الصفحات

الثلاثاء، 28 مايو 2019

*رئيس الشيشان قادريوف وكلمة حق

  *1)*كنتُ أطالعُ بكثيرٍ من الدهشة والسرور الجمعَ الكبير الذي لبّى دعوة أمين عام رابطة العالم الإسلامي، وقد توافدوا من جميع أقطار العالم، لحضور أعمال المؤتمر العالمي "قيم الوسطية والاعتدال" واللقاء التاريخي لإعلان وثيقة مكة المكرمة، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يحفظه الله.

*2)* حشدٌ هائلٌ ملأ القاعة الكبيرة برمتها، وقد أربى على ال1200 عالم وداعية، ممثلين مفتيات دول العالم الإسلامي، والتجمعات الإسلامية الكبرى في كل دول العالم. وهتفتُ بالتحية للجنود المجهولين في رابطة العالم الإسلامي الذين عملوا ليل نهار كي يصل هذا الجمع الكبير بهذه الأيام الفضيلة لمكة المكرمة، بوقت وجيز في أصعب زمن.

*3)* مليكنا الكبير سلمان أعلنها في خطابه لهؤلاء العلماء صريحة، وقال في كلمته التي ألقاها الأمير خالد الفيصل: من مهوى أفئدة المسلمين نجدّد الدعوة إلى إيقاف خطاب العنصرية والكراهية أيّاً كان مصدره وذريعته، كما ندعو إلى الإصغاء لصوت الحكمة والعقل، وتقبّل مفاهيم التسامح والاعتدال، مع تعزيز ثقافة التوافق والتصالح، والعمل على المشتركات الإسلامية والإنسانية..

*4)* مليك الحزم قال في كلمته الضافية، وبعد شكر رابطة العالم الإسلامي على اختيارها لموضوع الوسطية: الدينُ شرعٌ مطهرٌ وليس رأياً يُرتجل، وأن كل رأي ليس معصوماً في المطلق مع تقديرنا للاجتهادات المسندة بالأدلة القاطعة لعلماء الأمة ومفكريها التي أثرت العلوم الإسلامية والإنسانية..

*5)* كان لمفتي عام المملكة كلمة، ألقاها بالنيابة عنه بلغة رصينة معالي د. عبدالرحمن الزيد، وتحدث كذلك مفتي مصر د. شوقي علام، وكذلك مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان، وكذلك أمين عام المؤتمر الإسلامي يوسف العثيمين، بيد أنه استفلتني العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بقوله: الوسطية هي ناموس الاكوان وقانون الأحكام وهي ميزان الشريعة الذي لا افراط فيه ولا تفريط.

*6)* د. محمد العيسى بخطابيته، وقد أنصتت القاعة لدى إلقاء كلمته، وهو الذي أوتي متانة السبك وجزالة الكلم، قال: الفكر الإرهابي لم يقم على قوة عسكرية، بل على أيدلوجية متطرفة استغلت المشاعرَ الدينيةَ غيرَ المحصنة فكان من أثر شرورها ومجازفاتها ما أصبح محل اهتمام العالم بأسره، وما نتج عنه في تصور البعض من إساءة خاطئة للإسلام والمسلمين.

*7)* يستلفتني في أطروحات د. العيسى توازنه في النقد، فعندما يعترف بأخطائنا وينقدها بقوة ويجلّيها؛ تراه يؤكد أيضا على ما اقترفه الآخر تجاهنا، فقال: كيف نشأ هذا الفكرُ ولماذا تمدَّدَ وانتشرَ وما سببُ تحميلِ الإسلامِ ضلالَهُ؟ على حين لم تُحَمَّلْ دياناتُ أخرى تبعةَ الممارسات المتطرفة والإرهابية لبعض المحسوبين عليها؟!

*8)* د. العيسى قال في كلمته أمام جمع المؤتمرين اليوم، وهم صفوة العالم الإسلامي: كل نصٍّ شرعي يمرّ بمرحلة الفهم عنه، ثم الاستنباطِ منه، ثم التنزيلِ عليه، فإذا شاب أياً منها خطأٌ؛ نشأ عنه خلل بحجم جسامة الخطأ. ونوّه إلى أهمية ان يوضح الفرق بين الدين والتدين وبين العالم وحامل العلم، وفك الارتباط بين الاحتياط والتشدد.

