الصفحات

الخميس، 11 يناير 2018

الأول من يناير

        بدأ اليوم الأول من يناير في المملكة بداية مختلفة عن كل شهر منذ زمن بعيد، بدأ بأشياء لم تكن معروفة ولا مألوفة للمجتمع السعودي ومن يعيش معه من العاملين في كل المجالات: بدأ بالقيمة المضافة أو
ضريبة البيع، وبدأ بارتفاع الوقود وبسعر يصل أو يقارب قيمته في العالم الذي يستورد الوقود ولا يصدره، وثالث ما بدأ به تحرير سعر الكهرباء والماء.

وكل واحدة من هذه الثلاث التي بدأ بها شهر يناير هذا العام 2018 نحتاج أن نقف عندها قليلا للنظر فيما يمكن أن يقال عنها في الشارع ومع الناس. ذلك أن هذه الثلاث مجتمعة هي قوام الحياة كلها ولا يمكن لأحد ألا يشعر بوقعها، فهي وقود الحياة وبشحها أو صعوبة الحصول عليها لا تستقيم الأمور كما يجب.

أولا من المعروف أن الناس أعداء ما جهلوا، والمجتمع السعودي لم يعرف القيمة المضافة ولم يسمع بها إلا منذ عدة أشهر، والجديد على الناس ولا سيما ما يمس جيوبهم ويؤثر في حياتهم سيكون موضع جدل طويل واختلاف أطول، وتفسيرات كثيرة بعضها له نصيب من الوجاهة والتفهم، وبعضها موقف دفاعي بحت تمليه المصلحة الشخصية أو حماية النفس والمال من النقص، وإن كان مشروعا.

أضف إلى ذلك أن الموقف من الجديد هو الآخر مظان اختلاف وجدل ووجل، ولا بد أن يكون الحديث عنه ذا شجون، ولا سيما أنه يمس الناس جميعهم واهتمامهم به بقدر تأثرهم، فلو نظرنا إلى القيمة المضافة التي تعج المجالس بالحديث عنها ويطول الجدل حولها وحول آلية تطبيقها وتكثر الاقتراحات التي يرى الناس أنه من الواجب أن يبدأ بها، ومنها تحديد الأسعار وتثبيت قيمتها قبل التطبيق الفعلي للضريبة، حيث لوحظ أن الأسعار قد ارتفعت بنسب أكثر مما كان معروفا قبل الإعلان، وقد عرض في وسائل الاتصال فواتير لوحظ عليها ارتفاع السعر عما اعتاد الناس عليه من قبل الضريبة، وأن بعض المحلات التي تعلن تبرعها بأن تكتفي بالسعر السابق دون الضريبة تقول ذلك تسويقا ذكيا واستغفالا واستغلالا لفرصة سانحة لم تعد العدة لاحتراز الخطأ في تطبيقها، إذ إن هذه المحلات قد رفعت الأسعار بما يغطي الضريبة وزيادة عليها، هذا الكلام قد لا يكون صادقا كله ولا ينطبق على كل المحلات وأصحابها.

ولكن عدم الوضوح يجعل كل شيء ممكنا والشائعات تتحول إلى حقائق في أجواء تغيب فيها الشفافية والتوضيح اللازم للمجتمع الذي لم يعرف من قبل مثل هذه الضرائب، وقد كان من الواجب ومن الحزم في الأمر أن يحتاط المسؤولون عند تطبيق هذه الضريبة أشد الاحتياط لما يمكن أن يثير الناس من تساؤلات تطرح نفسها بقوة على مجتمع عاش في عناية الدولة، ولم يعرف شيئا اسمه الأخذ منه، بل كانت الرعاية هي العادة التي تعود عليها وليس من المناسب مفاجأته بما لم يعرف دون توعية كاملة وتهيئة مناسبة تجعله يستقبل التغيير ويدرك دواعيه وأسبابه وما يعنيه للمستقبل.

وجاء ارتفاع الوقود بأكثر من الضعف دفعة واحدة وبدون تدرج ولا تناسب في الارتفاع مع أن وسائل المواصلات العامة معدومة وغير ممكن الاستغناء عن استعمال النقل الشخصي، والقفزة كبيرة في السعر، ويأتي الماء والكهرباء ثالث الأثافي.

إلا أن ما يشكر للدولة أنها لم ترفع رعايتها عن المواطنين ولم تتخل عنهم، فما كادت تلك الزيادات تلامس التنفيذ حتى أصدر الملك حفظه الله أمرا بمساعدة مالية لكل موظفي القطاع العام، تخفف عن الناس ما قد يواجهون من مصاعب لمدة عام كامل، حتى يتكيف الناس مع هذه الزيادات والضرائب الطارئة.

نقول: رب ضارة نافعة، والنفع في هذه الحالة، إن كان ثمة نفع، فهو الإنذار المبكر لما سيأتي من التقشف وشد الحزام والاستعداد لما هو قادم، وأن يعرف الإنسان قيمة المال وعدم هدره أو تبذيره في غير ما ضرورة، وضبط المصاريف والتقليل من الكماليات وما لا تدعو الحاجة لاقتنائه. أما الضار منها فالتسرع قبل وضع الدراسات وجمع المعلومات التي تحدد أثرها على الناس وعلى دورة الاقتصاد بشكل عام.
الثلاثاء 22 ربيع الثاني 1439 - 09 يناير 2018
مرزوق بن تنباك

المصدر
-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..