الصفحات

الأحد، 12 يناير 2020

حماس والقوة والصمود والعطاء

  بعد خطبة الشيخ إسماعيل هنية في تأبين المجرم قاسم سليماني وكلماته الخارجة عن الحد اللائق  والمقبول و
وصفه المجرم بالأخ الشهيد وشهيدالقدس ثلاثا وسفره مع وفد مرافق من الحركة  إلى إيران لتعزية الكاهن الكبير ؛ لم يعد هناك مجال للحديث عن الضرورة إلا لمكابر؛ وأصبح ظاهراً أن علاقة حماس بدولة الكهنوت استراتيجية.
وهذه الحقيقة لم تكن غائبة عني ، ولا عن المتابعين غير المتحزبين ، فحماس تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين وهي جماعة تربطها بالحركات السياسية الشيعية روابط قديمة تعود إلى عهدالمؤسس حسن البنا ، كما أن الحركة تربطها بإيران علاقات أيضا تعود إلى عهد مؤسسها الشيخ أحمد ياسين ، رحم الله الجميع ؛ لكن أكثر المنجذبين إلى الحركة بسبب دعايات المقاومة لا زالوا  يبررون للعلاقات الإيرانية الحمساوية بالحاجة والضرورة رغم أن موقف الحركة بعد هلاك المجرم سليماني تجاوز بمراحل مقتضيات الضرورة ، ورغم أن عدداً من خطب ولقاءات قيادات الحركة تؤكد على استراتيجية العلاقة إلا أن البعض كان يذهب في تفسير ذلك إلى كونه خطاباً سياسيا محضاً لا علاقة له بالمشاعر العقدية أوالإنسانية  ، ويقيسونه بعلاقة السعوديةمثلاًبالولايات المتحدة التي لا تعبر عن ولاء عقدي أورضى عن مواقف الولايات المتحدة من بعض الجرائم ضد الإنسانية كدعمها للكيان الصهيوني .
وهو قياس أرى أنه ضد من استدل به ، لأنالسعودية بالرغم من علاقتها الاستراتيجية حقاًبالولايات المتحدة كدولة عظمى في العالم لم تؤيدها على أي موقف مخالف للعقيدة أو للمشتركات الإنسانية وآخرها موقف المملكة القوي من قرارالرئيس ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيانالصهيوني ونقل السفارة إلى هناك ، بينما لم تترك حركة حماس مناسبة لتهنئة إيران أو تعزيتها إلاوشاركت فيها بالرغم من أن تلك المناسبات لا يُقِرُها تميز معتقدي ولا شعور إنساني ، وكانت تهنئة حركة حماس بنجاة المجرم سليماني من الاغتيال قبل عام تقريباً وتعزيتها الشديدة بهلاكه مثال قريب العهد بعدم قبول الاعتذار بالسياسة المحضة لهذه العلاقة المسيئة بين الحركة وإيران.
والبعد عن العواطف المجردة في تقييم  موقف الحركة هو الكفيل بالوصول إلى كلمة سواء عنها وهو ما سأفعله من خلال الجزء المتداول من خطبة تأبين إسماعيل هنية للهالك ومدى مطابقته للواقع.
فقد ذكر أن الهالك دعم المقاومة حتى وصلت لماوصلت إليه من القوة والصمود والعطاء ، وهنا نتساءل من أجل الوصول لتقييم صحيح عن  أيُّ قوة وصلت إليها الحركة وأي صمود وأي عطاء يستحق أن يكون ثمنه هذا الانبطاح لدولة مجرمة والثناء عليها بعيداً عمَّا اقترفته في حق الأمة من انتهاكات.
فهل بهذا الصمود وتلك القوة والعطاء التي زعم هنية أن الحركة وصلت لها استطاعت حماس أن تحرر شبراً واحداً  زائداً عمَّا فرضته اتفاقية أوسلو التي لم تكن حماس طرفاً فيها ؛ بل كانت معارضةلها ، شبراً واحداً فقط.
