الصفحات

الاثنين، 15 سبتمبر 2025

💢 هل كرسي الادارة صك تملك أم أمانة ومسؤولية؟

              لا يكاد يمر يوم إلا وتتعالى الأصوات في المجالس والدوائر عن أولئك الذين استقروا على مقاعد القيادة في بعض الجهات الحكومية لسنوات طويلة، حتى غدت الكراسي وكأنها جزء من هويتهم الشخصية، لا وظيفة مؤقتة ولا تكليف مرحلي.

السؤال الأخطر: هل تحولت القيادة عندنا إلى صك تملك؟
أم أن الكرسي غدا يُعامل كـ إرثٍ يُورّث، لا كأمانةٍ تُسلَّم وتُسترد؟

إن بقاء بعض القيادات لعقود دون تدوير أو تقييم ليس مجرد خلل إداري، بل هو ركود فكري وتنظيمي ينعكس على الأداء والخدمات، ويخلق فجوة واسعة بين الواقع ومتطلباته. فالكرسي حين يحتضن شخصاً واحداً طويلاً، يتحول من وسيلة للنهوض إلى قيدٍ على المؤسسة، وحين يعتاد المسؤول على الكرسي أكثر مما يعتاد على التغيير، يصبح أسيراً للروتين، يقتل روح الإبداع، ويستبدل لغة المستقبل بأرشيف الأمس.

والمصيبة الأعظم أن بعض هؤلاء القادة لم يعودوا يفهمون طبيعة المرحلة ولا احتياجاتها؛ وكأن الزمن توقف عند لحظة تعيينهم الأولى. لا تطوير، لا تحديث، لا قراءة للمستقبل. ابتكارهم ذاب في بحر الروتين، وتطويرهم أصبح شعارات تعلق على الجدران، وإدارتهم تحولت إلى إدارة حضور وغياب، لا إدارة رؤى وإنجازات.

القيادة – في جوهرها – ليست ملكاً شخصياً، ولا كرسيّاً محصناً، ولا امتيازاً أبدياً. إنها تكليف ثقيل يتجدد بقدر ما يقدم صاحبه من رؤية، وإبداع، وإصلاح. من جلس على الكرسي ولم يضف، فقد نقص. ومن تمسك به كأنه ملكية، فقد خان الأمانة.

إن ما تحتاجه مؤسساتنا اليوم ليس مجرد "مدير حاضر" أو "اسم قديم"، بل قيادات تتنفس التغيير، تفهم لغة المستقبل، تدرك أن الكرسي ليس لهم بل عليهم، وأنه أمانة مؤقتة تُسلَّم كما أُخذت، لا يليق أن تُحتكر طويلاً في يد واحدة.

فلنسأل أنفسنا بجرأة:
هل سنبقى نمنح الكرسي صفة الملكية حتى يتحول إلى "هوية شخصية"؟
أم آن الأوان أن نعيد تعريف القيادة بأنها أمانة عابرة لا تخلّد أحداً؟

💢 كتبه / مازن المليح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..