الصفحات

الجمعة، 5 سبتمبر 2008

شالـح بن هدلان : سيرة وقصائد

هو الفارس شالح بن حطاب بن هدلان نشأ شالح بين أفراد قبيلة الخنافرة التي هي من قبيلة آل محمد القحطانية وعاش الى سنة
1340هـ وكان مثالاً للأمانة والشجاعة وحسن الخلق والكرم والوفاء وكان محبوباً عند قبائل قحطان و عند القبائل الأخرى .ويتميز شعره بالبلاغة، والحماس، والحكمة، وسهولة الحفظ، حيث إن أغلب قصائده أصبحت مثلاً دارجاً بين الناس، ولا تزال تعيش معنا حتى هذا العصر ويحفظها الكثير من الرواة.
وقد قال شالح أشعـاراً كثيرة بعد وفاة ابنه ذيب وأول مـا قال هذه القصيد'

يا ربعـنا ياللّي على الفـطّرَ الشّيب = عزالله إنه ضاع منكم وداعَـهْ
رحتوا على الطّوعات مثلِ العياسيب = وجيتُوا وخَلّيتوا لقلبي بضاعَـه
خــليتوا النّادِرِ بدارِ الاجَـــانيـب = وضاقت بي الآفاق عقب اتساعهْ
تكدرون لي صافيات الـمشاريب = وبالعون شفتَ الذل عقب الشجاعةْ
يـا ذيب انا بوصيك لا تأكل الذيب = كم ليلةٍ عشاك عقب المـجاعـــه
كم ليلةٍ عشاك حـرش العـراقيب = وكم شيخِ قُومٍ كزته لك ذراعـهْ
كفّه بعـدوانه شنيـع المـضاريب = ويسقي عدوه بالوغي سم ساعـة
ويضحَك ليا صكت عليه المغاليب = ويلكد على جميع العدو باندفاعـهْ
وبيـتِـه لجيرانِه يشيّد على الطيب = وللضيف يبنى في طويل الرفـاعـهْ
جرحي عطيب ولابقى لي مقاضِيب = وافخت حبل الوصل عقب انقطاعهْ
كني بعد فقِدِه بِحـامي اللـواهيب = وكني غريب الدار ما لي جماعــهْ
من عقب ذيب الخيل عرج مهاليب = ياهل الرمك ما عاد فيهن طماعه
قالو تطيب وفلت وش لون ابا طيب = وطلبت من عند الكريم الشفاعَـهْ