هل استطاعت بصمودها المزعوم وقوتها وعطائها المستمد من إيران وقاسم  سليماني  أن تعيد لاجئاً واحداً من سكان المخيمات الموجودة في غزة إلى بلده في داخل فلسطين ؟
هل استطاعت أن تعيد فتح مطار غزة الذي كانمفتوحاً قبل وجودها وكان يحقق للغزيين منافع كثيرة وتسهيلات؟
هل استطاعت أن تفتح ميناء غزة؟
هل استطاعت أن تتيح للصيادين الدخول في أعماق البحر.
وهل استطاعت حل مشكلة مرتبات الموظفين بعد أن تم قطعها من قبل إخوانهم في السلطة؟
ومع إدانتنا لإغلاق الحكومة المصرية معبر رفح ،هل استطاعت حماس أن تؤمن مخاوف المصريين وتصل معهم إلى حل لفتح المعبر ؟
وهل استطاعت بالدعم الإيراني والقوة والصمود والعطاء المزعوم أن تسيطر على واحد فقط من المعابر بين غزة وبقية فلسطين؟
وهل قدمت إيران لهم مساكن ومستشفيات ووظائف ؟
إذا كان الجواب في كل ذلك :لا ؛ فأين القوة والصمود والعطاء التي قدمتها إيران لحماس؟!
قد يقول قائل :نعم ، قدمت لهم إيران : الأسلحة والتدريب على تقنيات الصواريخ وتدريب شباب حماس على القتال ، وهذا مالم يقدمه العرب ولايستطيعون تقديمه.
والحق: أن هذا الجواب صحيح  في تقديري لكنه يحملني على أسئلة أخرى؛ أحدها:كيف يصل هذاالسلاح وغزة محاصرة ، عن طريق مصر أم عن طريق الأراضي المحتلة أم عن طريق البحر؟
كل ذلك محال أو قريب من المحال  إلا في حال أن تكون الإدارة الصهيونية على علم به ، وهذا يعني بوضوح أن ذلك الدعم عمل مخابراتي  تريد منه إيران والصهاينة معاً عكس ما تقول حماس إنها تريده ، وعكس ما يريده الشعب الفلسطيني والعرب والمسلمون ،وبالفعل حقق الصهاينة كثيراً مما يصبون إليه من ذلك الدعم فماذا حققوا وكيف كان ذلك عن طريق حماس؟
الجواب:أن الصهاينة  قتلوا في غزة أكثر من خمسة آلاف فلسطيني وجرح أكثر منهم في غاراتإجرامية ملعونة دمرت مئات المنازل وتركت أهلها في العراء ولم تستطع حماس أن تقتل إلا آحاد معدودين من اليهود ولم تدمر لهم بيتاً واحداً ،فالصمود الحقيقي هو للشعب الفلسطيني الذي لم تكن هذه الغارات تزيده إلا قوة وصبرا، أما إيران لم تقدم لهم إلا نزراً  يسيراً من طعام أو سكن أو علاج.
وفي المقابل كسب الصهاينة من الصواريخ الحمساوية الإيرانية التي لم تُحقق أقل مستوى منالنكاية بالعدو مليارات الدولارات بسبب
الأصابع الضاغطة اليهودية والإعلام اليهودي علىالدول الداعمة لِوَهْم إسرائيل ، بل نجحت في تحصيل دعم لمشروع القبة الحديدية التي أصبحت واقعاً يأمن الصهاينة بسببه من أي هجوم صاروخي ، وتلقاه الكيان الصهيوني بالمجان ، أي أن صواريخ حماس التي يزعمون أنها بتقنية وتدريب إيرانيين كان المستفيد الأوحد منها هوالكيان الصهيوني.
ومنذ التاريخ الذي انفصلت فيه حماس بحكم غزة لا نعرف اشتباكات حصلت بينها وبين الجيشالصهيوني سوى هذه الصواريخ التي لا تفعل شيئاً بالعدو وتعود عاقبتها أسراب الطائرات التي تلقي أطنان القنابل على الفلسطينيين العزل في غزة ، وهي بالمطابقة تشبه الألعاب النارية التي يطلقها حزب الشيطان على شمال لبنان ثم تعود العاقبة بتدمير الصهاينة لقرى السنة في الجنوباللبناني ومساكنهم ومساجدهم و أما حزب الشيطان وقادته المكشوفين أمام الاستطلاعاتالصهيونية فلا يمسهم الصهاينة بسوء ، تطابق عجيب حقا! .
