الصفحات

الأحد، 29 مايو 2016

الحكمة في شعر مساعد الغزي

الجزء الأول
* مدخل:
إن من الشعر لحكمة
ان من المواهب التي يمنحها الله عز وجل لبعض عباده موهبة الشعر، موهبة عجيبة، سارقة للقلوب،
والاذهان، يستطيع صاحب هذه الموهبة ان يؤثر في النفوس ابلغ تأثير,, ويوجد من القصائد التي حازت على الظهور ففازت بالمراكز الاول فكان لها النصيب الاكبر من الشهرة، فترددت على ألسنة الناس فنقلها خلفهم عن سلفهم وذلك لما في معانيها من القوة والبلاغة ولما في مدلولها من الحكمة.
اصحاب تلك القصائد العظيمة سوف تتبع اخبارهم ونتقصاها، ومن هولاء الشعراء، شاعر من امراء الشعر الشعبي الا وهو الشاعر الكبير مساعد بن جار الله بن حمد الغزي البدراني الدوسري (رحمه الله).
* نسبه :
هو مساعد بن جار الله بن حمد الغزي البدراني الدوسري ولد رحمه الله ببلدته المنسف الواقعة الى الشمال من محافظة الزلفي بمنطقة القصيم.
وكانت ولادته رحمه الله عام 1356ه.
بدا شاعرنا (رحمه الله) بنظم الشعر في وقت مبكر من شبابه لم تتجاوز سنة (الثانية عشرة) من عمره، ولاثمة عجب في ذلك اذا علمنا علم اليقين بان اسرة (آل غزي) كلهم - رجالاً ونساء - شعراء، ويجيدون نظم الشعر الشعبي المليح بكل ما اتوه من فصاحة الكلمة وبليغ العبارة، وبسبب شظف العيش وقلة الحال في بداية حياته لم يتفرغ (رحمه الله) لنظم الشعر، بل عمل في عدة اماكن طلبا للمعيشة حتى استقر به الحال في مدينة الرياض,,.
* صفاته :
يقول صاحب كتاب (رجال في الذاكرة) الاستاذ:
عبدالله بن زايد الطويان:
ويعتبر ايضا نبراساً يحتذى به في الشعر والرواية والمواقف الانسانية، وهو احد اصدقاء الادب الشعبي الذين طالما اتحفونا بدرر اشعارهم النفيسة، وعلاوة على هذه الصفات فان (ابن غزي) رحمه الله من اكرم رجال عصره كيف لا وهو القائل لابنه (حمد):

ياحمد خل الباب مفتوح خله
حتى المسير لاعنا مايهابه
اخاف يترك طقة الباب ذله
ويخسر مجيه وانت تخسر جنابه
جدي وجدك ماشرو باب لله
وديوانهم مايوم قد صك بابه
* شعر مساعد بن جار الغزي:
طرق (رحمه الله) جميع ابواب الشعر الشعبي المليح من المدح والفخر والحكمة والغزل والوجدان والاخوانيات والنصح والارشاد وغيرها,, ويعتبر (رحمه الله)من اصحاب القصائد الطويلة,, ويمتاز شعره (رحمه الله)بجزالة اللفظ ومتانة الاسلوب واختيار الكلمات العذبة الواضحة البعيدة كل البعد عن الغموض والتكلف,, ومن مميزات شعره (رحمه الله)تنوّعه في جميع ظروف الحياة فتجده في الحكمة والوعظ والنصح والغزل والتجارب والاخوانيات فأجاد في جميع تلك الاغراض اجادة تامة,, وبذلك استطاع (رحمه الله) بحنكته الشعرية ان يكون علماً بارزاً في هذه المجال الا ان قصيدته التي ينصح بها ابنه ( حمد ) والتي مطلعها :

