الصفحات

الاثنين، 27 مايو 2013

ضعف المناهج وأصدقاء السوء يجعلون الطلاب "زبائن" لمروجي المخدرات

ضعف المناهج وأصدقاء السوء يجعلون الطلاب "زبائن" لمروجي المخدرات 17 رجب 1434-2013-05-2701:52 PM
"حبوب الوهم" تبدأ بحبة مجانية للتجربة .. و70% من متعاطيها طلاب
دعاء بهاء الدين- ريم سليمان- سبق – جدة: يزداد القلق سنوياً عند العديد من الأسر مع بدء موسم الاختبارات، حيث ينشط مروجو المخدرات وبائعو حبوب الوهم في هذا الوقت تحديداً، مستهدفين فئة الطلاب لترويج مفاهيم خاطئة عن "حبوب زيادة التركيز"، والتي بات عليها إقبال كبير من الشباب، خاصة أنها تبدأ بحبة مجانية للتجربة وبعدها ينجرف الطالب وراءها، وقد قامت قوات مكافحة المخدرات بضبط 6 ملايين قرص من أقراص الكبتاجون، كان يستهدف مروجوها فئة طلاب المدارس، ما يلفت النظر المحاولات المتكررة لتهريب المخدرات خلال فترة الامتحانات تحديداً، ما يجعلنا بحاجة إلى التعرف على الأسباب التي تدعو إلى ذلك.
 
"سبق" تتساءل ما أسباب الاتجار بالمخدرات خلال فترة الامتحانات، ولأنواع معينة يقبل عليها الطلاب، ولماذا يلجأ هؤلاء الطلاب لاستخدامها؟!

حبوب الوهم
في البداية تحدث أحد الشباب لـ"سبق" قائلاً: في وقت الاختبارات يحرص صديقي على السهر ليلاً للمذاكرة لتعويض ما فاته منذ بداية العام، مبدياً أسفه لانجراف صديقه في تعاطي الحبوب المخدرة، وقال: انخدع صديقي بحبوب الوهم التي تساعده على التركيز والسهر وقت الاختبارات، وتناول حبوب الكبتاجون أثناء الاختبارات.. وأبدى أسفه لإدمان صديقه للمخدرات قائلا: بعد الاختبارات بحث صديقي بجنون عن المخدرات، وهو حالياً يعالج في مستشفى الصحة النفسية.
 
حل سحري
واعترف أحد الشباب بتعاطيه للحبوب المخدرة لتعويض ما فاته في المذاكرة، وقال: عندما يقترب موعد الاختبارات ينتابني القلق، وأشعر بعدم قدرتي على المذاكرة، خاصة مع كثرة المواد الدراسية وصعوبة بعضها، مبدياً ندمه على انسياقه وراء زملائه في تعاطيه للحبوب المخدرة، وقال: أقنعني أصدقائي بتناول حبوب تنشيطية تساعدني على التركيز وتحصيل أكبر في المذاكرة.
 
وتابع: للأسف الشديد اعتقدت أن الحبوب حل سحري للقلق والنوم أثناء الاختبارات، بيد أني بعد فترة من تناولها شعرت بالخمول والصداع الدائم والرغبة الجنونية في شرائها، مبدياً أسفه لوقوعه في براثن الإدمان، وقال: أصبحت أتناول أكثر من حبة في اليوم الواحد، وامتد ذلك معي بعد الاختبارات، وأشعر أنني دمرت حياتي بيدي.
 
انجرافي مع أصدقائي
 
وتساءلت إحدى الفتيات عن أضرار هذه الحبوب المخدرة قائلة: إذا كانت لها خطورة صحية فلماذا تتناولها صديقاتي وقت الاختبارات، فقد عرضت عليَّ إحدى الصديقات حبة مخدرة وحاولت إقناعي بأنها تساعد على التركيز والمذاكرة بشكل أكبر، لكني خائفة أن أقع في دائرة لا أستطيع الهروب منها.
 
وتحدث أحد المتعافين من الإدمان لـ"سبق" قائلا: للأسف الشديد ما وصلت إليه نتيجة لحبي للمغامرة وانجرافي وراء أصدقائي، واستعرض قصة بدايته مع الحبوب المخدرة قائلا: كانت بداياتي معها في المرحلة الثانوية، عندما توهمت أن هذه الحبوب تنشط الذهن، وتساعد على المذاكرة، ووجدت نفسي مقبلاً عليها وأبحث عنها بجنون ، وللأسف أدمنت بعض الأنواع الأخرى كالكوكايين، والآن وبعد مرور السنين أشعر بالندم على ما اقترفته في حق نفسي، وأحاول الاشتراك في حملات توعوية لطلاب المدارس من الخطر المدمر للمخدرات.
 
