الصفحات

الأحد، 2 يونيو 2013

الشيخ القرضاوي.. والموقف الأخير

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد

طربت كما طرب الكثير لما أطلقه العلامة الشيخ يوسف القرضاوي من كلمات رنانة بحق إيران وحزبها
في لبنان، باستثناء دعوته للخروج إلى سوريا فهذه مسألة لها سياق آخر وحكم آخر مختلف عما نحن بصدد الحديث عنه.

فتجريم إيران وحزبها وشتمهم، لم يعد يجدي مع حجم المؤامرة على أرض الرباط والجهاد في الشام

وإن كان هذا التحول من الشيخ القرضاوي مما يحمد له ويشهد بتجرده ورجوعه إلى الحق، ويضاف إلى ما سبق له من بيانات في هذا المقام.

والموقف نفسه يجب أن نقرأه في سياقه فهو لا يعدو أن يكون ثمرة من ثمرات الجهاد السوري المبارك

فملاحم الشام لم تعد تستنطق العلماء فقط والذين فرضهم العيني البيان. بل أنطقت ملاحم الشام الأخرس، وأسمعت الأصم، وأيقظت السادر، إنها الحياة التي قال الله عنها(استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) والحياة هنا الجهاد على أحد الأقوال عند المفسرين.

 ملاحم الشام تفعل اليوم في العقول والقلوب أبعد مما نتصور.. إنها تجدد إيمان كاد يندثر تحت ستار التقريب وتصحح مفاهيم أوشكت تذبل في سراب السياسة
ملاحم الشام أثرها تجاوز دمعة عين أو صدقة محسن أو كلمة بليغ أو صورة إعلامي أو فتوى فقيه أو قرار سياسي إنها تقتلع من قلوبنا كل ذرة ومن عقولنا كل خاطرة لغير الله تعالى.

ملاحم الشام أعادت للسنة قلوبا أختطفتها مزاعم المفترين وعقولا تناوشتها سهام المغرضين، وأقلاما خدمت الهالكين وألسنة لهجت بمدح الزائغين..

ملاحم الشام أطاحت بوثن التقريب، وخسفت بقناعات مسيسي الخلاف، وأماطت اللثام عن الوجه القبيح للصفوية والصفويين، وأثبتت خداعهم منذ سنين
ملاحم الشام أثبتت للعالمين أن منهج السلف الصالح هو وحده من يعلو على زيف المناهج، وحطام المنافع، وتبريرات الساسة، وضيق الحزبيات

ملاحم الشام أعطت دروسا عملية لمنتقدي عقيدة السلف بأن أتباعه هم من يحمي الذمار ويعف عند المغنم، ويصون الأعراض ويعلم الحق، ويرحم الخلق
ملاحم الشام تثبت أن خلاف أمة السنة مع فرق الضلال ليس خلافا سياسيا أو فقهيا كما يزعم البعض، إنما هو خلاف عقدي في الأصول وليس في الفروع فقط.
نحن لا نتوقع أن يقف الشيخ القرضاوي أكثر من هذا الموقف...

ولكن لماذا جاء في هذا التوقيت؟

سياقات الأحداث تتداخل إلى القدر الذي لايستطيع المرء فيه أن يفرق بين موقف الشرعي من موقف السياسي، ومن يحرك من؟ وعلى نظرية الدكتور محمد القصاص من الفاعل ومن المنفعل أو المفعل؟

حتى ندرك أن الأحداث  تكرر نفسها، وأن اللاعب الكبير يوحي إلى اللاعبين الصغار بالحركة التي لاتتجاوز الألفاظ والتنفيس ويمكن أن تصل لجمع التبرعات لسد حاجات ضرورية فقط

لماذا جاء موقف الاتحاد هذا بعد السماح بتسليح المعارضة، وتنصيب ثلة من المرتزقة في الإئتلاف.

