الصفحات

السبت، 20 مايو 2023

الحضرة الصوفية.. حقيقتها ومفاسدها

مقدمة:
تعتبر جلسات الذكر التي يعقدها الصوفية والتي يسمونها (الحضرة) من أهم الممارسات العملية للطرق الصوفية، فمهما اختلفت الطرق في أسمائها وطرائقها، وفي طريقة إقامة الحضرة وترتيبها، إلا أنها تتفق في ضرورة (الحضرة) ولزومها للسالك والمريد، وأنه لا يجوز للمريد التخلف عن هذه الحضرات التي تعقد في مواعيد منتظمة يحدِّدها شيخ الطريقة، ويلتزمون فيها بآداب وشروط معينة.

والحضرة ليست مجرّد جلسة ذكر، بل هي مع ذلك وسيلة لترابط المريدين داخل الطريقة، وتوثيق العلاقة بين المريد والشيخ، واجتذاب أفراد جدد وضمهم للطريقة، خاصة أن الحضرة لا تخلو من كثير من الملهيات والشهوات التي تغري العوام بالحضور، كالتوسع في المطاعم والمشارب الذي يسمونه (النفحة)، والغناء وسماع الأصوات المستحسنة، والرقص والتمايل، وكل هذه وسائل تُشعر الحاضرين بالفرح والسرور، ويشعرون بما يسمونه الراحة النفسية التي يظنونها أحوالا إيمانية شرعية، وهي في الحقيقة أحوال شيطانية وأذواق ومواجيد بدعية.

وأكثر الحاضرين قد يحكم بمجرد هذا الذوق والاستحسان على مشروعية هذه الحضرة، ويظن أن كل من لم يجرِّب لم يَذُق مثل ما ذاق، فيجعل المرجع هو للذوق والهوى والاستحسان، وليس للكتاب والسنة كما أمر الله سبحانه وتعالى.

وقد ارتبط اسم (مجالس الذكر) عند أكثر الناس بهذه الحضرة الصوفية، حتى استدلوا بكل الأدلة الواردة في فضل الذكر ومجالسه على (الحضرة)، وانخدع بذلك كثير من المسلمين، وظنوا أن هذه الحضرة ذكر مشروع، يتقربون به إلى الله تعالى، وتصفو به قلوبهم.

ولما كان الدين النصيحة وجب علينا بيان حقيقة هذه الحضرة، وما اشتملت عليه من مفاسد ومنكرات لا يختلف العلماء في حكمها.

وليست المسألة كما يتصور البعض أن إنكار هذه الحضرة خاص بالسلفية، أو من يسمونهم (الوهابية)، بل سترى في هذه الورقة إجماع العلماء من كافة المذاهب على حرمة مثل هذه المجالس، والله الموفق والمستعان.

أولا: الحضرة عند الصوفية:

1- معنى الحضرة:

الحضرة من الحضور، وهو: قرب الشيء([1]).

ويقصد بالحضرة عند الصوفية: جلسة الذّكر الجماعي الذي تقوم به الطرق الصوفية، بهيئة محددة وشروط وآداب مخصوصة، يقرؤون فيها الأذكار والأوراد والأحزاب الخاصة بالطريقة.

2- أركان الحضرة وشروطها:

للحضرة أركان لا تتم إلا بها، وهي:

1- شيخ الحضرة، ويسمَّى بالنقيب، وهو شيخ الطريقة أو نائبه. وهو واسطة العقد في حلقة الجالسين، وهو المسؤول عن الإذن بالذكر، وبدء الحضرة وإيقافها، ومنع كل ما يشوِّش على الحاضرين.

وله مساعد يسمى: (الخادم)، ويسمى عند الصوفية: (نقيب السماط)، حيث يقوم بتقديم الطعام والشراب وترتيب مكان الحضرة ونحو ذلك.

2- القوّال أو المنشد، وهو: الذي يتلو القصائد بصوت حسن، وغالبا ما يتلو قصائد الغزل والحبّ المهيّجة للحب والشوق، أو قصائد ابن الفارض وكبار المتصوفة، أو مواويل ومدائح يتوارثها الصوفية.

3- الحاضرون: قال الجنيد: “‌السماع يحتاج إلى ثلاثة أشياء، وإلا فلا تسمع: الزمان والمكان والإخوان”([2]).

ويبيّن الغزالي أهمية شرط الإخوان في الحاضرين، وأنه لا بد أن يكونوا من الموافقين للصوفية على الأقل، إن لم يكونوا من أبناء طريقتهم، فيقول: “وأما الإخوان فسببه أنه إذا حضر غير الجنس من منكِر السماع متزهّد الظاهر مفلس من لطائف القلوب كان مستثقلًا في المجلس، واشتغل القلب به”([3]).

ويبين أبو عبد الرحمن السلمي (ت: 412هـ) ما يتعلَّق بشروط الحضرة والانتفاع بها فيقول: “سمعت عَليّ بن سعيد يقول: سمعت أحمد بن عَطاء يقول: سر ‌السماع ثَلَاثَة أشياء: بلاغة ألفاظه، ولطف مَعَانِيه، واستقامة منهاجه، وسر النغمة ثَلَاثَة: طيب الْخَلق، وتأدية الألحان، وَصِحَّة الْإِيقَاع، وسر الصَّادِق فِي ‌السماع ثَلَاثَة: الْعلم بِاللَّه، وَالْوَفَاء بِمَا عَلَيْهِ، وَجمع الْهمّ، والوطن الَّذِي يسمع فِيهِ يحْتَاج أَن يجمع فِيهِ ثَلَاث خِصَال: طيب الروائح، وَكَثْرَة الْأَنْوَار، وَحُضُور الْوَقار، ويعدم ثَلَاث: رُؤْيَة الأضداد، ورؤية من يحتشم، ورؤية من يتلهى”([4]).

وقوله: (رؤية الأضداد) يقصد به من ليس موافقا، والمنكرين للسماع وللطريق.

وقوله: (طيب الخلق) يقصد به أن يكون القوال والمنشد حسن الوجه، فإن هذا عندهم مما يعين على حضور الأحوال.

ولعل هذا القول الجامع من أحمد بن عطاء الروذباري (ت: 369هـ) يبين سبب ما انتشر في حضرات الصوفية من كثرة البخور، وكثرة إيقاد النيران قديما والمصابيح حديثا، وتخير الولدان الحسان لحضور المجالس، وهو ما يسمونه: (الشاهد) كما حكاه وأنكره ابن القيم رحمه الله في كتابه (الكلام عن مسألة السماع) وهو يبين مفاسد هذا السماع المحدث فقال: “إن العبادات الشرعية -مثل الصلاة والصيام والاعتكاف والحج- قد شُرِع فيها من مجانبة مباشرة النساء المباحة في غيرها ما هو من كمالها وتمامها… فإذا كان هذا في النظر والمباشرة المباح في غير حال العبادة، نهى الله عنه حالَ العبادة لمنافاته لها، فكيف بالنظر إلى الصور المحرمة من الرجال والنساء، والاستمتاع بأصواتهن إذا كانوا هم المغنين؟! ولا يتم واجب السماع عند القوم إلا بذلك، وإلا كان سَمِجًا باردًا، فحضور ‌الشاهد في السماع من باب ما لا يتمُّ الواجب إلا به عندهم”([5]).