قصة مقتل ذيب بن شالح ومراثي والدة لة رحمها الله:
كان ذيب شديد البر بوالدة حتى انة لايرضى ان يخدم والدة احد سواة
وكان كلما انتقلوا من مكان الى مكان حسب المرعى لانهم كانوا في البادية
يسبق اباه الى المكان الذي اتفقوا على ان ينزلوا علية ويصطاد لة من الصيد
ويقوم بشوية لوالدة ويستقبلة بة ويطعمة منة كانما كل مرة يستقبلة كانة ما
راة من عدة سنوات من شدة حفاوة بوالدة ، ومرة من المرات كما جرت العادة
بحث ذيب عن صيد لابية ليطعمة منة ولكنة لم جد صيدا فقام وابتعد عن المكان الذي سوف ينزل
علية اهلة وقام بنحر ذلولة واخذ من طيب لحمها واستقبل والدة وطبخ لة منها
وكان يصب لة القهوة قبل ان يجهز اللحم فشم والدة رائحة اللحم فعرف انة ليس بلحم صيد
فقال لة : وش هذا لحمة ياذيب؟ فقال ذيب: هذا( شبب يايبة) اي ( رزق من الله )
وهذا من لهجة قبيلة قحطان ثم ععرف والدة انة قام بنحر ذلولة
وقال لة: ذبحتها ياذيب ؟! فقال ذيب هي فداك يايبة وعوضا من حلال القوم اجيبة لك ثم
قال ذيب يايبة مااقدر اني استقبلك اذا ماقدمت لك شي تاكلة واقسمت على نفسي
اناستمر على هذه الحال الى ان يتوفاني الله فتاوة والدة ثلاث مرات وقال((يالهفي بعد فراقك ياذيب))).
لقد اشتهر ذيب ببرة لوالدية ووفائة مع اصدقائة وعطفة على جيرانة وكرمة الحاتمي.
وذات ليلة كان هو ووالدة ساهرين وكان والدة يداعبة ، ويلقي علية بعض الاشعار فانشدة هذه الابيات:
ياذيب انا يا ابوك حالي تردى...وانا عليك من المواجيب ياذيب
تكسب لي اللي لاقح عقب عدا... طويلة النسنوس حرشا عراقيب
تجر ذيل مثل حبل المعدا... وتبرا لحيران صغار حباحيب
واشري لك اللي ركضها ماتقدا... ماحد لقى فيها عيوب وعذارب
قبا على خيل المعادي تحدى ... مثل الفهد توثب عليهم تواثيب
ان اشهد انك باللوازم تسدا ... وعز الله انك خيرة الربع بالطيب
ياللي على ذيب السرايا تعدا... لوحال من دونة عيال معاطيب
ليث على درب المراجل مقدا ... مافيك ياذيب السبايا عذاريب
------------
وبعد ان قال والدة هذة القصيدة بطريقة المزاح اسرها ذيب في نفسة وعندما نام
والدة واطمان انة قد اخذ في النوم ذهب خفية وركب قلوصة وذهب لبعض اصحابة من الشبان
وامر عليهم ان يرافقوه فشدوا مطاياهم وركبوا مع ذيب وعددهم لايتجاوز خمسة عشر شابا كلهم ياتمرون بامر ذيب وبعد ذلك
سالوا ذيب الى اين هم سائرون فقال الى ديار القوم لنكسب لاهلنا ابلا منها وقال لابد ان اتي لوالدي من خيار ابل عتيبة
واستمروا بسيرهم وبعد ثلاثة ايام قصدوا بئرا في ديار عتيبة ليستقوا ماء منة ويسقوا رواحلهم
وهذة البئر اسمها (ملية) وهي تقع غرب جبل ذهلان في نجد في اواسط نجدوعندما انحدروا اليها من جبل يطل عليها راوا وردا من عتيبة يستقون
فاراد ذيب ورفاقة ان يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيلة بوجودهم وكان من السقاة صياد اخذ بندقيتة وتوجة الى الوادي الذي انحدروا منه
بحثا عن صيد وعندما راهم اختفى تحت شجرة واطلق عليهم عيارا ناريا فاراد الله ان يصيب ذيب
اصابة مميتة.
لقد حلت الكارثة على الشيخ الطاعن بالسن شالح بن هدلان انة فقد كل امل لة في هذة الحياة
فقد كل ركن على وجة الارض فقد الشجاعة الفذة فقد الكرم الحاتمي فقد الابن المطيع لقد خر ذيب صريعا
وودع الخيل وصهيلها، وودع الابل وحنينها، وودع اباة الذي الذي هو بحاجة الى برة ورعايتة
ترك ذيب شالح حزينا وودع قبيلة قحطان المجيدة وودع سنانة ورمحة وبندقيتة ، ونقع الخيل وهزيج
الابطال ، ودع ذيب نجدا العزيزة وريضها ودع غزلان الريم والارانب وطيور الحباري التي كان يصطاد منها لوالدة
لقد انقشعت هالت الفضل التي كانت تحيط الشيخ شالحا بالحنان والبر والفضيلة التي ضربت
اروع امثلا بين الابناء والاباء.
بعد ما سقط ذيب على الارض اناخ رفاقة مطاياهم وتسابقوا الية وضموة الى صدورهم وانهالوا علية
بالقبل ، وودعوة بدموعهم الحارة ثم وضعوة بكهف بجانب الوادي وقفلوا راجعين الى اهلهم
اما الصياد الذي اطلق النار اطلق النار فقد ظل مختبئا تحت الشجرة الى ان راى الركب قد ولى فاتى الى مكانهم
ووجد الدم يلطخة ثم عمد الى ذب وهو بكهفة وعندما راة وجد شابا بهي الطلعة وفي خنصرة الايمن
خاتم فضي وكانت رائحة الطيب تعج منة وكان لباسة يدل على انة شخصية بارزة فرجع الى جماعتة الذين يستقون من البئر
فسالوة عن الرمية التي سمعوها عندة فقال ان ركبا من العدى انحدر من الوادي وبعد ان راوكم نكصوا راجعين
فاطلقت عليهم عيارا ناريا قتل منهم شخصا تبين لي انة زعيمهم وقد وضعوة في كهف في جانب الوادي فقالوا ومادلك على انة زعيمهم فبين لهم اوصافة
ولباسة الذي علية وان في خنصرة الايمن خاتما فضيا فقالوا هيا بنا لنراة وكانوا قبيلة برقا احد \nجذمي قبيلة عتيبة وكانوا بالتحديد من قبيلة المقطة احدى اكبر افخاذ قبيلة برقا من عتيبة وهم جماعة الشيخ تركي بن حميد
وكان معهم فتاة قد جلى اهلها منذ سنة الى جوار قبيلة قحطان وقد جاوروا ذيب بن شالح ووالدة
لاسباب بينهم وبين بني عمهم وعندما راوا ذيا وراتة الفتاة صاحت باعلى صوتها هذا ذيب بن شالح
الذي جاورنهم العام فشتموها وقالوا لابد ان بينكي وبينة صداقة قالت البنت للذي قت ذيب
بهذه اللهجة(( تعقب وتخسي يالردي هذا ذيب بن شالح اللي ماعمرة رفع عينة في جارتة وكان يعزنا ويكرمنا وكان مايجي من البر باليد
الاويجي بقسمنا معه ويحطة على الارض وهو منزل عيونة بالارض ثم يروح لبيتة))
ما اكبر مصاب شالح لما وصل رفاقة واخبروا والدة بما حدث ، لاشك ان وقع الخبر على شالح
كان عظيما جدا عندما علم ان ابنة قد قتل وكان الخبر على قلبة اشد وانكى من طعن
الحراب ولاشك انة سيتجرع ويلات الحزن ومرارتة وماسي الفراق ولوعاتة..
واذا المنية انشبت اظفارها ... الفيت كل منية لاتنفع
انها كارثة كبرى حلت ليست على شالح وحدة بل على اهله ال هدلان وعلى قبيلة الخنافر من قحطان بل على قبيلة قحطان الكبرى
وقد قال شالح اشارا كثيرة بعد وفاة ابنة اولها هذة القصيدة :
يــــاربـــعناباللي على الـــفِطّرَالشيب @@@ عــزالله إنه ضــاع مِنــكم وداعــه