حملات تفتيشية
 
حذر الخبير ومساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية عبد الإله الشريف من استغلال مروجي المخدرات بعض الطلاب لإغرائهم وإيقاعهم في براثن المخدرات بالترويج لها، وإعطائها كثيراً من المفاهيم الإيجابية، مشدداً على ضرورة حملات أجهزة مكافحة المخدرات، وقال: نقوم بحملات تفتيشية عند المدارس وغيرها من المواقع قبل الامتحانات الطلابية لضبط فرق عمليات الترويج، ولفت إلى ضبط فرق مكافحة المخدرات بمدينة الرياض الأسبوع الماضي ستة ملايين قرص من أقراص الكبتاجون، كان يهدف مروجوها إلى ترويجها بين طلاب المدارس.
 
وأكد الشريف على التعاون بين أجهزة المكافحة وإدارات التربية والتعليم في تطبيق العديد من البرامج التوعوية لتوعية الطلاب بأضرار المخدرات، مشيراً إلى دراسة حديثة بعنوان "خفض الطلب على المخدرات" في المملكة العربية السعودية، خلصت نتائجها إلى أن 70% من المتعاطين للمخدرات وقعوا بين 13 و 20 سنة، وشدد على الآباء والأمهات بالانتباه لهذه المشكلة، ومراقبة أبنائهم وتحذيرهم من أصدقاء السوء وتعاطي المخدرات.
 
زبائن دائمون
 
أشار أستاذ علم الاجتماع الدكتور إبراهيم بن محمد الزبن أن مشكلة تهريب المخدرات ترتبط بالظروف المجتمعية والاقتصادية المختلفة التي تمر بها المجتمعات، فبالرغم من الجهود المبذولة على مختلف المستويات لمكافحتها فإن عمليات التهريب والترويج تتنامى معدلاتها بشكل واضح بدليل حجم الكميات التي يتم الكشف عنها والقبض على مرتكبيها.
 
وأوضح أن الشباب هم أبرز الضحايا المستهدفين في تجارة المخدرات، حيث تسعى العصابات الإجرامية إلى تحويل هؤلاء الشباب إلى متعاطين ومدمنين يتم ترويج المخدرات بينهم بطرق ووسائل جاذبة لضمان استمرارهم كزبائن دائمين، ولذا فنحن بحاجة إلى تلمس الأسباب الحقيقية التي قد تدفع الطلاب لتعاطي المخدرات، والتي قد يرى فيها عاملاً مساعداً للاستعداد للامتحانات والحصول على الدرجات التي تؤهلهم للنجاح والتفوق.
 
وعن أهم الأسباب التي تجعل الطالب يلجأ للمخدرات خلال فترة الاختبارات قال "الزبن": تعود إلى المناهج وطرق التدريس وطرق التقييم التي تعتمد على التلقين والحفظ، ومن ثم الدخول في مرحلة الاختبارات خلال فترة زمنية محدودة، لافتاً إلى أن هناك مشكلة اجتماعية وتربوية ونفسية من شأنها أن توجد جيلاً من الشباب ضعيفاً جسدياً وفكرياً وعلمياً، يفتقد المهارات والقدرات اللازمة لتحمل المسؤوليات في بناء الوطن والمجتمع، حيث لا هم له سوى استذكار هذا الكم الكبير من الدروس مما يضطر البعض منهم إلى تسول ساعات إضافية من خلال استخدام حبوب مخدرة تساعدهم.
 
وقال: من أهم الوسائل الوقائية لمواجهة مشكلة تزايد ترويج المخدرات خلال فترة الامتحانات إعادة النظر في المناهج الدراسية وإجراء التعديلات المناسبة عليها لتكون واضحة ومباشرة ومختصرة، كما أن النظام التعليمي بحاجة إلى طرق تدريس حديثة تعتمد على الجانب التطبيقي، مع توظيف التقنيات الحديثة التي أصبحت متوافرة في المملكة وغير مكلفة مالياً، مشيرا إلى ضرورة الاعتماد على وسائل تقييم مستمرة ومتنوعة ومشوقة خلال العام الدراسي مع التقليل من الاعتماد على الامتحانات النهائية، مما سوف يسهم في تضييق الفرص أمام مهربي ومروجي المخدرات الذين لن يجدوا في طلاب المدارس والجامعات زبائن لسمومهم المخدرة التي يروجونها بين الطلاب بدعاوى مضللة.

