الصفحات

الخميس، 15 سبتمبر 2016

وجهة نظر صحيفة واشنطن بوست: هل يجب أن نسمح لضحايا الحادي عشر من سبتمبر بمقاضاة السعودية؟

         هناك مفهوم أساسي في القانون الدولي وهو أن الدول ذات السيادة، أوالمسؤولين الحكوميين، لا يجب إخضاعهم للإجراءات الرسمية في المحاكم المدنية التابعة لدول أخرى ذات سيادة، الحصانة السيادية أمام اختبار لأنها تقدم معنى عملي أن الأفعال والأخطاء التي تقع فيها الحكومات يجب التعامل معها بصورة أكثر إنصافا من خلال المفاوضات بين الدولتين، دولة لدولة، وليس من خلال احالة المسؤولين في أحد البلدين ليقفوا أمام القضاة والمحلفين في البلد الآخر.
غير أن مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين قد صوتا بالإجماع للأسف الشديد لإضعاف هذا المبدأ في سبيل الغاية النبيلة وهي تحقيق العدالة للضحايا الأمريكيين الذي قضوا بسبب الأفعال الإرهابية التي يزعم أنها ترعاها الدولة. هذا التشريع جاء نتيجة لحملة واسعة وادعاءات لا أساس لها حتى الآن عن التواطؤ السعودي الرسمي في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م. وقد تسمح هذه الهجمات، لضحايا الأعمال الإرهابية في الولايات المتحدة برفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الفيدرالية الأمريكية ضد الدول التي تشير المزاعم إلى أنها الراعية للأعمال الإرهابية، من أجل الحصول على تعويضات نقدية، وبموجب القانون الحالي، ومثل هذه الدعاوى مسموح بها فقط ضد الحكومات التي صنفتها وزارة الخارجية الأمريكية بالفعل على أنها دول راعية للإرهاب: وهي إيران وسوريا والسودان، وربما يساعد مشروع القانون في نهاية المطاف بعض الأفراد ومحاميهم من إضافة المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط، حتى يكون هذا المتهم الثري بين قائمة المتهمين، وربما في وقت لاحق قد تجد بلدان أخرى نفسها في قفص الاتهام أيضا.
مؤيدو مشروع القانون الحالي يصفونه بأنه تعديل "طفيف" على القانون القائم، وللتأكيد، فقد تم تخفيف إصدارات سابقة لنفس مشروع القانون كانت أكثر شمولا واستجابة لتهديدات الفيتو من الرئيس أوباما وانتقادات الخبراء في مجالات القانون الدولي والأمن القومي، ومشروع القانون المعدل يسمح للسلطة التنفيذية بتجميد أي دعوى قضائية معينة لمدة 180 يوما، من خلال التصديق للمحكمة بالمشاركة في مفاوضات النوايا الحسنة دعاوى المدعين مع الدولة المدعى عليها، ويمكن تمديد التجميد لفترة أطول بناء على شهادة وزارة الخارجية الأمريكية بأن المفاوضات لا تزال جارية، وما دامت الإدارة الأمريكية مستعدة للقفز من خلال هذه الأطواق، فإنه يمكن ربما منع الدعوى القضائية غير المرغوبة إلى أجل غير مسمى، مما يجعل المرء يتساءل ما هو الغرض من القانون بعد ذلك.
ومع ذلك نلاحظ، أن هذا سيتطلب قيام السلطة التنفيذية بإجراء مفاوضات حتى تتمكن من منح التصديق، حتى لو لم تكن تعتقد أن هذه المحادثات مضمونة النتائج، ومشروع القانون يترك القرار للمحكمة في الموافقة على التجميد من عدمه، وهذه لا تزال صلاحيات واسعة وأكبر من أن تعطى لقضاة غير منتخبين وعديمي الخبرة الذين يشغلون المناصب السياسية.
وباختصار، وبقدر ما أن مشروع القانون المعدل ليس مجرد قانون رمزي، فهو أيضاً مؤذٍ، وقد وصفه السيد أوباما مرارا وتكاراً بأنه قد يشكل سابقة يمكن أن تدفع البلدان الأخرى إلى أن تتحول بسهولة ضد الولايات المتحدة، وهذا قلق في محله وغير مستغرب، وخاصة بالنسبة لبلد كالولايات المتحدة تستخدم عملاء الاستخبارات وترسل قوات العمليات الخاصة وطائرات بدون طيار إلى مختلف أنحاء العالم، وهي أفعال يمكن تفسيرها على أنها "إرهاب" ترعاه الدولة كلما سنحت الفرصة.
وحتى لو نجحت أي إدارة أمريكية في المستقبل في منع دعوى قضائية، فإن مجرد تقديم هذه الدعوى قد يثير حفيظة البلد أو البلدان المستهدفة، وقد طالب أعضاء الكونجرس مرارا وتكرارا بما يكفي من الاصوات لتجاوز تهديد أوباما باستخدام الفيتو، وقد يكونوا على حق، غير أن على المستر أوباما أن يستخدم الفيتو على أي حال، فإذا كانت هناك محاولة للاستغناء عن المبادئ الراسخة في القانون والسياسة بهذا الاستخفاف، فعلى الأقل يجب أن تتم بدون موافقته الرئيس.

السبت 16 ذو الحجة 1437
المصدر:
 هيئة التحرير -  15 سبتمبر 2016

مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..