الصفحات

الأربعاء، 26 يونيو 2013

حقيبة قضية المرأة أو(النار التي تلسع)!

قبل أيام سعدتُ بالحوار – عبر"تويتر" – مع إحدى الأخوات الكريمات – الأستاذة الجوهرة - حول قضية
المرأة .. ولا يخفى على أحد ضيق مساحة (التغريدات) .. لذلك .. ولأهمية الموضوع .. ولقول الأخت الكريمة (أريد حوارا ونقاشا مع فكرك أنت وتجاربك أنت) .. فإنني أكتب هذه الحصيلة من تجاربي في القراءة،إذ ليست لديّ تجربة غير القراءة،فلست صاحب قرار ..وهنا أسجل خلاصة معايشتي لقضية المرأة ..
لفتي نظري قول الأخت الفاضلة (ماذا تريد السعوديه ! فهذا يعتمد عليها هي وحدها !! اليس لها الحق فيما ترغب وتريد !! ام انكم تتحدثون برغباتها بدلا عنها !). وقولها أيضا : (تجاربك السابقه باتجاه فكري موحد ،، المرأه لبيتها وزوجها ،، اليس كذلك).
قبل الدخول في التفاصيل .. أنا هنا أكتب لقارئ لا لمتصفح،يريد سطرين يمسحهما بعينه – العين الأخرى على"الواتس آب" - ويلتقط منهما فكرة (كشطيرة أعدت في لحظات،والتهمت في لحظات كذلك .. لذلك جرى التنويه ..
لكي نفصل اشتباك القضايا علينا أن نبدأ بهذا السؤال :
هل عمل المرأة المسلمة خارج منزلها .. منبثق من واقع الأمة .. أي أن الأمة جلست مع نفسها وقالت نحن في حاجة إلى المرأة لتعمل خارج منزلها .. أو المرأة في حاجة إلى الخروج من منزلها لتعمل .. أم أننا (استوردنا) الأمر برمته من الغرب؟
إن كان الجواب بأن الأمر انبثق عن الأم. فـ( نقطة) على آخر السطر وانتهى الكلام.
أما إن كانا قد (استوردنا) الأمر – كما نستورد كل شيء تقريبا – فلنا أن نلقي نظرة على قضية المرأة،والتي تتداخل فيها قضيتان .. معاناة المرأة تاريخيا من الظلم .. وعملها خارج منزلها .. إضافة إلى ما كلفها الله – سبحانه وتعالى – به من (أمانة) البيت .. إضافة كذلك إلى ما تقوم به حمل ورضاعة ..
المحطة الأولى : في هذه المحطة سنقف مع المرأة المسلمة .. تلك التي حررها الإسلام – ضمن ضوابطه – من قيود الجاهلية ..
تأريخ المرأة المسلمة يمتد عبر طريقين :
طريق مشرق : وهو ذلك الذي كانت المرأة فيه معلمة للرجال .. ولم تكن ثمة (حساسية) تجاهها .. وهنا لابد أن نتذكر علم الحديث والذي برعت فيه المرأة المسلمة. يقول الأستاذ أبو عبيدة :
((والحق أن النساء كان لهن حظ وافر وسهم كبير في تاريخ التدريس لـ(الجامع الصحيح) للإمام البخاري،وممن اشتهرن بذلك غير كريمة فاطمة بنت محمد (المتوفاة سنة 539هـ) وشُهدة بنت أحمد ( المتوفاة سنة 574 هـ) و زينب بنت عبد الرحمن ( المتوفاة سنة 615هـ) وشريفة بنت أحمد النسوي،وست الوزراء بنت عمر ( المتوفاة سنة 716هـ) ..)){ ص 85 ( عناية النساء بالحديث النبوي)/ أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان / الخبر / دار ابن عفان / ط 2 / 1417هـ = 1997م }.
