الصفحات

الاثنين، 26 مايو 2014

الشيخ عبدالله بن محمد القرعاوي ( علمه ودعوته )

ملخص الرسالة
المقدمة

الحمد لله نَحمَدُه، ونَشْكُره، ونَستعينُه، ونَستهديه، ونستغفِرُه، ونتوبُ إلَيْهِ، ونَعوذُ بِالله مِن شُرور أنْفُسِنا وسيِّئات أعمالِنا، مَن يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هادِيَ له، وأَشْهَدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً أبتغي بِها النَّجاة مِن النَّار، وأشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه - صلى الله عليه وسلم - تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعد:
فإنَّ الله سُبحانَه وتعالى ميَّز الأمَّة الإسلاميَّة أمَّة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - بِمَزايا كثيرة منها: أنَّ الدِّينَ الإسلاميَّ الَّذِي جاء به الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم الأديان، ومُحمَّد خاتم الرُّسُل، وأُمَّتُه خيْرُ الأمم؛ لأمرها بالمعروف، ونهيها عن المُنْكر؛ ولهذا حَفِظ الله هذا الدين، وتكفَّل بِحِفْظه حتَّى قيام الساعة، وحفْظُه يستلزم وجود أناس يحفظونه ويعيدون مجده وعزه كلَّما تكالبتْ عليه الأعداء، وتركه أهله.

قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾[1].

ولِذلِكَ نَجِدُ السَّلف الصَّالح قد ضَحَّوا بِكل ما يملكون؛ مِن أجْل طاعة الله - سبحانه وتعالى - وسِر ذلك يَكْمن في أنَّهم عقلوا قوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ[2]، فعلِمُوا أنَّهم خُلِقوا لِعِبادة الله، فجاهدوا في الله حقَّ جِهاده، وصبروا وصابروا، فهذه كانت حالهم، يحدوهم في ذلك طلب الحق ونصرته؛ ليُضِيءَ نور الإسلام في كل زمان ومكان، وعملهم هذا من أجل سِلعة الله الغالية (الجنة) التي يتمنَّاها كل مسلم.

من هنا يَجِبُ على الباحثينَ إبرازُ شخصيَّات العلماء وبيان مواقفهم الدَّعويَّة؛ مِن أجل أن يكونوا نبراسًا يضيء لأبناء هذه الأمَّة التي هي بأمس الحاجة إلى أمثال أولئك، حيث دراستهم تثري الباحث هِمَّة، وتجعله أكثر إقبالاً على العلم وأشدَّ تَحَمُّسًا للدفاع عنِ العقيدة الإسْلاميَّة.

ومِن هؤلاءِ الدُّعاة الذين جَاهدوا في سبيل إعلاء كَلِمة الإسْلام بالتَّعليم والنُّصح والإرْشَاد - الدَّاعية عبدالله محمد القرعاوي.

وإنَّه عندما أردتُ أن أَخْتَارَ بَحثًا لإتْمام دراسةِ الماجستير في كلية الدَّعوة والإعلام، استشرت إخواني حول اختيار موضوعٍ عن شخصيَّة الشيخ عبدالله القرعاوي، فمنهم من شجَّعني ومنهم من أبدى تحفُّظًا؛ بسبب جدَّة الموضوع، وعدَم توفُّر المادَّة العلميَّة حوله ونُدرة المراجع لِهذا البحث، وتطلّب الموضوع السفر مع ارتباطي بالعمل، فسافرت إلى أحد زملائي[3] بِمدينة "الزلفى"، وهو ممَّن سبق أن أعدَّ بَحثًا عن الشَّيخ حافظ بن أحمد الحكمي - تلميذ القرعاوي - أستشيره في الموضوع، وأسأله عنِ المادَّة وتوفُّرها، فشجَّعني على ذلك حيث سبق أن سافر إلى تلك المنطقة "منطقة جازان"، وكذلك مِمَّن شجَّعني على ذلك أحد أقاربي[4]، فاستخرت الله، وبدأتُ بِجَمْع ما وجدته ثُمَّ قُمْت بالسفر إلى منطقة "جازان"، واتَّصلت بمن لديهم معلومات عنه، فتيسَّر لي بعون الله ما تيسَّر لمادَّة هذا البحث وجَمَعْتُ ما لم أكن أتوقَّع.