رحتوا على الطّوعَات مِثلِ العَيَاسِيب @@@ وجـــِيتواوخـلّيتوا لِقــلبي بِضاعــه

خـلّيتوا النـــــادر بـــدار الآجــَــانِيب @@@ وضـاقت بي الآفاق عِـقب اتساعــه

تِـكـَــدّرن لي صافــيات المـــشاريب @@@ وبالعون شِفت الذل عِـقب الشجاعه

يـاذيب أنـابـوصــيك لاتــأكـل الذيب @@@ كـم ليـــلةٍ عشــاك عِـقبِ المجاعــه

كــم ليلةٍ عــشاك حِــرشَ العَــَاقِيب @@@ وكم شِيخِ قــومٍ (...)ــزّتِه لك ذِرَاعِــه

(...)ــفّه بــعدوانه شِـــــنِيع الـمضارِيب @@@ ويسقي عدوه بالـوغى سـِم سَاعَــه

ويـضحَك ليا صـكت عليه المـغالِيب @@@ ويــلكد على جمعِ الـعدو بانـدفَاعـَـه

وِبَيـتِهِ لِجِــيرانِه يِشّــيّد على الطــيب @@@ وللضيف يبني في طِــويل الرفَاعَــه

جَرحِي عَطِيب وَلا بَقى لِيَ مِقَاضِيب @@@ وَافَخَتّ حَبل الوَصل عِقب انقِطَاعه

كِنّــي بَــعَد فــقدِه ِبِـحـَامي اللّهـَـاهِـيب @@@ وِكنّي غَرِيبَ الــدّار مـالي جِمَاعَــه

مِن عِقب ذِيبَ ، الخَيلِ عِرج مهَالِيب @@@ يَاهـل الرّمَك ماعَـاد فِــيهِن طِمَاعـَه