وهنا حديث عن .. (جزء بيبي بنت عبد الصمد،وهو جزء حديثي عالي السند ترويه الشيخة المعمرة المسندة بيبي بنت عبد الصمد ( ت 477هـ) وعمرها ( 97 سنة) عن أبي شريح ( ت 392هـ) عن شيوخه،وقد نال هذا الجزء شهرة واسعة ورحل من أجله أهل الحديث من كل حدب وصوب إلى قرية بخشة بالقرب من هراة في بلاد الأفغان،حيث كانت تسكن الشيخة بيبي رحمها الله){ص 75 ( دليل مكتبة المرأة المسلمة)/ أحمد عبد العزيز الحمدان / جدة/ دار الأندلس الخضراء / ط 1 / 1471هـ = 1996م}.
وهذه الشيخة قريش الطبرية،قرأ عليها الشيخ شمس الدين البديري :
(( طرفا من الكتب الستة وطرفا من الموطأ ومسند الشافعي )) وقد عدها فالح الظاهري من مسانيد الحجاز السبعة الذين هم عنده السبب في قوة شوكة الحديث في القرون الثلاثة الأخيرة وذلك في كتابه "أنجح المساعي في الجمع بين صفتي السامع والواعي" { ص 941 ( فهرس الفهارس والإثبات) / عبد الحي الكتاني / جــ2 / ط 2 / 1402هـ = 1982م}.
هذا الجيل القديم من الشيخات .. نجد له امتدادا حديثا .. فقد كتب ( الأستاذ محمود أبوالعنين – رحمه الله – بمجلة الهلال الصادرة في نوفمبر 1934 من مقال مستفيض :"كانت لجنة الامتحان العالمية تطوف على المعاهد الملحقة بالأزهر لامتحان طلبة الشهادة فيها،فسافرت لجنة من علماء الأزهر إلى معهد طنطا سنة 1911 لامتحان طلبته،وتقدمت الشيخة فاطمة العوضية للامتحان،وكان موضوع درسها في علم الأصول "لا تكليف إلا بعقل"من كتاب"جمع الجوامع"وهو باب عويص ثقيل وفيه إشكالات وتعاقيد،قليل من النابهين من يحذقه أو يجوزه بسلام"كما ذكر أبو العنين أن الشاعرة عائشة التيمورية كانت تحضر العلوم الشهيرة اللغوية والشرعية على أيدي عالمات في الأزهر منهن السيدة فاطمة الأزهرية والسيدة ستيتة الطبلاوية وقد درست عليها جانبا من النحو والعروض.){ مجلة الهلال القاهرة / أكتوبر 1985 : وأعيد نشره في عدد أكتوبر 1992م}.
طريق مظلم : إذا ذهبنا نتلمس طريق المرأة المسلمة المظلم .. فإننا نجد بداية الخيط عند الأستاذ عبد الله عفيفي،والذي يرى أن السياسة كانت وراء الإساءة للمرأة .. ويشير بأصابع الاتهام إلى العباسيين تحديدا .. ( كان الإمامان محمد بن الحسن وأبو جعفر المنصور يتساجلان الرسائل ويتناظران بالكتب ليكسب كل منهما عطف جمهور المسلمين وانحيازهم إليه،وفي هذه الكتب يطاول كلاهما صاحبه بما له من فضل السبق وكرم العرق وقوة القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم،وكان مما فخر به محمد أمومة سيدتي نساء العالمين فاطمة بنت رسول الله وخديجة أم المؤمنين،فكان مما أجاب به أبو جعفر : " أما بعد فقد أتاني كتابك وبلغني كلامك،فإذا جُلُّ فخرك بالنساء لتضل به الجفاة والغوغاء،ولم يجعل الله النساء كالعمومة،ولا الآباء كالعصبة والأولياء." ومن ثم أخذ العباسيون يتناولون أمر المرأة بالتهوين وقرابتها بالوهن وعقدتها بالانحلال كلما سنحت سانحة أو جدّ داع وأخذ شعراؤهم وعلماؤهم وذوو آرائهم يبعدون مدى ما بين الرجل والمرأة كأن الله لم يجمع بينهما في كل موطن من كتابه العزيز.)) { ص 78 ( المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها) / عبد الله عفيفي / بيروت / دار الرائد العربي / 1402هـ = 1982م / ط 2 جــ 3}.
