الشذرة ثلاثمائة وثلاث وثلاثون
يقول الأديب السوري محمد كرد علي في " مذكراته : بقي رجل إنجليزي اسمه لنجمان يتعبد في مسجد من مساجد دير الزور زهاء سبع عشرة سنة ، ويعيش من ألعاب يعملها من الورق ، ويبيعها من الصبيان بقطع من الخبز ، وعندما احتل الجيش الإنجليزي دير الزور ، عُيّن حاكما سياسيا على المدينة برتبة كولونيل .
دأبت الحكومات الغربية على إرسال جواسيس لها عاشوا بيننا على هيئة رحالة ، وأطباء ، ومعلمين ، ومستشارين ، وهم في حقيقة أمرهم عيون لأقوامهم على أقوامنا .
وقد زار الرحالة الإيطالي مارينو سانودو
مصر في بداية القرن الرابع عشر الميلادي في عصر السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وقال : يجب العمل أولا على إضعاف مصر وإفقارها اقتصاديا ، وهذا سيؤدي إلى تدميرها وإفلاسها .
والجاسوس اليهودي شاؤول كوهين تسلل إلى سوريا ، وترقى بين أصحاب القرار فيها ، وكاد أن يصبح وزيرا للدفاع ، أو رئيسا للوزراء قبل اكتشاف أمره وإعدامه .
وريتشارد فرانسيس بيرتون ضابط في الاستخبارات البريطانية ، تسلل إلينا على هيئة رحالة ومستشرق ومترجم للقرآن ، زار الحجاز عام ( 1853 م ) متنكرًا بزيّ حاج أفغاني باسم عبد الله ، وكان يهدف إلى جمع معلومات جغرافية ودينية دقيقة عن مكة والمدينة لخدمة بريطانيا ، ومن أشهر مؤلفاته " رحلة إلى مكة والمدينة" .
ولورانس ضابط في الاستخبارات البريطانية
دخل إلينا على هيئة عالم آثار ومستشرق وجندي ، وقد أقام في سوريا والحجاز ونجد، وارتبط بثورة الشريف حسين ، وكان يسعى إلى تفكيك الدولة العثمانية ، وتحريك العرب ضدها ، ومن أشهر كتبه " أعمدة الحكمة السبعة " .
وجان لويس بوركهارت ، سويسري عمل لصالح بريطانيا ، ودخل بيننا على هيئة رحالة ومؤرخ باسم إبراهيم ، وقد زار الشام ومصر والحجاز ونجدا ، والقائمة لمثل هؤلاء الجواسيس طويلة .
ومع الفائدة العلمية الجغرافية والتاريخية الكبيرة التي حوتها كتب هؤلاء الرحالة أو الجواسيس ، لكن كثيرا منهم حقق الأهداف المطلوبة منه ، في ظل خصال عربية عُرف بها العرب من حسن ضيافة ، وكرم ، ونصرة ، وإعانة ، مع غفلة ، وجهل غالب على كثير منهم .
وأطلع باستمرار على الأرشيف البريطاني لمنطقة الخليج العربي ، وأرى فيه ما يشيب له الرأس من مثل هذه التقارير ، وكيف ينظر أعداؤنا إلينا ، في وقت لا نعدّهم نحن إلا موظفين ، أو ضيوفا ، أو مسؤولين علينا أحيانا !
( عبد العزيز العويد )
1447/2/11 هـ الموافق 2025/8/5 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..