قَالوا تِطِيب وقلت: وِش لون ابا طِيب @@@ وطَــلَبت مِن عِند الـكِرِيم الشّفَاعـَـه
------------------
وبقي شالح حزينا كظيما يسهر ايامة وليالية ولايفارق نار قهوتة وذات ليلة وهو ساهر مع احزانة
كان شخص من قبيلة قحطان اسمة الهويدي قد ضاع صقرة واخذ يبحث عنة بالليل ويسال رافعا صوتة كلما مر
بنار قطين مناديا(يامن عين الطير) فعرفة شالح وسكت عنة اول مرة ثم عاد الية مرة ثانية مارا ببيتة
بعد ان مر نيران الحي ثم استمر بسوالة مارابكل نار يراها وعاد على شالح للمرة الثالثة،
فناداة شالح والهويدي ان النار هي نار شالح وعندما دعاه لكز هجينة(اي ضربة) وجاء مسرعا ظنا منة
ان المنادي سيبشرة بصقرة وعندما اناخ هجينة واقترب من المنادي تبين لة انة الشيخ شالح بن هدلان
الذي لازال يصارع احزانة فاعتذر الهويدي لشالح انة لايعرف ان هذه نارة ثم قبل جبينة
معتذرا وطالبا السماح فاذن لة بالجلوس من حولة واخذ شالح يصب لة القهوة ثم قال هذة الابيات:
ان كان تنشد يالهويدي عن الطير.....الطير والله يالهويدي غدالي \nطيري عذاب معسكرات المسامير.....ان حل عند قطيهن(1)الجفالي
ان جاء نهار فية شر بلا خير.....وغدا لهن عند الطريح اجتوالي
ان دبرن خيل وخيل مناعير.....وشرة على نشر الحريب الموالي
يضحك ليا صكت علية الطوابير.....طير السعد قلبة من الخوف خالي
خيالنا وان عرجدن المظاهير.....وزيزوم عيرات طواها الحيالي
غيث لنا وان جت ليالي المعاسير.....وبالشح ريف للضعوف الهزالي
يسقي ثراة من الروايح مزابير.....تمظر على قبر سكن فية غالي
----------------
لاشك ان طير شالح يصيد افذاذ الرجال ،كما قالة باشعارة، اما طير الهويدي فهو لايصيد الا الارانب
والكروان والحبارى... رحم الله شالحا وابنة ذيبا لانها سجلا مفاخر قيمة لكل من يقطن نجدا...
اننا نودعهما بالرحمة بالرحمة ودعوات الغفران ونشيعهما بما يشيع بة الابطال المغاوير ، الذين
ابقوا لهم ذكرا في الاخرين دينا وشجاعة وكرما وشيما وطيب ذكر
-----------------
المصدر: كتاب ابطال من الصحراء للامير محمد بن احمد السديري -رحمة الله-
(1)قطيهن جمع قطاة: يقصد ظهور الخيل .

ومن قصائده الشعرية قوله:

يا قاطع الحسنى ترى العلم شاره

لابد دورات الليالي يدورن

حريبنا كنّه رقيد الخباره

خطر عليه اليا توقظ من الجن

ماني بقصاد بليا نماره

أجدع نطيحي بالسهل وإن تلاقن

من حل دار الناس حلوا دياره

لابد ما تسكن دياره ويغبن

ومن شق ستر الناس شقوا ستاره

ومن ضحك بالثرمان يضحك بلا سن

وعندما لاحظ فروسية ابنه ذيب وشجاعته قال القصيدة المشهورة:

ما ذكر به حي بكي حي يا ذيب
واليوم أنا بابكيك لو كنت حيا

ويا ذيب يبكونك هل الفطر الشيب
إن لا يعتهم مثل خيل المحيا

وتبكيك قطعان عليها الكواليب
وشيال حمل اللي يبون الكفيا

وتبكيك وضح علقوها دباديب
ان رددت من يمة الخوف عيا

ويبكيك من صكّت عليه المغاليب
إن صاح باعلى الصوت ياهل الحميا

ننزل بك الحزم المطرّف ليا هيب
ان رددوهن ناقلين العصيا

أنا أشهد إنك بيننا منقع الطيب
والطيب عسر مطلبه ما تهيا

وله هذه القصيدة يرثي فيها اخاه (الفديع):

