الصفحات

الأحد، 8 يوليو 2012

مسلسل الفاروق بين المادحين والقادحين

مسلسل الفاروق بين المادحين والقادحين
                                                                                                                                     د. مالك الأحمد
مسلسل الفاروق كغيره من المسلسلات أحدث ضجّة قبل عرضه، لم أقرأ النّص وبالطّبع لم أشاهد المسلسل؛ لأنّه
سيُعرَض في رمضان، لكن سأسوق حجج المؤيّدين والمعارضين في الموضوع بعد مقدّمة يسيرة.

الدّراما التّاريخيّة الإسلاميّة عرضت الشّخصيّات الإسلاميّة في الجملة بشكل مشوّه، وخلطت بين الحقائق التّاريخيّة والرّؤى الشّخصيّة للجهة المنتجة والمخرج؛ فكان النّتاج في الجملة أعمال فيها خير كثير وفيها سوء.
بعض المسلسلات أوجدت حركت وعي في المجتمع، وشدّت النّاس للتّاريخ الإسلاميّ وشخصيّاته، على الرّغم ممّا اعتراها من خلل، وربطت النّاس إلى حدّ كبير بتاريخهم الذي يفخرون به بالجملة.
مسلسل الفاروق راجع نصّه بعض الشّخصيّات الإسلاميّة، و على الرّغم من ثقتي بهم، إلاّ أنّي لم أطّلع على متخصّص بالتّاريخ الإسلاميّ منهم، فضلاً عن أنّ مراجعة النّص لاتكفي لإجازة المسلسل؛ فمن عرف الدّراما يعرف أنّ الإخراج التّلفزيونيّ قد يشوّه بالكامل شخصيّات، على الرّغم من أنّ النّص لا يظهر ذلك، وقد يتصرّف المخرج في بعض اللّقطات بما يعطي إيحاءات معاكسة تمامَا لِما في النّصّ الأصليّ.
دفاع البعض عن المسلسل -على الرّغم من أنّهم من الشّخصيّات الإسلاميّة المعروفة- لا يكفي لإعطاء حكم صحيح على المسلسل؛ فهم ليس لهم دراية بالأبعاد الإعلاميّة الخفيّة، وقد يخفى عليهم الكثير من الإيحاءات التي قد تشوّه العمل الجيّد بالكامل.
فكرة المسلسل لاشك جيّدة، لكنّ تمثيل الصّحابة فيه خلاف بين العلماء، ومن أجاز ذلك وضع شروطًا شديدة؛ فهل المسلسل وممثّلوه تنطبق عليهم الشّروط!
الرّأي الآخر المدافع عن المسلسل بقوّة يُحترم؛ فهو يرى تقديم التّاريخ الإسلاميّ بشكل معقول ضمن ظروف صعبة؛ إذ إنّ أغلب العاملين في ميدان الإنتاج الدّراميّ من أصحاب التّوجّه غير السّليم، وبالتّالي الاكتفاء بالحدّ الأدنى من الشّروط.
إضافة إلى ذلك الشّخصيّات التي أقرّت النّصّ من الشّخصيّات الإسلاميّة المعروفة باعتدالها، والجهة المنتجة جيّدة، بالتّالي فلايصلح المطالبة فوق المعقول، أو الرّفض لعدم الوصول لحدّ الكمال.
أقول لاشكّ أنّ الدّراما أقوى أدوات التّأثير الإعلاميّ في العصر الحاضر، ولا أنسى مشاهد في فيلم المسيح اضطرّتني شخصيًّا للتوقّف وعدم المتابعة لشدّة الألم الذي اعتصر قلبي من مشاهد التّعذيب، كما أذكر أنّ الوالد -رحمه الله- كان يتابع مسلسلاً مصريًّا وكانت عيناه تدمعان، فقلت له: إنه مسلسل، وليس حقيقة قال: أعلم ذلك، ّ القصّة مؤثّرة!!
إنّ الكثير من التّمريرات الفكريّة والتّشويهات للشّخصيّات والأمم حدثت من خلال الدّراما، ونحن مطالبون وبقوّة بإنتاج دراميّ عالي المستوى فنّيًّا يحقّق أهدافنا، وضمن شروطنا لنصل إلى شعوبنا، فضلاً عن الأمم الأخرى، فهل نكون على مستوى التّحدّي لنرى المسلسل، ونحكم بعد ذلك؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..