الصفحات

السبت، 18 مايو 2024

إن يكن صبر ذي الرزية فضلا

إن يكن صبر ذي الرزية فضلا       تَكُنِ الأَفضَلَ الأَعَزَّ الأَجَلّا
أَنتَ يا فَوقَ أَن تُعَزّى عَنِ الأَحــبابِ فَوقَ الَّذي يُعَزّيكَ عَقلا
وَبِأَلفاظِكَ اِهتَدى فَإِذا عَز     زاكَ قالَ الَّذي لَهُ قُلتُ قَبلا
قَد بَلَوتَ الخُطوبَ مُرّاً وَحُلواً وَسَلَكتَ الأَيّامَ حَزناً وَسَهلا
وَقَتَلتَ الزَمانَ عِلماً فَما يُغـ    ـرِبُ قَولاً وَلا يُجَدِّدُ فِعلا
أَجِدُ الحُزنَ فيكَ حِفظاً وَعَقلاًوَأَراهُ في الخَلقِ ذُعراً وَجَهلا
لَكَ إِلفٌ يَجُرُّهُ وَإِذا ماكَرُمَ الأَصلُ كانَ لِلإِلفِ أَصلا
وَوَفاءٌ نَبَتَّ فيهِ وَلَكِنلَم يَزَل لِلوَفاءِ أَهلُكَ أَهلا
إِنَّ خَيرَ الدُموعِ عَوناً لَدَمعٌبَعَثَتهُ رِعايَةٌ فَاِستَهَلّا
أَينَ ذي الرِقَّةُ الَّتي لَكَ في الحَربِ إِذا اِستُكرِهَ الحَديدُ وَصَلّا
أَينَ خَلَّفتَها غَداةَ لَقيتَ الــرومَ وَالهامُ بِالصَوارِمِ تُفلى
قاسَمَتكَ المَنونُ شَخصَينِ جَوراً جَعَلَ القِسمُ نَفسَهُ فيكَ عَدلا
فَإِذا قِستَ ما أَخَذنَ بِما أَغــدَرنَ سَرّى عَنِ الفُؤادِ وَسَلّى
وَتَيَقَّنتَ أَنَّ حَظَّكَ أَوفى    وَتَبَيَّنتَ أَنَّ جَدَّكَ أَعلى
وَلَعَمري لَقَد شَغَلتَ المَنايا بِالأَعادي فَكَيفَ يَطلَبنَ شُغلا
وَكَمِ اِنتَشتَ بِالسُيوفِ مِنَ الدَهـ ـرِ أَسيراً وَبِالنَوالِ مُقِلّا
عَدَّها نُصرَةً عَلَيهِ فَلَمّا  صالَ خَتلاً رَآهُ أَدرَكَ تَبلا
كَذَبَتهُ ظُنونُهُ أَنتَ تُبليهِ وَتَبقى في نِعمَةٍ لَيسَ تَبلى
وَلَقَد رامَكَ العُداةُ كَما رامَ فَلَم يَجرَحوا لِشَخصِكَ ظِلّا
وَلَقَد رُمتَ بِالسَعادَةِ بَعضاً مِن نُفوسِ العِدا فَأَدرَكتَ كُلّا
قارَعَت رُمحَكَ الرِماحُ وَلَكِن تَرَكَ الرامِحينَ رُمحَكَ عُزلا
لَو يَكونُ الَّذي وَرَدتَ مِنَ الفَجـ ـعَةِ طَعناً أَورَدتَهُ الخَيلَ قُبلا
وَلَكَشَفتَ ذا الحَنينِ بِضَربٍ طالَما كَشَّفَ الكُروبَ وَجَلّى
خِطبَةٌ لِلحِمامِ لَيسَ لَها رَددٌ وَإِن كانَتِ المُسَمّاةَ ثُكلا
وَإِذا لَم تَجِد مِنَ الناسِ كُفواً ذاتُ خِدرٍ أَرادَتِ المَوتَ بَعلا
وَلَذيذُ الحَياةِ أَنفَسُ في النَفـ ـسِ وَأَشهى مِن أَن يُمَلَّ وَأَحلى
وَإِذا الشَيخُ قالَ أُفٍّ فَما مَلَ حَياةً وَإِنَّما الضَعفَ مَلّا
آلَةُ العَيشِ صِحَّةٌ وَشَبابٌ فَإِذا وَلَّيا عَنِ المَرءِ وَلّى
أَبَداً تَستَرِدُّ ما تَهَبُ الدُنيا فَيا لَيتَ جودَها كانَ بُخلا
فَكَفَت كَونَ فَرحَةٍ تورِثُ الغَـمَ وَخِلٍّ يُغادِرُ الوَجدَ خِلّا
وَهيَ مَعشوقَةٌ عَلى الغَدرِ لا تَحــفَظُ عَهداً وَلا تُتَمِّمُ وَصلا
كُلِّ دَمعٍ يَسيلُ مِنها عَلَيها  وَبِفَكِّ اليَدَينِ عَنها تُخَلّى
شِيَمُ الغانِياتِ فيها فَلا أَدري لِذا أَنَّثَ اِسمَها الناسُ أَم لا
يا مَليكَ الوَرى المُفَرِّقَ مَحياً وَمَماتاً فيهِم وَعِزّاً وَذُلّا
قَلَّدَ اللَهُ دَولَةً سَيفُها أَنــتَ حُساماً بِالمَكرُماتِ مُحَلّى
فَبِهِ أَغنَتِ المَوالِيَ بَذلاً وَبِهِ أَفنَتِ الأَعادِيَ قَتلا
وَإِذا اِهتَزَّ لِلنَدى كانَ بَحراً وَإِذا اِهتَزَّ لِلوَغى كانَ نَصلا
وَإِذَ الأَرضُ أَظلَمَت كانَ شَمساً وَإِذا الأَرضُ أَمحَلَت كانَ وَبلا
وَهُوَ الضارِبُ الكَتيبَةِ وَالطَعنَةُ تَغلو وَالضَربُ أَغلى وَأَغلى
أَيُّها الباهِرُ العُقولَ فَما تُدرَكُ وَصفاً أَتعَبتَ فِكري فَمَهلا
مَن تَعاطى تَشَبُّهاً بِكَ أَعياهُ وَمَن دَلَّ في طَريقِكَ ضَلّا
فَإِذا ما اِشتَهى خُلودَكَ داعٍ قالَ لا زُلتَ أَو تَرى لَكَ مِثلا

-ابو الطيب  المتنبي - الديوان

المصدر




 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..