وذكر أيضا من مفاسد السماع: “كثرة إيقاد النيران بالشموع وغيرها، المفرِّق للقلوب القاطع لها عن جمعيتها على الله، حتى لو كان في الصلاة لفرَّق القلبَ وشَتَّتَه”([6]).

وهذه الآداب لا مستند لها سوى الاستحسان والذوق؛ إذ لما وجدوا أن هذه الأمور تعينهم على النشاط، ويجدون لها حلاوة في نفوسهم، قالوا باستحبابها، وهذا باب عظيم من أبواب البدعة والاختراع في الدين، فكلما استحسن أحد شيئا قال بموجبه.

ومن ذلك مثلا: ما ذكره بعضهم في آداب الحضرة ألا يشرب الماء إلا بعدها بثلث ساعة أو نصف ساعة؛ بحجة أن الماء يطفئ حرارة الذكر في القلب!([7]).

ومن ذلك ما ذكره أبو حامد الغزالي من استحباب الموافقة للحاضرين، فإذا قام واحد منهم متواجدًا وقامت له الجماعة، فلا بد من الموافقة، فذلك من آداب الصحبة.

وإذا جرت عادة طائفة بتنحية العمامة على موافقة صاحب الوجد إذا سقطت عمامته، أو خلع الثياب إذا سقط عنه ثوبه بالتمزيق، فالموافقة في هذه الأمور من آداب الحضرة؛ لأن المخالفة تسبب الوحشة والنفرة([8]).

ولهذا كانت الصوفية من أعظم أسباب انتشار البدع بين المسلمين؛ لأنهم يعتمدون في ما يشرعون على الذوق والمواجيد والمنامات، ويجعلونها حاكمة على الكتاب والسنة، وهذا باب شر عظيم.

3- سبب تسميتها بالحضرة:

سميت بذلك لأنها تساعد -بزعمهم- على تحقيق منزلة (الحضور)، وللصوفية كلام كثير جدًّا في مسألة الحضور وأنواعه، ليس غرضنا هنا بيانه، وخلاصته تدور حول حضور القلب مع الله، والغيبة عن الشعور بالخلق، وهذا هو الفناء الذي يرونه أعظم المقامات.

وربما سميت بذلك لأنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر معهم مجالسهم، إما يقظة وإما بروحه، كما يدّعون ذلك في حضرة المولد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر عند ذكر ولادته، ولذلك يقومون عند ذكر المولد؛ احترامًا وتعظيمًا لحضوره صلى الله عليه وسلم([9]).

يقول الشعراني عن مولد البدوي وأنه: “موضع يحضر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء معه وأصحابهم والأولياء”([10])، وأن أرواح الأولياء تحضر معهم، ولذلك يسمون بعض هذه الحضرات بـ(الحضرة النبوية) أي: التي يحضرها النبي صلى الله عليه وسلم.

ويعتقد التيجانية كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر أورادهم وحضراتهم([11]).

ولا شك في بطلان ذلك، وأنه غير واقع، وأن هذا من تلاعب الشيطان بهم في مثل هذه المجالس التي يحضر فيها الشيطان، وتخفّ فيها العقول([12]).

وتسميتها بالحضرة ليست تسمية قديمة، وإنما توجد في كتب المتصوفة المتأخرين، وأما كتب التصوف القديمة -كاللمع للطوسي، والرسالة للقشيري، وطبقات الصوفية للسلمي، وإحياء علوم الدين للغزالي، وعوارف المعارف للسهروردي- فيسمونها: السماع.

4- متى ظهرت الحضرة؟

لا يختلف العلماء أن القرون الثلاثة المفضلة لم يكن أحد فيهم يسمع هذا السماع المحدَث، كما يقرر ذلك ابن تيمية رحمه الله فيقول: “لم يكن أحد من الصحابة والتابعين وأئمة الدين وغيرهم من مشايخ الدين يحضرون مثل هذا السماع، لا بالحجاز ولا مصر ولا الشام ولا العراق ولا خراسان، لا في زمن الصحابة والتابعين ولا تابعيهم. لكن حدث بعد ذلك فكان طائفة يجتمعون على ذلك ويسمون الضرب بالقضيب على جلاجل ونحوه: التغبير، قال الحسن بن عبد العزيز الحراني: سمعت الشافعي يقول: خلّفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه: التغبير، يصدون به الناس عن القرآن”([13]).

وذكر أحمد بن المبارك السجلماسي([14]) (ت: 1156هـ) عن شيخه عبد العزيز الدباغ([15]) (ت: 1095هـ) أنه قال: “إن الحضرة لم تكن في القرن الأول -يعني قرن الصحابة-، ولا في القرن الثاني -يعني قرن التابعين-، ولا في القرن الثالث -يعني قرن تابع التابعين-، وهذه القرون الثلاثة هي خير القرون كما شهد به الحديث الشريف، وإنما ظهرت الحضرة في القرن الرابع”. ثم بين بدايتها فقال: “وسببها: أن أربعة أو خمسة من أولياء الله تعالى ومن المفتوح عليهم كان لهم أتباع وأصحاب، وكانوا رضي الله عنهم في بعض الأحيان ربما شاهدوا عباد الله من الملائكة وغيرهم يذكرون الله تعالى. قال: والملائكة -عليهم الصلاة والسلام- منهم من يذكر الله بلسانه وبذاته كلها، فترى ذاته تتحرك يمينًا وشمالًا، وتتحرك أمامًا وخلفًا، فكان الولي من هؤلاء الخمسة إذا شاهد ملكًا على هذه الحالة تعجبه حالته، فتتأثر ذاته بالحالة التي يشاهدها من الملك، ثم تتكيف ذاته بحركة الملك، فتتحرك ذاتُه كما تتحرك ذات الملك، وتحكي ذاتُه ذات الملك، وهو لا شعور له بما يصدر منه؛ لغيبته في مشاهدة الحق سبحانه. ولا شك في ضعف مَن هذه حالته وعدم قوته. فإذا رآه أتباعه يتحرك بتلك الحركة تبعوه، فهو يتحرك لحركة الملَك، وهم يتحركون لحركته، ويتزيون بزيه الظاهر.

