الصفحات

السبت، 23 يوليو 2022

نون الوقاية في اللغة وشرح مفصل بالأمثلة

 نون الوقاية ، ستكون محور هذا الدرس حيث سنفصل قواعدها وأحكامها من تعريف وإعراب وأمثلة متنوعة حتى يتضح الشرح ويسهل الفهم – إن شاء الله – .

ما هي نون الوقاية ؟

تأمل الأفعال الآتية :

– أكرَمَنِي .

– استضعفُوني .

– يُدهِشني .

تجد أن هذه الأفعال ( أكرم – استضعف – يدهش ) قد اتصلت بها ياءُ المتكلم ( من الضمائر المتصلة ) التي توجب كسر ما قبلها ، ولأن الأفعال لا تقبل الكسر كالأسماء ( لا نقول أكرَمِي ) ، يؤتى بنون تفصل بين الأفعال والياء لتقيها ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺴﺮ ، فحافظت هذه الأفعال على حركتها ( أكرمني ) ، وتسمى هذه النون نون الوقاية .

 

تعريف نون الوقاية

عرفنا مما سبق أنّ نون الوقاية ( وتسمى أيضا نون العماد)، وهي نون مكسورة تزادقبل ياء المتكلم في ﻓﻌل أو حرف أو اسم فعل ، و سُمِّيت بهذا الاسم لأنها تتحمل الكسرة المناسبة للياء ، فتقي الفعل من كسر آخره الذي ينشأعن لحاق ياء المتكلم به،وتقي أيضا من التقاء الساكنين .

و سميت بذلك أيضا لأنها تقي الفعل اللبس في ” أكرمْني ” في الأمر ، فلولا النون لالتبست ياء المتكلم بياء المخاطبة ، وأمر المذكر بأمر المؤنث . وتعرب نونا للوقاية فحسب ، لأنها لا محل لها من الإعراب ، أما دخولها ففيه تفصيل بين وجوب وجواز .

 

امثلة على نون الوقاية

– رافقنِي أخي في سفري .
– تعجبنِي أخلاقك  .
– أسعدنِي تواجدك .

– اللهم ارزقنِي من فضلك وجودك وعظيم كرمك .
– يسرنِّي تفوقك في الدراسة .

– يدهشنِي إصرارك على الفوز .

أحكام نون الوقاية مع الأفعال

 حكمها مع الفعل الماضي

تتصل نون الوقاية بالفعل الماضي حال اتصال الفعل بياء المتكلم والتي تكون في محل نصب مفعول به سواء كان متصرفا أو جامدا .

أمثلة على الفعل الماضي المتصرف : ضربني – أمرتني – جعلني – أجلسني – أتعبني .

أمثلة على الفعل الماضي الجامد : ليس – عسى – ما خلا – ما عدا – حاشا .

– يرى جمهور النحاة أن نون الوقاية تدخل على الفعل الجامد ليس ، وذلك إذا أسند إلى ياء المتكلم ، وفي مذهب آخر ، عدّ بعض النحاة حذف هذه النون مع ليس ضرورة شعرية ومنهم ابن مالك في ألفيته :

وقبلَ يا النفس مع الفعل التزم *  نون وقاية و ليسي قد نظم

ومعنى البيت : أن نونَ الوقاية تلزم قبل ياء المتكلم مع جميع الأفعال ، إلا فعلا واحدا تحذف فيه لضرورة الشعر ، وهو ” ليس ” .

– يرى علماء النحو أن عسى تدخل عليها نون الوقاية إذا أسندت إلى ياء المتكلم كثيرا ، حيث تقول عساني ، ومن ذلك قول الشاعر :

ولي نفس أقول لها إذا ما  *  تنازعني : لعلي أو عساني

– يرى البصريون أن نونَ الوقاية تلزم فعل التعجب ” ما أفعلَ ” ؛ لأنها عندهم فعل فتقول : ” ما أفقرني إلى عفو الله – ما أحسنني … ” ، بينما يجيز الكوفيون حذف نونِ الوقاية في هذا الفعل ، لأنهم يقولون باسمية أفعل التعجب حيث يقولون : ما أفقَرِي – ما أحسنِي ” .

ويؤيد الباحثون رأي البصريين ؛ لأن ” ما أفعلَ ” فعل ماض ، والفعل الماضي يجب دخول نون الوقاية عليه .

