الصفحات

الأحد، 30 يونيو 2019

الخصوصية السعودية والانتماء الوطني معضدات ومعكرات

- الخصوصية التي يشعر المواطن السعودي بتميزه بها عن سائر بلاد الدنيا كانت وما تزال رافداً عظيماً من
الروافد المتدفقة لمشاعره الوطنية التي لا يُشابهه فيها آي شعب من الشعوب العربية أو الإسلامية

2-ذلك أن الوطنية التي تربينا عليها ليست أيديولوجيةً تشابه تلك التي أوجدها الاستعمار الفكري والعسكري في البلاد الإسلامية الأخرى ، بل وطنية مبناها على عاطفة المحبة الطبيعية للإرض ومشاعر الامتنان للدولة التي جمع الله الناس بها بين إطرافها .

3- والفرق بين هذين النوعين مما يُسمى اليوم بالوطنية :أن الآيديولوجيا إنما هي فكرة حاول الفلاسفة باختراعها أن يجمعوا من خلالها الشعوب المتناحرة بسبب اختلافها في الأعراق والأديان واللغات والولاءات تحت مظلة واحدة تشغلهم عن كل ما يتفرقون فيه

4-وهي مظلة الانتماء للأرض والذي يَرَوْن أن تنمية قوته في التأثير على الشعوب سوف يقضي على كل ما يتنازعون فيه من أجل ما يُسمونها وحدة التراب . وإضافةً إلى كون مشروع الأيديولوجيا الوطنية فشل في تحقيق ما يصبوا إليه مُنَظِّروها

5- فأن الأفكار الفلسفية قابلة للتغير بشكل طبعي ، فقد ينتقل الفرد من اعتناق الوطنية كفكرة يعيش من أجلها ويفسر بها علاقاته بالكون والحياة إلى فكرة أخرى مناقضة لها بالكلية كالشعبوية والقومية والأممية والشيوعية

6-وبذلك تصبح مكانة الانتماء للوطن خاضعة لطرائق التفكير ، وما يؤثر عليها من تغير اقتصادي أو مجتمعي أو سياسي أو ديني ، وعاطفة المحبة في هذا النوع من الوطنية ليست أصيلة ، بل هي شعور ظاهري سهل الانزياح ، لكونه مرتبطاً بحسابات المصالح الخاصة أو العامة

7- وليس مرتبطاً بشكل أصيل بالأرض أوالدولة ، لذلك نجده أيضاً قابل للتقلص وفق المتغيرات السياسية والعسكرية ، فالوطنية البروسية تبدلت مع المتغيرات لتصبح وطنية ألمانية ونمساوية وبولندية .

8- أما النوع الآخر من الوطنية؛فلا يُمكنني القول بأنه مبني على الحب لأن الحب هو أساسه وبناؤه؛وليس وجوده وعدمه مرتبطاً بالمصالح؛بل على العكس فهو مُخضِعٌ للمصالح ومروِّضٌ لها ، فحينما تقول الآيديولوجيا: حيثما تكون المصلحة يكون الوطن ، فإن المحبة تقول : حيثما يكون الوطن تكون المصلحة

9- أي أن التزامه محبة وطنه كفيل بتحقيق المصلحة له. هذا الشعور هو ما يجب على الآلة الإعلامية فهمه جيداً والاشتغال بعمل كل ما يُسْهِم في المحافظة عليه وتنميته وقطع كل ما يؤدي إلى تغيره أو حتى خدشه

10- وكما قلتُ آنفاً هو مشاعر الحب للأرض التي السواد الأعظم من أهلها اليوم هم نسل تلك الأجيال الذين رغم شدة قسوة طبيعتها عليهم ظلوا صابرين عليها متعلقين بفقرهم وعوزهم وضعف حالهم على ترابها في غابر الأزمان .

11- تلك العاطفة التي يُمَازجها شعور الامتنان للدولة التي جمعت بين أطراف الأرض من البحر إلى البحر ، وأعلنت من أول نشأتها التزامها بعقيدة الإسلام الصافية الوضاءة كما جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم ، لا كما عبثت بها أهواء المبطلين والمنتحلين

12- ووقوفها ناشرةً لها حاملةً لواءها مدافعة عنها في زمن أصبح الدفاع عن عقيدة الإسلام مغرماً لا مغنماً ، لكنها آثرت مغرم الدنيا المزعوم ليزيدها الله بنصر دينه عزا وقوة ومنعة.