ثم هلك الأشياخُ الخمسة أهل الباطن والصدق رضي الله عنهم، فاشتغل أهلُ الزي الظاهر بالحضرة، وزادوا في حركتها وجعلوا لها آلةً، وتكلفوا لها، وتوارثتها الأجيال جيلا بعد جيل”([16]).

وما يحكيه الدباغ عن سبب نشأة الحضرة لا يمكننا الجزم بقبوله؛ فإننا لا نجد له شاهدًا على صدقه، والدباغ إنما يتكلّم بالكشف، بلا بينة ولا برهان كما هو معلوم.

ولكن الغرض المقصود: الاتفاق على أن الحضرة لم تكن في قرون الخيرية، وإنما حدثت بعد ذلك عند المتأخرين.

ويذكر ابن تيمية رحمه الله أن أكابر الشيوخ من المتصوفة لم يكونوا يحضرون هذا السماع، وأن الجنيد حضره ثم تاب منه في آخر عمره، قال رحمه الله: “وأما الاستماع إلى ‌القصائد ‌الملحنة والاجتماع عليها فأكابر الشيوخ لم يحضروا هذا السماع، كالفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، وأمثالهم من المتأخرين، كالشيخ عبد القادر، والشيخ عدي بن مسافر، والشيخ أبي مدين، والشيخ أبي البيان، وأمثال هؤلاء المشايخ؛ فإنهم لم يكونوا يحضرون هذا السماع. وقد حضره طائفة من الشيوخ وأكابرهم، ثم تابوا منه ورجعوا عنه.

وكان الجنيد رحمه الله لا يحضره في آخر عمره، ويقول: من تكلف السماع فُتن به، ومن صادفه السماع استراح به. أي: من قصد السماع صار مفتونًا، وأما من سمع بيتًا يناسب حاله بلا اقتصاد فهذا يستريح به.

والذين حضروا السماع المحدث الذي جعله الشافعي من إحداث الزنادقة لم يكونوا يجتمعون مع مردان ونسوان، ولا مع مصلصلات وشبّابّات، وكانت أشعارهم مزهدات مرقّقات، فأما السماع المشتمل على منكرات الدين فمن عدَّه من القربات استتيب، فإن تاب وإلا قتل، وإن كان متأولًا جاهلًا بُيّنَ له خطأُ تأويله، وبُيِّن له العلمُ الذي يزيل الجهل”([17]).

فيؤخذ من كلامه رحمه الله أن السماع المحدَث لم يكن في القرون الثلاثة الخيرية، وإنما حدث بعدهم. وأن هذا السماع المحدث الذي أنكره السلف والأئمة لم يكن بهذه الصورة التي صارت عليها الحضرة عند المتأخرين، مِن اشتمالها على اللهو والمنكرات، ومع ذلك فالسلف اشتدّ نكيرهم على من حضرها، فكيف لو رأوا ما أحدثه هؤلاء المتأخرون والمعاصرون من المنتسبين للتصوف؟!

5- أهمية الحضرة عند الصوفية:

للحضرة منزلة كبيرة عند الصوفية، حتى ارتبط التصوف كسلوك وممارسة بالحضرات.

سئل أبو الحسن النوري (ت: 295هـ) عن الصوفي فقال: “من سمع السماع، وآثر على الأسباب”([18]).

وقال أبو القاسم الجنيد (ت: 298هـ): “تنزل الرحمة على الفقراء في ثلاثة مواطن: عند السماع؛ فإنهم لا يسمعون إلا عن حق، ولا يقولون إلا عن وَجد، وعند أكل الطعام؛ فإنهم لا يأكلون إلا عن فاقة، وعند مجاراة العلم؛ فإنهم لا يذكرون إلا صفة الأولياء”([19]).

واشترط مشايخ الطرق على مريديهم انتظامهم في هذه الحضرات، قال أبو العباس التيجاني (ت: 1230هـ): “من الأوراد اللازمة للطريقة ذكر الهيللة بعد صلاة العصر يوم الجمعة مع الجماعة، وإن كان له إخوان في البلد فلا بد من جمعهم وذكرهم جماعة. وهذا شرط في الطريقة”([20]).

وقال محمد بن سعد الرباطابي التيجاني: “وترك الاجتماع من غير عذر شرعي يعرض في الوقت ممنوع عندنا في الطريقة، ويعدّ تهاونًا، ولا يخفى وخامة مرتع التهاون”([21]).

ولا يخلو كتاب من كتب التصوف من باب لآداب السماع، وشروطه، وكيفيته، كاللمع للطوسي، وعوارف المعارف للسهروردي، والرسالة للقشيري، وطبقات الصوفية للسلمي، والإحياء للغزالي.

بل إن الغزالي -غفر الله له- فضّل هذا السماع المحدث البدعي على السماع لكلام الله تعالى من سبعة أوجه!([22]).

وهذا في الحقيقة من مفاسد هذا السماع؛ أنه يصد القلب عن الانتفاع بالقرآن، كما سيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى- في ذكر مفاسد هذا السماع.

ثانيا: بدع الحضرة ومنكراتها ومفاسدها:

بعد هذا العرض للحضرة عند الصوفية، فإنه لا يتردّد عالم في تحريم هذه الحضرة، وأنها بدعة قبيحة يجب النهي عنها. وقد سبق بيان بعض ما فيها من مفاسد، ونزيد ذلك توضيحًا وتفصيلا. وبيان ذلك في ما يلي:

1- الذكر الجماعي: فإنه ابتداع في كيفية الذكر، وكما هو معلوم فإن البدعة تدخل في كيفيات العبادة، كما تدخل في أصلها.

قال الشاطبي رحمه الله : “ومن البدع الإضافية التي تقرب من الحقيقية: أن يكون أصل العبادة مشروعا إلا أنها تخرج عن أصل شرعيتها بغير دليل؛ توهّما أنها باقية على أصلها تحت مقتضى الدليل، وذلك بأن يقيّد إطلاقها بالرأي، أو يطلق تقييدها، وبالجملة فتخرج عن حدها الذي حد لها”([23]).

ومن ذلك: الأمر بالذكر الوارد في الكتاب والسنة، فإنه قد بينه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بفعله وقوله وتركه. فإن الترك في العبادات مع وجود المقتضي وانتفاء المانع دليل على البدعية([24]).

والاجتماع على ذكر الله عز وجل بصوت واحد وعلى وتيرة واحدة ونغمة واحدة، أو ترديد الذاكرين خلف واحد بصوت واحد ونغمة واحدة، لم يرد في نصوص الكتاب والسنة، ولم يؤثر في عهد الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم، بل لما ظهر في زمنهم من يفعل ذلك أنكروه ونهوا عنه.