أمَّا أسباب اختياري لهذا الموضوع فيعود لعدَّة أسباب أهمُّها:
1- أنَّ عملي هذا محاولة مني للتَّعريف بعَلَمٍ مِن أعلام الدَّعوة إلى الله، وإبراز أثر هذا الدَّاعية والتَّنوية بجهوده؛ ليكون أسوةً حسنةً للدُّعاة إلى الله.

2- طول الزَّمن الذي قام فيه بالدَّعوة إلى الله؛ سواء في بلده أم في منطقة الجنوب؛ حيث أمضى في الجنوب ما يُقارب ثلاثين عامًا حتى وهو في مرضه عند الوفاة، مما يدلنا على حرصه على الدَّعوة إلى الله تعالى لما يعلم من فضلها.

3- طريقته في الدَّعوة إلى الله فقد كان له وسائل وأساليب في دعوته اسْتَقَاها مِنَ القُرآن والسنَّة.

4- ما رأيتُ مِن آثارِه - رحمه الله - على منطقةِ الجنوب خاصَّة وغيرها عامَّة؛ سواء مِن ناحية العقيدة أم غيرها منَ النَّواحي، كذلك ما خلفه من تلاميذ علماء تولَّوا مراكز قياديَّة في الدَّولة؛ كالقضاء وغيره، فلا تخلو بلدٌ من بلدان الجنوب إلاَّ وقاضيها مِن تلامِذَتِه.

5- أنَّني نظرتُ إلى واقِع الشَّباب وما هم فيه من هدر لأوقاتهم، فرَجَوْتُ اللهَ أنْ يكونَ هذا البحث خطوة مباركة تدفع الشَّباب إلى الأمام، وليشغل وقته بالخير كما في سِيرة الشَّيخ القرعاوي - رحمه الله.

ولقد واجهَتْنِي بعض الصعوبات التي منها: أنه بحث ميداني مما جعلني أسافر إلى كثير من مناطق المملكة؛ حيث سافرتُ إلى كلٍّ مِن "منطقة جازان" فنزلت في مدينة "جازان"، ومنها إلى "صامطة"[5]، ومكثْتُ بِها أيَّامًا، ثم زرت "قرية الركوبة" و"ضمد"، ثم سافرت إلى "مكة"، ومنها إلى "الطائف"، ثم إلى "بريدة" و"عنيزة" و"الرياض"، وذلك من أجل أن أروي عن العدول الثقات، وأن آخُذ الخبر عنهم مباشرة - عن طريق المُشَافَهة - ونَوَّعْتُ صيغة نقل الخبر تجنبًا للتَّكْرار.

كذلك الصعوبة في ترتيب المادَّة العلميَّة؛ لأنَّها تَمثَّلتْ في أقوال؛ حيث إنَّ الشَّيخَ لم يؤلِّف كتابًا؛ ولكنَّ الله يسَّر الأمر بتوفيقه وحده، ثم بمساعدة المُشرف على هذا البحث.

وإنني إذ أبدأ بكتابة هذا البحث فقد جعلته على النَّحو التَّالي:
الفصل الأول: حياته: ويتكوَّن من مباحث:
1- المبحث الأول: اسمه ونسبه.
2- المبحث الثاني: مولده ونشأته.
3- المبحث الثالث: صفاته.

الفصل الثاني: علمه: ويتكوَّن مِن ثلاثة مباحث:
1- المبحث الأول: طلبه للعلم.
2- المبحث الثاني: رحلاته العلميَّة وشيوخه.
3- المبحث الثالث: مكانته العلميَّة.

