الصفحات

الجمعة، 4 نوفمبر 2016

السعودية تتجه لتقليص عجز الموازنة لكن افاق النمو تبقى غامضة

First Published: 2016-11-03
 المملكة تواجه ضغوطا مالية بسبب تراجع اسعار النفط إلا أنها نجحت حتى الآن في تفادي أزمة اقتصادية حادّة.
ميدل ايست أونلاين :   رؤية السعودية 2030 وصفة اصلاحات تخلص المملكة من ادمان النفط
الرياض - نجحت السعودية في تفادي أزمة اقتصادية نتيجة هبوط أسعار النفط هذا العام، لكن من
المرجح أن تظل التوقعات غامضة على مدى الأشهر المقبلة في ما يتعلق بالمالية العامة وآفاق النمو حسب ما يرى رجال أعمال واقتصاديون بارزون.

وبعد ستة أشهر من إطلاق "رؤية 2030" والتي شملت عددا كبيرا من الإصلاحات الهيكلية في أكبر تغيير جذري للسياسة الاقتصادية منذ عقود تمكنت السعودية من تحقيق عدد من الانتصارات.

ويبدو أن الخفض الكبير للإنفاق الحكومي هذا العام سيقلص عجز الموازنة الذي بلغ 98 مليار دولار في 2015، بصورة كبيرة عن التقديرات الأولية المعلنة من قبل الحكومة.

كما ساعد إصدار سندات سيادية بقيمة 17.5 مليار دولار في أكتوبر/تشرين الأول على فتح آفاق الاقتراض الخارجي أمام الرياض وهو ما قد يحد من عملية السحب من الاحتياطيات الأجنبية ويساعد على انحسار مخاوف خفض قيمة العملة ويمنح الحكومة المزيد من الوقت كي يتكيف الاقتصاد مع عصر النفط الرخيص في المستقبل القريب.

وتمكنت الحكومة من تحقيق هذه الانتصارات دون رد فعل سياسي كبير، فبينما يعبر المواطنون العاديون عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن استيائهم من قرارات التقشف يبدي آخرون تفهما للضرورة التي استدعت اتخاذ هذه الإجراءات فيما يثني رجال الأعمال على السلطات لتبني مثل هذه الإجراءات الحاسمة.

لكن يبقى السؤال الأهم هو هل ستتمكن الحكومة من مواصلة خفض عجز الموازنة بوتيرة سريعة دون الدفع بالاقتصاد إلى الركود؟.

ضبابية

ويقول مازن السديري رئيس الأبحاث لدى الاستثمار كابيتال "السنة المقبلة سيكون فيها قدر كبير من الضبابية، لكن من غير الواضح أنه سيكون هناك نزول كبير... ربما لن يكون هناك تحسن كبير لكن الأوضاع لن تكون أسوأ."

وأضاف "القطاع الخاص يواجه الكثير من التحديات التي قد تقف عائقا أمام النمو."

ورأى مصرفي سابق في الرياض أن الاقتصاد تجنب أزمة مالية وأخرى تتعلق بالعملة لاحت في الأفق أوائل 2016 وقال إن بيانات البنك المركزي السعودي توضح عدم وجود إشارات على هروب رؤوس الأموال من البلاد.

وتابع "لكن هذا لا يعني أنه تم القضاء على المشاكل الأساسية. العام المقبل سيكون صعبا للغاية."

من جانبه يقول الاقتصادي فضل البوعينين "أعتقد أن العام 2017 سيكون امتدادا لما قبله في ما يتعلق بخفض الإنفاق الحكومي لكن أتوقع أن يكون في نهايته بداية للانفراج."

وأشار إلى أنه "من المتوقع استمرار التباطؤ في العام القادم غير أن تحسن أسعار النفط ربما يعكس التوقعات إضافة إلى أن أي تحسن في الدخل سينعكس على الإنفاق وبالتالي سيساعد كثيرا في الانفراج."

عجز الموازنة

ويتوقع مصرفيون على تواصل مع المسؤولين الاقتصاديين في المملكة أن يأتي عجز الموازنة لعام 2016 والذي سيعلن عنه مع إعلان موازنة 2017 أواخر ديسمبر/كانون الثاني، أقل كثيرا من التقديرات الأولية البالغة 86.95 مليار دولار.

ويقول مازن السديري إن الاستثمار كابيتال تتوقع أن يبلغ العجز هذا العام 190 مليار ريال (50.68 مليار دولار) فيما توقع بنك الاستثمار الرائد جدوى للاستثمار أن يبلغ العجز 265 مليار ريال (70.68 مليار دولار).

ومن شأن ذلك أن يتيح الفرصة للرياض أن تعلن تحقيق تقدم كبير في جهودها الهادفة للقضاء على عجز الموازنة بحلول عام 2020.

لكن جزء كبيرا من هذا التقدم لا يعود لخفض الإنفاق بصورة مستدامة بقدر ما يعود إلى تأخر سداد المستحقات التي تدين بها الحكومة لشركات في قطاع المقاولات وقطاع الرعاية الصحية ولبعض شركات الاستشارات التي ساعدت في رسم ملامح الإصلاحات الاقتصادية.