أمس الضحى عديت روس الطويلات
وهيضت في راس الحجى ما طرالي

وتسابقن دموع عيني غزيرات
وصفقت بالكف اليمن الشمالي

وجريت من خافي المعاليق ونات
والقلب من بين الصناديق جالي

واخوي ياللي يم قاره خفا فات
من عاد من عقبه بيستر خمالي

ليته كفاني سو بقعا ولا مات
وأنا كفيته سو قبر هيالي

وليته مع الحيين راعي الجمالات
وأنا فداً له من غبون الليالي

واخوي ياللي يوم الأخوان فلات
من خلقته ما قال ذلك وذالي

تبكيه هجن تالي الليل عجلات
ترقب وعدها يوم غاب الهلالي

وتبكي على شوفه بني عفيفات
من عقب فقده حرّمن الدلالي

وقال الشاعر شالح بن هدلان هذه القصيدة عندما سمع شخص اسمه الهويدي يبحث عن طيره الذي فقده فدعاه شالح ثم انشد هذه القصيدة:

إن كان تنشد يالهويدي عن الطير
الطير والله يا لهويدي غدا لي

طيري عذاب معسكرات المسامير
إن حل عند قطيهن الجفالي

إن جا نهار فيه شر بلا خير
وغدا لهن عند الطريح اجتوالي

إن دبرن خيل وخيل مناحير
وغدن مثل مخزمات الجمالي

على الرمك صيده عيال مناعير
وشره على نشر الحريب الموالي

يضحك ليا صكت عليه الطوابير
طير السعد قلبه من الخوف خالي

خيالنا وان عرجدن المظاهير
وزيزوم عيرات طواها الحيالي

غيث لنا وان جت ليالي المعاسير
وبالشح ريف للضعوف الهزالي

يسقي ثراه من الروايح مزابير
تمطر على قبر سكن فيه غالي

ومن أشعاره في عزة النفس وتجارب الحياة قوله:

أنا ليا كثرن لأشاوير ما شير
حلفت ماتي بارزن ما دعاني

وأنا صديقه فاليالي المعاسير
والا الرخا كل يسد بمكاني

ماني بخبل ما يعرف المعابير
قدني على قطع الفرج مرجعاني

ان سندوا حدرت يم الجوافير
وان حدروا سندت لمريغاني

ناخذ بخيرات المريبخ مسايير
وما دبر المولى على العبد كاني

ومن أوراق الفارس شالح بن هدلان الشعرية هذه الورقة الجميلة التي عبّر فيها عن عشقه الشديد ومحبته لجواده الأصيل التي كانت تسمى (العزبة) والتي اعتذر كثيرا عن اهدائها لمن راسلوه يطلبون منه الإهداء:

يا سابقي كثرت علوم العرب فيك
علوم الملوك من أول ثم تالي

لا نيب لا بايع ولاني بمهديك
وانا اللي استاهل هدو كل غالي

وانتي من الثلث المحرّم ولا اعطيك
وانتي بها الدنيا شريدة حلالي

يا محلا خطوى القلاعة تباريك
أفرح بها قلب الصديق الموالي

وياما حلا زين الندا في مواطيك
في عثعث توه من الوسم سالي

ومن أشعاره الجميلة التي تتميز بالحكمة، وجمال الأسلوب، وروعة الوصف، هذه القصيدة النادرة التي صدرت من قلب فارس وشاعر يجيد تطويع المفردات حسب رغبته.. واصابة الهدف المقصود بكل براعة وتفنن:

ذيب عوى وانا على صوته أجيب
ومن ونتي جضت ضواري سباعه

عز الله اني جاهل ما اعلم الغيب
والغيب يعلم به حفيظ لوداعه

يالله يا رزاق عكف المخاليب
يا محصي خلقه ببحره وقاعه

تفرج لمن صابه جروح معاطيب
وقلبه من اللوعات غادن ولاعه

إن ضاق صدري لذت فوق المصاليب
مانيب من يشمت فعايل ذراعه

صار السبب مني على منقع الطيب
ونجمي طمن بالقاع عقب ارتفاعه

يا طول ما هجيتهن مع لواهيب
ولاني بداري كسرها من ضلاعه

ابا انذر اللي من ربوعي يبا الطيب
ما ياخذ الا من بيوت الشجاعه

يجي ولدها مذرب كنه الذيب
عزن لأبوه وكل ما قال طاعه

وبنت الردى ياتي ولدها كما الهيب
غبن لبوه وفاشله بالجماعه

يا كبر زوله عند بيت المعازيب
متحرياً متى يقدّم متاعه

شالح بن هدلان يرثي الفديع

تقول القصة ان الفارس المعروف شالح بن هدلان الخنافر القحطاني رأى في منامه ان ديك نقرة في عينة اليمنى فراح لواحد يفسر الاحلام علمه بالحلم قال الشيخ لشالح من هو اعز واحد عندك قال اخوي الفديع قال الشيخ الفديع بيموت
فقال شالح يرثي اخوة

