الصفحات

الاثنين، 28 نوفمبر 2016

حرائق اسرائيل والحقيقة الأهمّ

        يتأكد لي يوما بعد يوم أن وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديدا: "تويتر" و "الفيس بوك" باتا المنبر الديموقراطي الحقيقي للشعوب، بل حتى الدول باتت تغشاه لإبداء آرائها وسياساتها عبره، بما حدث في حرائق الكيان الصهيوني الأسبوع الفارط.
فقد شهد محرك البحث الأشهر "جوجل"، ملايين عمليات البحث حول هذه الحرائق، وسبقتها هاشتاج "الكيان الصهيونى يحترق" متصدراً قائمة الأكثر تداولاً على موقع "تويتر"، الأمر الذى أدى إلى إدلاء المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أوفير جندلمان بتصريحات عبر حسابه على "تويتر": "يزعم الفلسطينيون أن هذه هي أرضهم، ولكنهم يكرهونها ويفرحون بالحرائق التي تلتهمها". بينما ردّ العديد من المغردين العرب أن تلك الحرائق انتقاماً من الله بسبب منع الأذان في مدينة القدس.
كثير من المشايخ والدعاة والناشطين الخليجيين والعرب أبدوا فرحا غامرا بهذه الحرائق، لدرجة أن أحد القراء الشهيرين من الكويت، بلغت به الحماسة أن كاد يكفّر الرئيس التركي إردوغان الذي بعث بطائرة للمساعدة في اطفاء تلك الحرائق، لتقوم حرب أخرى بين كارهي أردوغان ومحبيه من الاسلاميين، الذين ردوا عليهم بأن السيسي أعلن وقوفه مع بشار الأسد، وأرسل طيارين مصريين للمشاركة في القتال بسوريا، ولا يزالا لهذه اللحظة يتقاذفا التهم.
الكيان الصهيوني دخل في هذا السجال عبر مواقع رئيس وزرائه نتنياهو، وبقية الوزراء في الحكومة الصهيونية، بل ثمة حساب رسمي لهم "اسرائيل بالعربية" الذي ردّ ردّا مفاجئا وطريفا في آن على الشامتين العرب بقوله: "من إسرائيل لكل من يشمت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ .. الحجرات:11". ولم يتوقف ذلك الحساب عن التغريد والرد، بل كتب: "إلى كل من يبدي الشماتة بمنتهى الفظاظة: لا تستعجلوا بالفرحة، باقون رغم أنوفكم وحقدكم وصواريخكم.. إذا عبَرنا رغم فرعون وهامان وهتلر فباستطاعتنا أن نمرَ كل صعوبة ونخرج منها أقوى، ونوعدكم أننا بعد كم يوم، أن فرحتكم عديمة المعنى لأننا سنستمر في عملية البناء والترميم والتطوير والابتكار، ننصحكم الحرص على بلدانكم المنهارة والعمل على انقاذها بدلا من سب وشتم الآخرين.. ".
ما أود تسجيله هنا حيال هذه الحرائق التي طالت إخوتنا الفلسطينيين المسلمين، وأطفالا ونساء ربما كانوا غير محاربين، وبرأيي أن الفخر إنما يكون في ميادين الشرف والمعارك لا الكوارث الكونية؛ إلا أن ردة الفعل اللافتة للشعوب العربية تنسف ما قاله نتنياهو مؤخرًا بشأن "حدوث تحولات إيجابية في توجهات الرأي العام العربي تجاه اسرائيل"، إذ لا تزال أغلبية الشعوب العربية تكره هذه الدويلة الغاصبة، ولن تهدأ حتى تعود فلسطين لأصحابها، مهما تعرجت السياسة، وتبدل الأعداء.
أمر آخر، لطالما صدع رؤوسنا الكثيرون بتفوق الكيان الصهيوني العلمي والتقني والحربي وو، وهي اليوم أضعف من أن تواجه لوحدها حريقا، فقد ظهرت لنا دولة هشة عاجزة غير قادرة على احتواء هذه الحرائق، وأكثر من ذلك ظهور العنصرية والتعصب في داخلها، وتشهد صحفها معارك ضارية واتهامات شنيعة حيال الفلسطينيين الذين تمّ اتهامهم بإشعال هذه الحرائق.
بالنسبة للسجالات الحادة حيال الرئيس التركي إردوغان وما فعله. شخصيا، أذهب لفهم هذه السرعة والمبادرة لمد يد العون له، رغبة اردوغان في ارضاء الكابوي الأمريكي الأشقر، أكثر منه انسانية وأعرافا دبلوماسية، والرجل هبطت ليرته ويشعر أن المؤامرة عليه لم تنته، وبالمناسبة أبدت مصر والأردن تقديم المساعدة، وشكرهما نتنياهو في موقعه بتويتر، وكذلك فعل مع أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية.
   أيها المراهنون على أردوغان أو السيسي أو غيرهما؛ الحقيقة الأهم: ليس مثل بلادكم ووطنكم وحكامكم، فاتعظوا .

  بقلم: عبدالعزيز قاسم
     الشرق القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..