أفكار خاطئة
 
وأرجع أستاذ مساعد طب المجتمع ورئيس قسم الصحة العامة والباحث في الصحة النفسية وعلاج الإدمان دكتور محمود عبدالرحمن محمود أسباب تعاطي الطلاب للمؤثرات العقلية أثناء الاختبارات إلى عدم تنظيم أوقاتهم والاستذكار منذ بداية العام، حيث تنتشر المفاهيم الخاطئة، ومنها مقولة إن المؤثرات العقلية، خاصة فئة المنشطات، ليست مخدرات، مما يجعل بعض الشباب يتناقلونها فيما بينهم لتحصيل ما فاتهم والسهر أثناء الاختبارات.
 
وحذر من نشاط مروجي المواد المخدرة أثناء فترة الاختبارات، وقال: يستغل مروجو المخدرات الفئة العمرية ممن لهم تاريخ تعاطٍ لمساعدتهم في ترويج الأفكار الخاطئة من باب فزعة الصديق وقت الحاجة، وما نسميه نحن "ضغط الأنداد"، وقد تكون البداية حبة مجانية للتجربة للإيقاع في شرك التعاطي، ولفت إلى استخدام المروجين الرسائل الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي بأسماء وهمية.
 
ولفت عبدالرحمن إلى جهل الكثير من الطلاب بتأثير هذه المواد، والتي سوف تؤدي لنتائج عكسية، قائلاً: عند استنفاد المجهود العقلي والجسدي ينعدم التركيز وتضطرب الوظائف الذهنية، كما أن الجسم يستسلم عندما ينتهي مفعول الجرعة، وتخور قوى الطالب، وربما ينام في لجنة الاختبار، مشيداً برصد الجهات المسؤولة مكافآت للطلاب المبلغين عن المروجين في فترة الاختبارات، بيد أنه غير كافٍ للتخلص من هذه الظاهرة.
 
وعن كيفية تحول المتعاطي إلى مدمن أجاب الدكتور محمود قائلاً: هناك عدة عوامل تحول المتعاطي لمدمن حددتها الجهات العلمية، فإذا تحول التعاطي لرغبة قسرية للبحث عن المادة وتعاطيها مع صفتين أخريين من ست صفات أخرى، فإننا نستطيع طبياً تشخيص الحالة بأنها إدمان، معددا الست الصفات، وهي: الاشتياق للتعاطي، ووجود أعراض جسدية أو نفسية مصاحبة، والرجوع للتعاطي بعد التوقف، والتعاطي رغم معرفة المخاطر، والتحمل وهو زيادة الجرعة للحصول على نفس التأثير وتقليل الفترات الزمنية بين الجرعات، إضافة إلى تغير في تصرفات وسلوكيات المتعاطي.
 
وبيَّن أبرز المواد التي يتعاطاها الطلاب وقت الاختبارات، وقال: تكون غالباً من فئة المنشطات كالكبتاجون أو الأمفيتامين بغرض التنشيط، وقد يلجأ البعض للمهدئات الطبية ذات الطابع الإدماني إذا لم تكن بوصفة طبية وجرعات محددة، وذلك للتخلص من ضغوط فترة الاختبارات وعدم التوفيق في الإجابة.
 
ثقافة مغلوطة
ورأى المستشار التربوي نزار رمضان أن هناك ضرورة تربوية ملحة لتهيئة الأسرة لكيفية التعامل مع أبنائها في فترة الاختبارات بتبديل المفاهيم السلبية بأخرى إيجابية، وتوفير بيئة هادئة بعيداً عن الأزمات الأسرية للأبناء، لافتاً إلى أن الأبناء في فترة الاختبارات يحتاجون للشعور بالطمأنينة من خلال سرد قصص واقعية إيجابية تغرس الثقة وتشحن الطاقة الإيجابية لديهم، وفي الكثير من الأحيان يكون الأبناء المراهقين عرضة لمروجي المخدرات والحبوب الوهمية التي تقول لهم حبة تركيز حبة للمزاج حبة تجعلك تواصل أسبوعاً كاملاً.
 
وأفاد أن فترة الاختبارات دائماً ما يتعرّض فيها الأبناء لآثار نفسية واضطرابات سلوكية، ويتم اتهامهم في هذه الفترة الحرجة من العام بعدم التوازن في الشخصية والاضطراب في السلوك، والوقوع بسهولة في فخ المخدرات كناتج من نواتج الثقافة المغلوطة للفهم والاستيعاب بواسطة الحبوب.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..