فمن ذلك: حديث ابن مسعود رضي الله عنه المشهور في إنكاره على من كانوا يذكرون ذكرًا جماعيًّا، وأنه قال لما وقف على حلقة من هذه الحلق: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟! قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ، قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ! هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ. قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ! قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَايْمُ اللَّهِ، مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ. ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ([25]).

وهذا إنكار صريح من ابن مسعود رضي الله عنه للذكر الجماعي.

ومن ذلك ما رواه ابن وضاح عن أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِ قَالَ: كَتَبَ عَامِلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَيْهِ أَنَّ هَا هُنَا قَوْمًا يَجْتَمِعُونَ فَيَدْعُونَ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِلْأَمِيرِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَقْبِلْ بِهِمْ مَعَكَ. فَأَقْبَلَ، وَقَالَ عُمَرُ لِلْبَوَّابِ: أَعِدَّ سَوْطًا. فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى عُمَرَ عَلَا أَمِيرَهُمْ ضَرْبًا بِالسَّوْطِ([26]).

بل إن الصحابة رضي الله عنهم أنكروا ما هو أقل من ذلك بكثير، فقد روى ابن وضاح عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، وَكَانَ مَجْلِسُهُ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَافْتَتَحَ سُورَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى بَلَغَ {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: ١١١] فَرَفَعَ أَصْوَاتَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا جُلُوسًا حَوْلَهُ، فَجَاءَ مُجَالِدُ بْنُ مَسْعُودٍ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصَاهُ، فَلَمَّا رَآهُ الْقَوْمُ قَالُوا: مَرْحَبًا مَرْحَبًا، اجْلِسْ، قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَجْلِسَ إِلَيْكُمْ وَإِنْ كَانَ مَجْلِسُكُمْ حَسَنًا، وَلَكِنَّكُمْ صَنَعْتُمْ قَبْلُ شَيْئًا أَنْكَرَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَإِيَّاكُمْ وَمَا أَنْكَرَ الْمُسْلِمونَ([27]).

وكذلك الأئمة، ومن ذلك إنكار الإمام مالك رحمه الله لقراءة القرآن في جماعة، وهو ما يعرف بالإدارة، قال الطرشوشي: “وأما أن يجتمع القوم، فيقرؤون في السورة مثل ما يقرأ في الإسكندرية، وهو الذي يسمى الإدارة؛ فكرهه مالك، وقال: هذا لم يكن من عمل الناس”([28]).

وقال ابن الحاج المالكي: “لم يختلف قول مالك رحمه الله في القراءة ‌جماعة والذكر ‌جماعة أنها من البدع المكروهة”([29]).

وقال أبو العباس الفضل بن مهران: سألت ‌يحيى ‌بن ‌معين وأحمد بن حنبل قلت: إن عندنا قومًا يجتمعون، فيدعون، ويقرءون القرآن، ويذكرون الله تعالى، فما ترى فيهم؟ قال: فأما ‌يحيى ‌بن ‌معين فقال: يقرأ في المصحف، ويدعو بعد صلاة، ويذكر الله في نفسه. قلتُ: فأخ لي يفعل هذا؟ قال: انهه. قلت: لا يقبل؟ قال: عظه. قلتُ: لا يقبل، أهجره؟ قال: نعم. ثم أتيتُ أحمدَ حكيتُ له نحوَ هذا الكلام، فقال لي أحمدُ أيضًا: يقرأ في المصحف، ويذكر الله تعالى في نفسه، ويطلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: فأنهاه؟ قال: نعم، قلت: فإن لم يقبل، قال: بلى إن شاء الله تعالى؛ فإن هذا محدث، الاجتماع والذي تصف. قلت: فإن لم يفعل أهجره؟ فتبسم وسكت([30]).

فانظر كيف اجتمع هذان الإمامان الكبيران على ذم هذا الذكر الجماعي؛ لأن صورته لم ترد، فكيف بصورة الحضرة المحدثة والمليئة بالمنكرات؟!

وأما الإمام أبو حنيفة رحمه الله فمعلوم إنكاره للجهر بالذكر، إلا فيما ورد به الشرع، ففي بدائع الصنائع للكاساني الحنفي: “رفع الصوت بالتكبير ‌بدعة إلا في موضع ثبت بالشرع”([31]). وفيه أيضا: “والجهر بالأذكار ‌بدعة، والفعل إذا تردد بين السنة والبدعة تغلب جهة البدعة؛ لأن الامتناع عن البدعة فرض”([32]).

وهذا يستلزم بالقطع أن يكون الذكر جماعة جهرًا من المحدثات المنهي عنها عندهم.

وبهذا يتبين بدعية الذكر الجماعي، وليس للمجوزين ما يحتجون به غير الأدلة العامة على فضل مجالس الذكر، أو فضل الاجتماع على الذكر، أو مشروعية الجهر بالذكر أحيانا، وهذا كله خارج عن محل النزاع.

فهذه هي البدعة الأولى في ما يسمى بالحضرة([33]).

2- ومن هذه البدع التي اشتملت عليها الحضرة: التقرب إلى الله تعالى بالغناء واستماعه. وهي من أهم أعمال الحضرة، فإن هذا الغناء هو الذي يستثير الأحوال الكامنة التي يسعى الحاضرون للوصول إليها.

وقد بين الغزالي أهمية السماع للمريد في تحريك قلبه واستثارة الأحوال الكامنة فيه فقال: “ولا سبيل إلى استثارة خفاياها إلا بقوادح ‌السماع، ولا منفذ إلى القلوب إلى من دهليز الأسماع، فالنغمات الموزونة المستلذة تخرج ما فيها وتظهر محاسنها أو مساويها، فلا يظهر من القلب عند التحريك إلا ما يحويه، كما لا يرشح الإناء إلا بما فيه، فالسماع للقلب محك صادق ومعيار ناطق، فلا يصل نفس ‌السماع إليه إلا وقد تحرك فيه ما هو الغالب عليه”([34]).

وإذا كان الغناء الذي يتلهى ويُلعب به يدور حكمه بين التحريم والكراهة والترخيص في بعضه للنساء والصبيان في أحوال مخصوصة، فكيف يُجعل مثل هذا الغناء قربة إلى الله تعالى؟!

ولذلك اتفق العلماء على حرمة التقرب إلى الله تعالى بالغناء، وأنه من البدع المحرمة المذمومة، قال ابْن عقيل: “قد سمعنا منهم أن الدعاء عند حدو الحادي وعند حضور المخدة مجاب، وذلك أنهم يعتقدون أنه قربة يتقرب بِهَا إِلَى اللَّه تعالى. قَالَ: وهذا كفر؛ لأن من اعتقد الحرام أَوِ المكروه قربة كان بهذا الاعتقاد كافرا. قَالَ: والناس بين تحريمه وكراهيته”([35]).