الفصل الثالث: دعوته - ويتكوَّن مِن تمهيد عن أهميَّة الدَّعوة وفضلها.
1- المبحث الأول: النشاط الدعوي للشيخ في بلدته عنيزة.
2- المبحث الثاني: اختيار القرعاوي منطقة الجنوب منطلقًا لدعوته، وحال الجنوب قبل مجيئه.
3- المبحث الثالث: قُدُوم الشيخ إلى المنطقة وتجوله فيها.
4- المبحث الرَّابع: آثار دعوته وعوائقها.
5- المبحث الخامس: وفاته وثناء المُعاصِرِينَ عليه.
الخاتمة.

وأعتذر عمَّا يَحصُل في هذا البحث من خطأٍ أو زلَّة قَلَمٍ لا يَنْجُو منها بشر، وأرجو ممَّن يقرأ هذا البحث أن ينبهني على ما يجده من خطأ أو زلة قلم، وأشكر الله تعالى أن وفَّقني لإتمام هذا البحث، وأسأل الله أن يثيبَ ويعظم أجر كل من أسدى لي يد العون وقدَّم المشورة التي كان لها الأثر في إخراج هذا البحث بِهَذِهِ الصُّورة، وعلى رأسهم فضيلة المُشْرِف الدكتور زيد بن عبدالكريم الزيد، كذلك كلّ من قابلته في أي بلد من البلدان التي سافرتُ إليها، وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
الشيخ أحمد يحيى النجمي، وعمر بن أحمد جردي، ويحيى بن يحيى دوم مدخلي، وجابر ناصر مدخلي، ومحمد بن أحمد الحكمي، وموسى حاسر سهلي، وجابر سلمان، ومحمد شريف هاشم، وعلي بن قاسم الفيفي، وكذلك مسؤولي المعهد العلمي بـ"صامطة".

وكذلك الزميل سُلَيْمان بن عبدالله أبا الخيل، ومن أقربائي ناصر بن محمد العمر؛ حيث سافرا معي إلى تلك المنطقة فكانا خيْرَ مُعين، وإلى كل من مدَّ يد العون لي ممن لم أذكر.

والله أسأل أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما جهلنا إنَّه سميع مجيب.

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصَّالحات، والصَّلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أهل الفضل والتقى.

وبعد:
أحمد الله الذي أعانني على المساهمة في جَمْعِ بعض الشيء مما يستحقه الشيخ عبدالله القرعاوي، لقد كانت حياته مليئة بالعِبَر، غنيةً بالمآثر والفضائل، مما جعلها تستحق البحث والدَّرس، فهو مصلح من كبار المصلحين، ومُجَدِّد من أمثال المجددين النَّاهضين الذين اقتفوا أثر الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته وتابعيهم، فذكرت طرفًا من حياته وعلمه، وعن منهجه في الدَّعوة والتَّعليم والإرشاد، فالكتابة عن مثل هذه الشَّخصيَّة تحتاج إلى جهد ووقت حتى يتمكَّن الباحث من استيفاء الكتابة لبيان الحقيقة؛ ولكن جهد المقل على قدر الجهد، فإن أصبت فمن الله وحده؛ وإن قصَّرت فمن نفسي والشيطان ونعوذ بالله منهما.

وما يزال البحث مَطروحًا لي وللإخوة الأفاضل من الباحثين والدَّارسين؛ حتى يخرجوه في صورة أزكى من هذه الإشارات السَّريعة.

وإنَّني وأنا أختم هذا البحث أقول: إنَّه يجب على الأمَّة الإسلاميَّة إعداد الدُّعاة إلى الله من أبنائها إعدادًا مستمدًّا من كتاب الله وسنة رسوله؛ حتَّى يستطيعوا أن يواجهوا الواقع بالدَّعوة والبيان لتصحيح المعتقدات والتَّصورات الخاطئة التي تسود كثيرًا من المجتمعات، فما أحوج الأمَّة الإسلاميَّة في هذا الزَّمان أن تستعيد سيرة هؤلاء الأبطال؛ ليكونوا مثل خير ودعاة حق لأبناء هذه الأمَّة.

وأسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يوفقنا جميعًا لحسن الدَّعوة إليه، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يَمنحنا جميعًا الفقه في دينه والثَّبات عليه، ويجعلنا من الهُداة المهتدين، والصَّالحين المصلحين، إنَّه جلَّ وعلا جوادٌ كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

فهرس الموضوعات

الموضوع
المقدمة
الفصل الأول: حياته
المبحث الأول: اسمه ونسبه
المبحث الثاني: مولده ونشأته
المبحث الثالث: صفاته
الفصل الثاني: (علمه)
المبحث الأول: طلبه للعلم
المبحث الثاني: رحلاته العلمية وشيوخه
رحلاته
بعض شيوخه
المبحث الثالث: مكانته العلمية
الفصل الثالث: دعوته
تمهيد: عن أهمية الدعوة وفضلها
المبحث الأول: النَّشاط الدعوي للشيخ في بلدته عنيزة
المبحث الثاني: اختيار القرعاوي منطقة الجنوب منطلقًا لدعوته وحالة الجنوب قبل مجيئه.
1 - اختياره لمنطقة الجنوب
2 - أحوال الجنوب قبل دعوة الشيخ.
المبحث الثالث: قدوم الشيخ إلى المنطقة وتجوله فيها.
1 - قدوم الشيخ إلى المنطقة.
2 - تجول الشيخ في المنطقة لمعرفة حال المدعوين
الرابع: وسائل دعوته وأساليبها
تمهيد
المطلب الأول: وسائل دعوته
1 - المدارس
2 - بناء المساجد وإصلاحها
3 - تأسيس المكتبة وطبع الكتب
المطلب الثاني: الأساليب
أولاً: الدعوة بالكلمة
أ - التعليم
ب - الوعظ
ج - الخطبة
د - القصة
ثانيًا: الدعوة بالقدوة
ثالثًا: بذل المال
رابعًا: الاتصال الشَّخصي
الخامس: آثار دعوته وعوائقها
آثار دعوته
من عوامل نجاحها
من تلاميذه
ب - عوائقها
- الفصل السادس: وفاته وثناء المعاصرين عليه
- وفاته
- رثاؤه
- ثناء المعاصرين عليه
الخاتمة
فهرس المصادر والمراجع
فهرس الموضوعات
رقم الصفحة
1
7
8
10
16
19
19
21
21
25
49
51
52
55
58
58
63
75
75
78
80
81
82
82
96
99
104
104
111
120
123
125
127
131
135
138
138
141
142
160
162
162
162
164
166
168
180


[1] سورة المائدة: آية (54).
[2] سورة الذَّاريات: آية (56).
[3] هو سعود بن صالح السيف/ قابلته بمنزله في الزلفي وذكر لي أسماء من تلاميذ القرعاوي في تلك المنطقة .
[4] هو عبدالله بن سليمان العمر/ معيد في كلية أصول الدين بالرياض حيث فكر في البحث عن شخصية القرعاوي من ناحية العقيدة.
[5] صامطة هي: البلد الرئيسي الذي انطلقت منه دعوة الشيخ القرعاوي وتبعد عن مدينة "جازان" 70 كيلومتر.



نوع الدراسة: Masters
البلد: المملكة العربية السعودية
الجامعة: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الكلية: كلية الدعوة والإعلام
التخصص: قسم الدعوة والاحتساب
المشرف: د. زيد بن عبدالكريم الزيد
العام: 1407 - 1408 هـ

تاريخ الإضافة: 26/5/2014 ميلادي - 26/7/1435 هجري



.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

الشيخ عبد الله القرعاوي رحمه الله / سيرة 1



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..