الصفحات

الاثنين، 17 فبراير 2014

فهم المبادئ الأساسية والمعلومات في تعليم مهارات التفكير

 المبادئ الأساسية:
ربما لم يسبق في تاريخ الممارسات التعليمية أن ظهرت أيّة طفرة تدفع لتعليم الأطفال التفكير الجيد
لذلك كان من الصعوبة أن تتطلع على أي شيء دون أن تدرك الاهتمام الكبير بتعليم مهارات التفكير .
إن تاريخ إصلاح التعليم دائمًا ما يظهر كراوية تحكي عن سفن محمّلة بأهداف سامية تُغرقها الوسائل التي تستخدم لتحقيق تلك الأهداف , وإحدى الطرق التي يمكن أن نتجنب بها هذا الغرق هو أن نكون على علم بتلك السفن الأكبر عرضةً للغرق , هناك بعض السمات التي نتعلم بها التفكير قد تؤدي بنا إلى أن نهجر السفينة قبل فوات الأوان .
إن مشكلات التفكير في العالم الواقعي لا تتوافق بصورة جيدة مع الغالبية العظمى من البرامج المخصصة لتعليم التفكير. نحن في الحقيقة نُعد الطلاب للتعامل مع المشلات التي لا تماثل تلك التي يواجهونها مع العديد من الوجوه .
لنناقش كيف تختلف المشكلات التي يواجهها الناس فعلاً عن تلك التي تكمن في البرامج المتركزة حول التفكير ..
1. في الحياة اليومية تعد أول خطوة في حل المشكلة هي إدراك أن هناك مشكلة .          
إن الخطوة الأكثر أهمية في مشكلة ما هي الوعي بأن هناك مشكلة موجودة فعلاً , وهذا ما يمثل أول أساس من أسس تحديد المشكلة .

2. في حل المشكلات اليومية , يعد إدراك المشكلة أكثر صعوبة من حلها .               
غالبًا ما يصعب فهم المشكلة ذاتها , نحن جميعًا نرغب في أن تأتي لنا المشكلات الحياتية واضحة المعالم. ولكنها ليست كذلك في معظم الأحيان. لذلك فإن تدريب الطلاب على حل المشكلات المصاغة مُسبقًا يعلمهم القليل حول طريقة إدراك وتحديد المشكلة .

3. المشكلات اليومية رديئة البنية .
يميز العلماء بين المشكلات منظمة البنية ورديئة البنية , فالمشكلات منظمة البنية هي تلك التي يمكن حلها خلال مجموعة من الخطوات أما المشكلات رديئة البنية فهي تلك التي تقاوم مثل ذلك النمط من الخطوات المصممة بهدف الوصول إلى الحل. فالمناهج التي تعلمها الناس من قبل وتلك التي يقومون المدرسون بتعليمها الآن التي تشمل التفكير ربما تؤدي بنا إلى الاعتقاد بان مشكلات الحياة سوف تظهر منظمة البنية واضحة وغير معقدة, ولكن حل المشكلات ذات البنية الرديئة هو الذي سيعدّنا لمواجهة التحديات التي غالبًا ما نواجهها .

4. في حلّ المشكلات اليومية عادةً ما لا تتضح ماهية المعلومات اللازمة لحل مشكلة مطروحة ودائمًا ما لا يتضح أين يمكن الوصول إلى المعلومات الأساسية .
في المشكلات المماثلة التي تتضمنها مناهج التفكير, من المفترض أن تكون المعلومات اللازمة للحل موجودة فعلاً في أذهان الطلاب. وبالفعل إذا لم تكن المعلومات موجودة مع المشكلة أو في أذهان الطلاب فلابد أن ينظر إلى المشكلة كإحدى المشكلات التي تتطلب المعرفة وليس التفكير النقدي .

5. تعتمد حلول الحياة اليومية على المضمون الذي تعرض خلاله المشكلة وتتفاعل معه .
إن المشكلات اليومية التي نواجهها يعتمد حلها على عدد من الأمور على عكس المشكلات الواقعية التي تكمن على عمق كبير في سياقات متعددة يمكن أن تؤثر على الحلول.  فحل المشكلات الواقعية يتطلب حساسية نحو السياق. فالسياق هو جزء لا يتجزأ فعلاً من المشكلة ذاتها.