لاوا  خوٍ  لي عقـب فرقـاه أبا أضيـع
كني بما يجري على العمـر داري
اخـوي ياستـر البنـيّ المفارايـع
ومطلق لسان اليّ باهلهـا تمـاري
ليته عصاني مرة قـال مـا طيـع
كود اني أصبر يوم تجري الجواري
انا اشهد إنه لـي سريـع المنافيـع
عبد مليـك لـي ولانـي بشـاري
تشهد عليـه مناتـلات المصاريـع
واعداه من كفه تشـوف العـزاري
يمناه تنثـر مـن دماهـم قراطيـع
وعوق العديم اللـي بِدَمَّـه يثـاري
جداع سفريـن الوجيـه المداريـع
مخَلِّي سروج الخيل منهم عـواري
القلـب ماينسـى بعيـد المناويـع
ليث على صيد المشاهير ضـاري


---------------------
من مصدر آخر :
ياربعنا يلي على الفطر الشيب
:

في ذات ليله : كان الأب الشيخ شالح بن هدلان ساهراً مع إبنه الفارس ذيب ، وكان والده يداعبه ويلقي عليه بعض الأشعار فأنشده هذه الأبيات :



يـا ذيـب أنـا يابـوك حالـي تـردّى ****وأنا عليك من المواجيب يا ذيب
تكسب لي إللي لاقِـحٍ عِقـب عـدّا**** طويله النسنوس حرشا عراقيب
تـجـر ذيــلٍ مـثــل حـبــل الـمـعـدا ****وتبري لحيران ٍ صغار ٍ حباحيب
وأشري لك إللي ركضها ما تقدا**** ماحدٍ لقى فيها عيوب وعذاريـب
قبـا علـى خيـل المعـادي تـحـدى**** مثل الفهد توثـب عليهـم تواثيـب
أنـا أشهـد أنـك بالـلـوازم تِـسـدا ****لو حال من دونه عيال ٍ معاطيب
ليث ٍ على درب المراجـل مقـدّى ****ما فيك يا ذيب السبايـا عذاريـب