هل تلك الحملة – التي أشار إليها الأستاذ (عفيفي) – هي التي جعلت الجاحظ ( توفي 255هـ) يقول :
(( ولسنا نقول ولا يقول أحد ممن يعقل أن النساء فوق الرجال ولا دونهن بطبقة أو طبقتين أو أكثر،ولكنا رأينا ناسا يزرون عليهن أشد الزراية ويحتقرونهن أشد الاحتقار،ويبخسوهن أكثر حقوقهن. وإن من العجز أن يكون الرجل لا يستطيع توفير حقوق الآباء والأعمام إلا بأن ينكر حقوق الأمهات والأخوال.)) { ص 151 – 152 ( رسائل الجاحظ) / تحقيق : عبد السلام هارون / بيروت / دار الجيل / 1411هـ = 1991م / ط 1 / جـ3 }.
وكذلك تقول الدكتورة بدرية أوجوك آن ، في كتابها ( النساء الحاكمات في التاريخ) { حسب ما نقلت عنها فاطمة المرنيسي}:
(( ولم تستطع النساء الوصول إلى العرش إلا بعد أن انهارت الدولة العباسية التي كانت عائقا رئيسيا لوصول النساء إلى السلطة.)) { ص 185 – نقلا عن ( السلطانات المنسيات ) / فاطمة المرنيسي / ترجمة : عبد الهادي عباس،وآخر / دمشق / دار الحصاد / 1998م/ ط2 // أما كتاب الدكتورة بدرية،فقد نقله إلى العربية إبراهيم داكوكي ( بغداد ) مطبعة السعدون/ 1973م.}.
هنا وصلنا إلى نهاية الطريقين .. وبغض النظر عن أيهما ساد الأمة .. وبغض النظر كذلك عن التركيز الدائم على الجوانب السلبية والتغاضي عن الجوانب الإيجابية.
المحطة الثانية : هذه المحطة تتعلق بالمرأة الغربية .. ومكانتها في الغرب ..
الطريق المظلم : نكتفي هنا بإشارات ثلاث .. الأولى .. (وفي المسيحية غلا رجال الكنيسة في إهدار شأن المرأة،وهم دعاة شريعة الحب والرحمة،فكانوا يقولون للنساء قولا له وزن الشرع المقدس : "إنه أولى لهن أن يخجلن من أنهن نساء،وأن يعشن في ندم متصل جراء ما جلبن على الأرض من لعنات(..) وقد ذهب البعض إلى أبعد من هذا،فزعموا أن أجسامهن من عمل الشيطان .. وأنه يجب أن تُلعن النساء لأنهن سبب الغواية،وكان يقال: إن الشيطان مولع في الظهور في شكل أنثى .. غلا رجال الكنسية إلى هذا الحد حتى كان من موضوعاتهم التي يتدارسونها : هل للمرأة أن تعبد الله كما يفعل الرجل؟ هل تدخل الجنة وملكوت الآخرة؟هل هي إنسان له روح يسري عليها الخلود؟ أو هي نسمة فانية لا خلود لها؟){ ص 14(الإسلام والمرأة المعاصرة ) / ألبهي الخولي / الكويت / دار القلم / الطبعة الرابعة / 1403هـ = 1983م}.
الإشارة الثانية : في سنة 865م عُقد مؤتمر لبحث إنسانية المرأة،ثم قرر المؤتمر بأغلبية صوت واحد بأن المرأة إنسان خلق لخدمة الرجل.
الإشارة الثالثة : لم تكن للمرأة الغربية "ذمة مالية"فلا يحق لها تملك شيء.
طريق مشرق : طريق المرأة الغربية المشرق بدأ بإطلاق أول نداء لتحرر المرأة الغربية،وذلك حين قامت الفرنسية أولمب دو غونج (1748 – 1793) سنة 1791،بنشر إعلان حقوق المرأة والمواطنة،وهي التي أطلقت على الزيجات الدينية اسم "مقبرة الحب".. وهي على كل حال طفلة غير شرعية.
