الصفحات

الثلاثاء، 25 يوليو 2023

كيف تضبط نفسك عند الغضب؟

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسوله، وبعد:
فإنَّك إذا فتَّشتَ في كثير من جرائم العُدوان على الآخرين، وبحثتَ عن أسبابها، فستجد الغضب وانفلات الأعصاب من أبرز الأسباب.
🔹 لا تغضب:
لذا كانت وصيَّة النبيِّ ﷺ البُعد عن الغضب، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه-، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِىِّ ﷺ: أَوْصِنِى [وفي رواية: علِّمني شيئًا ولا تُكثر عليَّ لَعَلِّي أعيه]. قَالَ: «لَا تَغْضَبْ». فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ».
رواه البخاري (٦١١٦)، والترمذي (٢٠٢٠). 

قال ابن رجب -رحمه الله-: 

(فَقَوْلُهُ ﷺ: «لَا تَغْضَبْ» يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
الْأَمْرُ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي تُوجِبُ حُسْنَ الْخُلُقِ مِنَ الْكَرَمِ، وَالْحِلْمِ، وَالتَّوَاضُعِ، وَالِاحْتِمَالِ، وَكَفِّ الْأَذَى، وَالصَّفْحِ وَالْعَفْوِ، وَكَظْمِ الْغَيْظِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ؛ فَإِنَّ النَّفْسَ إِذَا تَخَلَّقَتْ بِهَذِهِ الْأَخْلَاقِ أَوْجَبَ لَهَا ذَلِكَ دَفْعَ الْغَضَبِ عِنْدَ حُصُولِ أَسْبَابِهِ.
وَالثَّانِي:
أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: لَا تَعْمَلْ بِمُقْتَضَى الْغَضَبِ إِذَا حَصَلَ لَكَ، بَلْ جَاهِدْ نَفْسَكَ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِمَا يَأْمُرُ بِهِ، فَإِنَّ الْغَضَبَ إِذَا مَلَكَ ابْنَ آدَمَ كَانَ الْآمِرَ وَالنَّاهِيَ لَهُ؛ وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ} [الأعراف:١٥٤]، فَإِذَا لَمْ يَمْتَثِلِ الْإِنْسَانُ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ غَضَبُهُ، وَجَاهَدَ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ انْدَفَعَ عَنْهُ شَرُّ الْغَضَبِ). جامع العلوم والحكم (١/ ٣٦٤).

🔹 الغضب يجمع الشرَّ كلَّه:

قَالَ الرَّجُلُ الذي أوصاه النبيُّ ﷺ بألَّا يغضب: 
(فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ مَا قَالَ، فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ). رواه أحمد (٢٣٢١٩). كم من رجل غضب غضبة فقتل بريئًا! وكم من زوج غضب فطلَّق زوجته وشرَّد أسرته! وكم من رجل غضب فكسر جواله أو تلفازه أو نظارته! وكم أدَّى الغضب إلى سفك دماء وتقطيع علاقات وتضييع أموال! قال ابن رجب -رحمه الله-: (وقول الصحابي: (ففكرتُ فيما قال النَّبيُّ ﷺ، فإذا الغضبُ يجمع الشرَّ كلَّه) يدلُّ على أنَّ الغضبَ جماعُ الشرِّ، قال جعفر بنُ محمد -رحمه الله-: الغضبُ مفتاحُ كلِّ شرٍّ. وقيل لابنِ المبارك: اجْمَعْ لنا حُسنَ الخُلُق في كلمة، قال: تركُ الغضبِ). جامع العلوم والحكم (٣٦٣/١).

🔹 القوة الحقيقيَّة: هي ضبط النَّفس عند الغضب:

قال النبيُّ ﷺ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ». رواه البخاري (٦١١٤)، ومسلم (٢٦٠٩).

🔹 وسائل ضبط النَّفس عند الغضب:

١- كظم الغيظ:

(كَظْم الغَيْظ: ردُّه في الجَوْف إذا كاد أن يخرج مِن كَثْرَته، فضبطه ومَنَعَه). المحرر الوجيز (٢٣٣/٣). قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:١٣٣-١٣٤]. رُوِيَ أنَّ جَارِيَةً لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ جعلت تَسْكَبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَتَهَيَّأَ لِلصَّلَاةِ، فَسَقَطَ الْإِبْرِيقُ مِنْ يَدِ الْجَارِيَةِ عَلَى وَجْهِهِ فَشَجَّهُ، فَرَفَعَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَأسَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}. فَقَالَ لَهَا: (قَدْ كَظَمْتُ غَيْظِي). قَالَتْ: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}. فَقَالَ لَهَا: (قَدْ عَفَا اللهُ عَنْكِ). قَالَتْ: {وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. قَالَ: (اذْهَبِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ). شعب الإيمان (٧٩٦٤).