6. للمشكلات اليومية عمومًا حل واحد صحيح .
إن المشكلات التي تطرح على الطلاب داخل المدرسة عادة ما يحدد لها حل صحيح أو الحل الأفضل , ربما يكون ذلك مفهومًا في المشكلات التي تتضمن القياس الاستدلالي الذي يعرف بأنه مدى الإجابات التي تعتبر صحيحة أو غير صحيحة منطقيًا. وهذا لا يعد مستساغًا في حالة المشكلات التي تتضمن القياس الاستقرائي الذي يحمل عدد لا نهائي من الحلول . ويرى علماء النفس أن توجيه مشكلات التفكير – بما فيها المشكلات الاستقرائية – نحو الإجابة الصحيحة الواحدة أو أفضل إجابة أمرًا مدهشًا ! مما ينبغي علينا تعلم أن حل المشكلات في الواقع يتجسد في كيف تتعامل مع النتائج غير المتوقعة .

7. تعتمد حلول المشكلات اليومية على الكثير من المعرفة الرسمية والغير رسمية .
القدرة على اكتساب المعرفة غير الرسمية هي بكل بساطة إظهار القدرة على اكتساب أية معرفة. دائمًا ما تشير المعرفة غير الرسمية إلى النجاح الوظيفي, ومن المؤكد أن التفكير الذي يمارسه الفرد خلال وظيفته يتطلب مهارات غير مهارات التفكير النقدي الذي نقيسه بكل سهولة .

8. تؤدي حلول المشكلات اليومية الهامة إلى نتائج وآثار في غاية الأهمية .
المشكلات التافهة ربما يكون لها نتائج تافهة, لكن المشكلات الهامة ربما يكون لها آثار خطيرة كالحياة أو الموت. إذا أمكن فصل حلول المشكلات الحياتية عن نتائجها إذا فلن يوجد مبرر للقلق من طريقة حل المشكلات التي تدرس بالمناهج الخاصة بالتفكير ولكن الحلول لا يمكن فصلها عن النتائج لأن الحلول عادة ما تعتمد إلى حد ما على النتائج المحتملة للحلول البديلة .

9. غالبًا ما يتم حل المشكلات اليومية بأسلوب جماعي .
إن العديد من المشكلات اليومية عادة ما يصعب الوصول إلى حلول لها بأسلوب فردي, ففي العمل دائمًا ما يتم تشكيل لجان على مستويات مختلفة لحل المشكلات. وفي المنزل هناك بعض القرارات التي يتطلب اتخاذها من الأسرة بكاملها وهي ما يسمى بعملية اتخاذ القرار الجماعي .

10.  يمكن أن تكون المشكلات اليومية معقدة ومشوشة ومزمنة .
المشكلات الحياتية تتواجد متى رغبنا في مواجهتها ولكنها أيضًا تتواجد إذا لم نرغب بذلك, فهي تتطفل علينا وأحيانًا ما تستهلك طاقاتنا وأحيانًا ما نحتاج إلى قدرات لتحاشيها والانتقال إلى أشياء أخرى خشية أن تصاب قدراتنا “بالشلل” في حل مشكلة منها أو الانتقال إلى مواجهة مشكلة أخرى .


إن مشكلة تعليم التفكير لا تنتهي بمجرد تطبيق المبادئ التي ذكرنها بل لابد أن نضع في اعتبارنا تلك المبادئ بالإضافة إلى المآزق التي سنذكرها الآن .

المآزق:
أثناء حل المشكلات عادة ما تزيد أساليب الإخفاق على أساليب النجاح , فهناك مغالطات تعمل على عرقلة تعليم التفكير حتى قبل أن يبدأ وتساهم في إخفاقه وتعتبر تأثيراتها على تعليم التفكير ضارة جدًا ومخادعة .