قال ابن تيمية رحمه الله: “وأما السماع الديني الذي جعله أبو القاسم([36]) للخاصة، فهو عند الشافعي من فعل الزنادقة، كما قال: خلَّفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه: ‌التغبير، يصدون به الناس عن القرآن. فعنده أن هذا السماع أعظم من أن يقال فيه: مكروه أو حرام، بل هو عنده مضادّ للإيمان، وشرعُ دينٍ لم يأذن الله به، ولم ينزل به سلطان”([37]).

وقال أيضا: “فمن فعل هذه الملاهي على وجه الديانة والتقرب فلا ريب في ضلالته وجهالته. وأما إذا فعلها على وجه التمتع والتلعب فذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام”([38]).

وسبق النقل عنه أن من استباح هذا السماع وعده من القرب يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وإن كان جاهلا بين له وأزيل جهله.

وقال أيضا: “وأما سماع المكاء والتصدية -وهو الاجتماع لسماع القصائد الربانية سواء كان بكف أو بقضيب أو بدف أو كان مع ذلك شبابة- فهذا لم يفعله أحد من الصحابة، لا من أهل الصفة ولا من غيرهم؛ بل ولا من التابعين، بل القرون المفضلة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «خير القرون الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» لم يكن فيهم أحد يجتمع على هذا السماع”([39]).

وقال ابن القيم رحمه الله: “لا يُبيحه أحد من المسلمين، ولا يستحسنه إلّا من خلعَ جِلبابَ الحياء والدين عن وجهه، وجاهرَ الله ورسولَه ودينَه وعبادَه بالقبيح، وسماعٌ مشتمل على مثل هذه الأمور قُبحه مستقرٌّ في فِطَر الناس، حتى إنَّ الكفار ليُعيِّرون به المسلمين ودينهم”([40]).

وقال أيضا: “مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب، وقوله فيه من أغلظ الأقوال، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف، حتى الضرب بالقضيب، وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد بها الشهادة، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا: إن السماع فسق والتلذذ به كفر”([41]).

وسئل مالك رحمه اللَّه عمّا يرخّص فيه أهل المدينة من الغناء؟ فقال: “إنما يفعله عندنا الفساق”([42]).

وقد تواتر عن الشافعي أنه قال: “خلَّفْت ببغداد شيئًا أحْدَثَتْهُ الزنادقةُ يُسمُّونه: التَّغْبير، يَصُدُّون به الناسَ عن القرآن”([43]).

وقد روى الخلال عن الإمام أحمد قَال: “أَرَى أَنْ يُضْرَبَ صَاحِبُ ‌التَّغْبِيرِ”([44]).

وقيل له: إنه يرقق القلب؟ فقال: “بدعة”([45]).

وقد صنف غير واحد من العلماء في تحريم هذا السماع، فمنهم أبو الطيب الطبري (ت: 450هـ) كتب (رسالة في الرد على من يحب السماع)، وأبو بكر الطرطوشي (ت: 520هـ) وله كتاب (تحريم الغناء والسماع) وردّ فيه على الصوفية القائلين بجوازه، وابن الجوزي (ت: 597هـ) في كتابه (تلبيس إبليس) عقد فيه فصلا في تلبيس الشيطان على الصوفية في السماع والرقص والوجد، والموفق ابن قدامة (ت: 620هـ) له رسالة (ذم الشبابة والرقص والسماع) وأبو العباس القرطبي (ت: 656هـ) له كتاب (كشف القناع عن حكم الوجد والسماع).

ومن أهم الكتب في ذلك كتاب ابن القيم رحمه الله (الكلام في مسألة السماع)، وقد استوفى الرد على كل شبهات الصوفية في هذا الباب.

3- ومن بدع الحضرة: استعمال آلات اللهو، كالدف والناي والصاجات وغيرها من المعازف. وقد نقل غير واحد من العلماء الإجماع على تحريم الغناء المقترن بآلات اللهو، ومنهم ابن حجر الهيتمي([46])، وأبو الحسين البغوي، فإنه قال: “وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيم المزامير والملاهي وَالْمَعَازِف”([47]).

وقال ابن قدامة رحمه الله: “آلَةُ اللَّهْوِ كَالطُّنْبُورِ، وَالْمِزْمَارِ، وَالشَّبَّابَةِ… آلَةٌ لِلْمَعْصِيَةِ، بِالْإِجْمَاعِ”([48]).

وقال ابن الصلاح: “الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت، فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عن أحد ممن يعتدُّ بقوله في الإجماع والاخلاف أنه أباح هذا السماع”([49]).

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: “وقد حكى زكريا بن يحيى الساجي في كتابه اختلاف العلماء اتفاق العلماء على النهي عن الغناء، إلا إبراهيم بن سعد المدني وعبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة. وهذا في الغناء دون سماع الآلات، فإنه لا يعرف عن أحد ممن سلف الرخصة فيها، إنما يعرف ذلك عن بعض المتأخرين من الظاهرية والصوفية، ممن لا يعتد به”([50]).

4- ومن منكرات هذه الحضرة وبدعها: تدنيس المساجد بالغناء والملاهي المحرمة، ورفع الصوت فيها بالبدع والمحدثات. فشابهوا بذلك المشركين الذين كانت صلاتهم عند البيت مكاء وتصدية.

قال ابن الحاج المالكي: “وأشدُّ من فعلهم السماع كون بعضهم يتعاطونه في المساجد، وقد تقدم توقير السلف رضي الله عنهم للمساجد كيف لا يكون كذلك وقد كانوا يكرهون رفع الصوت فيه ذكرًا كان أو غيره؟!.. وبعض هؤلاء يفعلون السماع على ما هو عليه اليوم في المساجد، ويرقصون فيها، وعلى حصر الوقف التي فيها، وكذلك يفعلون في الربط، والمدارس”([51]).

ونقل عن أبي بكر الطرطوشي قوله: “وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار، قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون، فهو دين الكفار وعباد العجل، وأما القضيب فأول من أحدثه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى، وإنما كان يجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كأنما على رءوسهم الطير من الوقار، فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم، ولا يعينهم على باطلهم. هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين، وبالله التوفيق”([52]).

ونقل عنه أيضا قوله: “وهذه الطائفة([53]) مخالفة لجماعة المسلمين؛ لأنهم جعلوا الغناء دينا وطاعة، ورأت إعلانه في المساجد والجوامع، وقد كان أولى الناس بالاحتياط لدينهم هذه الطائفة، فإنهم متلبسون بالدين، ومدعون الورع والزهد حتى توافق بواطنهم ظواهرهم”([54]).