ثم صدر في إنجلترا كتاب ..( " أحقية حقوق المرأة" لماري ولستنكرافت عام 1792 . من هذا الكتاب تفرعت سلسلة من الكتب والرسائل والكراريس في الدعوة لتحرير المرأة،وتبنى الموضوع كثير من رجال الفكر وعلى رأسهم جون ستيوارت ميل (..) انصب النضال على هدفين،الأول إعطاء المرأة حقها في فلوسها والثاني إعطاؤها حقها في صوتها الانتخابي،تحقق الهدف الأول في سلسلة من التشريعات جعلت المرأة الأوربية مماثلة للمرأة المسلمة لحق التملك ..){ جريدة الشرق الأوسط العدد 6925 في 13/11/14997م}.
قل أن نتحدث عن التقاء المرأتين المسلمة والغربية .. نذكر فقط بأن الأولى لم تحتج إلى شيء لتكون لها "ذمة مالية"فقد ولدت تلك الذمة .. مع الإسلام .. ولم تكن في حاجة إلى ظرف تاريخي – مثل الحرب العالمية – ليعينها الاحتياج إلى خدماتها،بعد أن قتلت تلك الأعداد الهائلة من الرجال – لتقديم بعض التنازلات ... ففي الحرب (وفي بضعة أيام تغير وجه باريس. إذ أنهم أحاطوا الأوابد بأكياس من الرمل،حماية لها،وطلوا باللون الأزرق زجاج المنازل. وفي كل مكان تجد نساء بعمرة (كسكيت) مزينة بشرائط،وساعد،حللن محل الرجال. فهن شرطة السير،وعمال بريد،وجباة باصات،ورؤساء محطات،وسائقات شاحنات ثقيلة.){ص 700 ((حياة أميرة عثمانية في المنفى)،لمؤلفته كينيزي مراد،وقد نقل الكتاب عن الفرنسية حافظ الجمالي،ونشرته دار طلاس في دمشق،سنة 1990م،في طبعته الأولى.}.
كما يرى ديورانت أن ( الانقلاب الصناعي يعمل على تأجيل سن الزواج،ويتطلب (حرية) المرأة،وأعني بذلك أن المرأة لا يمكن إغراؤها بالعمل في المصنع إلا إذا أُقنعت بأن الدار سجن،وأجاز لها القانون أن تدخر كسبها لنفسها)){ ص 421 ( قصة الحضارة ) – ذُكر سابقا – ترجمة : د. زكي نجيب محمود / جــ3 المجلد الأول}.
"والتقو الضدين"
لا أدري ما الذي جعل بيت محمد الدحيمي يقتحم ذاكرتي .. عند التقاء الشرق بالغرب ؟!! أعني قوله :
والتقو الضدين فوق وجانها شمس وفية
على كل حال .. كان الاستعمار هو الجسر الذي التقت علية المرأتان .. صاحبة الذمة المالية ... والشيخة التي تعلم الرجال .. والأخرى التي ليست لها ذمة مالية .. والتي دار جدل حول كونها إنسانا !!
إبان الاحتلال المصري ظهرت مشكلة عويصة .. توجد امرأة مصرية تملك أسهما في شركة قناة السويس ... يا للعجب!! ورفع الأمر للإمام محمد عبده .. والذي أفتى أن الأمر في الإسلام (طبيعي) .. فبهت الذي جاء ليعمر البلاد!!
كتبت الدكتورة عفاف لطفي السيد مارسوه - أستاذة شرف في جامعة كاليفورنيا – لوس أنجلوس - عن بعض أسباب تدهور مكانة المرأة المصرية ... فعندما دخلت : (نظم المؤسسات الأوربية مثل البنوك وشركات التأمين والبورصات،ففي القرنين الثامن والتاسع عشر كان حق المرأة وكيانها القانوني مهضومين في أوربا نفسها،فكان كل ما ترثه المرأة يقع تحت سلطة الرجل،زوجها مثلا،ويصبح ملكا له. (وعلى العكس من ذلك كانت للمرأة في مصر في هذه الفترة وجود قانوني معترف به وحق امتلاك الثروات)،فالبنوك وغيرها من المؤسسات في الغرب حسب النظام السائد،لم تعترف بحقوق المرأة القانونية،بينما كانت المحاكم الشرعية في مصر تعترف لها بهذه الحقوق.