٢- استحضار ثواب كفِّ الغضب وكظم الغيظ:

فمَن علم عِظَم الثَّواب ونبل الغاية، هان عليه ما يبذل من أجلها، ولله درُّ القائل: تَهُونُ عَلَيْنَا فِي الْمَعَالِي نُفُوسُنَا *** وَمَنْ يَخْطُبِ الْحَسْنَاءَ لَم يُغْلِهَا الْمَهْرُ الإيضاح في علوم البلاغة (١/ ١٨٥). قَالَ النبيُّ ﷺ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ؛ دَعَاهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ». رواه أبو داود (٤١٤٧)، والترمذي (٢٠٢١)، وابن ماجه (٤١٧٦)، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع (٦٥٢٢). قال ابن حجر -رحمه الله-: (استحضار ما جاء في كَظْم الغَيْظ من الفضل يُعين على ترك الغَضَب). فتح الباري لابن حجر (٥٢١/١٠). قال الشاعر: وَإِذَا غَضِبْتَ فَكُنْ وَقُورًا كَاظِمًا *** لِلْغَيْظِ تُبْصِرُ مَا تَقُولُ وَتَسْمَعُ فَكَفَى بِهِ شَرَفًا تَبَصُّرُ سَاعَةٍ *** يَرْضَى بِهَا عَنْكَ الْإِلَهُ وَيَدْفَعُ موسوعة الأخلاق الإسلاميَّة (٢/ ٣٩٨).

٣- الاستعاذة بالله من الشَّيطان:

فالشَّيطان ينفخ في الإنسان ويهيج غضبه، بل يُشجِّعه على ارتكاب الجرائم في حال غضبه، وكم من إنسان طلَّق زوجته في حال غضبه! وكم من إنسان قتل بريئًا في حال غضبه! بل بعضهم قتل زوجته أو ابنه! فاقطع السَّبيل على الشَّيطان واستعِذْ بالله منه، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَرَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ». فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ. فَقَالَ: وَهَلْ بِي جُنُونٌ؟ رواه البخاري (٣٢٨٢)، ومسلم (٢٦١٠). عَنِ الْحَسَنِ -رحمه الله-؛ قَالَ: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ عَصَمَهُ اللهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَحَرَّمَهُ عَلَى النَّارِ: مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ عِنْدَ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ وَالشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ). المجالسة وجواهر العلم (٣٠٩٤). وقال ابن عبد البر -رحمه الله-: (مَن كَظَم غَيْظَه وردَّ غَضَبه، أخزى شيطانه، وسَلِمت مروءته ودينه). التمهيد (٢٥٠/٧).

٤- الجلوس وتغيير وضعيَّة الجسم:

قال النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ، وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ». رواه أحمد (٢١٣٤٨)، وأبو داود (٤٧٨٢)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (٦٩٤). (وقد قيل: إنَّ المعنى في هذا أنَّ القائم متهيِّئ للانتقام، والجالس دونَه في ذلك، والمضطجع أبعدُ عنه، فأمره بالتَّباعُد عن حالةِ الانتقام). جامع العلوم والحكم (٣٦٥/١). ويفيد علماء النَّفس أنَّ حالة الوقوف تضع الجسم في حالة تحفُّز؛ ممَّا يزيد من التَّوتُّر والانفعال. أمَّا الجلوس فإنَّه يُحفِّز المخَّ لإطلاق إشارات عصبيَّة بالاسترخاء والهدوء.

٥- تذكُّر الحساب يوم القيامة:

فمَن غضب وأراد الانتقام لو تذكَّر الحساب بين يدي الله لترك الانتقام والتَّشفِّي. رُوِيَ عن عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه-، أنَّه قال: (مَنْ خاف الله لم يَشْفِ غَيْظه، ومَنْ اتَّقى الله لم يصنع ما يريد، ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون). أحكام القرآن للجصاص (٤٨/٢).