هل نحن نشارك في رسم خارطة الثورة في سوريا ونستشرف  مآلاتها؟ ونسد الذرائع المجهضة لنتائجها؟

هل نعي حدود الممنوع والمشروع في هذه الثورة لا بحسب لعبة الكبار؟ ودعك من الصغار؟

ما الجديد في الموقف؟



فرح الكثير بكلام الشيخ القرضاوي ولاسيما عندنا هنا في السعودية لأنه امتدح موقف العلماء الكبار من الرافضة.. والجميل أنه لم يتطرق لفتوى قتال الفتنة في سوريا وهي للشيخ العلامة صالح الفوزان ومن قبله الشيخ ابن منيع، لأن هذه الفتوى كيف سيفهمها الناس في سياق المواجهة مع الصفويين؟ وهل تنسجم مع الفكر السلفي من الصفوية؟

واستحضارنا لهذه الفتوى في هذا المقام مهم حتى ندرك أن كلام الشيخ القرضاوي لم يكن موفقا، حين ربط بين العقيدة الصحيحة التي تتجاوز الزمان والمكان والأشخاص وبين أفراد وإن كانوا علماء. وكأن هذا الموقف هو رأي أقلية.. وفي السعودية، وهذا من تسطيح المنهج، وتبسيط الصراع، على نحو ما كتب الدكتور محمد الأحمري في تغريدات له في تويتر يقول فيها:

"ستكون المواجهة مع الشيعة فرصة كبيرة لتوسع الحنابلة عقيدة وسياسة ضد الآخرين فهي ملجأ المسلمين زمن المواجهات مع الصليبيين والمغول ومستقبلا"

لاريب أت الحنابلة قد ارتبط بهم منهج السلف أكثر من غيرهم لكن لايعني هذا أنه ليس في الحنابلة غير سلفي. وإنما يروج من يريد الإساءة لمنهج السلف  الصالح بأن الحنبلية هي السلفية والسلفية هي الحنبلية كما يسحب ذلك على أهل الحديث أو مدرسة ابن تيمية أودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله أو السلفيات المعاصرة عموما.


وهذا له دلالتان:

الأولى: أن الخلاف فقهي مع الرافضة لأنه بدلالة المقابلة سينطبع في ذهنية السامع أن المقابل للحنابلة هم الجمهور، والنتيجة أن منهج الأقلية سيسود أمام انحسار الأكثرية. مع أن القرضاوي نبه على خطأ هذه المقولة.

والدلالة الأخرى: أن فكر الجهاد والإرهاب والمدافعة منبعه الفقه الحنبلي أو السلفي إذا أخذنا بقول الأحمري، وهذا خطأ منهجي وعلمي لأن الجهاد مصدره النصوص الصريحة في الكتاب والسنة.

وفي ظني أن الشيخ القرضاوي لو رجع بذاكرته قليلا لكتب علماء السنة وما سطره المؤرخون منهم ومن غيرهم لرأى أن هذا هو الموقف الحاسم عبر التاريخ من الرافضة وما سواهم من فرق الضلال والذي دوما تثبته الأحداث كما في العراق وأفغانتستان واليمن ولبنان، وتؤكده التقارير والدراسات والاستفتاءات وآخرها الاستفتاء عن حزب الشيطان في موقع الجزيرة قبل أيام.

كنت أتمنى على الشيخ القرضاوي أن يمهل المرجعيات الكبرى للشيعة أياما ليتبرؤا مما تصنعه حكومة الملالي في طهران وحزبها في لبنان، وأن يحرموا على أتباعهم الولوغ في الدم السوري وإلا سيصدر الاتحاد حكما شرعيا فيهم..

كنت أتمنى على الشيخ القرضاوي أن يمهل حكومة الملالي أياما كي تكف عن السوريين وغير السوريين وإلا ستواجه مقاطعة شاملة من العالم الإسلامي شعوبا ومؤسسات وحكومات..

كنت أتمنى على الشيخ أن يخاطب جماعة الإخوان بالكف عن التعاطف مع الرافضة على حساب منهج السنة ودمائهم.

ولكن شكرًا لثورة الشام التي لو لم يكن فيها إلا أنها صقلت المنهج وصححت المسار فهذا من عظيم النعم وجزيل المنن. والله أعلم وأحكم.

وكتبه سعد مقبل العنزي
ينبع الصناعية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..