الصفحات

الاثنين، 27 مايو 2013

عندما ينحاز الوزير ضد المواطن

عبد العزيز محمد قاسم 

اتصلت على أباطرة الاقتصاد ليساعدوني في فهم أنّ المتضرر من التجوال الدولي المجاني هو المستخدم المحلي، فحار الأكاديميون بدورهم، وليت من يعرف حل
هذه الأحجية، أن يكرمنا بفك طلاسمها


الله أكبر يا معالي الوزير، كم تألمنا لتقليل أرباح المساهمين في تلكم الشركات، من بضعة "مليمات" ستنقص عليهم من أرباحهم الفاحشة، وأنت تعلم هذه الأرقام الفلكية التي تحققها شركات الاتصالات

"الشعب أهم شيء عندنا.. شعبكم اجعلوه راضياً عنكم بالعدل والإنصاف والحق، وخدمة الدين والوطن؛ عزّ لكم وشرف لكم، وشرف لدولتكم".

صدّرت بين يدي مقالتي هذه الكلمات المشرقات، التي أوصى بها والدنا خادم الحرمين الشريفين سمو الأمير مقرن النائب الثاني، عند قسم سموه أمام المليك.

التوجيهات من لدن مليكنا لوزرائه لا تعدّ ولا تحصى، وفي كل مناسبة، ينبه مليكنا المسؤولين بالانحياز للمواطن والشعب، وأستشهد هنا بما قاله ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز – مؤخرا - بأن خادم الحرمين لا يفتأ يوصيهم بالشعب في كل مناسبة.

ولا أشك للحظة بأن الوزراء والمسؤولين، يمتثلون في غالبهم صالح الوطن والمواطن، بيد أن ثمة هفوات يقع فيها البعض، ما يجعلنا نحار فعلا في استيعابهم لتلكم التوجيهات، وربما نحن كإعلام وكتبة، عندما نمارس دورنا الحقيقي كسلطة رابعة؛ لَننبه المسؤول الذي غفل عن ذلك التوجيه. والوزير العاقل والواثق من نفسه، لا يجد غضاضة أبدا في الرجوع إلى الحق، والاعتراف بالخطأ، وتلك لعمرو الله فضيلة، لا يؤتاها إلا الشرفاء فقط.

الأمثلة والشواهد كثيرة لمن نعتبرها – من زاويتنا كمواطنين - هفوات كبيرة، ولنأخذ موقف معالي المهندس محمد جميل بن أحمد ملا وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، الذي أعرب عن تأييده لقرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في إلغاء مجانية التجوال الدولي، وقدم معاليه مبررات، جعلت مواطنا مثلي يشدّ شعره من فرط الغيظ، حيث برّر معاليه بأن: "الشركات العاملة في السوق السعودي ستحرم من إيرادات مستحقة كانت ستعود لمصلحة بناء شبكاتها وتطويرها، وإدخال مزيد من التطبيقات والخدمات للنهوض بمستوى الخدمة المقدمة، فضلا عن حرمان المساهمين في تلك الشركات من أرباح".

الله أكبر يا معالي الوزير، كم تألمنا لتقليل أرباح المساهمين في تلكم الشركات، من بضعة "مليمات" ستنقص عليهم من أرباحهم الفاحشة، وأنت تعلم هذه الأرقام الفلكية التي تحققها شركات الاتصالات، وتعادل في ضخامتها أرباح (سابك).

إحدى شركات الاتصالات أرباحها التي وزعتها على مساهميها المساكين المعدمين في عام 2010 بلغت قرابة 9 مليارات ريال في 12 شهرا فقط، وفي عام 2011 بلغت 7 مليارات ريال، وعام 2012 أيضا 7 مليارات ريال، ثم تأتي وتتباكى على أن التجوال الدولي المجاني سيحرم هؤلاء المساكين من أرباحهم، علما أن لها فائض أرباح بلغ 22 مليار لم توزعها على المساهمين.

لنأت إلى شركة اتصالات أخرى وزعت أرباحا في عام 2010 بلغت قرابة 4 مليارات ريال، وعام 2011 بلغت 5 مليارات ريال، وعام 2012 بلغت 6 مليارات ريال.

أيعقل بالله يا معالي الوزير، أن تؤيد إلغاء مجانية التجوال الدولي، وتبرّر لهم – ضمن ما برّرت - بعدم حرمان المساهمين من الأرباح؟

الأنكأ في موضوع إلغاء مجانية التجوال الدولي؛ أن تنبري هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التي من المفترض هي الأخرى أن تكون في صفّ المواطن، لا صفّ شركات الاتصالات، وتقول عبر متحدثها الرسمي الزميل سلطان المالكي: "إن التجوال الدولي المجاني حتى وإن بدا في ظاهره أنه في مصلحة المستخدمين، إلا أنه في ظل وجود ملايين من الشرائح المرحّلة إلى الخارج، أصبح المتضرر الفعلي منه هو المستخدم المحلي وبنية الاتصالات المحلية".

والله قلبت الموضوع رأسا على عقب، ولجأت إلى آليات الرياضيات من لوجاريثمات وتفاضل وتكامل وقوانين دالتون وفيثاجورس وريمان، لحلّ هذه الأحجية بأنّ المتضرّر الفعلي من مجانية الاتصال الدولي هو المستخدم المحلي، ولم أستطع.

اتصلت على أباطرة اقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز ليساعدوني في فهم أنّ المتضرر من التجوال الدولي المجاني هو المستخدم المحلي، الذي هو أنت أيها - القارئ الكريم - وأنا عندما نسافر، وأبناؤنا المبتعثون في الخارج، فحار الدكتور طارق كوشك وزملاؤه الأكاديميون بدورهم، وليت من يعرف حلّ هذه الأحجية، أن يكرمنا بفك طلاسمها.

لا أريد التوسع في سبب إلغاء الخدمة، وأن المقيمين هم من استفاد، وسهولة حلّ تلك المسألة مع الشرائح المهرّبة، مع إبقاء حق المواطن في تلك المجانية، ولكنني استشهدت بهذا المثال كي أقول بأن بعض الوزراء والوزارات والهيئات، لا تطبق بشكل صحيح توجيه خادم الحرمين الشريفين بجعل المواطن وخدمته، هو الهدف الأول لهم.

أكرر هنا، بأنني وغيري من الزملاء عندما نقوم بهذا النقد، ونقل ما يعتمل في صدورنا والمواطنين، لنرجو أن يكون ذلك في مصلحة المسؤولين والوزراء، عبر تنبيههم، بامتثال توجيه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، أن يكونوا مع المواطنين دائما، مع تقديرنا لثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم.


...........
الوطن السعودية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :

هيئة الاتصالات هل اصبحت حاجزا ضد مصلحة المواطن ؟

"كوشك": لماذا لا تحتكم شركات الاتصالات للقضاء؟

مؤامرة شركات الاتصال في منع تطبيقات الواتس آب والفايبر والإسكاي بي

حقوق الإنسان: مراقبة هيئة الإتصالات لبرامج المحادثات يعد إنتهاكا لإتفاقات وقعت عليها المملكة


-


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..