الصفحات

الأحد، 7 أبريل 2013

أدعياء الليبرالية من التصهين إلى عرقلة الإصلاح!

لا أخطر ولا أسوأ من تلك الفجوة واهتزاز العلاقة أو اشتعالها بين الحاكم والمحكوم، إلا فجوة مماثلة وعلاقة مضطربة بين المواطن ومنابر الإعلام الرسمي في بلاده ومن يعتليها!
ثقةٌ مفقودة وخيبةُ أمل واسعة وخسارةٌ عريضة يستشعرها العربي المسلم تجاه إعلاميين ومثقفين يُفترض فيهم تمْثيلهُ وتبنّي قضاياه والدفاع عن حريته وحقوقه، وتجاه إعلام يُقال إن رسالته تقوم على احترام الحقيقة والتزام النزاهة والحياد!
أصاب الخلل ذلك الدور وتلك الرسالة، فحلَّ بلاءٌ لم يخفف من وقعه المؤلم إلا ما وجده الناس مؤخرا من منابر بديلة للتنفيس عن مشاعرهم، والتعبير عن تطلعاتهم، ونقد ومناقشة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية حولهم.
لَكَم ارتطمت قناعاتنا.. آمالنا.. مصالحنا، بواقع تعيس وبائس لمحطات فضائية.. ولصحف.. ولمتسنّمي الإعلام والثقافة! واقع تحكمه أهواؤهم ومصالحهم الخاصة، حتى لتشعر أنهم ليسوا فقط بعيدا عنا، بل يكادون يكونون ضدنا في مراحل ومواقف عدة!
خانونا يوم كان أيُّ عدو لأرض المسلمين يَقصِف، وهُم على أشلائنا يرقصون! خذلونا يوم كانت أمّتنا أمام العولمة تضعف، وهُم لتبعيتهم وانحرافاتهم يسوّقون! حتى تلك الهجمة العالمية الشرسة لإلصاق تهمة الإرهاب والدموية بالإسلام وأهله، كانوا -بأخبارهم وبرامجهم وكتاباتهم- أهمّ ناقل وراع لتلك الفرية، بل اجتهدوا في إثبات التهمة على إخوتهم! وكم عانينا من أمثال هؤلاء من أقزام الإعلام وأشباه المثقفين الذين كانوا يرمون بالتطرف والعنف كل من خالفهم، ويعدّون التقارير ويدبّجون المقالات للتأليب ضد حلقات تحفيظ القرآن، والمؤسسات الخيرية، والمخيمات الدعوية، وغيرها من مناشط الخير والصلاح.. «وما زالوا»!
ثم كيف يمكن أن نغضّ طرفا أو نضرب صفحا عن خطابهم المتصهين، والذي تحوّل من تأييد للسلام مع إسرائيل وتبرير لحصار وحرق غزة واستنكار وتشويه للمقاومة وفرح علني بقتل الصهاينة لمجاهدي فلسطين المناضلين ضد الاحتلال.. تحوّل إلى طروحات شيطانية دنيئة تسمّي القدس «أورشليم»، وتطالب بالاعتراف والتطبيع التام مع الكيان الصهيوني، وتكيل المدائح فخرا بإنجازاته ومسيرته! وذلك عبر صحفنا العربية، بل في كبريات الصحف السعودية كسابقة في الإعلام السعودي، والذي تجرأ فيه أولئك المأفونون على مخالفة صريحة لقيم الدين والعروبة والإنسانية وسياسة الدولة!
ثم حين تطلعت شعوب الخليج للإصلاح، وتبدلت أحلام وخيالات وهمسات الأمس إلى مطالب وتحركات تتقدم بجرأة وعلانية، وظهر للسطح آثار تراكمات لمظالم قديمة وملفات مدفونة ومواجع مكبوتة، وتاقت الأرواح لنفض الذل والقيد، تحرك المصلحون لردم الهوة ورأب الصدع وتقريب الرؤى ومساندة الحقوق لشعوبٍ تُوالي حكامها ولا تنزع يدها عن بيعة، ولكنها تهفو للحرية والكرامة وتحقيق العدل والتنمية واجتثاث الظلم والفساد!
مطالب مشروعة لا تتجاوز أدنى سقفٍ للحريّات في العالم. مطالب يلتقي عليها وينادي بها الجميع، من إتاحة المشاركة السياسية وتوسيعها، وتفعيل مجالس الشورى بانتخاب أعضائها ثم منحهم صلاحية سن الأنظمة والمراقبة والمساءلة، فتح أبواب ولاة الأمر والوزراء والمسؤولين للمواطن، تطوير القضاء واستقلاله، العدالة الاجتماعية والمساواة في توزيع الثروات والمناصب، حماية المال العام واسترداد كل ما استولى عليه كبار الأمراء والمتنفذين من حقوق الناس، محاربة الفساد الإداري والبتّ بمعالجة جادة وعاجلة للفقر والبطالة وأزمة السكن وتردي مستوى التعليم والصحة ومشكلات الشباب والمرأة، المبادرة بإطلاق سجناء الرأي وتقديم المعتقلين لمحاكمات علنية عادلة ليُحاسب الجاني ويخرج البريء ويُعوض، مع إنفاذ الأنظمة العدلية وإلزام الجهات الأمنية بتطبيقها واحترام حقوق المعتقل وفصل التحقيق والادعاء وضمان استقلاله وإخضاع جهاز المباحث ورجاله كغيرهم للقوانين والمتابعة.
مطالب تستند في شرعيتها على كتاب الله وأنظمة الدول، ومع ذلك وحتى في هذا الجانب، تجد لأولئك الجهلة من مرتزقة الثقافة والإعلام آراء شاذة ومواقف مخزية كعادتهم!
فحين صدع المصلحون بالحق وظهرت بياناتهم وخطاباتهم مُجملةً للمطالب السابقة -ولعل أشهرها خطابا الشيخين العودة وعوض القرني اللذين قوبلا بتأييد شعبي كبير- انبرى كبار «المتلبرلين» وكتبة الصحف إلى الاعتراض ومهاجمة الشيخين وخطابيهما والزج بعبارات المكيدة والطعن، مثل: «محاولة الوصول للسلطة، زعزعة الأمن والاستقرار، تقديم خدمة للإخوان المسلمين، التآمر، التحريض وبث الفتنة، السعي للإثارة والشهرة..»!!
بل حتى حين ظهر شيخنا ناصر العمر كاشفا عن مبادرة إصلاحية سابقة تقدّم بها مجموعة من العلماء والنخب، وأن مسؤولا من بطانة السوء ردّها وأعلن بكل وقاحة رفضه تسليمها لخادم الحرمين، كنا نتوقع في إعلامنا وبعض مثقفينا بقيّةً من وطنية أو ضمير أو شرف يدفعهم لاستنكار أن يتجرأ مسؤولٌ بعينه على إهانة المواطنين ومنع مطالبهم واحتياجاتهم أن تصل لولي الأمر، فكان الصمت والتجاهل! ولا أدري متى سنحتفل يوما بإعلامٍ يقف معنا لا علينا، يخدم آمالنا لا يهدم أحلامنا، يشاركنا مطالب الإصلاح والحقوق حتى يُبسَط العدل فينا، فيتم أمننا، وتتعزز وحدتنا، ويخسأ كل عدو لنا، بإذن الله.
........

العرب القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..