5- ومن بدع هذه الحضرة ومنكراتها: التقرب إلى الله تعالى بالرقص والتصفيق والقفز والدوران. وهذا من عظيم المنكرات؛ فإن التقرب إلى الله تعالى بالرقص بدعة محدثة باتفاق العلماء، بل عده كثير من العلماء كفرًا.

وممن عده كفرًا الشيخ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي الحنفي (ت: 956هـ) في كتابه (الرهص والوقص في تحريم الرقص)، وقد صنفه للرد على الصوفية المبيحين له.

وكذلك ابن الجوزي، ونقل الإجماع على ذلك فقال: “وأَطَمُّ الطامات ادعاؤهم أن هذا [أي: الرقص] قربةٌ، وقد انعقد إجماع العلماء أن من ادعى الرقص قربة إلى الله تعالى كفر، فلو أنهم قالوا: مباح كان أقرب حالًا، وهذا لأن القرب لا تعرف إلا بالشرع، وليس في الشرع أمر بالرقص، ولا ندب إليه”([55]).

ونقل الحافظ ابن حجر رحمه الله عن أبي العباس القرطبي ردًّا على الصوفية الذين يجوّزون الرقص والغناء، فقال: “وأما ما ابتدعه ‌الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يُختلف في تحريمه، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن يُنسب إلى الخير، حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان، حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة، وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال، وأن ذلك يثمر سَنيَّ الأحوال! وهذا على التحقيق من آثار الزندقة وقول أهل المخرقة([56]). والله المستعان”([57]).

فإن قيل: هم مغلوبون على ذلك، والمغلوب على أمره لا يلام.

فالجواب من وجهين:

الأول: أنا لا نسلم بكونهم مغلوبين، فإن الرقص والدوران المنتظم بحركات معروفة لا يتصور صدوره غلبة، وكل من يطالع أحوال هؤلاء الراقصين يدرك ذلك.

الثاني: أنه إذا علم أن السماع يدخله في ذلك لم يجز له تعاطي مقدماته، كالسكران باختياره لا يسقط عنه التكليف والذم فيما اقترفه في سكره.

وسوف نورد من كلام ابن عقيل بعد قليل ما يفيد هذا المعنى.

6- ومن بدع هذه الحضرة: ما ذكره الغزالي في آداب السماع، فذكر منها: “موافقه القوم في القيام إذا قام واحد منهم في وجد صادق من غير رياء، وتكلف أو قام باختيار من غير إظهار وجد، وقامت له الجماعة، فلا بد من الموافقة فذلك من آداب الصحبة. وكذلك إن جرت عادة طائفة بتنحية العمامة على موافقة صاحب الوجد إذا سقطت عمامته، أو خلع الثياب إذا سقط عنه ثوبه بالتمزيق، فالموافقة في هذه الأمور من حسن الصحبة والعشرة؛ إذ المخالفة موحشة، ولكل قوم رسم، ولا بد من مخالقة الناس بأخلاقهم”([58]).

وقد رد عليه ابن الجوزي، وبين ما في ذلك من المفاسد، فقال: “فَإِذَا تمكن الطرب من الصوفية فِي رحال رقصهم جذب أحدهم بعض الجلوس ليقوم معه، ولا يجوز عَلَى مذهبهم للمجذوب أن يقعد، فَإِذَا قَامَ قام الباقون تبعًا لَهُ، فَإِذَا كشف أحدهم رأسه كشف الباقون رؤوسهم موافقة لَهُ. ولا يخفى عَلَى عاقل أن كشف الرأس مستقبح، وفيه إسقاط مروءة وترك أدب، وإنما يقع فِي المناسك تعبدا لله وذلا لَهُ”([59]).

وقال أيضا: “وَقَدْ سئل ابْن عقيل عَنْ تواجدهم وتخريق ثيابهم، فَقَالَ: خطأ وحرام، وقد نهى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إضاعة المال، وعن شق الجيوب. فَقَالَ لَهُ قائل: فإنهم لا يعقلون مَا يفعلون، قَالَ: إن حضروا هذه الأمكنة مَعَ علمهم أن الطرب يغلب عليهم فيزيل عقولهم أثموا بما يدخل عليهم من التخريق وغيره مما يفسد، ولا يسقط عنهم خطاب الشرع؛ لأنهم مخاطبون قبل الحضور بتجنب هذه المواضع التي تفضي إِلَى ذلك، كَمَا هم منهيون عَنْ شرب المسكر، فَإِذَا سكروا وجرى منهم إفساد الأموال لم يسقط الخطاب”([60]).

7- ومن بدع الحضرة: الذكر بالاسم المفرد (الله)، أو الضمير (هو)، أو قولهم: (أه)، وزعمهم أن هذا اسم من أسماء الله تعالى.

فإن الذكر باللفظ المفرد من البدع المحدثة، وأقبح منها الذكر بالضمير الغائب، وأقبح من ذلك الذكر بالتأوه، قال ابن تيمية رحمه الله : “ومن زعم أن هذا ذكر العامة وأن ذكر الخاصة هو ‌الاسم ‌المفرد وذكر خاصة الخاصة هو الاسم المضمر فهم ضالون غالطون. واحتجاج بعضهم على ذلك بقوله: ﴿‌قُلِ ‌ٱللَّهُ ‌ثُمَّ ‌ذَرهُم فِي خَوضِهِم يَلعَبُونَ﴾ [الأنعام: 91] من أبين غلط هؤلاء؛ فإن الاسم هو مذكور في الأمر بجواب الاستفهام، وهو قوله: ﴿قُل مَن أَنزَلَ ٱلكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَاءَ بِهِۦ مُوسَىٰ نُورا وَهُدى لِّلنَّاسِ﴾ إلى قوله: ‌﴿‌قُلِ ‌ٱللَّهُ﴾ أي: اللهُ الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى، فالاسم مبتدأ، وخبره قد دل عليه الاستفهام، كما في نظائر ذلك تقول: من جاره؟ فيقول: زيد. وأما ‌الاسم ‌المفرد مظهرًا أو مضمرًا فليس بكلام تام ولا جملة مفيدة، ولا يتعلق به إيمانٌ ولا كفرٌ، ولا أمرٌ ولا نهيٌ، ولم يَذْكر ذلك أحدٌ من سلف الأمة، ولا شرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعطي القلب بنفسه معرفة مفيدة ولا حالا نافعا”([61]).

وقال أيضا: “والذكر بالاسم المضمر المفرد أبعد عن السنة، وأدخل في البدعة، وأقرب إلى إضلال الشيطان. فإن من قال: يا هو يا هو، أو هو هو، ونحو ذلك؛ لم يكن الضمير عائدا إلا إلى ما يصوره قلبه، والقلب قد يهتدي وقد يضل”([62]).

