الصفحات

السبت، 30 أغسطس 2025

خريطة الرسوم الجديدة: هل نحن على أعتاب “صدمة سيولة” في السوق العقاري؟

‏مقال:
اليوم، ومع الكشف الرسمي عن الخريطة التفصيلية لرسوم الأراضي البيضاء في الرياض، لم يعد الحديث عن تكاليف الاحتفاظ بالأراضي مجرد تكهنات، بل أصبح حقيقة رقمية واضحة. نسبٌ تصل إلى 10% في قلب العاصمة، و5% و7.5% في مناطق حيوية، هي أرقام تحمل في طياتها ما هو أبعد من مجرد تحفيز للتطوير؛ إنها أرقام قد تكون الشرارة التي ستشعل أزمة سيولة متوقعة، تغير وجه السوق العقاري كما نعرفه.

بينما يحتفي الكثيرون بهذا القرار كخطوة حاسمة لكسر الاحتكار وزيادة المعروض، من واجبنا كراصدين أن نطرح الأسئلة الأصعب: ماذا بعد أن يُجبَر الجميع على عرض أراضيهم للبيع؟ وهل السوق مستعد لاستيعاب هذا الطوفان من العروض؟

تساؤلات في قلب العاصفة القادمة

الخريطة الجديدة، بوضوحها وقسوتها، تضعنا أمام سلسلة من التساؤلات  التي ستشكل ملامح السوق في الأشهر القادمة:

•من سيشتري هذه الأراضي؟
لأول مرة، لن تكون المشكلة في إيجاد أرض، بل في إيجاد مشترٍ يملك القدرة المالية. هل تمتلك شركات التطوير العقاري، حتى الكبرى منها، السيولة الكافية لامتصاص مئات، وربما آلاف، الأراضي التي ستُعرَض في وقت واحد تحت ضغط الرسوم؟ أم أننا سنشهد وفرة في "الرفوف" يقابلها فراغ في "طوابير المشترين"؟
•هل ستصمد التقييمات الحالية؟
من المتوقع أن يتمسك الملاك بتقييماتهم المرتفعة في البداية، أملاً في إيجاد مخرج سريع. ولكن مع مرور الوقت وتراكم فواتير الرسوم، ومع زيادة المعروض من الأراضي المجاورة، هل يمكن للأسعار أن تصمد؟ أم أننا مقبلون على "تقلبات سعرية" حادة وإجبارية، حيث يصبح البائع الذي يحتاج للسيولة أكثر استعداداً لتقديم تنازلات لم يكن ليحلم بها قبل أشهر؟
•ماذا سيكون موقف البنوك والممولين؟
في ظل بيئة اقتصادية عالمية تتسم بارتفاع تكاليف التمويل، هل ستتحمس البنوك لتمويل مشاريع تطوير جديدة على أراضٍ قد تكون قيمتها السوقية في حالة تراجع؟ أم أنها ستتخذ موقفاً أكثر حذراً، وتشدد من شروط الإقراض، مما يفاقم من أزمة السيولة بدلاً من حلها؟ المطور الذي يعتمد على الاقتراض قد يجد نفسه في موقف مستحيل: الأرض متاحة، لكن البنك متردد.
•هل سيتحول كبار الملاك إلى مطورين بالضرورة؟
الافتراض بأن كل مالك أرض كبيرة سيتحول تلقائياً إلى مطور لتجنب الرسوم هو افتراض متفائل. التطوير العقاري عمل معقد يتطلب خبرة فنية وإدارية وتسويقية، وليس مجرد امتلاك للأرض والمال. كم من هؤلاء الملاك يمتلك هذه الخبرة، أو الرغبة في الدخول في هذا المجال المحفوف بالمخاطر؟ وماذا لو كان خيارهم الأسهل هو محاولة البيع بأي ثمن، مما يزيد الضغط على الأسعار؟

توقع الأزمة: من "تجميد الأصول" إلى "حرب السيولة"

بناءً على هذه التساؤلات، من غير المبالغة توقع أننا مقبلون على مرحلة انتقالية حرجة. قد يتحول السوق من حالة "تجميد الأصول" التي كان يعاني منها، إلى حالة "حرب سيولة"، حيث يصبح "الكاش هو الملك" بالمعنى الحرفي للكلمة.

الرابح الأكبر في هذه المرحلة قد لا يكون مالك الأرض الأغلى، بل المستثمر أو المطور الذي يمتلك أكبر قدر من السيولة النقدية. هذا اللاعب سيكون في وضع يسمح له باقتناص أفضل الفرص، والتفاوض من موقع قوة، وشراء أصول استراتيجية بأسعار لم تكن ممكنة في السابق.

اليوم، تم رسم الخريطة، وأُعلنت القواعد الجديدة للعبة. لكن ما سيحدث في الأشهر والسنوات القادمة لن تحدده الرسوم وحدها، بل ستحدده الإجابات التي سيقدمها السوق لهذه التساؤلات الحاسمة. هل نحن أمام مجرد تراجع سعري، أم بداية لأزمة سيولة عميقة ستعيد تشكيل خريطة الثروة العقارية في العاصمة؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة

منقول 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..