الصفحات

السبت، 24 مايو 2025

من سنن العقلاء أن لا يُؤخذ الإنسانُ جملةً، ولا يُردّ جملةً

خُذْ و دَعْ :
من سنن العقلاء أن لا يُؤخذ الإنسانُ جملةً، ولا يُردّ جملةً، فلا أحدَ بعد النبي ﷺ يُسلّمُ له القول كلّه، ومن لم يُربِّ نفسه على مهارة الفرز، ضلّ بين إفراط التقديس وتفريط الإسقاط، ومن تمام النضج أنْ تتعلم الانتفاع الجزئي، وأنْ تُحسن التفكيك لا في الأشخاص فقط، بل في العناصر الكامنة فيهم: أن تفرز الفكرة من صاحبها، خذ من أحدهم دقّة العبارة، ومن آخر حرارة الإيمان، ومن ثالث جمال العرض، لكن لا تسلّم لهم زمامك دفعة واحدة، فإن الحقّ لا يُحتكر، والكمال لا يُجمع في أحد.

وليس هناك كتلةُ خيرٍ خالصةً في بشر، ولا أحد محضُ ضلالةٍ صِرفة؛ بل كل إنسانٍ مركّب من صواب وخطأ، ونور وضلّ، وسبق وتعثر، والوعي لا يعني التبعية، ولا يعني الرفض المطلق، بل أن تمسك النافع من كل عقل، وتدع ما كدّر، وما أكثر مَنْ فُتن بشخصيةٍ فلما تبين له منها خلاف ما رَسَمهُ في ذهنه انهار ؛ لأنه لم يفرق بين المعرفة والانبهار .
وهكذا، *إذا ظننت أنك لا تنتفع إلا بمن تُجمع عليه القلوب، فلن تبصر إلا النماذج النادرة، وستفوتك الكنوزُ المتناثرة في مساحات النقص البشري، وإن طلبت الصفاء المطلق في كل من تسمع، فستجد نفسك في عزلةٍ معرفية تترك الذهب لأنه ممزوج بشيء من التراب، والعاقل هو من يقطف المعنى من بين الأشواك، فليس من أحد من البشر بلا عيب، فالكمال لله وحده سبحانه*.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..