الصفحات

الأحد، 1 يناير 2012

ضجعة الموت رقدة / ابي العلاء المعري

غير مجد في ملتي واعتقادي
قصيدة المعري في رثاء الفقيه الحنفي الحلبي

غيـرُ مـجـدٍ فــي ملّـتـي واعتـقـادي:: نــــوح بــــاكٍ ولا تــرنـــم شـــــاد
وشـبـيـهٌ صـــوت الـنـعـيّ إذا قِـــيس
:: بصـوت البشيـر فـي كــل نــاد
أبَــكَـــت تــلــكــم الـحـمــامــة أم
:: غنّــت عـلـى فــرع غصنـهـا المـيّـاد
صـاح هـذي قبـورنـا تـمـلأ الــرُحبَ
:: فـأيـن القـبـور مــن عـهـد عــاد
خـفـف الــوطء مــا أظــن أديــم الأرض إلا مــــن هــــذه الأجــســاد
وقـبـيــح بــنـــا وإن قـــــدُم الــعـــهد هــــــوان الآبــــــاء والأجـــــــداد
سر إن اسطعت في الهـواء رويـداًلااخـتـيـالاً عـلــى رفـــات الـعـبــاد
رُب لحـدٍ قـد صــار لـحـداً مــراراًضـاحــكٍ مـــن تـزاحــم الأضـــداد
ودفــيـــنٍ عــلـــى بـقــايــا دفـــيـــنفـــي طـويــل الأزمــــان والآبــــاد
فـاســأل الفـرقـديـن عـمّــن أحــسّــامـــن قـبـيـلٍ وآنــســا مــــن بــــلاد
كــــم أقــامــا عــلــى زوال نــهــاروأنـــــارا لـمــدلــج فـــــي ســــــواد
تــعــبٌ كـلـهــا الـحــيــاة فــمـــا أعجـب إلا مـن راغــبٍ فــي ازديــاد
إنّ حزناً في ساعـة المـوت أضعـاف ســرورٍ فــي سـاعــة الـمـيـلاد
خُــلــق الــنــاس لـلـبـقـاء فـضـلّــتأمــــــــة يـحـسـبـونــهــم لــلــنــفـــاد
إنــمــا يـنـقـلـون مــــن دار أعــمــالٍ إلــــى دار شِــقـــوة أو رشـــــاد
ضجعـة المـوت رقـدة يستريـح الجسـم فيـهـا والعـيـش مـثـا السـهـاد
أبَـنــات الـهـديـل أسـعــدن أو عــــدن قــلــيــلَ الـــعـــزاء بــالإســعــاد
إيـــــــه لله درّكـــــــن فــأنــتـــن اللــواتــي تـحـســنّ حــفــظ الـــــوداد
بـيـد أنّــي لا أرتـضـي مــا فعـلـتنّ وأطـواقــكــنّ فــــــي الأجـــيـــاد
فـتـسـلّـبــن واســتــعــرن جـمـيــعــاًمــن قمـيـص الـدجـى ثـيـاب حــداد
ثــم غـــردن فـــي الـمـآتـم وانـــدبن بشـجـوٍ مـــع الـغـوانـي الـخــراد
قصـد الدهـر مـن أبـي حمـزة الأّوّاب مولـى حِـجـىً وخــدن اقتـصـاد
وفـقـيـهـاً أفــكــاره شـــــدن لـلــنّــعمـــان مـالــم يـشــده شـعــر زيـــاد
فـالــعــراقــيُّ بـــعــــده لـلــحــجــازيّ قـلـيـل الـخــلاف سـهــل الـقـيـاد
وخطيـبـاً لــو قــام بـيــن وحـــوشعــلّــم الـضـاريــات بِــــرّ الـنِّــقــاد
راويــاً للحـديـث لــم يـحـوج الـمــعروف مــن صـدقـه إلــى الأسـنــاد
أنفـق العـمـر ناسـكـاً يطـلـب الـعـلم بـكـشـفٍ عـــن أصـلــه وانـتـقـاد
مستقـي الكـف مــن قلـيـبِ زجــاجٍبــغــروب الــيــراع مــــاء مـــــداد
ذا بـنــانٍ لا تـلـمـس الـذهــب الأحمـر زهـداً فــي العسـجـد المستـفـاد
ودّعــــا أيــهـــا الـحـفـيّــان ذاك الشـخــص إنّ الـــوداع أيــســر زاد
واغسـلاه بالـدمـع إن كــان طـهـراًوادفـنــاه بـيــن الـحـشــى والــفــؤاد
