الصفحات

الخميس، 25 يناير 2018

التسول عالم سفلي مثير

      لعل موضوع التسول تم طرقه مرارا وتكرارا وأصبح إسطوانة مشروخة كما يقال ولكني في هذا المقال أود تسليط الضوء من زوايا أخرى تمس الوطن والمواطن. ولعله من نافلة القول التشديد على حث الشريعة للناس للكسب الشريف وأن يكونوا يدا عليا لا سفلى. فإذا أخذنا بعين الإعتبار الحكم الشرعي للتسول فهو منبوذ ومستهجن ومحرم إلا في ثلاثة مواقع. فقد روي عن قبيصة بن مخارق الهلالي أنه قال: تحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أسأله فقال : أقم حتى تأتينا الصدقة فآمر لك بها ثم قال: "يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال: سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال : سدادا من عيش ، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتا ". وقد حثنا ديننا الحنيف على السعي في مناكب الأرض وعدم مد اليد حيث يقول نبينا الكريم " لا يزال العبد يسأل حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم ". كما حثنا على الإحتطاب المستدام وعمارة الأرض وبناء الإنسان.

وإذا إلتفتنا إلى أصقاع الأرض، نرى أن الدول تئن من المتسولين والذين لم يشوهوا النسيج الإجتماعي وسمعة البلدان فحسب، وإنما تعدى أثرهم وتخطى أذاهم لتكبيد قوات الأمن والشرطة تكاليف لا طائل لهم بها. كما توجد في بعض البلدان مدن كاملة خاصة بالمتسولين! فأي بؤس هذا وكيف سيتربى أبناء المتسولين وسط هذه الثقافة البائسة والكسيفة؟

فبنظرة سريعة على ما يقترفه المتسولون وما ينتهجوه من حيل ومخادعة، نرى كمية الإستنزاف التي يعاني منها المجتمع. ومن خلال عملية حسابية بسيطة نرى المبالغ الكبيرة المهدرة والتي في حالة توجيهها لمناشط ذات قيمة مضافة لأينعت مشاريعا ولأزهرت أوقافا مستدامة يستفيد منها جميع أطياف المجتمع.

أيها القراء الأعزاء: ميزانيات التسول مهولة ومقلقة ويتم إستخدامها شوكة في خاصرة الوطن! ولعلي لا أفشي سرا لو أكدت أن وراء الأكمة ما وراؤها وأن جيوش المتسولين عبارة عن شبكات منظمة تخدم مصالح مختلفة فهذا الأمر لا يختلف عليه إثنان ولا يتناطح عليه عنزان!
ألم تلاحظوا كيف يتم ( نشر ) جحافل المتسولين عند الإشارات الضوئية وفِي مراكز التسوق والمساجد وغيرها من المواقع المتميزة ، وكيف يتم توزيع ( الورديات ) بينهم، وكيف يتم إعادة تجميعهم في أوقات معينة وبنظام دقيق للغاية. ولا نستبعد أن يتم دفع ( خلو قدم ) فيما بينهم للمواقع المهمة ذات التحصيل الوفير! وقد تجرأت قبل سنوات لمتابعة الأمر فهالني ما رأيت من تعتيم وتمويه ومراوغة! ولعلي أطلب منكم أيها القرّاء الأعزاء أن تسألوا عن أثبات الشخصية للمتسول وستروا بأعينكم الجواب!

ومن الأمور التي أواجهها دوما مع أبنائي هي كيفية إقناعهم بأن المتسولين في الغالب لا يستحقون وبنفس الوقت أود غرس حب العطاء فيهم فأنا دوما في تحد مستمر بشأن ( ضبط الوزنية الخيرية )! ربما يكون الحل بسيط وبنظام ( لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم ). فتعويد الأبناء على العطاء من خلال القنوات الرسمية والجمعيات المعترف بها وإقحامهم في مناشط التطوع المختلفة، ربما يساهم في وزن هذه الأمور وبطريقة عملية. فنحن لا نود ( تكسير المجاديف ) لدى المتبرعين ولكن بنفس الوقت وكما قال عمر الفاروق ( لست بالخب، ولا الخب يخدعني )!

أتمنى على الجهات المعنية مواصلة الجهد المشكور لإستئصال هذه الآفة المشينة والتي تسيء لنا كبلد وتمس سمعتنا كمجتمع حيث أنها نبتة طفيلية تتغذى على حساب شجرة الوطن الوارفة والتي يتفئ بظلالها جميع الشرفاء وكافة الطيبين أمثالكم،،،

بقلم/ أحمد بن صالح الرماح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..