الصفحات

الأحد، 7 يوليو 2013

جماعة «الإخوان المسلمين» لا تستطيع إنقاذ مرسي الآن

يبدو من غير المنطقي أن تدفع الاحتجاجات الجماهيرية برئيس منتخب إلى خارج
السلطة، لا سيما بعد مرور عام واحد فقط من تسلمه إياها لفترة ولاية أمدها أربع سنوات. إلا أنه لم يتم بعد إضفاء الطابع المؤسسي للديمقراطية في مصر، كتلك القائمة حالياً، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى فشل الرئيس محمد مرسي في الحكم عن طريق توافق الآراء. فإعلانه الدستوري من 22 تشرين الثاني/نوفمبر -- الذي منح لنفسه بمقتضاه صلاحيات مطلقة -- ومن ثم سحبه لذلك الإعلان لاحقاً، والذي استخدمه في تمرير دستور إسلامي والتصديق عليه، عمل على تنفير الجماهير غير الإسلامية في مصر بشكل دائم، وهم يقاتلون الآن ضد الأساليب الأوتوقراطية التي اتبعها لكن ليس عبر صناديق الاقتراع، بل في الشوارع.
ومع ذلك، فإن انعدام الثقة الشعبية في المؤسسات السياسية لن تكون عادة سبباً كافياً لعزل رئيس منتخب من منصبه. والتاريخ المصري الحديث يشير إلى الكثير في هذا السياق: فقد اندلعت الاحتجاجات الجماهيرية بشكل متكرر منذ الإطاحة بحسني مبارك قبل عامين ونصف، ولم يترتب على تلك الاحتجاجات مطلقاً تغيير النظام. وكان سبب ذلك يعود إلى حد كبير إلى أن الشرطة والجيش غالباً ما كانوا يردون على تلك الاحتجاجات باستخدام القوة القاتلة، الأمر الذي كان يعمل على تفريغ الطاقة الاحتجاجية وإبعاد الجمهور غير المشارك، الذي لم يكن يرغب في شيء سوى العودة إلى الاستقرار ومن ثم كان يلقي بلائمة العنف على المحتجين.
ولكن الآن، وللمرة الأولى منذ بدء الانتفاضة المصرية في كانون الثاني/يناير 2011، لا توجد فعلياً أية فرصة لتتدخل السلطات الرسمية لإخماد الاحتجاجات التي كانت تناهض مرسي [وأدت إلى الإطاحة به]. وفي الواقع يبدو أن قوات الأمن تشجع تلك الاحتجاجات بصورة نشطة. فقد شاركت الشرطة منذ اليوم الأول، حيث خرج ضباطها في زيهم الرسمي للتضامن ضد الرئيس بالذات الذي يُفترض أن يأتمروا بأمره، وحظوا بتهليل الحشود على طول الطريق. وفي غضون ذلك، أسقطت طائرة هليكوبتر عسكرية أعلاماً مصرية من الجو على أماكن الاحتجاجات المناهضة لمرسي. كما جاء بيان الجنرالات يوم الاثنين بأن أمام مرسي 48 ساعة لوضع خارطة طريق للخروج من الأزمة الحالية ليشجع المحتجين، الذين ساد لدى أغلبيتهم الساحقة شعوراً بأن الجيش سوف ينحاز لصالحهم ضد الرئيس المنتخب.
ومع مضي الجيش قدماً في إنذاره، فإن عزل مرسي من السلطة كان أمراً مؤكداً. وهناك أمران فقط يمكنهما دفع هؤلاء المتظاهرين المبتهجين إلى ترك الميادين.
أولاً، الإجهاد الذي يصيبهم جراء الاحتجاجات. لكن هذا الأمر يبدو غير محتمل في الوقت الراهن. فقد وقف الطقس إلى جانب معارضي مرسي حيث إن الظروف الجوية تبدو جيدة على نحو غير معتاد وفقاً للمعايير المصرية -- حيث تصل درجات الحرارة العظمى ما بين 90 – 95 درجة بدلاً من المعدلات المعتادة التي تتجاوز حاجز الـ 100. وقد كان المحتجون في الماضي ينتظرون عادة حتى المساء لممارسة فعالياتهم الكبرى. ولهذا السبب يمكن استمرار الاحتجاجات حتى خلال شهر رمضان الذي يوافق عطلة تستمر شهراً بدءً من الأسبوع المقبل: وبإمكان استمرار المظاهرات بعد الفطور، في أعقاب غروب الشمس وفقاً للشعائر الإسلامية.
ثانياً، يستطيع «الإخوان المسلمون» وحلفاؤهم -- لا سيما "الجماعة الإسلامية" المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة -- الرد على الاحتجاجات باستخدام العنف، ومن ثم القيام بما رفضت الشرطة القيام به، لكن بمزيد من الوحشية والقمع. وهذا هو السيناريو الأكثر احتمالاً: فقد نشر «الإخوان» كوادرهم ضد المحتجين المناهضين لمرسي في 5 كانون الأول/ديسمبر، وأسفرت تلك العملية عن مقتل سبعة أشخاص وقيام أعضاء «الجماعة» بتعذيب خصومهم. وفي الأيام الأخيرة، أشار «الإخوان» إلى أنهم قد ينظمون كوادرهم في تشكيلات ويقومون بتسليحهم بالهراوات والخوذات. وفي يوم الثلاثاء، فرضت تلك الوحدات المتنقلة طوقاً حول موقع الاحتجاجات الرئيسي لـ «الإخوان» في ميدان "رابعة العدوية" ورددوا هتافات "قوة، عزيمة، إيمان، رجال مرسي في كل مكان!".
إلا أنه بعيداً عن استعراض القوة، فإن وجود هذه الوحدات عزز العجز المطلق لمرسي. وعلاوة على ذلك، فإن حقيقة أن بعض من سيصبحون مقاتلين، والذين سيكونون مسلحين بأغصان الأشجار تجعل العملية برمتها وكأنها رواية "أمير الذباب" [وهي قصة رمزية تناقش كيفية فشل الثقافة التي أنشأها الإنسان، وذلك باستخدام مثال على ذلك مجموعة من تلاميذ المدارس البريطانيين علقوا على جزيرة مهجورة ويحاولون أن يحكموا أنفسهم، ولكن تحدث نتائج كارثية]؛ أو بمعنى آخر انعدام القانون والفوضى الأمر الذي جعل مرسي يبدو كمن تقطعت به السبل. لكن الأهم من ذلك أن هذه الوحدات -- واحتجاجات «الإخوان» بشكل أوسع نطاقاً -- تفوقها بكثير حشود جماهير المعارضة المتدفقة. لذا ففي حين أن العنف أصبح أمراً حتمياً في ضوء المخاطر التي تواجهها «الجماعة»، إلا أنه سيكون من الصعب على حلفاء مرسي اللجوء إلى عنف ينهي الاحتجاجات.
ولهذا السبب كانت تبدو ساعات مرسي في السلطة معدودة بشكل لا يصدق.
إريك تراجر هو زميل الجيل القادم في معهد واشنطن.
 اريك تراجر
المصدر
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..