غريب وعجيب تصرف الداخلية باقتحام بيت شقيق مسلم البراك قبل يومين بحثا عن شخصية عامة ومعروفة السكن والتواجد، فالداخلية التي تدعي أنها سعت لتطبيق القانون، انتهكت الدستور وحرمات بيت مواطن كويتي وروعت ساكنيه وقيدت سكانه، وكأنها بذلك كمن يهدم بيتا بحثا عن قطعة معدنية، والأغرب أنها أصدرت بيانا تنكر فيه تعديها على البيت أو على أهله رغم الصور المتحركة والثابتة التي تثبت عكس ذلك. رابط:
http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=139337&cid=30
مسلم البراك- الذي كانت تبحث عنه الداخلية بانتقائية واضحة لأسباب سياسية- لم يرفض تسليم نفسه، وكل ما طلبه أن يتم التعامل معه وفق القانون وبصورة أصلية من حكم حبسه الذي وإن سجل اعتراضه عليه، إلا أنه أبدى استعداده لتنفيذه، فكابرت الداخلية بتصريحات تصر فيها على أنها سلمته مذكرة أصلية من الحكم لكنه رفض تسليم نفسه، وكان يمكن أن يكون ذلك معركة علاقات عامة للمؤسسة الأمنية التي تشوهت صورتها وكثرت بياناتها الكاذبة، كان يمكن للداخلية أن تظهر للرأي العام صورة أصلية من الحكم وأن تسجل نقطة لصالحها بعملية تسليم الحكم الأصلي لتسكت محامييه والإدعاء بأنها قد جانبت القانون بمحاولة اقتياد مسلم البراك إلى السجن، ولكنها بدلا من ذلك أرسلت القوات الخاصة لتقتحم منزل أخيه بالأندلس وهي تعلم أن منزله بقرطبة، منتهكة بذلك الدستور بحجة تطبيق القانون.
بدوره، خرج مسلم البراك على قناة تلفزيونية محلية في اليوم نفسه، وهو يكرر استعداده تسليم نفسه متى ما استلم صيغة الحكم الأصلية كما ينص القانون، وقد يقول قائل أن في ذلك مماطلة ومحاولة للتهرب من قبل البراك لعدم دخول السجن! فليكن! لكن الأسهل على الداخلية أن تبرز الحكم بدلا من أن تقتحم بيت مواطن محرم انتهاك حرمته دستوريا حسب المادة 38 التي تنص على أن 'للمساكن حرمة، فلا يجوز دخولها بغير اذن أهلها، إلا في الأحوال التي يعينها القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه'.
ما تلى اقتحام منزل البراك وانتهاك حرمته، مشاهد مؤلمة غالبها احتجاجات سلمية على التعدي الصارخ على الدستور، والملاحقة العنيفة لرمز وطني معارض، وبعضها مخالف للقوانين ومرفوض من كل ذي عقل وحريص على استقرار هذا البلد وأمنه. فإطلاق النار العشوائي من قبل البعض مرفوض ومخالف للقانون وخطر حتى على المتجمهرين أنفسهم، والتوجه لمخفر الأندلس من قبل بعض الشباب المتحمس للصدام مع القوات الخاصة مرفوض أيضا، ولكن تعامل القوات الخاصة العنيف والدامي فيه انتهاكات صارخة وتعريض لحياة الناس وممتلكاتهم للخطر، فلقد أطلقوا أعيرة نارية مختلفة نتج عنها إصابات خطيرة بين الشباب، وتسببوا بحرق ممتلكات بجمعية الأندلس وممتلكات المواطنين. ولعل الطريقة الأمثل لتخفيف حدة احتقان وتطرف بعض الشباب هو بشعورهم بمساواة تطبيق القانون وليس انتقائيته على رمز من رموز الوطن. إن الشباب المتشدد بالدفاع عن مسلم البراك لديه إدراك موثق بأن القوانين تطبق بانتقائية، فآلاف الأحكام بقيت حبيسة الأدراج لأنها ضد متنفذين وشيوخ، بينما جاءت الداخلية بقواتها الخاصة لتقبض على مسلم البراك بدون حكم أصلي وبدون انتظار لحكم الاستئناف، فانتظار حكم الاستئناف-مثلما في حالات الأحكام الجزائية الابتدائية- يمكن أن يخفف الاحتقان ويعد إظهارا 'للنوايا الحسنة' من قبل الحكومة- لو وجدت- تجاه المعارض الأبرز. صحيح أن عدم تطبيق بعض القوانين لا يعني بالضرورة عدم تطبيقها بالمرة، لأن ذلك يعني نهاية القانون وبالتالي نهاية الدولة، ولكن الأصح أنك لا تستطيع أن تفرض على الناس احترام القانون إن طبقته بانتقائية وبغياب المساواة بتطبيقه. إن إعلان مسلم البراك استعداده لتنفيذ الحكم رغم اعتراضه على الحكم ورفضه لانتقائية تنفيذه وشعوره بمرارة انتهاك حرمة بيت أخيه، تعني أن مسلم البراك لا يزال يؤمن بالنظام، وتعني أن مسلم البراك معارض للسلطة وليس معارضا للنظام، وتعني أنه لم يعلن العصيان والتمرد على كافة مؤسسات الدولة، بل تعني أنه لا يزال يؤمن بعدالة القضاء الكويتي فلجأ لاستئناف الحكم أملا بأن ينال من خلاله البراءة المستحقة، فماذا عن باقي هؤلاء الشباب؟
إن الأصوات المتمردة، والهتافات الخارجة على الدستور التي رافقت مسيرة البارحة الأولى، والكتابات التي لم تألفها الحياة السياسية الكويتية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر دون شك بأن تمردا على النظام- وليس على السلطة وحسب- يتشكل ويتكاثر يوما بعد يوم، وهي أصوات لا يزال البراك يمثل صمام أمان لتهدئتها ولجم جموحها، ولكن إلى متى؟
من الواضح أن هناك قوى 'ملونة' بين جموع الاحتجاج، بعضها مندس تابع للسلطة، وبعضها لديه أجندات مجهولة، وبعضها طفح به الكيل- حسب فهمها للأمور، وكلها تدفع نحو الصدام والمواجهة وتنادي بالخروج على النظام أملا في سقوط ضحايا من المواطنين أو حتى من قوات الأمن سعيا منها –ربما- للوصول لإعلان الأحكام العرفية، وهي إعلان حالة من التفرد التام بالسلطة تتمناها قوى الفساد وأعداء الدستور والقوانين وتتوق للسلطة المطلقة، وهذه القوى هي أكثر خطرا على الكويت وأمنها بل ووجودها من مسلم البراك الذي لايزال الأعقل بين جموع المحتجين والمعارضين اليوم مقارنة بما هو قادم غدا.
قيل قديما: 'هوّنها وتهون، كبّرها وتكبر'.سعد بن طفلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..