واحبواه الأكفـان مـن ورق المـصحــف كـبـراً عــن أنـفـس الأبـــراد
واتـلـوَا النـعـش بـالـقـراءة والـتــسبـــيـــح لا بـالـنـحـيــب والـــعــــداد
أســــفٌ غــيــرُ نــافــع واجـتــهــادٌلا يـــؤدّي إلــــى غَــنــاء اجـتـهــاد
طالما أخـرج الحزيـن جـوى الحـزن إلــــى غــيــر لائــــقٍ بـالـســداد
مـثـلَ مــا فـاتـت الـصــلاة سلـيـمـان فـأنـحـى عـلــى رقـــاب الـجـيـاد
وهو من سُخـرت لـه الإنـس والـجن بـمـا صــح مــن شـهـادة صــاد
خاف غدر الأنـام فاستـودع الـرِّيح سـلــيــلاً تــغـــذوه درّ الـعــهــاد
وتــوخــى لــــه الـنـجــاة وقــــد أيقــــــن أن الــحِــمــام بـالـمــرصــاد
فرمـتـه بـــه عـلــى جـانــب الـكــرســــيّ أم الـلُّـهَـيــم أخـــــت الــنـــآد
كيـف أصبحـت فـي محلّـك بـعـدييـاجـديـراً مــنــي بـحـســن افـتـقــاد
قــد أقـــرّ الطـبـيـب عـنــك بـعـجـزوتــقـــضّـــى تَــــــــرددُ الــــعــــوّاد
وانتهى اليأس منك واستشعر الوجد بــــأن لامــعــاد حــتــى الـمـعــاد
هـجــد الـسـاهـرون حــولــك لـلـتــمريـــض ويــــحٌ لأعــيــن الـهـجّــاد
مــن أســرة مـضـوَا غـيـر مـغـروريــن مــن عيـشـة بــذات ضـمــاد
لا يـغـيّـركـم الـصـعـيــد وكــونـــوافيـه مـثـل السـيـوف فــي الأغـمـاد
فـعـزيــزٌ عــلــي خــلـــطُ الـلـيـالــيرِمِّ أقــدامــكــم بِــــــرِمّ الـــهـــوادي
كـنـتَ خــل الـصـبـا فـلـمـا أراد البـيـن وافـقـتَ رأيـــه فـــي الـمــراد
ورأيــــت الــوفــاء لـلـصـاحـب الأول مـــن شـيـمـة الـكــرام الـجــواد
وخلعـت الشـبـاب غـضّـاً فـيـا لــيتــــــك أبـلـيــتــه مــــــع الأنــــــداد
فـاذهـبـا خــيــر ذاهـبـيــن حـقـيـقـينِ بـسـقــيــا روائـــــــح وغـــــــواد
ومَـــــراثٍ لـــــو أنــهـــن دمـــــوعٌلـمَـحَـون الـسـطـور فـــي الإنـشــاد
زحــــلٌ أشــــرف الـكــواكــب داراًمــن لـقــاء الـــردى عـلــى مـيـعـاد
ولِـنـار المـريـخ مــن حَـدَثَـان الــدهر مـطـفٍ وإن عـلَــت فـــي اتـقــاد
والـثــريــا رهـيــنــةٌ بـافــتــراق الشـمـل حـتــى تُـعــدُّ فـــي الأفـــراد
فلـيـكـن للـمـحـسّـن الأجــــلُّ الــمــمدودُ رغــمـــاً لآنــــــف الــحــســاد
وليـطـب عــن أخـيـه نفـسـاً وأبـنــاء أخـــيــــه جـــرائــــحِ الأكـــبــــاد
وإذا البحـر غــاض عـنـي ولــم أروَ فـــــلا رِيّ بـــادّخـــار الــثِّــمــاد
كــل بـيـت للهدم مــا تبتـنـي الــور-قــــاء والـسـيــد الـرفـيــع الـعــمــاد
والفـتـى ظـاعـنٌ ويكـفـيـه ظـــل ال-سـدر ضـربَ الأطـنـاب والأوتــاد
بــان أمـــر الإلـــه واخـتـلـف الـنــا-سُ فـــداع إلـــى ضــــلال وهــــاد
والــــذي حــــارت الـبـريــة فــيـــه -حـيــوان مسـتـحـدث مــــن جــمــاد
واللبـيـب اللبـيـب مــن لـيـس يـغـترُّ- بـــ كـــونٍ مــصــيــره لـلـفــســاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..