وثيقة عقار مضى عليها ١٢٥ عام..!!

كتب : د . عادل العبدالمغني

قبل البدء في قراءه و شرح الوثيقة ، انقل النص كما  جاء أعلاه  :
(  بسم الله

وبعد تحرير الورقة أنه حضر تركي بن عبدالله الناصر المليفي وأقر بانه باع من حامل هذه الورقة عبدالمغني بن محمد بن عبدالمغني وهو ايضاً قد أشترى منه ماهو تحت تصرفه إلى صدور هذا البيع عند ذلك بيته الكائن في الكويت خارج البلد يحده قبله الطريق النافذ وشمالاً بيت خلف الهولي وشرقاً بيت البائع وجنوباً الطريق النافذ قد اشتراه بثمن قدره وبيانه مئتا ريال فرنسا معدودة نقوده في مجلس العقد قبضة البائع المذكور من يد المشتري المزبور بتمامه وكماله فبموجب ماذكر صار البيت المذكور مالاً وملكاً لعبدالمغني  يتصرف فيه بما شاء من غير معارض لئلا يخفى .

كتبه وشهد رضى المتبايعين  محمد بن عبدالله بن فارس

٢٣ شهر محرم ١٣١٤  ))

               (  الختم  )

سوف استعرض أهم ماتضمنته هذه الوثيقة مع تجاوز  النواحي  الفنيه ، كطريقة الكتابه و نوع الورق  والأداة المستخدمة في الكتابة ومادة الحبر  و هذه الأمور لاتهم القارئ العادي  :

١- كتب هذه الوثيقه عالم الكويت الشيخ محمد بن عبدالله بن فارس ، ولد في نجد عام ١٨١٨ ميلادي ونشأ في بيئه علمية وحفظ القرآن كاملاً وثم أرتحل  في شبابه المبكر  حوالي عام ١٨٣٠  إلى الكويت وكانت له موطناً واصبح إماماً لمسجد الفارس بداخل مدينة الكويت القديمة  قرابة ٦٠ عاماً ، وله فتاوى عديدة  وكما صدر عنه  شهادات توثيق لبيوت  أهالي الكويت و إلى أن توفاه الله برحمته في عام ١٩٠٩ ميلادي .

٢- تاريخ تدوين هذه الوثيقة في يوم  ٢٣  من شهر محرم ١٣١٤ هجري ، وصادف  يوم الجمعة ٣ يوليو ١٨٩٦   ميلادي .

٣- مضمون الورقة  ، توثيق عقد بيع وشراء  لبيت ، والبائع هو تركي بن عبدالله الناصر المليفي ، والمشتري هو جدي عبدالمغني بن محمد بن عبدالمغني .

٤- ثمن شراء البيت ، مئتا ريال فرنسا ، والريال الفرنسي كان متداول منذ  بدايات  تأسيس  الكويت حتى  عام ١٩٢٠ ، ثم اختفى من الأسواق  وكان حجمه كبير من الفضه الخالصة ، ويزن روبيتان ونصف في تجربه اجريتها  وظهر الوزن متطابق تماماً، وكذلك في القيمة الشرائيه روبيتان ونصف  .

  وفي احتساب ثمن شراء البيت بالروبية فيصبح ٥٠٠ روبيه وفي  العُملة الحالية الدينار الكويتي يصبح (  37.5  ) ( سبعة وثلاثون دينار ونصف ) .

٥- ورد في الوثيقه ان البيت ( الكائن في الكويت خارج البلد ) والمقصود خارج السور الثاني وبداخل السور الثالث الذي لم يتم بناءه بذلك الوقت حيث شُيد السور الثالث  في عام ١٩٢٠ .

٦- موقع البيت تحديداً  (  بفريج الساير  ) و لم تتشكل  معالم الفريج   بتلك الفتره بشكل واضح ، حيث نصفه تقريباً أراضي فضاء   ودلاله على ذلك  أن مسجد الساير  الشرقي لم يُبن إلا في عام ١٨٩٤م

٧- ذُكر في الوثيقه أسم عائلتان  مجاورتان   للبيت الذي اشتراه جدي و  هما التركي المليفي والهولي ، وبالنسبه للعائله الاولى الكريمة  التركي المليفي  ، فإن حفيده  عبدالمحسن عبدالله التركي الناصر  المليفي ، كان من اشهر اساتذه البناء في الكويت خلال فتره الثلاثينيات والأربعينيات وابنه المهندس براك اصبح رئيس مهندسين وزارة الأشغال  في الستينيات و له العديد من الأخوه   الذين تقلدوا الأعمال والوظائف المرموقه في الكويت  منهم احمد المليفي  وكان نائباً في مجلس الأمه ووزيراً ..!

وأما عائله الهولي الكريمه فكان عملهم يتعلق بالبحر من ( التنوخذ  ) وغوص وسفر وملاك سفن صيد اسماك ..!

٨- لم يذكر في الوثيقه ، مساحة البيت ، وهذا الأمر طبيعي ومعروف في كل الوثائق القديمه لا يُذكر فيها المساحة وانما يُذكر تحديد مكان البيت فقط  ، ولكن عندما بدأت الحكومة بتثمين بيوت أهالي الكويت القديمة في الخمسينيات  ، كلفت مساحين لقياس مساحه البيوت  ووحده القياس المتبعة بذلك الوقت هي القدم وليس المتر ..!!

 ٩- اتضح لي بعد تثمين بيتنا القديم في عام ١٩٥٦ ومن واقع السجلات الرسمية  حيث بلغت مساحه البيت  ( ٤٣٤٩ قدماً ) ما تعادل ( ٤٠٤ متراً ) وبثمن وقدره ( ٣٧٥ الف روبية  ) مايعادل ( ٩٠٠,  ١٧٩ , ٢٨ ) ثمانيه وعشرين الفاً ومئة وتسعة وسبعين ديناراً وتسعمئة فلس لاغير ..!

هذا المبلغ و يظنه البعض ثروه كبيره  نزلت من السماء  ، واستفاد   الكويتيين اثر  تثمين بيوتهم القديمه ، ولكن الحقيقة خلاف ذلك تماماً وللأمانة فإن تكلفه بناء  المساكن الأفرنجية الحديثة  باهظه  اكثر  من مبلغ التثمين  ودفع المقتدرين زيادة من جيوبهم الخاصه لشراء ارض للبناء عليها  ..!!

ولهذا السبب لجأت الأسر الفقيره التي ثُمنت بيوتها بثمن قليل  لتعويضها في بيوت حكومية  و عرفت بذلك الوقت  بأسم  بيوت ( ذوي الدخل المحدود )..!!

ومن اقترح هذه التسمية أحد المستشارين  العرب  الذين كانوا بذلك الوقت في الدوائر  الحكومية ، وهي غير لائقه على الأطلاق ..!!