الصفحات

الاثنين، 22 فبراير 2016

أحاديث النخب السعودية ومواقفها.

     لم أغش خلال الأسبوع الفارط مجلسا من المجالس النخبوية في السعودية، إلا وطغى الحديث عن ذلك القرار الشجاع للدولة بوقف المساعدات والهبات المالية لجمهورية لبنان، والذي لاقى ارتياحا عريضا في تلكم الأوساط.
أية صفاقة قامت بها الحكومة اللبنانية وعضت اليد التي ساندتها!!. ففي الوقت الذي استنكر فيه المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي الهجوم على السفارة السعودية بطهران، وقامت الحكومة الإيرانية بتقديم المهاجمين للمحاكمة، يعترض مندوب لبنان -التي أغدقنا عليها المليارات والمليارات- على إدانة الهجوم في اجتماع الجامعة العربية، دون أي حياء أو خجل، أو تذكّر للنعمة التي آثرنا بها لبنان طيلة سنوات طويلة.
كان قرارا ينسجم والعهد السلماني، الذي بات كل مواطن سعودي يستشعر فيه الحزم وقوة الإرادة، ويشعر بالعزة والفخر بمليكه ودولته التي باتت تقود حقيقة العالم الإسلامي بأجمعه، والصرامة وإيقاف المساعدات والهبات المالية تجاه لبنان يقينا لن تقف عليها، فقد باتت مسلّمة في السياسة السعودية الجديدة، أن تعيد النظر في مساعداتها ومواقفها تجاه الدول التي تتلقى الدعم منها.
ربما كان خبر تعيين سمو الأمير محمد بن سلمان قائدا للتحالف الإسلامي مصدر فخر آخر، وحديثا للنخب السعودية أيضا، فهذا الشاب الثلاثيني يصعد بقوة إرادته وشكيمته التي ورثها عن أبيه وجده لمدارج عليا، وبات ملهما لجيل الشباب لدينا، وأنموذجا لهم في فن القيادة والتخطيط والوصول للهدف.
بالتأكيد أن الوضع الاقتصادي مثّل جزءا كبيرا في حديث النخب السعودية، ففي لقاءاتي الأخيرة مع اقتصاديين، تلمّست تفاؤلا كبيرا في أوساطهم بأن السعودية عبر هذه الخطط التي يرسمها مجلس الاقتصادية والتنمية، والجدية التي ستطبق بها قراراتها، وبرغم الحربين اللتين تخوضهما السعودية، وبرغم أكلاف قيادة العالم الإسلامي والعربي، وبرغم انخفاض أسعار النفط، إلا أن إيمانا عاليا يسربلهم بأن المملكة ستتجاوز كل هذه الأزمات، والثقة بالتفاف الشعب حول قيادته في مرحلة مصيرية، يساند ذلك قرارات اقتصادية شجاعة اتخذت، تمكن الدولة من تجاوز الأزمة المالية التي خلفها انخفاض أسعار النفط.
يتحدث المجتمع السعودي ونخبه عن وزير الخارجية عادل الجبير، الذي صعد نجمه، وأثبت أنه خير خليفة للوزير الأشهر في الخارجية السعودية سعود الفيصل يرحمه الله. الجبير في حواراته الأخيرة مع الصحافة الغربية تألق في ردوده وأفحم كل من تفذلك معه من أولئك الصحفيين الغربيين الذين أرادوا إدانة المملكة في مجال حقوق المرأة والإنسان، وشككوا في مواقفها في نصرة الشعب اليمني والسوري، فضلا عن ربط "داعش" بها.
هناك مندوب المملكة في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، نال الإعجاب بلغته الأدبية الرصينة، وقوة منطقه وحججه، ودبلوماسيته الفذة، وكان برأيي خير من تسنم ذلك المنصب، وجاء في الوقت المناسب، وأدى أدوارا إعلامية خارقة، جعلنا نهتف إعجابا به على الكفاءة الإدارية العالية.
ثامر السبهان سفيرنا في العراق، وقد تتالت التغريدات للنخب السعودية إشادة بمواقفه وتصريحاته حيال إيران الصفوية واختراقها المجتمع العراقي، السفير السبهان استلهم الحزم والقوة والصراحة من مليكه الكبير سلمان، ما جعل جلّ العراقيين –حتى من طائفة الشيعة- يقفون له احتراما على شجاعته وصراحته التي تحدث بها.
محمد بن سلمان بكل خطواته الخارجية والداخلية، ووزير الخارجية السعودية عادل الجبير بمواقفه في سوريا واليمن، وعبد الله المعلمي مندوب المملكة في الأمم المتحدة بدبلوماسيته الفذة، وثامر السبهان السفير السعودي بالعراق عبر صراحته وصرامته، كانوا خير من مثـّل عهد سلمان بن عبد العزيز، بيد أنه - وبكل أسف أعلنها- أن النخب السعودية المثقفة ولا حتى الزملاء الإعلاميين لم يواكبوا هذه الوثبات الكبرى التي تحققت في عهد سلمان بن عبد العزيز.
للأسف صحفنا انشغلت -ولا تزال- بموضوعات هامشية، ربما كان آخرها موضوع هيئة الأمر بالمعروف، في الوقت الذي تسنّم فيه وزير الدفاع منصب قائد التحالف الإسلامي، و نسورنا الأبطال وصلوا تركيا، وبدأوا في دكّ أوكار "داعش"، وأفراد قوات التحالف في اليمن يربضون كأسود على أبواب صنعاء.
أتساءل هنا عن سبب تأخر النخب السعودية والإعلاميين عن مواكبة هذه الهمّة السلمانية التي يتحدث العالم بأسره عنها، وتنشغل في احترابات فكرية هامشية، ومعارك مضحكة للأسف، على حساب وطن يقود العالم الإسلامي اليوم، وتهرق دماء أبنائنا لإعادة الشرعية ونصرة الشعوب الضعيفة ضد طواغيتها.
هل فعلا أن النخب السعودية بكافة تياراتها ليست على مستوى المسؤولية، أم أن هناك من يصطاد في الماء العكر، ويوقع الفتنة بين هذه النخب لتنشغل عن دورها الحقيقي في مساندة الدولة. الحقيقة أن معالي الفريق عبد العزيز الهويريني مدير عام المباحث السعودية قال - في ظهور نادر له- بندوة "الأمن والإعلام" التي أقيمت الأسبوع الماضي، إن هناك مندسين في مواقع التواصل الاجتماعي السعودية، ممن ولدوا وتربوا في داخل المملكة، باتوا اليوم يقومون ببث الفتنة والشحناء من مواقع لهم في دولة مجاورة. ينبغي على كل المشتغلين في مواقع التواصل الاجتماعي ممن يخوضون هذه المعارك ألا يمرّ عليهم هذا التصريح مرور الكرام، إذ جاء من رتبة أمنية عليا مطلعة على كثير من أسرار الدولة.
كلي أمل بأن تنتبه النخب السعودية والإعلاميون لما يحاك لدولتنا، وأن تستدرك هذا التأخر المعيب وتبادر لدعم قرارات مليك الحزم.

(عبدالعزيز محمد قاسم)
منذ 13 ساعة




أول مقالة لي اليوم بعد عودتي من توقفي الطارئ. .
كم نحن فخورون بعادل الجبير وثامر السبهان وعبدالله المعلمي الذين ترجموا عهد سلمان في مقابل الإعلاميين والنخب السعودية التي انشغلت في حروب هامشية عن الهيئة. .
يشرفني إطلاعكم على مقالتي :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..