وأما حديث: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: اللَّهُ اللَّهُ»([63]) فلا يدل على ذلك من وجوه:

أولها: أن الصحابة والسلف لم يفهموا منها ذلك، ولم يذكروا الله تعالى بالاسم المفرد.

ثانيها: أن بعض الرويات جاء فيها: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّه»([64]).

ثالثها: أن شراح الحديث بينوا معنى ذلك.

قال الطيبي: “معنى «حتى لا يقال» حتى لا يذكر اسم الله ولا يعبد”([65]).

وقال المناوي: “وليس المراد أن لا يُتلَفّظ بهذه الكلمة، بل أنه لا يذكر الله ذكرا حقيقيا”([66]).

وأما الاستدلال بقوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبرَٰهِيمَ ‌لَحَلِيمٌ ‌أَوَّٰه مُّنِيب﴾ [هود: 75]، وأن الأواه هو كثير التأوّه، فيكون حجة على جواز الذكر بقولهم: (أه)، فهذا استدلال فاسد من ثلاثة وجوه:

الأول: أن أحدًا من الصحابة والسلف لم يفعل مثل ذلك، ولا ذكر الله تعالى بالتأوه كما يدعون، ولو كان هذا صحيحا لما عدلوا عنه وتركوه، مع ما علم من حرصهم على الذكر واشتغالهم به.

الثاني: أن العلماء اختلفوا في معنى الأواه: فقيل: هو الدَّعَّاء، وهذا اختيار ابن جرير، وقيل: الرحيم، وقيل: الموقن، وقيل: كثير الذكر والتسبيح وتلاوة القرآن([67]). وليس الذي يقول (أوه).

وقد ذكر ابن جرير رحمه الله تفسير الأواه بالتأوه، وذكر فيه حديثًا لا يصح. وذكر عن كعب أنه قال: “الأواه: إذا ذكر النار قال: أوه”. وعلى هذا القول فإن معناه أنه يقول ذلك خوفًا وحزنًا وإشفاقًا عند ذكر النار ونحو ذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال لما رأى معه التمر الجيد: «أوَّهْ أوَّهْ! عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، لا تَفْعَلْ»([68]). فقال ذلك حزنًا على وقوعه في الربا.

فهذا هو معنى من ذكر هذا الوجه في معنى الأواه، لا أنه يذكر الله تعالى بقوله: (أه)، فإن هذا ذكر محدث لا معنى له.

وأقبح من ذلك دعوى بعضهم أنه من أسماء الله تعالى، فإن الأسماء توقيفية، ولم يرد في الكتاب والسنة ذكر ذلك. وإنما ورد في حديث لا يصح.

قال المناوي: “فَإِن الأنين من أَسمَاء الله تَعَالَى، أَي: لفظ (‌آه) ‌من ‌أَسمَاء ‌الله تَعَالَى، لَكِن هَذَا تتداوله الصُّوفِيَّة، ويذكرون لَهُ أسرارا، وَلم يرد بِهِ تَوْقِيف من حَيْثُ الظَّاهِر”([69]).

8- اشتمال كثير من هذه الحضرات على صور شركية قل أن تخلو منها، مثل: الاستغاثة بغير الله تعالى، ونداء الأقطاب الأربعة والمشايخ، وإنشاد القصائد المتضمنة للغلو في الأموات ودعائهم من دون الله تعالى. ومثل: السجود للشيخ.

قال ابن الحاج المالكي: “وهذا السجود المنهي عنه قد اتخذه جهال المتصوفة عادةً في سماعهم، وعند دخولهم على مشايخهم، واستغفارهم، فترى الواحد منهم إذا أخذه الحال بزعمه يسجد للأقدام، سواء كان للقبلة أو غيرها؛ جهالة منه، ضل سعيهم، وخاب عملهم”([70]).

بل غالب أورادهم وصلواتهم على النبي صلى الله عليه وسلم لا تخلو من ألفاظ منكرة، وغلو قبيح، وإضفاء أوصاف في أقل أحوالها لم يرد بها دليل، كوصفه صلى الله عليه وسلم بأنه أول خلق الله، وأنه مخلوق من نور الله تعالى، وأنه سيد الكونين، أنه كاشف الكرب، وغير ذلك من الألفاظ التي تنضح بالغلو المنهي عنه.

فهؤلاء القوم من أزهد الناس في الأذكار والأوراد الشرعية المأثورة، ولا تجد لهم ذكرًا شرعيًّا صافيا خالصًا، بل لا بد أن يخلطوه بالبدع والمحدثات، وما ذلك إلا بشؤم تمسكهم ببدعهم، فإن البدعة والسنة يتقاومان، وكلما ظهرت بدعة ماتت في مقابلها سنة. والله المستعان.

8- أن في حضور هذه المجالس مفاسد أخرى غير ما قدمنا، مثل: تهييج معاني العشق المحرم في القلوب، فإن أغلب السماع يدور حول تهييج معاني العشق، بحجة استثارة مكامن الحب في القلب، وأغلب المستمعين أجلاف، بواطنهم محشوة بالشهوات، فلا تنصرف إلا إلى العشق المحرم.

ومن ذلك: ما يحدث في هذه المجالس من مخالطة النساء والمردان، وقد أنكر عليهم ذلك كثير من أهل العلم.

قال ابن الحاج: “إن هذه الطائفة تضيف إلى ما هي فيه من الباطل استحضار ‌المرد ‌في ‌مجالسهم، والنظر في وجوههم، وربما زينوهم بالحلي والمصبغات من الثياب، وتزعم أنها تقصد بذلك الاستدلال بالصنعة على الصانع. قال الأستاذ القشيري رحمه الله -وهو من رؤساء طائفتهم- قولًا عظيمًا في الرد عليهم وكشف فضائحهم: من ابتلاه الله بشيء من ذلك فهو عبد أهانه الله، وخذله، وكشف عورته، وأبدى سوأته في العاجل، وله عند الله سوء المنقلب في الآجل”([71]).

وذكر مثل ذلك ابنُ القيم رحمه الله، وأن بعضهم يحضر أمامه ما يسمى: (الشاهد) وهو الرجل الأمرد الجميل أو المرأة الحسناء؛ حتى يتم له استثارة الوجد!

ومن هذه المفاسد: عدم الانتفاع والتأثر بالسماع الإيماني، فلا يتأثرون بكتاب الله تعالى؛ فإن طاقة وجدهم صرفت للسماع البدعي، وامتلأت قلوبهم به، فلا يبقى في القلب مكان للتأثر بالقرآن.