٦- السُّكوت:

قال النَّبيُّ ﷺ: «إذا غَضِبَ أحَدُكُمْ، فليَسْكُتْ». رواه أحمد (٢١٣٦) وصحَّحه الألباني في الصحيحة (١٣٧٥). وعَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ: (مَا امْتَلَأَتُ غَيْظًا قَطُّ، وَلَا تَكَلَّمْتُ فِي غَضَبٍ قَطُّ؛ فَأَنْدَمَ عَلَيْهِ إِذَا رَضِيتُ، وَلَقَدْ تَعَلَّمْتُ الصَّمْتَ عَشْرَ سِنِينَ). زوائد نعيم بن حماد على الزهد لابن المبارك (١١/٢).

🔹 استحباب العفو وترك الانتقام وإنفاذ الغضب:

من صفات المؤمنين العفو عن النَّاس ومسامحتهم، قال تعالى: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى:٣٧]، (أَيْ: سَجِيَّتُهُمْ تَقْتَضِي الصَّفْحَ وَالْعَفْوَ عَنِ النَّاسِ، لَيْسَ سَجِيَّتُهُمُ الِانْتِقَامَ مِنَ النَّاسِ). تفسير ابن كثير (٧/ ٢١٠). والعفو من شيم الكرام، قال الشاعر: مَلَكْنَا فكَانَ العفْوُ منا سجيَّةً *** فَلَمَّا ملكْتُمْ سَالَ بالدَّمِ أبْطَحُ وَحَلَّلْتُمُ قَتْلَ الأُسَارَى وطَالَمَا *** غدَوْنَا عِنَ الأَسْرَى نَمُنُّ ونَصْفَحُ وَحَسْبُكُمُ هَذَا التَّفَاوُتُ بَيْنَنَا *** فكُلُّ إِنَاءٍ بالَّذِي فِيهِ يَنْضَحُ شذرات الذهب (٦/ ٤١٠).

🔹 لا يخرجنَّك الغضب عن العَدْل:

الغضب يستفزُّ الإنسان ويخرجه عن شعوره، فقد يقع في الظُّلم، لذا ينبغي أن نحرص على الدُّعاء النَّبوي المأثور: «وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى». رواه النسائي (١٣٠٥)، وصحَّحه الألباني في صحيح سنن النسائي (١٣٠٥).

🔹من مواقف النبيِّ ﷺ في الحِلْم وترك الغضب:

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ [كساء مُخَطَّط] غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ مِنْ خَلْفِهِ، فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ! ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ! فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. رواه البخاري (٥٨٠٩)، ومسلم (١٠٥٧). وعن جابر -رضي الله عنه-، قال: أقبلنا مع رسول الله ﷺ، حتى إذا كنَّا بذاتِ الرِّقاع؛ قال: كنَّا إذا أتينَا على شجرةٍ ظليلةٍ تركنَاها لرسول الله ﷺ. قال: فجاء رجلٌ من المشركين، وسيف رسول الله ﷺ مُعَلَّق بشجرة؛ فأخذَ سيفَ نبيِّ الله ﷺ فاخترطه، فقال لرسول الله ﷺ: أتخافني؟! قال: «لا». قال: فمَن يمنعُك مني؟ قال: «الله يَمْنَعُنِي مِنْكَ». فشامَ السيفَ [أي: أغمدَه]. يقول جابر -رضي الله عنه-: فتهدَّده أصحابُ رسول الله ﷺ؛ فأغمدَ السَّيفَ وعلَّقه، ثم لم يُعاقِبه رسولُ الله ﷺ! أخرجه البخاري (٢٩١٠)، ومسلم (٨٤٣). وعن عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ عُصِمَ مِنَ الْهَوَى، وَالْغَضَبِ، وَالطَّمَعِ). مصنف عبد الرزاق (٢٠١٠٣).

🔹من مواقف السَّلف في الحِلم وترك الغضب:

عن ابْن عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي، هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَاسْتَأذِنْ لِي عَلَيْهِ. قَالَ: سَأَسْتَأذِنُ لَكَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: فَاسْتَأذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ: هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ. فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ: {خُذْ الْعَفْوَ وَامُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف:١٩٩]، وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ. وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ. رواه البخاري (٤٦٤٢).

🔹 الغضب المحمود:

ليس الغضب مذمومًا في كلِّ الأحوال، فيحمد الغضب إذا كان لله تعالى إذا انتهكت حرماته، قالت عائشة -رضي الله عنها-: «مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِنَفْسِهِ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا». رواه البخاري (٣٥٠٦)، ومسلم (٢٣٢٧). وعن أبي مَسْعُودٍ الأنصاري -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا. فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ». رواه البخاري (٧٠٢) ومسلم (٤٦٦).



المصدر👇
https://www.khotwah.net/z8ko


#مقالات_خطوة 📚

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..