13- شعور المواطن بقيام دولته بهذا العبء في زمن التكالب على عقيدة المسلمين من عدوهم ومن شذاذ أبنائهم يملؤه فخراً ويرسخ هذه المحبة لدولته والتعلق بها. وعلى عكس ذلك حينما يفشل الإعلام مثلاً في إيصال هذه الرسالة ويتلقى المواطن بفهم خاطئ أو بفهم صحيح رسالة مغايرة

14-وهي أن الدولة ترعى النموذج التغريبي للمجتمع ، وهو نموذج رآى الجميع بأم العين كيف صنع في أكثر بلاد العالم الإسلامي من تضييع مجتمعاتها وإغراقها في ثالوث الجهل والخرافة والفقر ، ولم يقدم لها أي خدمة في جانب الأخلاق والآداب أو الثقافة والعلم أو النمو الاقتصادي والرفاة المعيشي

15- بل على العكس من ذلك ، فقد كان المشروع التغريبي الذي ساد بلاد المسلمين أكبر المساهمين في كل ما تعاني منه الدول الإسلامية من تخلف في جميع المناحي وفي شتى المستويات.

16- بل إن المرأة التي كانت أكبر شعار رَفَعَه دعاة التغريب في المجتمعات الإسلامية منذ أوائل القرن العشرين لقيت مع المشروع التغريبي أكبر سحق لحقوقها الطبيعية في كل الدول الإسلامية المحيطة بِنَا والنائية عنا،

17-وعلى العكس من ذلك في بلادنا التي تخضع فيه المرأة لأحكام الدين التي يراها التغريبيون جائرة نجد الأمية بين النساء تقترب من الصفر ، والعنوسة بالرغم من كونها تمثل للمرأة مشكلة في بلادنا إلا أنها من الدول الأقل في العالم، والفقر بينهن هو الأقل

18-أما البطالة فوفق المفهوم الشرعي ينبغي أن تكون منعدمة؛بل مستحيلة؛لأن المرأة عاملة بطبعها ، وليس من المستحسن إفراغها مكان عملها الأصل لتحل فيه غيرها. فلا يوجد في بلادنا بطالة للمرأة لأن التي تعمل لا تفعل ذلك كي ترفع البطالة عن نفسها بل لأنها تريد أو تحتاج عملا مضافا لعملها الأصل

19- لذلك فإن المواطن يحب دائما بل هو شغوف بأن يكون على صلة دائمة بأنظمة بلاده المؤكِّدة على خصوصية المواطن والوطن وعلى الضوابط الشرعية العامة والخاصة،التي يفهمها أهل هذه البلاد على أنها ولله الحمد لا تحول دون إسعاد الناس ورفاههم إلا في نظر من لا يحملون وداً حقيقياً لهذه الضوابط.

20-لذلك فالمواطن وهو الغيور على بلاده يتحاشى أن يشعر بأي ااتجاه تغيير لبنيته الأخلاقية والقيمية من خلال مجموعة من المؤثرات كالإعلام أو بعض التصريحات ، أو بعض التفسيرات غير التقليدية لبعض الأنظمة التي تمس الشخصية السعودية .

٢١-إن أقل ما يشعر به المواطن تجاه أي إحساس بتغيير قيمه العامة هو الألم والخوف وسوء الظن بالمستقبل ، وهي مشاعر ولا شك من الضروري اتخاذ التدابير لكي لا تقع لدى المواطن .

22-من الغمط للمواطنين في كل دول العالم الظن بأنهم يغضبون ويألمون فقط حينما يُنْتَقص من مداخيلهم المادية ، بل العكس فحينما يتم تفسير المستجدات الاقتصادية لهم تفسيراً صحيحاً يقفون بحزم مع وطنهم أضرب مثلاً باليونانيين الذين مرت بلادهم بأزمة إفلاس وحينما شرحت لهم بصدق وقفوا مع دولتهم

23-لكنهم يألمون أكثر حينما يحسون أن هناك من يعاندهم ، ويدفع باتجاه تغيير أخلاقهم وثقافتهم ورؤيتهم للكون والحياة وطريقتهم في التعامل مع ما حولهم ومن حولهم. ومثال ذلك الشعوب الأوربية التي تعاني من[الإسلام فوبيا]بسبب ما زرع في نفوسهم من كون المسلمين يسعون لتغيير نمط حياتهم ورؤيتهم

24-وكذلك الأمر لدى المجتمع السعودي فخصوصيتة التي لا يجهلها أحد في الداخل والخارج حتى الذين يستنكرون زعماً عدم وجود خصوصية له هذه الخصوصية تعدل عند جماهير المواطنين كل نفيس ،ويسعوا أن يبقوا مع جميع أجهزة الدولة يداً واحدة في سبيل مواجهة جميع أصناف الحرب عليها

د.محمد السعيدي
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..