وهكذا بسبب النفوذ الأوربي حرمت المرأة المصرية من الاستفادة الاقتصادية من هذه المؤسسات ومنعت من الاستثمار فيها إلا عن طريق زوج أو أخ.){ص 30 – 31 (مكانة المرأة من أوائل القرن الثامن عشر إلى اليوم ){افتتاحية "مؤتمر النساء العربيات في العشرينات حضور وهوية" / تجمع الباحثات اللبنانيات / مركز دراسات الوحدة العربية / بيروت / الطبعة الثانية / 2010م}.
كان من الطبيعي أن تهرع المرأة الغربية لستفيد من تجربة المرأة المسلمة وتسعى لتقليدها .. ولكن الذي حصل هو العكس .. لقد هرعت السيدة هدى شعراوي - 1296 – 1376هـ - والتي نُسبت إلى زوجها علي باشا شعراوي،لقد هرعت تلك السيدة إلى مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي والمنعقد بروما سنة 1923،لتخاطب النساء المجتمعات ..( ولنا عظيم الرجاء في أن نصل بفضل نصائحكن الغالية التي نعتبرها السبيل الهادي،والنسج على منوالكن الذي نجد فيه خير كفيل إلى تحقيق آمالنا و رغائبنا،ونضع تحت تصرفكن أنفسنا في خدمة مبادئكن ونشر آرائكن.){ص 66 (المرأة المسلمة) / نذير حمدان / 1410هـ}.
"النفق المظلم"
أعلنت السيدة (شعراوي) وضع نفسها تحت تصرف النساء الغربيات ... والحقيقة أن عالمنا كله كان تحت تصرف الغرب .. ومن الطبيعي أن يوجد تماس وتطابق بين الأفكار وخصوصا في قضية المرأة .. والتي دخلت(نفقا مظلما) بدخول الأنثويات (الشاذات) إلى معترك قضية المرأة – وتأسيس "جمعية تقطيع أوصال الرجال"- تجنبا للإطالة لن نتحدث عن المعارك التي دارت بين الأنثويات أنفسهن،وتراجع بعضهن عن الآراء الحادة التي كن ينادين بها .. وقد أشرت إلى (الشاذات) لأهمية قضيتهن .. ولأننا أمة موعودة – عبر الصادق المصدوق صلّ الله عليه وسلم - بجحر الضب .. في موقع سعودي أو صحيفة تُدار عبر طاقم نسائي .. قرأت مقالة جاءت تحت عنوان : (السعادة أرملة : الدليل الدال نحو حياة بلا رجال). ثم قرأت مقالة أخرى ؟ في نفس الموقع - باسم صريح هذه المرة،هو ريما البراهيم،وعنوان المقالة : (أسطورة عانس خير من طغيان رجل). رغم أن بداية المقالة تحدثت عن الزواج بشكل إيجابي،بل لافت : ( بالأمس كان الزوج يمثل درجة القوامة،التي تشكل في مجموعة مداليلها الإيجابية،ويحافظ على قدسية الأنوثة).رغم ذلك الحديث الإيجابي إلا أن الخاتمة كانت : ( عانس أو آنسة أو مطلقة أو أرملة،كلمات يبقى لها سحرها،كما يبقى لها بريق متعة الروح،مع أنثى تعيش بعيدا عن أيدي الرجال). ومما يلفت النظر أن كاتبة أخرى - لها عدة مقالات في نفس الموقع - هي الأستاذة نجاة محمد باقر،علقت على هذه المقالة بقولها : (السلام والتحية وصبحت بالخير أتفق معاك ف كل كلمة سطرها يراعك ووفقك الله دائما).
علقتُ عدة مرات .. بأن هذه أفكار (الأنثويات) الداعيات إلى اكتفاء المرأة بالمرأة .. إلخ.
