منذ مدة ليست بالقصيرة هممت بكتابة موجز مختصر عن هذه المكتبة وعن صاحبها ففكرت ثم قدرت وكتبت ثم محوت وحار بي الرأي فلم أدري ما أثبت وما أدع; فالكلام فيهما يطول والأخبار والروايات عنهما تكاد لا تنقضي، فصار بي الحال إلى أن أدع للقارئ خيار الرجوع للمصادر وحسبي من القِلادة ما أحاط بالعنق .
إن من أشهر مكتبات حنابلة نجد الخاصة مكتبة الشيخ والأديب والسياسي فوزان بن سابق بن فوزان بن عثمان بن سابق الودعاني الدوسري النجدي الحنبلي (ت١٣٧٣هـ) والذي كان معروفاً عنه حبه الكبير للقراءة والكتب .
ولد الشيخ فوزان سنة (١٢٦٨هـ) ورحل منذ وقت مبكر إلى الهند قبل عام (١٢٩٩هـ) بصحبة الشيخ أبو وادي (ت١٣٦٠هـ) كما تنقل بين القصيم والعراق والشام ومصر وتحصل في رحلاته العلمية على عدة إجازات من عدد من العلماء . كما شارك مع الملك عبد العزيز في بعض معاركه لتوحيد البلاد من ذلك معركة (جراب) وفتح حائل وغيرها .
جمع الشيخ فوزان السابق مكتبة لا نظير لها متضمنة لأمهات كتب التراث المطبوعة والمخطوطة القيمة، كما أنه نسخ الكثير منها بخط يده الجميل والنيّر، وفي عام (١٣٤١هـ) أوقف الشيخ فوزان السابق مكتبته على طلبة العلم في مدينة بريدة، ثم بعد ذلك طلب منه العلامة الشيخ عمر بن سليم (ت ١٣٦٢هـ) أن يضعها في جامع بريدة، فوافق على ذلك، وقد وضعت هي ومكتبة الشيخ عيسى بن رميح (ت١٣٥٣هـ) في مبنى أعده الشيخ عمر بن سليم في شرق جامع بريدة، لتكون أول مكتبة عامة في نجد، وقد طوّرها العلامة عبد الله بن حميد (ت١٤٠٢هـ) في سنة (١٣٦٤هـ) بدعم من الملك سعود رحم الله الجميع .
الشيخ فوزان عيّنه الملك عبد العزير معتمداً ثم وكيلاً ثم وزيراً في دمشق أولاً ثم في مصر ثانياً بين عامي ( ١٣٤٠ - ١٣٦٦ هـ )وكان يقوم بكل المهام الدبلوماسية المطلوبة، وعلاوة على ذلك عُني الشيخ بخدمة العلم والعلماء والكتب حتى أنه يقال عنه: هو الذي عرّف المصريين والشاميين بمعتقد أهل نجد، وقد شرح هذا الشيخ محمد حامد الفقي (ت١٣٧٨هـ) في ترجمته للشيخ فوزان .
وقد طُبع عن طريق الشيخ فوزان في مطبعة المنار والمحمدية والسلفية الكثير من كتب السلف عموماً والحنابلة على وجه الخصوص بتوجيه ودعم من الملك عبد العزيز، وهذا بخلاف الكتب التي طبعت على حسابه الخاص والمثال على ذلك: «قواعد ابن رجب» وهو الذي قام بعمل فهرس منظم ومصوغ صياغة فقهية مفيدة لهذه القواعد.
طلب الفوزان من الملك إعفائه عدة مرات ولكنها قوبلت بالرفض، وبعد أن بلغ تسعين عاماً قُبلت استقالته لظروفه الصحية، ويقول الزركلي سُمعت منه كلمة عجيبة بعد قبول استقالته من الوزارة : "كنت وزيرًا وأنا اليوم بعد التحرر من قيود الوظيفة سلطان" .
ومن الطرائف أن الله رزق الشيخ فوزان بابن وهو في الثمانين من عمره؛ فأبرق إليه الملك عبد العزيز بقوله: " سبحان من يحيي العظام وهي رميم ! " .
لم يتفرغ الشيخ الفوزان للتأليف لانشغالاته الرسمية لكنه ألف كتابا سماه: «البيان والإشهار لكشف زيغ الملحد مختار» ، وقد طُبع في حياته، ثم أعيدت طباعته مرتين، رد به على مطاعن وجهها المدعو: مختار أحمد المؤيد العظمي إلى حنابلة نجد في كتابه سماه: «جلاء الأوهام عن مذاهب الأئمة العظام» .
يقول العلامة ابن باز عن الشيخ فوزان بعد أن قُرئ عليه الكتاب:
" ما كنت أظنه بعذا العلم والاستيعاب علماً وفقها...".
ويقول الشيخ عبد الله البسام عنه:
" وجدته رداً وافياً في موضوعه، كافياً في بابه وقد رد على شبهات عظيمة بالبراهين الساطعة من الكتاب والسنة وكلام أئمة الإسلام " .
ويقول الشيخ صالح الفوزان عنه : " هذا الرد لبنة في بناء العقيدة الصحيحة، ومعولاً في هدم الخرافات والشركيات" .
توفي الشيخ فوزان رحمه الله سنة (١٣٧٣هـ) والشيخ حامد الفقي هو الذي غسل وكفن الشيخ فوزان بوصية منه .
#مكتبات_الحنابلة
#مكتبة_فوزان_السابق
#حنابلة_نجد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..