الصفحات

الأربعاء، 7 أبريل 2021

ألا فـي سـبيلِ المَجْدِ ما أنا فاعل

ألا فـي سـبيلِ المَجْدِ ما أنا فاعل=عَــــفـــافٌ وإقْـــدامٌ وحَـــزْمٌ ونـــائِل

أعــنــدي وقــد مــارسْــتُ كـلَّ خَـفِـيّـةٍ=يُـــصَـــدّقُ واشٍ أو يُـــخَـــيّـــبُ ســـائِل

أقَـــلُّ صُـــدودي أنّــنــي لكَ مُــبْــغِــضٌ=وأيْــسَــرُ هَــجْـري أنـنـي عـنـكَ راحـل

إذا هَـبّـتِ النـكْـبـاءُ بـيْني وبينَكُمْ=فــأهْــوَنُ شـيْـءٍ مـا تَـقـولُ العَـواذِل

تُــعَــدّ ذُنــوبــي عـنـدَ قَـوْمٍ كـثـيـرَةً=ولا ذَنْـبَ لي إلاّ العُـلى والفواضِل

كــأنّــي إذا طُــلْتُ الزمــانَ وأهْــلَهُ=رَجَـــعْـــتُ وعِــنْــدي للأنــامِ طَــوائل

وقد سارَ ذكْري في البلادِ فمَن لهمْ=بــإِخــفــاءِ شـمـسٍ ضَـوْؤهـا مُـتـكـامـل

يُهِـمّ الليـالي بـعـضُ مـا أنـا مُضْمِرٌ=ويُـثْـقِـلُ رَضْـوَى دونَ مـا أنـا حـامِـل

وإنــي وإن كــنــتُ الأخــيـرَ زمـانُهُ=لآتٍ بــمــا لم تَــسْــتَـطِـعْهُ الأوائل

وأغـــدو ولو أنّ الصّـــبــاحَ صــوارِمٌ=وأسْــرِي ولو أنّ الظّــلامَ جَــحــافــل

وإنــــي جَـــوادٌ لم يُـــحَـــلّ لِجـــامُهُ=ونِــضْــوٌ يَــمـانٍ أغْـفَـلتْهُ الصّـيـاقـل

وإنْ كـان فـي لُبـسِ الفـتـى شـرَفٌ له=فـمـا السّـيـفُ إلاّ غِـمْـدُه والحمائل

ولي مَـنـطـقٌ لم يـرْضَ لي كُنْهَ مَنزلي=عـلى أنّـنـي بـيـن السّـمـاكـينِ نازِل

لَدى مــوْطِــنٍ يَــشــتــاقُه كــلُّ ســيّــدٍ=ويَــقْــصُــرُ عــن إدراكـه المُـتـنـاوِل

ولما رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشياً-تــجــاهــلْتُ حــتــى ظُــنَّ أنّــيَ جـاهـل

فـوا عَـجَـبـا كـم يـدّعي الفضْل ناقصٌ=ووا أسَـفـا كـم يُـظْهِـرُ النّـقصَ فاضل

وكـيـف تَـنـامُ الطـيـرُ فـي وُكُـناتِها=وقــد نُـصِـبَـتْ للفَـرْقَـدَيْـنِ الحَـبـائل

يُــنـافـسُ يـوْمـي فـيّ أمـسـي تَـشـرّفـاً=وتَــحــســدُ أسْــحــاري عـليّ الأصـائل

وطــال اعـتِـرافـي بـالزمـانِ وصَـرفِه=فــلَسـتُ أُبـالي مًـنْ تَـغُـولُ الغَـوائل

فـلو بـانَ عَـضْـدي مـا تـأسّـفَ مَـنْكِبي-=لو مـاتَ زَنْـدي مـا بَـكَتْه الأنامل

إذا وَصَــفَ الطــائيَّ بـالبُـخْـلِ مـادِرٌ=وعَــيّــرَ قُــسّــاًً بــالفَهــاهــةِ بـاقِـل