سنسارع للخروج من هذا النفق المظلم .. لنطرح هذا السؤال :
عندما تضيف المرأة إلى وظيفتها الأصلية – الربانية – وظيفة أخرى .. هل لذلك من تأثر عليها أو على رؤيتها للأمور؟
معلوم الضجة الكبيرة المثارة حول (تمكين المرأة) – وهو الأمر الذي تدعمه الأمم المتحدة – وحصولها على المناصب القيادية .. لمحاولة الإجابة على السؤال المطروح .. سنلقي نظرة خاطفة – عبر نافذة التأريخ – على سيدتين .. وصلتا إلى أعلى منصب متصور (الملك) .. نشير هنا إلى قول الأستاذة عائشة لمسين :
(( وأفكر بأروى (التي ولدت عام 1062 وحكمت من عام 1123 إلى عام 1154) بنت أحمد ملكة اليمن هذه التي كانت في الوقت نفسه،فارسة جريئة،وخبيرة بفنون الحرب،وعلامة لا تنازع في كل ما يتعلق بالمذهب الإسماعيلي،وكانت متزوجة،ولكن يروى أنها قالت لزوجها : ( إن التي تقوم بشؤون السلطة لا تصلح للسرير) ..)){ ص 115 ( حكم الأصوات : النساء العربيات يتكلمن ) / عائشة لمسين / ترجمة : د. حافظ الجمالي / دمشق / دار طلاس }.
ومن الشرق المسلم .. إلى الغرب النصراني .. فهذه (( إثلفيلد ابنه الفرد،وهي ملكة ونائبة عن الملك،جيلا من الزمان،تحكم حكما حازما صالحا،أنشأت فيه المدن وأحكمت وضع الخطط الحربية،وانتزعت من الدنمرقيين،دربي،وليستر،ويورك،ويقول عنها وليم من أهل مالزبري،إنها عانت حين وضعت أول طفل لها،فأبت بعد ذلك عناق زوجها،وقالت إنه لا يليق بابنة ملك أن تستسلم لمتعة وقتية تؤدي بعد حين إلى تلك العواقب المتعبة.)){ ص 178 ( قصة الحضارة)/ ول ديورانت / ترجمة : محمد بدران / جــ3 المجلد الرابع.}.
سنتجاوز وظيفة(ملكة) ... وندع المجال للدكتورة "مي"لتدلي بشهادتها،وإن كانت دراستها متعلقة بالمرأة اللبنانية .. إلا أننا –كما هو معلوم – أصبحنا أمام (قضية المرأة)،هكذا دون تفريق بين مسلمة وغير مسلمة،أو مؤمنة بدين ووثنية ... تفضلي دكتور "مي" ماذا عن المرأة اللبنانية :
يوجد ( مأزم في الأدوار : وذلك بين دورين رئيسين الأول"حديث"والآخر"تقليدي"الأمر الذي يعكس في رأينا انشطارا في ذات المرأة اللبنانية. فهي ممزقة بين دورين أحدهما ذكوري والآخر أنثوي. الذكوري و تلعبه في الخارج وهو الدور الحديث لها وأما الثاني فهو الدور التقليدي الأنثوي وتلعبه في الداخل"البيت"(..) وبهذا تتوصل الدراسة إلى القول أن المرأة اللبنانية تعاني راهنا من مأزم الانشطار ما بين شخصية ظاهرة وأخرى كامنة – عميقة){ عن"مأزم المرأة اللبنانية من خلال رائز إسقاطي"د. مي جبران – الجامعة اللبنانية – مجلة الثقافة النفسية العدد "10"مجلد "3" نيسان 1992م}.
شكرا دكتورة "مي".
هذا التداخل بين الأدوار أول سهم يطلقه سوف يكون نحو (الحلقة الأضعف) أقصد (الطفل) .. وهذه إطلالة سريعة على تضجر المرة من الأمومة .. هل تعلمون ( أن الأمومة أصبحت في نظر البريطانيات (موضة قديمة) كما أن نسبة كبيرة من النساء يرغبن في البقاء بدون أطفال.){ ج. الشرق الأوسط العدد 5978 في 11/4/1995م}.
