الصفحات

الأحد، 20 يناير 2013

نريد ماشطة..لا ناشطة..!!

 أتى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم-من "غار حراء"يرتعد خوفا،ويرتجف بردا من هول ما رأى.
فطمأنته السيدة خديجة رضي الله عنها-وأشارت عليه بأن يذهب إلى ورقة أبن نوفل،فامتثل لتلك
المشورة وأخذ بها،فكانت النتيجة تطمينه، وتبشيره بالنبوة وانبثاق فجر الرسالة.!
ودخل -عليه الصلاة والسلام -خيمته يوم الحديبية محتارا حزيناً،فأشارت عليه أم سلمه رضي الله عنها-برأي- أنقذ الموقف ورفع الغضب عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، حين أمر الناس أن يحلقوا رءوسهم وأن ينحروا هديهم ويتحللوا فلم يفعلوا، فأشارت عليه أم سلمة أن يبدأ بنفسه، وأن ينحر هديه وأن يحلق رأسه، فإذا فعل فسيفعله المسلمون فلما امتثل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أشارت به أم سلمة، امتثل ذلك المسلمون جميعاً، فأنقذت هذا الموقف، وقامت بالوجه الصحيح الذي يقتضي صواب الرأي، ورجاحة العقل، وصدق المشورة.

وتم بذلك "صلح الحديبية"الذي سماه الله"فتحا مبينا".!
 
إذاً فمشاورة المرأة العاقلة، والأخذ برأيها أمر مشروع،وليس بغريب ولا دخيل ولا مستنكر في ديننا، بل له أصلٌ ثابت في الإسلام ،وله نتائج تدل على رجاحة عقل المرأة، وسداد رأيها.

وقد كان لها دور فاعل في بعض المجالات السياسية: فكان لها قدر من المساهمة في الشؤون العامة كالبيعة، وأمان بعض الحربيين، وفداء الأسرى، والمشاركة في الهجرة والجهاد.

ولكن السؤال المطروح،  هل عضوية المرأة السعودية اليوم في مجلس الشورى نابعة من مصلحة وطنية،وتهدف بالفعل إلى خدمة المرأة، وتوصيل صوتها ومطالبها،ومناقشة شؤونها،من على منبر مجلس الشورى؟
وهل هذه العضو تمثل جميع أطياف المجتمع الفكرية والمناطقية والطبقية؟

وهل لديها إلمام بجميع مشاكل النساء من جميع الطبقات، أم إنها آتية من طبقة معينة،  لم يعد ينقصها سوى الجلوس خلف مقود السيارة؟!
إذا كان وصول المرأة إلى منبر الشورى يمثل كافة شرائح المجتمع وأطيافه،وللمطالبة بحقوقنا والعمل على رفع الظلم عن من تعانيه منا،والسعي إلى تلبية احتياجاتنا وطموحاتنا الكبرى،في حدود وضوابط ديننا الحنيف، فأهلا ومرحبا بها ممثلة شرعية لنا،إلى أن تتاح لنا فرصة انتخاب من حقا تمثلنا.

وإما إن كان صوريا لتكتمل لوحة تشكيلة بالألوان الجذابة!!

أو لرفع الحرج نتيجة لضغوط خارجية،وتنفيذا لاتفاقيات مخزية، أو لإرضاء منظمات معينة،أو إستجابة لنعيق من يسمون أنفسهم نشطاء وناشطات،يعملون على تنفيذ أجندات خارجية مخالفة لتعاليم ديننا،وخصوصية مجتمعنا، فإن هذه العضوية لا تشرفنا وتلك العضو لا تمثلنا.

نحن نريد من السيدة العضو التي بالفعل تمثلنا أن تطالب بتشريع قانون يعنى بشؤون المرأة، مستمدا من شريعتنا السمحة، التي حفظت للمرأة حقوقها،وكفلت لها جميع مطالبها،ولا ضير في الإستفادة من تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال.

بحيث يشمل هذا القانون جميع المشكلات التي تعاني منها المرأة ويكون سندا وعونا لها في المطالبة بحقوقها.

فهناك المعنفة،والمعضولة،والمعلقة،،والمحرومة من إرثها، والقاصر المغلوبة على أمرها،
والفقيرة التي لاتجد قوت يومها، والعاطلة التي طال إنتظارها،وشهادتها قابعة لسنوات طويلة في أدراج الوزارات المعنية،وغيرها من المشكلات والأحوال الشخصية التي يطول شرحها.

فيجب أن يكون هذا القانون لتأمين المرأة نفسيا،وإجتماعيا، وإقتصاديا.

ويجب أن تكون المطالبة به أولى أولويات السيدات عضوات المجلس،فإذا طالبن بحلول لجميع ماتقدم من المعضلات التي تواجه المرأة السعودية،ولم يتبقى لدينا إلا قيادة المرأة للسيارة،فلها حرية بسطها في المجلس،وإشباعها، طرحا وضربا،وبحثا،ونقاشاً.!

ولكن أن تكون رأس الهرم ومشكلة المشكلات،فتكون أول ماتدندن حوله العضوات كما فعل أسلافهم من الرجال،ويتجاهلون الأمور الأهم،والمشكلات الأطم، فهذا مالا نرضاه وأوليك حقا لايمثلوننا.

لقد صدمنا عندما سمعنا أولى تصريحات السيدات العضوات،وأحسسنا بخيبة الأمل،وغسلنا أيدينا بالماء والصابون،كما فعلنا مع من سبقهم من الأعضاء والمستشارات،الذين لم نر لهم من أثر يذكر، سوى تخليد شجرة الأراك في الأثر.!!

نريد ممن تمثلنا أن تقف في وجه اللبراليين والتغريبيين ودعاة التحرر الممقوت، بكل قوة.

فتضرب بذلك مثالاً للمرأة المسلمة القوية، التي تعرف اللَّه حق معرفته، وتعتز بدينها، ومبادئها،وخصوصيتها،وتعرف حقوقها،فتطالب بها بكل قوة وجرأة في الحق،وتصبر في سبيل ذلك مهما تعرضت له من إرهاب فكري، أو ضغط مجتمعي فلا تخاف،ولا تهن ولا تحيد أو تلين.

فليست العبرة بالجاه بأن تكون ناشطة حقوقية،أو ذات مال ومكانة إجتماعية، ولا بالفصاحة وكثرة الظهور عبر المنابر الإعلامية،إنما العبرة بالثبات على الحق مهما حصل من ضغوط وتحديات.

فكم من النساء البسيطات والمغمورات لديهن من الثبات والقوة والوعي والخبرة، بأحوال ومشكلات وهموم نساء مجتمعهن، مايجعلهن يمثلونهن خير تمثيل ويوصلن صرخاتهن وأنينهن بكل أمانة وصدق.

فماشطة كانت مغمورة في جنبات قصر فرعون،وعندما وضعت على المحك ثبتت وفعلت مايعجز عن فعله عتاولة الرجال.

فبالرغم من تعرضها لأشد أنواع البطش والأذى، النفسي والمعنوي،وقفت في وجه أطغى طغاة الأرض في حينها،وثبتت على مبادئها وضحت في سبيلها بنفسها وأطفالها.

فمازال التاريخ إلى يومنا هذا، يذكرها ويسطر سيرتها بأحرف من نور.

إذا فنحن نريد ماشطة..لا ناشطة.!!


سارة العمري
كاتبة وتربوية سعودية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..