الصفحات

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

💢 الإيلام النفسي.. الضربة التي لا تُرى!!

               ما زال بيننا من يظن أن الجريمة لا تكون جريمة إلا إذا سال الدمٌ   أو ظهرت كدمة على الجسد! وكأن الإنسان قطعة لحم لا نفس لها ولا روح. 
هذا الفهم الضيق تجاهل أبشع أنواع الاعتداء: الإيلام النفسي.

الكلمة الجارحة قد تقتل أكثر من الرصاصة، والتهديد المزلزل قد يسجن الضحية في رعب دائم، والإشاعة القذرة قد تهدم حياة إنسان كاملة من غير أن تلمس جلده. أليس هذا اعتداءً؟ بل هو جريمة مكتملة الأركان، مادية ومعنوية ونتيجةً وآثاراً.

الركن المادي: القول المؤذي أو الفعل النفسي المحسوس، من إهانة أو تهديد أو إشاعة أو تنمر ومعايرة وازدراء وتنقيص من قيمة الإنسان.
الركن المعنوي: نية الفاعل في إذلال الضحية أو ترويعها أو إهانتها.
النتيجة: ضرر نفسي عميق قد يتحول إلى أمراض جسدية أو عزلة اجتماعية أو حتى انتحار!

القانون حين ينظر إلى الاعتداء، ينظر إلى الأثر لا إلى الوسيلة. فإذا أحدث القول أو الفعل ضرراً نفسياً يعادل الضرر الجسدي أو يفوقه، فإنه يُعد جريمة صريحة تستحق الجزاء. فالإيلام النفسي لا يقل عن الضرب والجرح، بل قد يكون أخطر منهم.

تخيلوا زميلاً في الجامعة يختلق إشاعة عن زميله، أو يمارس بحقه التنمر والسخرية أمام الآخرين، فيشوه سمعته ويهدم صورته في أعين الناس. ماذا يحدث؟ ينهار نفسياً، ينعزل عن محيطه، تتدهور صحته، وربما يدفعه الضغط إلى عواقب لا تُحتمل. هل هذا أقل خطراً من ضربة على الوجه أو جرح في اليد؟ بل أشد وأفتك.

المصيبة أن بعض الأنظمة والمجتمعات لا تزال تتساهل مع هذه الأفعال وكأنها مجرد "كلام". لا يا سادة، ليست مجرد كلام. الكلمة قد تكون سجناً، وقد تكون قيداً، وقد تكون خنجراً في الروح لا يلتئم.

الاعتداء النفسي جريمة صريحة، ولا يقل عن الضرب والجرح، بل قد يفوقهما خطورة. ومن يتهاون في تجريم هذا النوع من الاعتداء، إنما يترك آلاف الضحايا يواجهون جروحاً لا يراها أحد، لكنها تنهش أرواحهم حتى الموت.

💢كتبه/ مازن المليح.
يوم الثلاثاء بتاريخ 1447/03/24هـ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..