وتحدثنا الأستاذة"نفيسة" عن (ظاهرة نسائية خطيرة بدأت تقلق خبراء علم النفس (..) وهي ظهور جيل عجيب من النساء الرافضات لإنجاب الأطفال وتروج لهذه الأفكار مجموعة من متزعمات الحركة النسوية الأمريكية ولم تلبث الأفكار أن رحلت عبر المحيط في سرعة البرق إلى أوربا كلها وتتبنى هذا الاتجاه مجموعة من الأديبات والكاتبات (..) وصدرت بالفعل مجموعة كبيرة من الروايات تزكي عدم إنجاب الأطفال بحجة الرغبة في مزيد من الحرية الشخصية وعدم الالتزام بالمسؤولية اتجاه أحد غير أنفسهن ){ عن مقال "الملاك يغادر البيت" بقلم : نفسية عابد – مجلة أكتوبر العدد 914 في 1/5/1994م.}.
إذا انتقلنا من هناك إلى هنا .. أي منطقتنا الخليجية .. فسنجد الأمر أشد غرابة .. تنقل لنا الأستاذة فاطمة العتيبي عن الكويتية الأستاذة ليلى العثمان،قولها :
( الأمومة هي الاستعمار الحقيقي للكاتبة،ولو عدت إلى الوراء لرفضت مؤسسة الزواج)){ ج.الجزيرة العدد 7940 في 16/1/1415هـ}.
أما السعودية الأستاذة سلوى خميس .. فإنها تقول :
( ولا أريد مقابل تقدم الرجل أن أثبت للمرأة هذا المجد المؤثل في أنها رحم وحاضنة هذا الرجل فهذه المقولة رغم أنها صحيحة حتى النخاع،إلا أنها صحيحة بطبيعة الأشياء،فقد كان من الحتمي أن يكون أحد الجنسين أما والآخر أبا فما الذي تنسبه المرأة لنفسها إذا كانت أما؟)){ ج. عكاظ العدد 10291 في 6/5/1415هـ}.
أما أغرب علاج لتغيب الأم فإننا نجده هناك في الإمارات .. في مجلة"زهرة الخليج"الظبيانية بتاريخ 19/1/1980 : (فإن معالجة غياب الأم يمكن أن تكون بتدريب الصغار على أساليب ذكية واجتماعية أفضل تجعل منهم جيلا أقل حاجة إلى الحنان !!){ص 88 (المرأة العربية المعاصرة إلى أين)/ د. صلاح الدين جوهر/ القاهرة / دار آفاق }.
بطبيعة الحال هذا الجانب السلبي .. وفي مقابله نجد حنين للمرأة للعودة إلى البيت .. بعد أن جربت العمل خارجه،أو بالأصح بعد أن جمعت بين (وظيفتين) ..
الفرنسية كريستيان كولنج ألفت كتاب (أريد العودة إلى المنزل)،ربما في حدود سنة 1965م.
وفي أمريكا (تفيد الإحصاءات والاستطلاعات أن حوالي 60% من النساء الأمريكيات يتمنين ويرغبن في ترك العمل والعودة إلى البيت ..){ مقالة "المرأة الأمريكية والعمل"بقلم : محمد صادق / جريدة الشرق الأوسط العدد 5949 في 12/10/1415هـ = 13/3/1995م}.
وتأكيدا لما سبق .. (يزداد عدد النساء الأمريكيات اللواتي يفضلن البقاء في المنزل عن العمل ولكنهن غير قادرات على القيام بذلك){ جريدة الشرق الأوسط العدد 6118 في 3/4/1416هـ = 29/8/1995م}.