ومنها: ما ذكره ابن القيم رحمه الله فقال: “التنوع في المطاعم والمشارب والمسموعات على اختلاف أنواعها، وليس هذا شأنَ أرباب العبادات، وإنما هو شأن أصحاب الشهوات”([72]).

وذكر أيضا في مفاسدها: رفع الصوت، وهو خلاف الأدب والوقار، قال رحمه الله: “رفع الأصوات بالذكر المشروع مكروه، إلا حيث جاءت به السنّة، كالأذان والتلبية، وما سوى ذلك فيكره، قال قيس بن عباد -من كبار التابعين-: كانوا يستحبون خفض الصوت عند الذكر وعند الجنائز وعند القتال([73]). وهذه المواطن الثلاثة تطلب فيها النفوسُ الحركةَ الشديدة، فإذا كان رفع الصوت في مواطن العبادات بالذكر والدعاء الذي يحبه الله ويرضاه بدعةً مكروهة لا يتقرب بها إلى الله، فكيف يكون رفعُه بالغناء الذي هو قرآن الشيطان قربةً وطاعة؟! وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم صوتًا فاجرًا أحمق، ونهى عنه”([74]).

وبالجملة فمفاسد السماع البدعي وهذه الحضرات أكثر من أن يحصرها العد، وفيما ذكرنا كفاية.

خاتمة:

وبهذا كله يعلم حرمة حضور هذه الحضرات، وأنها تشتمل على منكرات وبدع، لا يختلف العلماء على ذمها وحرمتها.

وأن تسميتها بمجالس الذكر هي تسمية باطلة، ومن الخداع للمسلمين والمسلمات، بل هي مجالس بدعة وذكر للشيطان. والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) تهذيب اللغة (6/ 96)، والمحيط في اللغة (1/ 188).

([2]) ينظر: إحياء علوم الدين (2/ 301).

([3]) المصد السابق (2/ 302).

([4]) طبقات الصوفية (ص: 372).

([5]) الكلام عن مسألة السماع (1/ 216) باختصار يسير.

([6]) السابق (1/ 220).

([7]) انظر: موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان، لمحمد بن عبد الكريم الكسنزان الحسيني (1/ 238).

([8]) انظر: الإحياء (2/ 305).

([9]) انظر: الختمية (1/ 305).

([10]) الطبقات الكبرى (1/ 158).

([11]) ينظر: جواهر المعاني في فيض أبي العباس التيجاني، لعلي حرازم -ط. الحلبي القاهرة- (1/ 124).

([12]) انظر في تفنيد دعوى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة: أصول بلا أصول للدكتور المقدم، وتقديس الأشخاص في الفكر الصوفي، للدكتور محمد أحمد لوح (2/ 23).

([13]) مجموع الفتاوى (11/ 532).

([14]) هو أبو العباس أحمد بن مبارك بن محمد بن علي بن مبارك السجلماسي اللمطي، تتلمذ على عبد العزيز الدباغ، وجمع كلامه في كتاب (الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز).

([15]) من شيوخ الصوفية في المغرب، كان أمّيًّا لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك يخوض في جميع العلوم بما يسمونه العلم الوهبي.

([16]) الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز (ص: 371) -دار الكتب العلمية، ط. الثانية-.

([17]) مجموع الفتاوى (11/ 535).

([18]) ينظر: الرسالة القشيرية (2/ 510).

([19]) ينظر: الرسالة القشيرية (2/ 509).

([20]) ينظر: جواهر المعاني في فيض أبي العباس التيجاني، لعلي حرازم (1/ 125).

([21]) الدرر السنية في شروط وأحكام وأوراد الطريقة التيجانية -ط. مكتبة القاهرة، 1955م-.

([22]) ينظر: إحياء علوم الدين (2/ 298).

([23]) الاعتصام (1/ 485).

([24]) انظر: الاعتصام (1/ 496).

([25]) رواه الدارمي (210)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (5/ 11).

([26]) رواه ابن وضاح في البدع (ص: 18).

([27]) رواه ابن وضاح في البدع (ص: 45).

([28]) الحوادث والبدع (ص: 162).

([29]) المدخل (1/ 96).

([30]) ينظر: الآداب الشرعية والمنح المرعية، لابن مفلح (2/ 102).

([31]) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/ 196).

([32]) السابق (1/ 204).

([33]) لمزيد من التفصيل حول مسألة الذكر الجماعي، يراجع كتاب (الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع). لمحمد الخميس.

([34]) الإحياء (2/ 268).

([35]) ينظر: تلبيس إبليس، لابن الجوزي (ص: 222).

([36]) أي: القشيري.

([37]) الاستقامة (1/ 279).

([38]) مجموع الفتاوى (11/ 576).

([39]) مجموع الفتاوى (11/ 57).

([40]) الكلام على مسألة السماع (1/ 18).

([41]) إغاثة اللهفان (1/ 425).

([42]) ينظر: تفسير القرطبي (14/ 55).

([43]) ينظر: مناقب الشافعي للبيهقي (52)، وذم الملاهي لابن عساكر (14).

([44]) الأمر بالمعروف (ص: 47).

([45]) السابق (ص: 71).

([46]) كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع (ص: 118).

([47]) شرح السنة (12/ 383).

([48]) المغني (9/ 132).

([49]) فتاوى ابن الصلاح (2/ 501).

([50]) نزهة الأسماع (ص: 459).

([51]) المدخل (3/ 98) باختصار.

([52]) المدخل (3/ 100).

([53]) أي: الصوفية المتعبدون بالغناء في المساجد.

([54]) المدخل (3/ 101).

([55]) صيد الخاطر (ص: 168).

([56]) المخرقة: الدجل والكذب، وهي مولدة. انظر: المزهر، للسيوطي (1/ 245).

([57]) فتح الباري (2/ 445).

([58]) الإحياء (2/ 305).

([59]) تلبيس إبليس (ص: 232).

([60]) المصدر نفسه.

([61]) مجموع الفتاوى (10/ 226).

([62]) المصدر نفسه.

([63]) رواه مسلم (148).

([64]) رواه أحمد (3/ 268)، وابن حبان (15/ 262)، والحاكم (4/ 540).

([65]) الكاشف عن حقائق السنن (11/ 3484).

([66]) فيض القدير (6/ 417).

([67]) انظر: تفسير ابن جرير (12/ 39).

([68]) رواه البخاري (2312)، ومسلم (1594).

([69]) التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 9).

([70]) المدخل (3/ 95).

([71]) المدخل (3/ 114).

([72]) الكلام على مسألة السماع (1/ 220).

([73]) رواه ابن أبي شيبة (11201).

([74]) الكلام على مسألة السماع (1/ 228).


للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..