الصفحات

الأحد، 11 مايو 2014

الشعب السعودي الشقيق

لا يمكن لك حين تقيِّم الموقف تقييماً جاداً إلا أن تؤكد أن كلمة الملك عبد الله وفقه الله في افتتاح ملعب الجوهرة محض سبق لسان حين قال مخاطباً الجماهير الحاشدة  ( الشعب السعودي الشقيق)  ومع أنها من حيث الدلالة اللغوية صالحة في مثل هذا الموقف ، وهو ما أكد عليه كُتَّابٌ وشُعراء تفاعلوا مع الكلمة ، إلا أنها في مصطلح الخطاب السياسي تُخَصَّصُ لخطاب مُوَجَّه  لدولةٍ أو شعبٍ تربطهما معنا علاقاتٌ أعمقَ من الصداقة ، وفي الدبلماسية السعودية تُطلق فقط على الدول الإسلامية وشعوبها دون غيرهم .
إلا أن سبق اللسان هذا حدث جراءه من التفاعل في الإعلام البديل ما يجعله أو يجعل التفاعل معه يحمل دلالاتٍ أعمقَ في وزن توجهات المُجْتَمع السياسية ، رُبْمَا ، وأقول :ربما تُغَيِّر من نظرة الكثيرين وتقييمهم لهذه التوجهات .
الانطباع الذي استفدته من هذا التفاعل : أن ما تمتلئ به المواقع الإلكترونية من نقد للدولة ومؤسساتها لا يعني أن للشعب أو قل للغالبية الساحقة منه -ولاسيما الشباب- خياراً آخر غير هذه الدولة وقيادتها ، وإنما يعني : أن هناك تشوفاً واشتياقاً كبيراً للإصلاح ، وأن التعبير عن هذا التشوف وهذا الاشتياق قد يأتي بعبارات ساخطة وناقمة ، لكنها في الحقيقة خالية من معنى السخط والنقمة ممتلئة بمعاني الاستحثاث والاستعجال .

وهناك تشوفٌ أقوى وأكبر لمكافحة هجمات التغريب القادمة من الخارج والمنبعثة من الداخل ، وهو أيضا قد يُعَبَرُ عنه بكلمات ناقمةٍ وشديدة الوقعِ ، لكنها تحمل معانيَ الألم من الواقع كما يراه قائلها ، دون أن تحمل كثيراً من دلالاتها اللغوية الساخطة .
هذا التفاعل الشعبي الجميل مع سبق لسان الملك جاء في الكثير الغالب منه بمعرفات حقيقية وأسماء صريحة ليقطع الطريق أمام كل من يحاولون حفر خنادق بين الدولة والشعب ، ويمُدَّ جسُوراً عريضة حاول البعض التضليل للحيلولة دون الوصول إليها . 

وتأتي أيضا في وقت راهن الأعداء فيه على الجبهة الداخلية للمملكة العربية السعودية ليؤكد أن الخلافات كما كان لكلمة عفوية أن تطغى بمشاعر المحبة عليها ، فإن أي مساس أو اقتراب من هذا الكيان سيكون له من الأثر في تناسي الخلافات أعظم بمراحل مما تمَّ جراءَ كلمةٍ جاءت عفوَ الخاطر وعفوَ اللسان . 


قال الملك في عفويته ( تستاهلون أكثر) نعم إن هذا الشعب المحب يستحق الكثير ، مع أنه في الحقيقة لا يطلُب الكثير ، فلو جمعنا أكثر ما قِيل وأكثر ما كُتِب من مطالبات ، لا نجدها تخرج عن ثلاث كلمات ، هنَّ كما يلي :
١- إصلاح ما فسد . 
٢- محاسبة من أفسد . 
٣- إنجاز ما تأخر.
وأعلم أن هناك رغبة صادقة في تحقيق هذه المطالب ، لكن نيل المطالب كتسلق الجبال لا يمكن أن يكون إلا بأدواته ، وأعظم أدوات هذا المبتغى هم الرجال الأكفَاء ، ومالم تتغير الطريقة التقليدية في اختيار المسؤولين ، من أسلوب الاعتماد على التزكية  ، إلى أسلوب يضيف إلى التزكية أمرين آخرين أكثر أهمية ، وهما : المفاضلة بين المرشحين لمنصبٍ ما على أساس خطة العمل التي يجب أن تُطلب من المُرشح قبل تعيينه ، والثانية : محاسبته بعد التعيين على نسبة إنجازه من خُطته التي عمل بها .
أقول : مالم تتغير تلك الطريقة إلى هذه الطريقة التي أشرتُ إليها ، فإن كفاءة الرجال ستبقى رأياً خاصاً بمن زكاه لهذا المنصب ، بل إن توليته للمنصب تبقى نوعاً من أنواع المجازفات ، بل ربما كانت شر أنواع المجازفات .
نسأل الله تعالى لخادم الحرمين ومن شاركه حِملَه ومسؤوليته التوفيق والسداد والعون على هذه الأمانة العظيمة والعبء الجسيم ، ونسأل الله تعالى لبلادنا دوام الأمن ومزيد الرخاء والسلامة في الدين وسائر بلاد المسلمين والحمد لله رب العالمين. 

محمد بن إبراهيم السعيدي
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..