الصفحات

الخميس، 17 يوليو 2014

خطباء لا يدينون الإرهاب

خطيب الجمعة الذي لا يتفاعل مع مستجدات وطنه ومجتمعه هو خطيب بكل أمانة يعيش خارج الزمان والمكان. الخطيب يرتقي منبرا عاليا يشخص له كل جمعة مئات المصلين لذلك فلديه الفرصة السانحة كي يترك أثارا عظيمة في نفوسهم. للأسف البعض من هؤلاء لم يستثمروا تلك الفرصة إما بتركيزهم على موضوعات مكررة ملها الناس، أو تناولهم قضايا عامة ليس لها صلة بإيقاع الحياة داخل الوطن. قلة من يتناولون مشكلات المجتمع المعاصرة والتحديات والأخطار المحدقة بالوطن، والاستهداف المقصود من فئات معادية. خطيب الجمعة مؤثر بطرحه وتناوله لتلك القضايا لأنه في مجتمع تسكنه العاطفة الدينية وغالبا ما تجد كلماته القبول. إن حذر أخذ تحذيره بمحمل الجد، وإن شرح ونقل معلومات وجدت المصداقية. ربما أغلب التشويش الذي يحدث عند كثير من الناس بسبب تجاهل الخطباء لقضايا على درجة عظيمة من الحساسية مثل قضية الإرهاب وما يرتبط بها من إيضاحات مطلوبة عن الفئات الضالة وعلى رأسهم الخوارج، والجماعات المدعية زورا وبهتانا أنها حامية حمى الدين وهي بعيدة كل البعد عن المنهج الصحيح.
عامة الناس بحاجة لمن يوضح لهم رأي الدين بما يحدث وفق تأصيل شرعي كي يتمكنوا من الحكم على ما يدور حولهم. إذا غاب منبر الجمعة وغيره من المنابر عن المشهد فسيتجه أي باحث عن المعلومات لمصادر أخرى قد تكون معادية وخطرها أشد وأنكى.
رغم حرص وزارة الشئون الإسلامية على توجيه الخطباء لتناول موضوعات تلامس احتياجات الناس وتنور عقولهم وتبصرهم بما ينفعهم، إلا أن هناك نوعيات من الخطباء يبدو أنهم تعودوا على تجاهل توجيهات الوزارة وتعليماتها. قبل ثلاثة أيام كشف وكيل وزارة الشؤون الاسلامية الدكتور توفيق السديري في سياق تصريح صحفي عن إخضاع الوزارة لسبعة عشر خطيب جمعة في مدينة الرياض للتحقيق في عدم التزامهم بالتوجيهات الخاصة بتجريم المؤامرة الارهابية التي نفذها ستة من عناصر تنظيم القاعدة الجمعة ما قبل الماضية وأسفرت عن استشهاد أربعة من رجال الأمن، رحمهم الله جميعا !
رغم أن الدكتور السديري يرى بأن العدد قليل ولا يستحق التوقف عنده، إلا أني أخالفه تماما فحتى لو أمتنع خطيب واحد وليس سبعة عشر ولم ينفذ التوجيهات فهذا الرفض قد يؤدي إلى اتساع الدائرة في المستقبل، وبالتالي ستجد الوزارة نفسها وقد فقدت السيطرة وهو أمر قد يؤدي إلى استفحال الفوضى وعودتنا للوراء مرة أخرى!.
فرق كبير جدا بين من يتجاهل التعليمات ويرمي بها عرض الحائط ومن يجهل قراءة التعليمات.
الأول (عاصي) عن سبق إصرار، أما الثاني فيحتاج لمن يعلمه ويوجهه، وإن كنت أعتقد أن النوع الثاني نادر في هذا الزمن إذ قل أن نجد أحدا لا يعرف أو لا يجيد القراءة في عصر الانفتاح الإعلامي والانفجار المعرفي.
هذا الاعتقاد يؤكد أن الخطباء قد تجاهلوا التعليمات أو أن بعضهم قد رأوا أن الأمر لا يستدعي رغم أهميته وكونه حديث الساعة علاوة على أن في الحادثة الشنيعة تهديدا سافرا لأمن الوطن ومقدراته.
منبر الجمعة أمانة لعظم تأثيره على الناس، ومن المصلحة ألا يصعد إليه إلا المؤهل ومن يستحضر في كل لحظة هذه النعم التي نعيشها، وأعظمها نعمة الأمن وأن المحافظة عليها تستوجب التوعية المستمرة للناس عبر كل الوسائل والمنابر ومنها منبر الجمعة.

 عبدالرحمن الشلاش

Thursday 17th July,2014

تويتر @abdulrahman_15


مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..