الصفحات

السبت، 13 أغسطس 2022

دور "الاجترار" في زيادة المشاعر السلبية

   تحدث عدد من الباحثين في العلاج النفسي مثل  Susan Hoeksema عن دور "الاجترار" في زيادة المشاعر السلبية، وذلك عندما تمر حادثة مزعجة في حياتك، فتظل تتحدث مع نفسك حول هذه الحادثة مرارًا وتكرارًا وتلوم نفسك لماذا لم تتصرف بطريقة مختلفة!، ولماذا حدث ذلك، وليتني فعلت ذاك!.
 
إلا أن اجترار الماضي أساسه طبيعي كما يقول العالم Edward Watkins فجميعنا يفعل ذلك عندما نمر بحادثة مؤلمة، نجلس ونعيد المشهد أكثر من مرة، إلا أن زيادته هي التي تضر، فالبعض يمارس الاجترار لشهور ويلوم نفسه باستمرار، ويقسم واتكنز الاجترار لقسمين، اجترار مفيد، واجترار عقيم.
 

الاجترار المفيد، فهو الذي يحتوي على تحليل للمشكلة وحلها، فهي أسئلة تقودك للحل، ثم تقودك للعمل والإنتاج، بحيث تتعلم من الحادثة وتفعل شيئًا لمنع تكرارها، أما الاجترار العقيم هو حديث النفس عن الحادثة الذي يقودك لمزيد من الأسئلة دون حل وأسئلة دون إجابات، فيصبح الاجترار لأجل الاجترار.
 
مثل أسئلة عن سلوكيات الآخرين لماذا فعلوا ذلك، أو أسئلة لماذا حصل لي ذلك، أو أسئلة وجودية، فهو تفكير يقود لمزيد من التفكير، أسئلة بلا إجابات، الأسوأ هو اشتراط الإجابات فيضغط الإنسان على نفسه لمزيد من التفكير، ويظل بلا إجابات ويدور في حلقة مفرغة ويتصاعد الإحباط لديه لمزيد من الألم.
 
وجد العلماء أن المصابون بالاكتئاب لديهم نسبة الاجترار عالية جدًا، بل تحدثوا أن الاجترار هو الطريق الممهّد للاكتئاب، وأن الاجترار هو أسلوب تفكير متعلم من الصغر عندما كان الطفل يرى والديه كيف يتعاملون مع المشكلات، عندما لا يتجهون للحل بقدر ما يتجهون لمزيد من اللوم والتذمر.
 
الاجترار هي عادة ذهنية تلقائية، علاجها بالوعي بها، وممارسة الرياضة، والتركيز على الحل وليس البقاء في المشكلة، ومثلما اعتاد الفرد الاجترار عليه أن يكون واعيًا وأن يعتاد الانتباه أنه يمارس هذه العادة ويتوقف عنها، ويقوم بالانشغال بشيء آخر مفيد يأخذ تفكيره. ومع ذلك المسألة ليست سهلة.
 
الاجترار العقيم عادة مولّدة للمشاعر السلبية، ولكسر تلك العادة لابد من كسر المهيّئات لها، مثل البيئة، الوقت، المكان، سلوكيات تسبق العادة، مثلا هل تمارس الاجترار في غرفة نومك بعد عودتك من العمل إذن لا تجلس فيها بعد قدومك من العمل، هل تمارس في وقت محدد، ضع فعلًا جديدًا في هذا الوقت.
 
هل تسمع موسيقى حزينة تزيد من الاجترار لديك، إذن توقف عن سماعها، هل تعزل نفسك في غرفة لتمارس الاجترار، إذن لا تعزل نفسك واجلس بين مجموعة، هل حياتك خالية من عادات وهوايات مفيدة، إذن اصنع لنفسك عادات جديدة، صناعة العادات هي بتكرارها والصبر عليها حتى تصبح عادة مستمرة. 
 
جميع ما ذكرت محاولة لكسر المهيّئات لحدوث الاجترار، وقطع الطريق على منبع المشاعر السلبية، البحوث العلمية تؤكد على أن صناعة عادات جديدة من أدوات العلاج النفسي، وإن فراغ حياتك من عادات مفيدة يهيئ السبيل لتدفق المشاعر السلبية، لا تنتظر مزاجك ليتحسن لتتعلم عادات جديدة.
شكرا للجميع
الصورة
أسامة الجامع
@oaljama

-
.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..