حكمها مع الفعل المضارع

اتفق الجمهور أنه يجب دخول نون الوقاية على الفعل المضارع إذا أسند إلى ياء المتكلم ، بشرط ألا تسبقها نون أخرى متصلة بالفعل ، نحو : يكرمني – يجعلني – يدهشني .

أما إذا كان المضارع من الأفعال الخمسة واتصلت به ياء المتكلم ، ففي هذه الحالة يكون فيه ثلاثة أوجه :

الأفعال الخمسة هي كل فعل مضارع اتصلت به ضمائر : ألف الاثنين – واو الجماعة – ياء المخاطبة . وعلامة رفعه ثبوت النون ، و ينصب ويجزم بحذفها .

1 – الفك

وهو بقاء النونين على الأصل ( نون الفعل ونونُ الوقاية ) ، فينطق بهما معا ، كقوله تعالى على لسان موسى – عليه الصلاة والسلام – : ” لم تؤذونَنِي ” . فالنون الأولى المفتوحة نون الفعل المضارع المرفوع بثبوتها لأنه من الأفعال الخمسة ، والنون الثانية المكسورة نونُ الوقاية .

2 – الإدغام

وهو إسكان النون الأولى – نون الرفع – وإدغامها في الثانية ، فتصبح نونا مشددة ، كقوله تعالى ” وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ” .

3 – الحذف تخفيفا

وهو أن تحذف النون الأولى تخفيفا للنطق ، فيكون إعراب الفعل مرفوعا بالنون المحذوفة تخفيفا ، نحو : أنتما تشاركانِي ، وأنتم تشاركونِي ، وأنتِ تشاركينِي .

– إذا أسند الفعل المضارع إلى نون النسوة مثل ( يضربن ) و اتصل بياء المتكلم ففي هذه الحالة تثبت نون الوقاية فتقول يضربنني .

 

حكمها مع فعل الأمر

يجب دخول نون الوقاية على فعل الأمر المتصرف  إذا أسند إلى ياء المتكلم ، مثل : أكرِمنِي .

أما إذا كان فعل الأمر جامدا فيجب دخول نون الوقاية عليه دون شرط أو قيد ، كقول الشاعر :

قلتُ أجِرني أبا خالد  *  وإلا فهبني امرءا هالكا

 

أحكام نون الوقاية في الأسماء

اسم الفعل القياسي

وهو اسم الفعل الأمر الذي على وزن فَعالِ ، والذي يبنى من الفعل الثلاثي التام المتصرف ، وهو بمعنى فعل الأمر ، مثل : ضراب – قتال ، أي اضرِب واقتُل .

فعند دخول نون الوقاية على اسم الفعل القياسي ، نحو : دَراكَني – تَراكَني ، بمعنى أدرِكني – اترُكني .

اسم الفعل السماعي

هناك أسماء أفعال سماعية لا تدخلها نون الوقاية مثل : هيهات وشتان وأفّ ، وبعضها الآخر تدخلها النون ولا تحذف إلا للضرورة ، مثل : قَدْنِي بمعنى حسبي ، قَطْنِي بمعنى يكفيني ، بَجَلْني بمعنى يكفيني .

قال الشاعر حميد الأرقط :

قَدْنِي من نصر الخُبَيْبَيِنِ قَدي  *  ليس الإمام بالشحيح الملحدِ

وقال آخر :

امتلأ الحوض وقال : قَطْنِي *  مهلا رويدا قد ملأتِ بطني

بخصوص ” بجل ” ، فإن أكثر النحاة يقولون بعدم دخول نون الوقاية عليها ، فتقول : بجلي بمعنى حسبي ، كقول الشاعر طرفة بن العبد :

ألا إنني سقيتُ أسود حالكا  *  ألا بَجَلي من الشراب ألا بَجَلْ

اسم الفاعل

يرى بعض النحاة أن نون الوقاية تدخل على اسم الفاعل إذا أضيف إلى ياء المتكلم قليلا ، بل وعده معظم النحاة أنه شاذ واضطرار ، كقول الشاعر :

فهل فتى من بني ذبيان يحملني  *  وليس حامِلَنِي إلا ابن حمّال

اسم التفضيل

عدّ النحاة دخول نون الوقاية على اسم التفضيل إذا أضيف إلى ياء المتكلم شاذا ، مع أنه ورد في حديث ” غيرُ الدّجال أخوفنِي عليكم ” ( رواه مسلم ) .