وبحسب تقديرات الاستثمار كابيتال تبلغ المستحقات المتأخرة لشركات المقاولات وحدها نحو 80 مليار ريال (21.3 مليار دولار).

وربما يقلل هذا من مصروفات الحكومة في الوقت الراهن، لكنه يحيلها إلى التزامات مستقبلية. كما يفاقم ذلك من تأثير خفض الإنفاق الحكومي على الاقتصاد إذ ساهم في حدوث مشاكل مالية كبيرة لعدد من شركات المقاولات.

وبحسب الأهلي كابيتال انكمش القطاع غير النفطي على أساس سنوي خلال ربعين من الأرباع الثلاثة حتى يونيو/حزيران، بينما انكمشت أرباح الشركات السعودية المدرجة 2 بالمئة في الربع الثالث من 2016.

وربما يعقب ذلك أداء أسوأ، فبعدما خفضت الحكومة في سبتمبر/ايلول علاوات وبدلات القطاع العام الذي يعمل فيه نحو ثلثي العاملين السعوديين، يقدر محللون أن يؤدي ذلك لخفض الدخل القابل للإنفاق بنحو 20 بالمئة.

وأحال البنك المركزي قدرا من هذا الألم للبنوك بعدما أمرها بإعادة جدولة القروض الاستهلاكية والعقارية.

يقول أحد كبار مديري الصناديق في الرياض "خفض رواتب العاملين بالقطاع العام كان صدمة سينعكس أثرها على الاقتصاد في الأشهر القليلة المقبلة... بالنسبة لقطاع الشركات سيكون الربع الأول من العام المقبل هو الأسوأ."

وأضاف أنه من المتوقع بدء تعافي الاقتصاد في النصف الثاني من 2017، لكن ثمة عدة عوامل تشير إلى أن التعافي ربما سيكون بطيئا وغير مؤكد.

ويقول مسؤول رفيع بإحدى الشركات الكبرى في الرياض إنه ربما يغادر المملكة خلال العامين المقبلين بين مليون ومليوني وافد من نحو عشرة ملايين وافد يعملون في السعودية، إذ سيدفع التباطؤ الاقتصادي الشركات إلى الاستغناء عن قدر كبير من العاملين علاوة على سعي الحكومة لتوفير قدر كبير من الوظائف التي يشغلها الأجانب في القطاع الخاص للمواطنين السعوديين ضمن خطة توطين الوظائف.

وبينما سيؤدي ذلك إلى تراجع تحويلات الأجانب وهو ما سيعزز أداء ميزان المدفوعات السعودي فإنه من الناحية الأخرى سيمثل عبئا ثقيلا على النمو.

ويقدر محلل اقتصادي سعودي أن يرتفع معدل البطالة السعودي إلى 13 بالمئة في العام المقبل من 11.6 بالمئة حاليا.

ومن شأن التطبيق المزمع لضريبة القيمة المضافة في دول الخليج عند 5 بالمئة في عام 2018 أن يعزز المالية العامة لكنه سيلقي بظلاله على الاستهلاك.

ويقول فضل البوعينين "بالرغم من إقرار ضريبة القيمة المضافة التي تؤثر سلبا في حجم الطلب فإن نسبة الضريبة المحددة عند خمسة بالمئة قد تحد من تأثيرها على الطلب خاصة وأن القطاعات التجارية ربما عمدت لتقليص هوامش ربحيتها لتقليل انعكاس الضريبة على الأسعار وبالتالي حجم المبيعات."

وأضاف "أعتقد أن ما سيؤثر في الطلب وبالتالي سيؤثر على قطاعات الأعمال هو خروج عدد كبير من العمالة التي تغذي الطلب المحلي بشكل واضح."
كيف سيتم تنفيذ الاصلاحات؟

ويبقى سؤال مهم لم تتضح إجابته بعد وهو كيف ستتجه السلطات لتنفيذ قدر كبير من الإصلاحات لدعم القطاع الخاص الذي لا يعتمد على إيرادات النفط في الوقت الذي تحد فيه إجراءات التقشف من الطلب؟.

وعلى سبيل المثال تسعى الحكومة لدعم قطاع الإسكان وتمنحه أولوية كبرى لكن جميل غزنوي رئيس مكتب السعودية لشركة الاستشارات العقارية العالمية 'جونز لانج لاسال' في السعودية قال في مقابلة، إن قرارات التقشف الحكومية قد تفرض ضغوطا على قدرة المواطنين على شراء المساكن.

وأضاف غزنوي أن شركات التطوير العقاري الصغيرة والمتوسطة الحجم التي وفرت نحو 85 بالمئة من المعروض في السوق شهدت تباطؤا في نشاطها على مدى العام ونصف العام الماضيين مع تراجع القوة الشرائية لدى المواطنين وصعوبة حصول شركات البناء على التمويل.

المصدر

مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..