في الوقيعة فيهم وبهتهم وبذلك جاء النص عن أئمتنا . هكذا قال عدو الله .
فيا عجباً لخوارج العصر ، كيف جمعوا بين مروق الخوارج الأول ومسارعتهم في التكفير وبين كذب الروافض وتزويرهم ، وليست هذه بأُولى شنائعهم فقبل ليالٍ يسيرات حاولوا إسقاط الشيخ سعد الشثري باختزال دقيقة ونصف من مجموع كلامه ، وقبلها اختزلوا مقطعاً من محاضرةٍ للشيخ صالح الفوزان ، شنعوا بها عليهما ، ومما يؤسف له أننا في عصر يرُوجُ فيه الخبث بسبب ابتلاء الأمة بشيوع الجدل والتباغض والتحاسد ، إلا من عصم الرحمن .
حين تعود أخي للحلقات ، ولاسيما الحلقة التي تم اختزال المقطع منها، ستجد أنها ضمن حلقات تأخذ طابع المناظرة في الدفاع عن الدعوة التجديدية للشيخ محمد بن عبد الوهاب ضد الشبهات التي يُرَوًًج لها أساطين الرفض خاصة .
وجاء في الحلقة إيراد ، وهو كيف لمحمد بن عبد الوهاب أن ينال العلم وهو ابن عشرين سنة ؟ وجعلوا سِنَّه رحمه الله دليلاً على قلة علمه بل ودليلاً على عمالته للاستعمار كما زعموا ، فأجبتُ بأن ذلك كان معهوداً في الأوائل وعليه نماذج كثيرة من أهل السنة .
بل من المعاصرين مقتدى الصدر ، عرفناه يخطب ويمارس السياسة وهو في سن أقل من ذلك ، فما تقولونه عن محمد بن عبد الوهاب لماذا لا تقولونه عن الصدر ؟!
وكانت هذه حجة دامغة لا يمكن لأحد من هؤلاء الشيعة الرد عليها.
معظم ما يروج له دعاة الخوارج ، هو أنني دعوت للصدر بالتوفيق لما يحبه الله ويرضاه ، والسؤال هنا : أين الدليل الشرعي على حرمة الدعاء للمبتدع ، أو الكافر ، وهما على قيد الحياة ؟
الجواب : لا دليل أبداً، بل الأدلة متظافرة على أن أقل أحكامه الجواز ، وقد دعى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم من المشركين شجوه صلى الله عليه وسلم وكسروا رباعيته ، فنهاه الله تعالى عن الدعاء عليهم وأنزل ( ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون)
ودعا لبعض المشركين بالهداية فاستجاب الله له كعمر بن الخطاب وأم أبي هريرة ، ودوساً حين طلب منه الطفيل رضي الله عنه أن يدعو عليهم وقال : إن دوساً قد عصت وكفرت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :  ( اللهم اهد دوساً وأت بهم).
وثقيفاً ، حين قال له الصحابة : أحرقتنا نبال ثقيف فادع الله عليهم ، فقال صلى الله عليه وسلم: ( اللهم اهد ثقيفاً) .
وكان اليهود يتعاطسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان يقول لهم : يهديكم الله ويصلح بالكم .
ولم ينهه الله عن ذلك .
فإذا ثبت أن أقَلَّ أحوال الدعاء للكافر والمبتدع الحي الجواز ، فلا تثريب على من دعا ، بل ذلك موكول للمصلحة ، فمتى علمنا أن دعاءنا لأحد قد يلين قلبه للحق ، أو يلين قلوب أنباعه أو محبيه ، يقيناً أو ظنا ً أو أقل من ذلك ، فَفِعْلُهُ من الحكمة التي أمر الله بها في الدعوة حين قال ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) وهو من الحسن الذي أمرنا الله بقوله ( وقولوا للناس حسنا) بل هو من التي هي أحسن ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) .
ولأجل هذا ترجم البخاري رحمه الله في صحيحه بقوله :(باب : الدعاء للمشركين بالهُدَى ليتألفهم ) وكان هذا من فقه الإمام البخاري ، كما ذكر ابن حجر رحمهما الله تعالى .
وما كنتُ فيه في قناة المستقلة هو من هذا الباب ، فمتابعوا القناة ليسوا على مذهب أو مشرب واحد ، وقد جربت الحوار مع المخالفين لاسيما في المعتقد فلم أر حجة أقوى من كلمة طيبة أو دعوة رفيقة يسمعها المخالف أو تابعوه فيكون لها من ثمرتها التي وعد الله عاجلاً أم آجلاً( وضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أُكلها كل حين بإذن ربها )
والحمد لله الذي هداني إليه .
لكن خوارج العصر هداهم الله ووفقهم لطاعته لا يحسنون هذا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..