الظرف

يرى ابن مالك أن الأكثر ، والأفصح دخول نون الوقاية على لدن وإثباتها ، وحذفها قليل حيث قوله :

وفي لَدُنِّي لَدُنِي قلّ وفي  *  قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي

أحكام نون الوقاية في الحروف الناسخة

إن وأخواتها ، أو الحروف الناسخة ، أو الحروف المشبهة بالفعل ، هي حروف تدخل على الجملة الاسمية ، فتنصب المبتدأ ويسمى اسمها ، وترفع الخبر ويسمى خبرها . 

ليت : تدخل نونُ الوقاية على ليت وجوبا عند اتصالها بياء المتكلم ، ولا تحذف إلا ضرورة ، فتقول : يا ليتني ويا ليتي .

لعل : يجوز دخول نونُ الوقاية على لعل في الشعر ، وذلك تشبيها لها بليت ، أما في الكلام فتركها هو الأجود .

قال الشاعر :

فقلتُ أعيراني القدوم لعلّني  *  أخطّ بها قبرا لأبيض ماجد

وقال آخر :

ولي نفس أقول لها إذا ما  *  تنازعني : لعلي أو عساني

و يقول أحد الشعراء المعمرين :

ألا يا ليتني أنضيتُ عمري  *  وهل يُجدي عليّ اليوم ليتي

إنّ وأنّ وكأنّ ولكنّ : مجيء نون الوقاية في هذه الأحرف جائز ، وتركها أيضا جائز ، وهي تزيد التوكيد مثل : إنّي – إنّني – أنّي – أنّني – كأنّي – كأنّني – لكنّي – لكنّني .

 

أحكام نون الوقاية في حروف الجر

يرى النحاة أنه تلزم نون الوقاية حرفي الجر من وعن  ؛ وذلك محافظة على سكون النون ، فقد زادوا النون ليسلم ما قبلها على سكونه ، وأنّ حذفها لا يكون إلا في الضرورة .

قال الشاعر :

أيها السائل عنهم وعنّي  *  لستُ من قيس ولا قيس منّي

وقد لخص الناظم أهم أحكام نونِ الوقاية في قوله :

وقَبْلَ يَا النَّفْسِ معَ الفعلِ الْتزِمْ  *  نونَ وِقايَةٍ وليسي قدْ نُظِمْ

وليتني فشا ولَيْتِي ندرا  *  ومع لعلَّ اعكس وكُنْ مُخَيَّرَا

في الباقيات واضطرارًا خَفَّفَا  *  مِنِّي وعَنِّي بعضُ من قدْ سَلَفَا

وفي لَدُنِّي لَدُنِي قَلَّ وفي  *  قَدْنِي وقَطْنِي الحذْفُ أيضًا قدْ يَفِي

نون الوقاية في اﻟﻘـرآن الكريم

قال تعالى :

– ” إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ” ( الأعراف 150 ) .

– ” ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ” ( يوسف 37 ) .

– ” وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ” ( غافر 60 ) .

– ”  لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ” ( المائدة 28 ) .

– ” فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ” ( البقرة 31 ) .

– ”  قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ” ( الأنعام 161 ) .

– ”  يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ” ( النساء 73 ) .

– ” قَدْ بَلَغْتَ مِن لَدُنِّي عُذْرًا ” ( الكهف 76 ) .

إعراب نون الوقاية

قال تعالى :

– ” إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ” ( الأعراف 150 ) .

استضعفوني : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة و واو الجماعة ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل . النون للوقاية والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به .

يقتلونني : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل . النون للوقاية و الياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به .

– زُرْنِي يا خالد .

زرني : فعل أمر مبني على السكون والنون للوقاية .
والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به .

قال تعالى :

– ”  يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ” ( النساء 73 ) .

ليتني : ليت : ناسخ حرفي والنون للوقاية ، والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم ليت .

– ” قَدْ بَلَغْتَ مِن لَدُنِّي عُذْرًا ” ( الكهف 76 ) .

لدني : لدن : اسم ظرفي مبني على السكون في محل جر بمن والنون للوقاية . والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة .

مراجع :

– النونات في اللغة العربية ( إبراهيم حمزة درويش ) .

– نون الوقاية في اللغة العربية ( أحمد إبراهيم الجدبة ) .

بحوث وقضايا نحوية ( 1 ) .

المصدر

.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..