وبعد أن قال والده هذه الابيات بطريقة المزاح ، أسرها الابن ذيب في نفسه ، وعندما نام والده وأطمأن ذيب أنه قد أخذ في النوم ، ذهب خفيه وركب قلوصه وذهب لبعض أصحابه من الشبان وأمر عليهم أن يرافقوه فشدوا وركبوا مع ذيب زعددهم لا يتجاوز خمسة عشر شاباً ، وكلهم يأتمرون بأمر ذيب ، وبعد ذلك سألوا ذيباً إلى أين نحن ذاهبون ؟ فقال إلى ديار القوم وأشار إلى قبيلة عتيبة ، لنكسب منهم إبلا لأهلنا ، وقال لابد أن آتي لوالدي من خيار إبل عتيبة واستمروا بسيرهم ، وبعد ثلاثة أيام قصدوا بئراً في ديار عتيبه ليستقوا منها ماء ويسقوا رواحلهم ، وهذه البئر تسمى ( ملية ) وهي تقع غرباً عن جبل ذهلان بأواسط نجد وعندما انحدروا إليها من جبل يطل عليها رأوا عليها ورداً لعتيبة يستقون ، فأراد ذيب ورفاقه أن يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيله بهم ، وكان من السقاة صياد أخذ بندقيته وتوجه إلى الوادي الذي إنحدر منه ذيب ورفاقه ، باحثاً عن الصيد ، وعندما رأى ذيباً وجماعته إختفى تحت شجرة أطلق عليهم عياراً نارياً فأراد الله أن يصيب ذيباً إصابه مميته.
لقد حلّت كارثه على أبيه الشيخ الطاعن بالسن شالح بن هدلان ، إنه فقد كل أمل في الحياة : فقد كل ركن على وجه الارض ، فقد الشجاعة الفذة ، فقد الكرم الحاتمي ، فقد الابن البار ، فقد الابن المطيع ، لقد خرّ ذيب صريعاً وودع الخيل وصهيلها وودع الابل وحنينها ، وودع أباه الذي هو بحاجة إلى بره وعنايته ، ترك ذيب شالحاً حزيناً ، وودع قبيلته قحطان المجيدة ، وودع سنانه ورمحه وبندقيته ، ونقع الخيل وهزج الابطال ، ودع ذيب نجداً ورياضها ودع غزلان الرئم والارانب وطير الحباري التي كان يصطاد منها لوالده ، لقد إنقشعت هالة الفضل التي كانت تحيط الشيخ شالح بالحنان والبر والفضيله التي ضربت أروع مثل ٍ بين الابناء والآباء.
بعد أن سقط ذيب على الارض أناخ رفاقه مطاياهم وتسابقوا إليه وضموه إلى صدورهم ، فوجدوه جسماً بلا حياة ، وانهالوا عليه بالقبل ، وودعوه بدموعهم الساخنه ، ثم وضعوه بكهف بجانب الوادي ، وقفوا راجعين إلى أهليهم.
أما الصياد الذي أطلق النار ، فقد ظل مختبئاً تحت الشجرة ، إلى أن رأى الركب قد ولى ، فأتى إلى مكانهم ووجد الدم يلطخه ثم عمد إلى ذيب وهو بكهفه وعندما رآه وجده شاباً وسيم الطلعه وفي خنصره الأيمن خاتم فضي ، وكانت رائحة الطيب تعج منه وكان لباسه يدل على أنه شخصية بارزه فرجع إلى جماعته الذيب يستقون من البئر ، فسألوه عن الرمية التي سمعوها عنده ، فقال إن ركباً من العدى إنحدر من الوادي وبعد أن رأوكم نكصوا راجعين فأطلقت عليهم عياراً نارياً قتل منهم شخصاً تبين لي أنه زعيمهم ، وقد وضعوه في كهف بجانب الوادي ، فقالوا وما دلك على أنه زعيم ، فبين لهم أوصافه ولباسه الذي عليه ، وإن في خنصره خاتماً فضياً ، فقالوا هيا بنا لنراه ، وكانوا من قبيلة برقا أحد جذمي عتيبة ، وكان معهم فتاة قد جلا أهلها منذ سنة إلى قبائل قحطان لأسباب حادثه وقعت بينهم وبين بعض قبائلهم من عتيبة ، وعندما رأوا ذيباً بالكهف ، ورأته الفتاة صاحت بأعلى صوتها ، وقالت ويحك هذا ذيب بن شالح بن هدلان ، الذي كنا بجواره بالعام الماضي ، فشتموها وقالوا ربما أن بينك وبينه صداقه ولهذا السبب صحت بأعلى صوتك ، فقالت لا والله لم يكن بيني وبينه أي شيء من هذا ولكنه أكرمنا وأعزنا وأجارنا ، وكان لا يأتي من الفلا إلا ومعه صيد ويأتي بقسمنا نحن جيرانه حامله بيده وعندما يقترب من بيوتنا يغض نظره إلى الارض ثم يضع ما جاء به من الصيد ويدبر دون أن يرفع طرفه بامرأه من جيرانه وهذه طريقته بالحياة وعليكم أن تسالوا عن خصاله ، وينبئكم عن ذلك من عرفه ، فهو بعيد كل البعد عن الرذيله .
ما أكبر المصاب على شالح لما وصل رفاق ذيب وأخبروه بما حدث ، لاشك أن خطب شالح عظيم وإن وقع نبأ مصرع إبنه على قلبه أشد وأنكى من طعن الحراب ، ولاشك أنه سيتجرّع ويلات الحزن ومرارته ومآسي الفراق ولوعاته ..