*9)* أما الكلمة المدوّية التي جعلت القاعة تصفق له، فكانت لرئيس الشيشان رمضان قادريوف الذي قال: على كل من يهاجم السعودية أن يعرف أنها لن تكون وحيدة أبدا، بل معها مليارات المسلمين الصادقين ونحن في مقدمتهم. ورفض قادريوف بشدة كل الاتهامات الموجهة إلى الإسلام بالإرهاب، ورفض كذلك الاتهامات الموجهة إلى الأديان الأخرى بالإرهاب.

*10)* وقال الرئيس الشيشاني بأن السعودية اليوم تعمل على توحيد المسلمين، ولمِّ شملهم، كما ترفع راية محاربة التطرف والإرهاب، وأنها كانت وما تزال وستبقى حاضنة المسلمين وقبلتهم، ولذا فإنني من هنا أدعو المسلمين في العالم إلى الوقوف صفا واحداً مع السعودية، وإلى نبذ الخصومات والنزاعات وأسباب التفرق والتباغض.

*11)* كنتُ أردّدُ بنفسي، وأنا أستمع لقاديروف، والقاعة تصفق لكلماته الصريحة؛ أن الرجل عبّر عن المسلمين في كل أنحاء العالم، ونظرتهم لبلادي وقادتي، وأن هذه المكانة التي هي في قلب ووجدان المسلمين في العالم؛ لم تأت من تصريحات جوفاء سياسية، تستغل الأوضاع والأزمات، وتحلم بقيادة العالم الإسلامي.

*12)* وأن هذه المكانة لبلادي وملوكنا العظام من آل سعود؛ أتت لمواقفهم الحقيقية الواضحة، التي جعلتنا ننفق المليارات تلو المليارات، ونساند في المجامع الدولية حقوقهم، وليس بما يفعل البعض انتهازية جوفاء، وأطماع خلافة قديمة، يتمنّون بها زعامة العالم الإسلامي، ولم يفعلوا سوى الجعجعات الإعلامية في الأزمات، وإطلاق التصريحات النارية المدغدغة لمشاعر الدهماء دون فعل حقيقي.

*13)* ولا لذلك الصفوي الذي انتهز حالة فوضى الربيع العربي، وامتطى ظهور الأحزاب المتأسلمة الغبية التي تحالفت معه سرّا؛ ليمزقوا الأمة الإسلامية، وليحي أولئكم المأفونون أحلامهم الطائفية، ونزعاتهم المتطلعة لقيادة العالم الإسلامي، ولولا تصدي أميرنا الشاب الداهية محمد بن سلمان؛ الذي ردّ كيدهم اليوم، وباتوا مجحورين، ومذعورين من تحالف العالم ضدهم.

*14)* سُررتُ لكلمة رئيس الشيشان بحق مليكنا سلمان وعضيده محمد، ومكانة بلادي السعودية في قلوب المسلمين، لتصل الرسالة لتلك الدويلة وقناتها الأجيرة التي يعمل فيها الحاقدون والكائدون لبلادي، بأنكم مهما شوّهتم وغالطتم وألّبتم؛ فالوعي أكبر من تفاهاتكم، ومكانتنا التي اكتسبناها عبر مواقف مشرفة؛ لن يمحوها مرتزقة وأجراء وبائعو ذمم.

*15)* شكرا بالفعل لرابطة العالم الإسلامي على هذا المؤتمر الكبير، الذي استطاعت فيه تحشيد علماء ومفتي العالم الإسلامي لدعم كل خطوات الوسطية التي نخطوها، والتعريف بالجهود الهائلة والكبيرة التي تتخذها بلادنا لمحاربة الارهاب، وغرس قيم الاعتدال وبثه في العالم كله، والتعريف بإسلامنا المنفتح الوسطي.

*16-16)* تحية خاصة مرة أخرى للجنود المجهولين في رابطة العالم الإسلامي الذين كانوا خلف الانجاز الكبير الذي رأيناه اليوم، وجمع هاته الأسماء الكبيرة اللامعة التي لبّت الدعوة، مهنئا العلاقات العامة بالرابطة التي أذهلتنا؛ وهي تدير هذا الجمع الكبير الهائل، باقتدار وروحٍ مُحبّة، وحفاوةٍ غامرةٍ بالضيوف.


غرد بها: عبدالعزيز قاسم
             اعلامي وكاتب سعودي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..