الصفحات

الاثنين، 16 يوليو 2018

سيغادرونك!!

         -كلما زرت منزل والدي والتقيت أخي الأصغر، الذي يدرس في المرحلة الثانوية، قلت له سيأتي اليوم الذي تتوقف فيه علاقتك بأصدقائك الذين تقضي معهم أطوال الليل ، وأطراف النهار ،ربما لن تعرف
تخصصاتهم التي يدرسونها في الجامعة غدًا بعد أن كنت تعرف اسم كل وجبة كانوا يتناولونها اليوم..
ستبعدكم اهتماماتكم المستقبلية عن بعض ، ستزيد الفروقات الثقافية والفكرية بينكم ، حتى يصعب تواصلكم..مصيرك يا أخي مصعب العودة إلى أحضان أمك وأبيك..فكن بجوارهما الآن قبل الغد..
كنت أتلو عليه هذه النصيحة مستندًا إلى تجربتي الشخصية...
إذ كلما تقدمتُ في العمر أصبحت أكثر رغبة في البقاء بجوار والدي وأسرتي..
أتعذب من كثرة الندم عندما أتذكر غيابي عنهم لسنوات بسبب أصدقاء لم يعد لهم ذكر أو قيمة في حياتي اليوم. حينما ألتقي الأصدقاء القدامى بالصدفة أستعيد معهم الذكريات اللطيفة التي جمعتنا،لكن سرعان ما نودع بعضا بعد أن نأخذ أرقام بعضنا للمرة الألف دون أن نتصل على بعض..
اكتشفت فقط أخيرًا أن ما أعانيه وأنقله مرارا بألم إلى شقيقي، هو نظرية علمية مهمة في علم النفس تدعى:
Socioemotional selectivity theory
وهي نظرية تسلط الضوء على الانتقائية العاطفية الاجتماعية..إذ تناقش هذه النظرية انحيازنا كلما تقدمنا في العمر إلى عواطفنا، تتراجع علاقاتنا مع الأصدقاء وترتفع مع الوالدين والإخوة.
يصبح الكثير من الصداقات في عداد الماضي  ، نعود تلقائيًا إلى جذورنا،إلى أمهاتنا وآبائنا، يصبح الشاي الذي نشربه بمعيتهما أشهى مشروب ، ويضحى لقاؤهما هو المنى... عندما نكبر نتمنى أن نعود أطفالا لنلهو في أحضانهما الدافئة..
وتشير النظرية إلى أننا كلما كبرنا زهد معظمنا في اللقاءات العامة..صرنا نفضل اللقاءات الخاصة الحميمية التي يتوافر فيها أقرب الأقربين لنا على كل شيء،إذ يصبح الجلوس معهم الجنة التي نترقبها وتهفو قلوبنا نحوها ، شعور يناقض الشعور الذي يعترينا في سنوات يفوعتنا ومراهقتنا التي تساورنا فيها مشاعر متذبذبة تجاه أسرتنا، وساخنة ومثيرة تجاه أصدقائنا وزملائنا...
يا أصدقائي، لمَ ننتظر حتى نهرم لنعود إلى آبائنا؟ لنعود إليهم اليوم..قبل أن يرحلوا ويقتلنا الندم..
👍🏾عبدالله المغلوث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..