1–  المعلم هو المدرس والطالب هو الدارس:
عادة ما نرى نحن المدرسين أنفسنا وزملائنا معلمين, كما ننظر إلى الطلاب كدارسين, في سياق المنهج التعليمي تعتبر هذه النظرية صحيحة. لكنها لا تنطبق على مجال التفكير فكلنا مدرسين ودارسين متشابهون وكلنا أمامنا طريق طويل لابد أن نسير فيه ونتجاوزه حتى نصبح متمكنين من التفكير .

2- التفكير هو مهمة الطالب هو فقط:
ترتبط هذه المغالطة بالمغالطة السابقة وتضع عبء التفكير على كاهل الطالب وليس المدرس .
3- الأمر الأكثر أهمية هو تحديد البرنامج الصحيح:
إن العديد من المدرسين الذين يتشوقون إلى تبني برامج التفكير ليس لديهم أدنى فكرة عن أهدافهم في انتقاء أو تصميم البرنامج الذي يرغبون فيه. ومع ذلك فإن البرامج العديدة والتي تعد غالبيتها بتطوير التفكير والمهارات العقلية أو أي شيء شبيه غالبًا ما تعرض أمورًا مختلفة تمامًا .

4- ما يهم فعلاً هو الإجابة الصحيحة:
لا شك أن اختبارات الاختيار من متعدد والإجابة القصيرة تيسر عملية اختبار مجموعة كبيرة من الطلاب بصورة مناسبة ولكنها ليست كذلك إذا تم تطبيقها على اختبارات التفكير. من الصعوبة أن نوازن بين حل المشكلات بالتعليم القائم على العمليات وبين المخرجات. فالعديد من المدرسين معتادون على تقييم المخرجات لدرجة أنهم يواجهون مشكلات في الأخذ بالعمليات بجدية تامة. إن في عملية التفكير أن الطلاب الذين يفكرون بأسلوب أفضل هم الذين يستطيعون ابتكار الإجابات الأفضل. بينما الذين لا يفكرون بأسلوب أفضل أولئك الذين يبتكرون الأفضل, وهذا ما يحدث دائمًا .

5- تعد المناقشات داخل الفصل وسيلة أساسية للوصول إلى هدف نهائي:
نحن نميل إلى التفكير في المناقشات داخل الفصل بنفس الطريقة التي نفكر بها في عمليات التفكير. أي أننا نعتبر العمليات وسيلة للوصول إلى هدف نهائي ولكن في تعليم التفكير تعتبر عمليات التفكير أهدافًا هامة وأساسية في حد ذاتها .

6- يمكن تطبيق أسس ومبادئ التعليم بالإتقان على تعليم التفكير, مثل تطبيقها على أي شيء آخر تمامًا:
إن ما يتعلمه الطلاب من المنهج الجيد في التفكير هو كيف يدنون من المشكلات العميقة والمعقدة بطرق عميقة ومعقدة أيضًا. والذين يحلون المشكلات بأسلوب ضعيف ربما يصبحون أفرادًا على مستوى جيد ثم يصبحون بعد ذلك على مستوى ممتاز. ولكن مفهوم الإتقان لا ينطبق عليهم لأنه لا يوجد هناك سقف لمستوى أدائهم. لا يهم كيف يفكر الفرد بطريقة جيدة, فكل فرد يستطيع أن يواصل التحسن وكل فرد يمكن أن يتحسن .

7- إن مهمة منهج التفكير هي تعليم التفكير:
تلك المغالطة تبدو مقبولة إلى حد يجعل من الصعوبة الإيمان بأنها مغالطة. ربما يتعلم الطلاب التفكير فعلاً ولكن ليس لأننا نعلمهم, بالمعنى الحقيقي والواضح, لا بد أن يعلموا أنفسهم, وكل ما يمكن للمدرس أن يفعله هو إتاحة الوسائل الممكنة لمساعدة هذا “التعليم الذاتي” .
__________
ستيرنبييرج, روبيرت. (2009). تعليم مهارات التفكير. مصر: دار الفجر للنشر والتوزيع. 


__________
كتاب: تعليم مهارات التكفير , الفصل السادس .
رنا عبداللطيف القشعمي

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
مهارة التفكير الناقد
التفكير الناقد والتفكير الإبداعي
التربية الإعلامية : كيف نتعامل مع الإعلام
تعليم واستخدام الطرق الثلاث للتفكير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..