وإذا المَنيّـة أنشبت أظفارها ... ألفيت كُلّ تميمةٍ لا تنفعُ

إنها كارثه كبرى ليست على شالح فقط بل على عائلة آل هدلان وعلى قبيلة قحطان : وقد قال شالح أشعاراً كثيرة بعد وفاة ابنه ، وأول ما قال هذة القصيدة :



يـا ربعنـا ياللـي علـى الفـطّـر الشـيـب ****عــز الله أنــه ضـــاع مـنـكـم وداعـــه
رحتوا على الطوعات مثـل العياسيـب ****جـيـتـوا وخـلـيـتـوا لـقـلـبـي بـضـاعــه
خـلـيـتـوا الــنــادر بــــدار الأجـانــيــب**** وضاقـت بـي الآفــاق عـقـب إتسـاعـه
تـكــدرن لـــي صـافـيـات الـمـشـاريـب ****وبالعون شفـت الـذل عقـب الشجاعـه
يـا ذيـب أنــا بوصـيـك لا تـاكـل الـذيـب ****كــم ليـلـةٍ عـشّــاك عـقــب المـجـاعـه
كــم ليـلـةٍ عـشّـاك حِــرش العـراقـيـب ****وكـم شيـخ قــوم ٍ كـزتـه لــك ذراعــه
كـفــه بـعـدوانـه شـنـيـع الـمـضـاريـب ****ويسقـي عـدوه بالـوغـى سِــم سـاعـه
ويضحـك ليـا صَكّـت علـيـه المغالـيـب ****ويلـكـد عـلـى جـمـع الـعـدو باندفـاعـه
وبيـتـه لجيـرانـه يشـيّـد عـلـى الطـيـب ****وللضيـف يبنـي فـي طـويـل الرفـاعـه
جرحي عطيـب ولا بقـى لـي مقاضيـب**** وأفخـت حبـل الوصـل عقـب إنقطاعـه
كـنـي بـعـد فـقـده بـحـامـي اللـواهـيـب ****وكـنـي غـريـب الــدار مـالـي جمـاعـه
من عقب ذيـب الخيـل عِـرج ٍ مهاليـب ****ياهـل الرمـك مـا عـاد فيهـن طمـاعـه
قالوا تطيب وقلت : وش لون أبا طيب ****وطلبـت مــن عـنـد الكـريـم الشفـاعـه



ثم أردفها بقصيدة على نفس البحر والقافيه وقال :



ذيـبٍ عـوى وأنـا علـى صوتـه أجـيـب**** ومـن ونتـي جضـت ضـواري سباعـه
عـز الله إنـي جاهـل ٍ مـا أعلـم الغيـب ****والغـيـب يعـلـم بــه حـفـيـظ الـوداعــه
يالله يــــا رزّاق عِــكــف الـمـخـالـيـب ****يــا محـصـي خـلـقـه بـبـحـره وقـاعــه
تفـرج لمـن صابـه جــروح ٍ معاطـيـب**** وقلـبـه مــن اللـوعـات غــادٍ ولاعـــه
إن ضاق صدري لذت فوق المصاليب ****مانـيـب مــن يشـمـت فعـايـل ذراعـــه
صار السبب منـي علـى منقـع الطيـب**** ونجمي طِمَـن بالقـاع عقـب إرتفاعـه
يـا طـول مــا هجيتـهـن مــعْ لواهـيـب ****ولانـي بـرادي كسرهـا مــن ضـلاعـه
ويـا طـول مـا نوختهـا تصـرخ النـيـب ****وزن البـيـوت إلـلــي كـبــار ٍ ربـاعــه
وأضـوي عليهـم كنهـم لــي معـازيـب ****إلـيـا رمــى زيـــن الـوسـايـد قـنـاعـه
أضــوي عليـهـم واتخـطـى الأطاتـيـب**** وآخـــذ مـهـاويـه الـجـمـل بـانـدفـاعـه
أبا أنذر إللي مـن ربوعـي يبـا الطيـب ****لا يـاخـذ إلاّ مـــن بـيــوت الشـجـاعـه
يـجــي ولـدهــا مـــذرب كـنّــه الـذيــب ****عِــز لِـبُــوه وكـــل مـــا قـــال طـاعــه
وبنت الردي ياتـي ولدهـا كمـا الهيـب**** غـبــنٍ لــبُــوه وفـاشـلــه بالـجـمـاعـه
يـا كبـر زولــه عـنـد بـيـت المعـازيـب ****مـتــحــرّي ٍ مــتـــى يــقـــدّم مـتــاعــه




_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

رائعة شالح بن هدلان في رثاء ابنه ذيب

البدراني ومآخذه على منديل الفهيد رحمه الله في قصيدة شالح بن هدلان !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..