طبعا لن يستطعن .. فبعد أن تصبح المرأة (ترسا) في عجلة الاقتصاد .. وبعد أن يتذوق الرجال طعم نقود النساء .. وهذا يتضح أكثر في هذه اللقطة . (أحد نواب مجلس الشعب المصري عام 1977م (..) لقد اقترح النائب تشجيع الموظفات بالبقاء في بيوتهن مع تعويضهن بصرف نصف مرتبهن. ومن الغريب أن كل المؤيدات لاقتراح النائب من السيدات أنفسهن .. وأن أغلب المعارضين للاقتراح من الرجال){ص 104 – 105 (المرأة العربية المعاصرة إلى أين )}.
ومن مصر أيضا كتبت الأستاذة زينب الكردي (أمنوا المرأة ضد غدر الرجل وأنا أراهنكم أن 80% من النساء سيخترن البيت){ مجلة كاريكاتير العدد 138 في 7/3/1414هـ = 28/7/1993م.}.
ربما يكون خروج المرأة السعودية للعمل خارج المنزل تأخر بعض الشيء .. قياسا على أخواتها في بعض البلدان العربية الأخرى .. ومع ذلك نجد التالي .. (كشفت دراسة ميدانية استطلاعية أن خمسين بالمائة من المواطنات اللاواتي يعملن يرغبن في ترك العمل والتفرغ لشؤون الأسرة والبيت لو سمحت الظروف لهن بذلك . وبينت الدراسة التي أعدها الدكتور إبراهيم بن مبارك الجوير أن 45% من عينة النساء العاملات يعتريهن شعور بالتقصير إزاء الأسرة والأطفال نتيجة خروجهن للعمل في حين أن 67 بالمائة منهة أكدن أن العمل يمثل لهن مجهودا إضافيا ){ المجلة العربية العدد 245 – جمادى الآخرة 1418هـ}.
وبعد .. قلنا من قبل أن الضدين – المرأة المسلمة والمرأة غير المسلمة - التقيا .. حتى أننا نجد تطابقا غريبا في مسيرة المرأة الأمريكية والمرأة السعودية!!
تقول الأمريكية "كاثلين"لأختنا الأستاذة "منيرة" :
(ففي ذلك الوقت لم تعمل النساء في مهنة المحاماة،وانحصرت وظائفهن تقريبا في التدريس والتمريض،لذلك أصبحتُ مدرسة){ (نساء في سجون الحرية) / منيرة بنت ناصر آل سليمان / الرياض / العبيكان / الطبعة الأولى / 1430هـ = 2009م}.
أليس هذا هو واقع الحال عندنا؟
مدرسة وممرضة .. والآن (كاشيرة) والدعوات لعمل المرأة السعودية (محامية) على قدم وساق!!
عود على بدأ .. والحوار الممتع مع أختنا الأستاذة "الجوهرة" .. لقد كانت قضيتي كلها هي توضيح هذه الصورة والغاية من ذلك السعي – ما يخص صاحب القلم هو إبراء الذمة – نحو محاولة تجنب المرأة السعودية الوقوع في نفس الأخطاء التي وقع فيها من سبقنها من نساء العالم ... وهنا أعيد سؤال الأخت الكريمة (ماذا تريد السعوديه ! فهذا يعتمد عليها هي وحدها !! اليس لها الحق فيما ترغب وتريد !! ام انكم تتحدثون برغباتها بدلا عنها !).
إذا .. فهل توضيح الصورة يعد (تحدثا) نيابة عنها؟
ونختم بأمنية"أ.ر"من قطر .. وتعليق الدكتور "جوهر" :
(.. الآن نجد الفتاة .. في جميع ميادين الدولة.أتمنى أن نصل إلى هدفنا الذي نريده وهو أن نعمل بجانب الرجل."توقيع أ.ر"صحيفة الراية القطرية – 15/6/1980" .
يبدو أنها سنة الحياة .. لابد أن نكتوي بالنار بأنفسنا لكي ندرك ما سبق أن أدركه غيرنا قبلنا من أن النار تلسع){ص 95 (المرأة العربية المعاصرة إلى أين؟!!) / د. صلاح الدين جوهر/ القاهرة / دار آفاق}.
لعلي أردتُ أن أقول أن (النار تلسع)!!
فأي عمر ضاع .. لقول هذا الأمر البدهي؟!

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..