الصفحات

الأربعاء، 24 يناير 2024

أعتقد أننا بحاجة إلى تعريف الأصوات المصاحبة للمحيط الذي نلجه!

      لم يعد من المقبول أن الباحث عن مكان للقراءة والتأمل يصطدم مثلا بالموسيقى أو بالغناء، في المطاعم والمقاهي والممرات، ومصعد الفندق واستقبال الشقق الفروشة ودورات المياه.
‏ أو أثناء انتظار بيان كابتن الطائرة قبيل الإقلاع.
‏الحديث ليس عن الحكم الشرعي كي لا يظهر - عندي - متفذلق للنقاش الفقهي والقول بالخلاف في مسألة السماع.
‏بل أتحدث عن الذوق البشري في الأماكن العامة.
‏ذوقي أنا مثلا لا يتناغم مع الضجيج أيا كان نوعه.
‏وغيري يحب السماع ولكنه لا يطرب للغربي، بل يفضل الشرقي ويصاب بحالة من الوجد غير المنضبط فيتنكس والعياذ بالله!
‏ثم هب أننا كنا في النمسا أو ألمانيا منابع السيمفونيات العالمية، أو في إيطاليا حيث الناس تغشى دور الأوبرا إلخ. ليس الجميع - هناك -  سميعة.
‏يا أخي أنا لا أطرب للعود مثلا ومشتقاته، وغيري لا يحب الجيتار، وثالث قد يصاب بنوبة قلبية إذا استمع لشيلة.
‏ وخامس يعتقد أن صوت محمد عبده يجلب الاكتئاب، ومرتبط شرطيا بباصات خط البلدة!
‏ثم من قال إن كل ما يفعله الآخرون في مطاعمهم الغربية أو الشرقية يناسبنا؟!
‏دعوات العشاء بالمطاعم أو شرب القهوة تعد أسلوبا من أساليب كسر الروتين، وحل بعض الإشكالات العائلية، والتقرب من الأبناء خارج جدران المنزل.
‏يتبعثر هذا كله بالتشتت والضوضاء أيا كان مصدرها أو نوعها.
‏ثم إن المطاعم لها موسيقاها الخاصة المحببة لدى المريد، كقعقعة الصحون، والتحام الشوك بالملاعق، وفرقعة زيت الطعام الذي يقدم مع الوجبة على المائدة.

‏وكذا المقاهي العصرية لا تجد لذتك الشخصية، إلا عندما يقطع صمتك صوت الحليب المبخر من آلة صنع القهوة الصخمة، وإنذار فرن المايكرويف عقب تسخين الفطيرة.

‏هذه الالات لها إيقاعها الخاص الذي يجعلك تنجذب إلى المحيط، وتتعانق معه، وتندمج فيه، لتحمل معك ذكريات الجلسة.
‏وما يقال عن المقاهي والمطاعم، أقوله عن بعض الفعاليات والمؤتمرات بما فيها المؤتمرات العلمية والمالية،
ما شأن المال وأزمات السوق بدندنة العود أو الكمنجة؟

‏أيها السادة: لكل مقام مقال، أعيدوا تعريف استخدام الأصوات في البيئة.
‏ارحموا أذواقنا قليلاً.

حسن مفتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..