ياحمد خل الباب مفتوح خله
حتى المسير لاعنا مايهابه
تعتبر الاكثر شهرة، والابعد انتشاراً ، تتحلى فيها خلاصة التجربة الصادقة، صبها (رحمه الله)في قالب ذهني جميل وقدمها بكل الحب والاخلاص لابنه (حمد) على وجه الخصوص ولجميع ابناء المجتمع على وجه العموم ، قصيدة مليئة بالمعاني النبيلة الصادقة، نظمها رجل حكيم ذاق حلاوة الدنيا ومرارتها، ضمنها بعصر الارشادات والنصائح القيمة، والتحذير من بعض السلوكيات التي حذرنا منها ديننا الحنيف,, وكان (رحمه الله)ياخذ بوشيجة من الشعر العربي الفصيح,.
وبالرغم من تلك المميزات في شعره الا انه لم تتناوله كتب ودواوين الشعر الشعبي المليح الا قليلاً ومن هؤلاء القلة القليلة الاستاذ والاديب / حمود بن محمد النافع في كتابة (شعراء من الزلفي وشاعرات فقد وقف مع هذا الشاعر بذكر قصائد جمة، اذاً شاعرنا لم يكتب عنه، ولم يقتف اثره الشعري الا قليلاً، عكس الكثير ممن هم اقل منه ابداعاً، وبعد وفاته (رحمه الله) فقد كثير من شعره، وابناؤه - حفظهم الله - بصدد جمع ما فقد من شعره، ونأمل ان نجد هذه الدرر الممتازة وهذه الكنوز الشعبية في ديوان مطبوع في القريب العاجل ان شاء الله,.
* شعر مساعد الغزي بين الفصيح والمليح:
كان رحمه الله يأخذ بوشيحة من الشعر العربي الفصيح في لغته ووزنه واغراضه، هذا الى جانب ما يتحلى به رحمه الله من جزالة اللفظ ، وبليغ العبارة، وهذه المزايا بارزة في شعره، فقادت بشعره الى اصله الفصيح وزناً ولغة وقافية,, والدليل الساطع على ذلك كله هذه الوقفات:-
* الوقفة الاولى:
يقول الشاعر العربي الفصيح / حول الصديق النادر:

ولما أتيت الناس اطلب عندهم
اخا ثقة عند ابتلاء الشدائد!
تقلبت في دهري رخاءً وشدةً
وناديت في الاحياء هل من مساعد؟
فلم ار فيما ساءني غير شامتٍ
ولم ار فيما سرني غير حاسدٍ!
حول هذا المعنى قال الشاعر مساعد الغزي:

تدور رفيق صافي الشر من بين البشر!
واشوفه صعيب اليوم تلقا نزيهين الجناب!
الا قلت هذا صاحبي وستقر به النظر!!
لقيته على الغره حثيت ويسعى للخراب!
الوقفة الثانية / يقول الشاعر العربي الفصيح
وما أكثر الاخوان حين تعدهم
ولكنهم في النائبات قليل
حول هذا المعنى البليغ يقول شاعرنا:

ارى الناس واجد بالرخاء كثر عودان الشجر
ولكن قليل اللي ضحى الضيق ياقف للركاب
الى ان قال:

الا ما اكثر الاصحاب يوم الرخا وقت اليسر
وعند الشدايد جمعهم يصبح سوات سراب
الوقفة الثالثة / يقول الشاعر العربي / عنترة بن شداد:

واغض طرفي مابدت لي جارتي
حتى يواري جارتي ماواها
ويقول الآخر:

اعمى اذا ما جارتي برزت
حتى يواري جارتي الخدر
حول هذه المعنى يقول الغزي:

والثالثة جارك تسبه فضيحة
واياك تشخيص النظر بالقصيرات
* الوقفة الرابعة :
يقول شاعر الفصيح:

كن ابن من شئت واكتسب ادبا
يغنيك محموده عن النسب
ان الفتى من يقو هاأنذا
ليس الفتى من يقول كان ابي
وحول هذه المعنى يقول الشاعر / مساعد الغزي

ولاتقول اني ابا زيد وذياب
او حاتم الطائي بك الناس يزرون
* الوقفة الخامسة :
النفس الكريمة تأبى الذل وتعاف الهوان ,, لذلك قال شاعر الفصحى:

لاتسقني ماء الحياةٍ بذلةٍ
بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
حول هذه الوقفة قال مساعد الغزي:

وأقول عيش بعز في غابة الداب
اخير من ميوات وانهار بغبون
مشبب السابر
وادي الدواسر- اللدام


مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

قصائد الشعراء مساعد الغزي و الشاعر علي القري / وفد الزلفي على عنيزة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..