الصفحات

الخميس، 9 مايو 2024

تغيير الإجازة الأسبوعية للصالح العام

    الزميلة القديرة هيلة المشوح كتبت في «عكاظ» بعنوان (الجمعة.. إجازة أم إنجاز ؟) بناءً على ما تشهده مواقع التواصل الاجتماعي حول فرضية تغيير الإجازة الأسبوعية إلى يومي السبت والأحد بدلاً من الجمعة والسبت بين مؤيد ومعارض لهذا الطرح.

من باب المصلحة العامة التي هي الأساس في كل قرار لسيرورة الحياة أجدني موافقاً لطرحها المميز، بل وأجد فيه الكثير من الفوائد التي تعود على الوطن وأهله بالنفع العظيم، خاصة أننا أصبحنا رقماً أساسياً في رسم سياسة ومستقبل الأرض، ومحوراً مهماً في تحركاتها الاقتصادية والسياسية والرياضية والفنية، فنحن، ولله الحمد، نملك أكبر صندوق سيادي متصدر هو الأقوى في العالم يحتِّم علينا متابعة الأسواق العالمية المختلفة وأسعار البورصات وأسواق الأسهم والسندات وحركات البنوك ومؤشرات الاستثمار واتجاهات الأسواق البترولية وأسعارها.

كما أننا نتفيأ ظلال رؤية مباركة غيرت بوصلة المملكة باتجاه يزاحم دول العالم في مراقيها السنيات، ويجعل الجميع يستشعر النقلة النوعية الكبيرة التي انتظمت بلادنا الطيبة المباركة، نقلة وضعتنا حيث يجب أن نكون في مصاف الدول المتقدمة ودورها الفعال في الأحداث وحركة الأسواق العالمية المختلفة، وأعادت ترتيب مجتمعنا على إيقاع البذل والعطاء واستشعار المسؤولية الملقاة على عاتقه.

كما أن المملكة عضو فعال ضمن مجموعة دول العشرين، ودورها الريادي والقيادي، الذي بلغ الذروة برئاستها لهذه المجموعة في عام 2020م، نتشارك مع العالم من حولنا حركته الفنية من أفلام وعروض مسرحية ومشاركات عالمية في مهرجاناته ومناسباته وأحداثه الكروية والرياضية

لكل هذا وغيره، فمن المناسب أن يتم تغيير موعد الإجازة الأسبوعية لتتماشى مع بقية دول العالم من حولنا، فالتغيير والتبديل هو سنة الحياة وديدن الأرض، والمصلحة مقدمة على كل ما عداها وهي تخضع لوجهة نظر ولي الأمر ورؤيته بما يعود بالنفع على الأمة.

حسب الروايات التاريخية، فإن الأصل في بداية الأسبوع لمزاولة النشاط البشري هو يوم (الإثنين)، حيث كانت إشارة البداية لآدم وزوجه حواء بعد سُبات عميق نتيجة تعب الهبوط يوم الجمعة وتبعاته، فناما السبت والأحد، وقاما للسعي في الأرض بداية يوم الإثنين لطلب الرزق وتأمين الحاجات الأساسية للحياة، فهذا هو الأصل التاريخي لبداية السعي والعمل يوم الإثنين، وهذا ما يحدث في أغلب دول الكرة الأرضية ونحن جزء مهم فيها، ونحتاج أن تكون بداية أسبوعنا وحراكنا يوم الإثنين حتى منتصف يوم الجمعة لأداء شعائرها في ساعة زمنية محددة.

يوم الجمعة يوم عمل وبيع وشراء ونزول للأسواق بدليل قوله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فضل الله»..

أي أنه في هذا اليوم تكون الأسواق مفتوحة وحركة البيع والشراء قائمة، وتتوقف ساعة الخطبة والصلاة فقط حسب مدلول الآية الكريمة، ويعود بعدها البيع والشراء والانتشار في الأرض والسعي فيها لتكون الإجازة الأسبوعية السبت والأحد، وتكون بداية الأسبوع يوم الإثنين، بدلاً من الوضع الحالي، الذي نفقد معه الكثير لفارق الزمن.

نحن مجبورون لمواكبة التغيُّرات العالمية المتلاحقة في كافة مجالات الحياة بعد أن تقاربت المسافات بفعل التكنولوجيا والشبكة العنكبوتية التي ربطت الجميع بخيوطها فأصبح العالم مدينة واحدة، فلا بد لحياتنا أن تتغير، ليس هناك نص شرعي يحدد يوماً معيناً لبداية الأسبوع، وإنما هو أمر متروك لنا حسب المصلحة والحاجة، وقد أعطى الله -سبحانه وتعالى- لولي الأمر الكثير من الصلاحيات ليدير أمر الأمة على أساس الظروف القائمة، فالسياسة الشرعية هي جملة الأحكام التي تدير شؤون الدولة وتحقق مصالحها استناداً إلى كليات الشريعة وقواعدها، فالشريعة الإسلامية مبنية على غاية وهي (المصحلة والتوافق) مع الواقع المعيشي للإنسان وهي تستوجب تغيير الواقع القائم إلى واقع يحقق المصلحة من حيث النظرة لمصالح البلاد والعباد وتحقيق توافق بين الشريعة والمصلحة العامة للناس.

فعلى سبيل المثال تغيرت الإجازة الأسبوعية عدة مرات من أجل المصلحة العامة ومواكبة دول العالم وحكمة ولي الأمر في رعاية مصالح الناس والحفاظ عليها.

والشيء بالشيء يذكر، فبداية الدوام الصباحي الحالي في السابعة والنصف يجب إعادة النظر فيه؛ لأننا نبدأ والعالم من حولنا ما زال في سُباته العميق فتضيع ساعتان أو ثلاث دون إنجاز يذكر.

تغيرت الدنيا وتغيرت أحوال الناس وأصبح ما كان مناسباً قبل سنوات هو عبء علينا اليوم، وهذه عادات الأصل فيها الإباحة وتخضع لوجهة نظر ولي الأمر وتدبيره.

إن تقليص ساعات العمل وأيامه وتغيير موعد الإجازة الأسبوعية، تُسعد الإنسان، وتزيد من إنتاجيته، وتحفزه للعمل الجدي بطاقة أكبر مع فائدته وجدواه اقتصادياً واجتماعياً على الإنسان والمكان.

خطوة كريمة من صانع القرار تغير الكثير وتأتي بالمفيد.

  المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..