بينما نعرف اشتباكات عدة بين أنصار حماس وأنصار فتح في الضفة وفي القطاع ؛ أمر مؤسف وأبعد ما يكون عن الصمود والقوة والعطاء!
أما الصهاينة فقد حققوا الكثير من خلال حماس،وعلاقتها بملالي إيران  ومن ذلك :انقسام الدولةالفلسطينية التي اعترف بها العالم ، ولم يكن لحماس دور في إنجازها ، وبدلاً من أن يكون الهَمًالفلسطيني منحصراً في تنمية هذه الدولة والعمل على تحقيقها مكاسبَ في الداخل الفلسطيني وفي العالم أصبح الهَمُ منحصراً في إعادة جمع الكيانين، ولم يعد الصهاينة يتعاملون مع طرفواحد قوي بنفسه وبأمته بل مع طرفين ينقسم معهما العالم الإسلامي بأسره شعوباً و دولاً أيهم هو المحق وأيهم أولى يالدعم.
وحين تشتكي حماس من عدم دعم الدول العربية لها فليس كلامها ذلك إلا لتبرئة نفسها و تثوير الشعوب على أنظمتها ، وإلا فحماس تعلم أن الدول العربية والسعودية بشكل أخص على استعداد لدعم حماس حين تكون جزءاً من الدولةالفلسطينية التي خرجت حماس عنها دون سبب مقنع ، وكانت حال خروجها تتمتع بمنصب رئيس الوزراء وعدد لا بأس به من الوزارات وغالبيةالمجلس التشريعي والبرلمان ، وكانت قادرة على الوصول لكل ما تريد عبر العمل السياسي ؛ نعم الجميع كان يعلم أنها تعمل مع شريك مناقض لهافي التوجه وربما كان مزعجاً كثيراً لكن الانقلابواقتسام الدولة يبقى أكثر إزعاجاً ، و لازال  بإمكان حماس التي قدمت تلك التنازلات الخطيرةوالعظيمة من أجل الحصول على الدعم الإيراني أن تقدم تنازلات أقل من ذلك بكثير جداً  في سبيل إنجاح المصالحة الفلسطينية ومن ثَمَّ الحصول على الدعم العربي والسعودي .
نقول هذا مع التذكير أن الدعم السعودي والعربي أيضا لم ينقطع عن شعب غزة ، وكل غزي يعرفه.
و أخيراً أقول لحماس إن القدس لن يحررها من يقول بكفر وردة فاتحها الأول عمر بن الخطاب ويقول بكفر وردة فاتحها الثاني صلاح الدين الأيوبي وإن الإسلام لن ينصره من لا يؤمن بكتابه  ولا يوقر صحابة نبيه ، وإن الرسول ﷺلن يخدم دينه من يتهم عرضه.
وملالي الصفويين لو كان فيهم خير لأمتهم لكان فيهم خير لشعبهم الجائع المنكوب أولا ، وليس من المنطق أن نظن أنهم يحبون الفلسطينيين وهم يقتلون العراقيين والسوريين ، واعلموا أن موالاتكم لإيران خيانة للأمة فاستووا و استقيموا و اعتدلوا.
مقال د محمد بن إبراهيم السعيدي

المصدر

---------------------------
مواضيع مشابهة-أو ذات صلة:

في الميزان السياسي والثورة السورية: حماس مع من؟!

مقتل عماد مغنية صدقونـي.. لم أعد أفهـم..!

 حماس تنعي من أسمته " الشهيد" عماد مغنية

منح المفكر الفلسطيني عدنان إبراهيم الجنسية الإيرانية

حركة الصابرين : نشر التشيع في غزة !

هل أنكشف الوجه الآخر لحركة حماس .. !؟

بالأسماء والأرقام .. ثروات قادة حماس !

حركة حماس: لا نعادي نظام الأسد.. والحرب في سوريا تصفية حسابات دولية وإقليمية

حماس بعض المخدوعين بحركة حماس

نظرات في مقال د الأسطل حول تبرير تعزية حماس في سليماني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..