وقــال السُّهــى للشـمـس أنْـتِ خَـفِـيّـةٌ=وقـال الدّجـى يـا صُـبْـحُ لونُـكَ حائل

وطــاوَلَتِ الأرضُ السّــمــاءَ سَــفـاهَـةً=وفـاخَـرَتِ الشُّهـْبُ الحَـصَـى والجَـنادل

فـيـا مـوْتُ زُرْ إنّ الحـيـاةَ ذَمـيـمَـةٌ=ويــا نَــفْــسُ جِــدّي إنّ دهــرَكِ هــازِل

وقـد أغْـتَـدي والليـلُ يَـبـكي تأسُّفاً=عـلى نـفْسِهِ والنَّجْمُ في الغرْبِ مائل

بِــريـحٍ أُعـيـرَتْ حـافِـراً مـن زَبَـرْجَـدٍ=لهـا التّـبـرُ جِـسْـمٌ واللُّجَـيْنُ خَلاخل

كــأنّ الصَّبــا ألقَــتْ إليَّ عِــنـانَهـا=تَـــخُـــبّ بــسَــرْجــي مَــرّةً وتُــنــاقِــل

إذا اشتاقَتِ الخيلُ المَناهلَ أعرَضَتْ=عنِ الماء فاشتاقتْ إليها المناهل

وليْــلان حــالٍ بــالكــواكــبِ جَــوْزُهُ=وآخــرُ مــن حَــلْيِ الكــواكــبِ عـاطـل

كـأنَّ دُجـاهُ الهـجْـرُ والصّـبْـحُ مـوْعِـدٌ=بــوَصْــلٍ وضَــوْءُ الفـجـرِ حِـبٌّ مُـمـاطـل

قَــطَــعْــتُ بــه بــحْــراً يَـعُـبّ عُـبـابُه=وليـــس له إلا التَـــبَـــلّجَ ســـاحــل

ويُــؤنِــسُــنــي فـي قـلْبِ كـلّ مَـخـوفَـةٍ=حـلِيـفُ سُـرىً لم تَـصْـحُ مـنه الشمائل

مــن الزّنْــجِ كَهـلٌ شـابَ مـفـرِقُ رأسِه=وأُوثِـــقَ حـــتــى نَهْــضُهُ مُــتــثــاقِــل

كــأنّ الثــرَيّــا والصّـبـاحُ يـرُوعُهـا=أخُــو سَــقْــطَــةٍ أو ظــالعٌ مُـتـحـامـل

إذا أنْـتَ أُعْـطِـيـتَ السعادة لم تُبَلْ-=إنْ نــظــرَتْ شَـزْراً إليـكَ القـبـائل

تَـقَـتْـكَ عـلى أكتافِ أبطالها القَنا=وهـابَـتْـكَ فـي أغـمـادهِـنَّ المَـنـاصِـل

وإنْ ســدّدَ الأعــداءُ نـحـوَكَ أسْهُـمـاً=نــكَــصْــنَ عـلى أفْـواقِهِـنَّ المَـعـابـل

تَــحـامـى الرّزايـا كـلَّ خُـفّ ومَـنْـسِـم=وتَــلْقــى رَداهُــنَّ الذُّرَى والكـواهِـل

وتَــرْجِــعُ أعــقــابُ الرّمـاحِ سَـليـمَـةً=وقـد حُـطِـمـتْ في الدارعينَ العَوامل

فـإن كـنْـتَ تَـبْغي العِزّ فابْغِ تَوَسّطاً=فـعـنـدَ التّـنـاهـي يَـقْـصُرُ المُتطاوِل

تَــوَقّـى البُـدورٌ النـقـصَ وهْـيَ أهِـلَّةٌ=ويُــدْرِكُهــا النّـقْـصـانُ وهْـيَ كـوامـل

ابو العلاء المعري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..